تخلت الرباط عن احتضان القمة العربية التي كانت مقررة بالمغرب خلال مارس المقبل. وقبلت موريتانيا استضافة الدورة بعد أن آلت إليها القمة طبقا لملحق ميثاق جامعة الدول العربية إذ تعقد بشكل دوري حسب الحروف الأبجدية للدول العربية. ووفقا لبلاغ لوزارة الخارجية المغربية فإن الرباط طلبت رسميا إرجاء استضافة القمة العربية، بناء على تعليمات من الملك، "وقد تم اتخاذ هذا القرار طبقا لمقتضيات ميثاق جامعة الدول العربية، وبناء على المشاورات التي تم إجراؤها مع عدد من الدول العربية".ويحمل قرار الرباط الاعتذار عن استضافة الدورة 27من القمة العربية، في سياق سياسي تزامن مع الحشد العسكري لمواجهة تمدد تنظيم "داعش" في ليبيا، علما أنها تدعم حلا سياسيا في المنطقة بعد أن أبدت جل بلدان المغرب العربي تحفظها من التدخل العسكري في ليبيا، في وقت لا تملك الدول العربية أي سلطة لمنع هذا الإنزال الذي تعتبره البلدان الغربية ضروريا لدعم مسار التسوية السوية التي تشرف عليه الأمم المتحدة وتستضيفه الرباط. ووفقا لهذا المنطق، فإن الرباط لا تريد أن تكون في واجهة الأحداث في حال بدء الحملة العسكرية على "داعش" في ليبيا، ذلك أن المغرب الذي يستضيف جلسات حوار الفرقاء السياسيين، يسعى إلى تسوية سياسية بينهم ولا يمكنه أن يستضيف قمة عربية ليس في وسعها أن تمنع عنهم تدخلا عسكريا تقوده الولايات المتحدة الأمريكية.واعتذرت الرباط عن استضافة القمة العربية كما رفضت رئاستها، ، إذ لا يريد المغرب أن تعقد قمة بين ظهرانيه، حسب بلاغ وزارة الخارجية، دون أن تُسْهِمَ في تقديم قيمة مضافة في سياق الدفاع عن القضايا العربية، ذلك أن قرار الاعتذار لا يمنع الرباط من لعب دورها في بناء الوحدة العربية "وهذا ما ألهم المساهمة البناءة والدور المشهود به للمغرب في دعم المسار السياسي بليبيا والذي أفضى إلى اتفاق الصخيرات التاريخي وتشكيل حكومة وحدة وطنية في هذا البلد المغاربي".ووفق نص اعتذار وزارة الخارجية أنه "ونظرا للتحديات التي يواجهها العالم العربي اليوم، فإن القمة العربية لا يمكن أن تشكل غاية في حد ذاتها، أو أن تتحول إلى مجرد اجتماع مناسباتي"، مضيفا أنه أمام غياب قرارات هامة ومبادرات ملموسة، يمكن عرضها على قادة الدول العربية، فإن هذه القمة ستكون مجرد مناسبة للمصادقة على توصيات عادية، وإلقاء خطب تعطي الانطباع الخاطئ بالوحدة والتضامن بين دول العالم العربي.وصدرت التعليمات لوزارة الخارجية من أجل مباشرة اتصالات مع جامعة الدول العربية، قصد سحب حق المغرب في احتضان القمة العربية المقبلة. ويأتي هذا الموقف بعد أن طلبت الرباط، في وقت سابق، تأجيل موعد القمة لالتزامات داخلية، حسب ما أفادت به أمانة الجامعة العربية، قبل الإعلان الرسمي عن تخلي المغرب عن حقه في تنظيم القمة المقبلة، إذ اعتبر بلاغ الخارجية أن العالم العربي الذي "يمر بمرحلة عصيبة لا يمكن فيها لقادة الدول العربية الاكتفاء بمجرد القيام، مرة أخرى، بالتشخيص المرير لواقع الانقسامات والخلافات الذي يعيشه العالم العربي، دون تقديم الإجابات الجماعية الحاسمة والحازمة، لمواجهة هذا الوضع سواء في العراق أو اليمن أو سوريا التي تزداد أزماتها تعقيدا بسبب كثرة المناورات والأجندات الإقليمية والدولية".إحسان الحافظي