ظاهرة رافقت اقتصاد الريع

لماذا عجزت الحكومات المتعاقبة عن وضع حد لظاهرة الموظفين الأشباح؟ لا بد من التذكير بداية أن الموظفين الأشباح ظاهرة رافقت اقتصاد الريع وكانت مكملة له على اعتبار أن مجموعة من الوظائف كان يستفيد منها المقربون من بعض النافذين دون أن تطأ أقدامهم مقرات العمل، إذ نجد كتلة الاجور السنوية في واد والعدد الحقيقي للموظفين في واد آخر، وهي العملية التي انطلقت مع توظيفات بعض شباب المناطق الجنوبية، وكذا الجماعات المحلية التي تحولت الى وكالة اجتماعية في أواسط التسعينات، كما أن تفشي الظاهرة وبقاءها يدل على غياب الإدارة الرشيدة في نمط تسيير الادارة العمومية، دون أن ننسى دور بعض الأحزاب وبعض النقابات التي ساهمت في جزء من هذه العملية، بما يعرف بالتفرغ النقابي، في ظل فراغ قانوني يؤطر العملية، ويجعل مراقبة المتفرغين مسألة دورية احتراما للقانون وللوظيفة النبيلة للعمل السياسي والنقابي. ونحن في الشبكة المغربية لحماية المال العام نعتبر الموظفين الأشباح من الأشخاص الذين ينطبق عليهم نهب المال العام، على اعتبار أنهم يتقاضون أجورا وتعويضات من الدولة، دون أن يقوموا بواجبهم، بل إن رؤساءهم المتسترين عنهم يعتبرون مشاركين في نهب المال العام. ما هو حجم الأضرار الذي يتكبده المال العام من صرف أجور لآلاف الأشباح؟ لمعرفة كلفة ظاهرة الموظفين الأشباح، يجب معرفة حجمهم الحقيقي، كما أن مسألة تقدير العدد الحقيقي لهم شبه مستحيلة بسبب غياب الحق في الوصول للمعلومة و غياب إدارة إلكترونية دقيقة لتجميع المعطيات، وهنا أذكر بتصريح محمد بوليف، الوزير السابق في الشؤون العامة والحكامة، الذي أكد في أحد تصريحاته أن عدد الموظفين الأشباح يصل إلى حوالي 90 ألف من أصل 800 ألف موظف عمومي مدني وعسكري، أي نتحدث عن حوالي %10. وإذا استثنينا العسكريين بحكم طابعهم الخاص، فإن عدد الموظفين المدنيين بالمغرب، وصل في 2015 إلى حوالي 585.503 موظفين وهنا يصبح الموظفون الاشباح كتلة كبيرة من جسم الوظيفة العمومية، علما أن كتلة الاجور لـ 2016 ستصل إلى 106.8 ملايير درهم من الميزانية العامــة. إذن، نتحــدث عـــن حوالي 5 % من كتلة الأجور التي يلتهمها الموظفون الأشباح، مع إضافة التعويضات التي يتقاضاها بعضهم كباقي الموظفين الآخرين. وأجدد التأكيد هنا على غياب المعطيات الدقيقة بحكم غياب قانون الحق في الوصول إلى المعلومة بالنسبة إلى العدد الحقيقي للموظفين الأشباح. كيف تنظرون الى مسؤولية الإدارة في فشل الحكامة واستمرار الهدر داخل المرفق العمومي؟ المطلوب من الحكومة اليوم القيام بحملة شاملة لضبط العدد الحقيقي لهؤلاء، واسترجاع المبالغ التي استفادوا منها دون أن يؤدوا مهامهم، شريطة أن تكون العملية هادفة لتحسين أداء الادارة المغربية حتى تتمكن من مواكبة التحولات والاستجابة لمطالب التنمية والاستثمار عبر وضع نظام جديد مبني على الديمقراطية والشفافية ومدونة للسلوك كما تنص على ذلك الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، وليس فقط إعدام تلك المناصب المالية للتخفيف من ضغط كتلة الأجور السنوية، واليوم أصبحت الحاجة ملحة لمحاربة الظاهرة، حتى يحارب التمييز الذي يحس به الموظف المواظب، كما أن استمرار الظاهرة يعد مؤشرا على انتصار الفساد وغياب الإرادة الحقيقية لمحاربة المفسدين.أجرى الحوار: برحو بوزياني(*) رئيس الشبكة المغربية لحماية المال العام

ظاهرة رافقت اقتصاد الريع

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ليلة البحث عن 600 موظف بالتعليم

150 حالة بوزارة الشباب

مقالات ذات صلة