قضـاة فضلـوا المـوت علـى المواجهـة

أسباب الانتحار ظلت مجهولة في حق بعضهم تتعدد الروايات المصاحبة للانتحار، خاصة من قبل بعض المسؤولين الذين فضلوا الموت على المواجهة، فبين الخوف من الفضيحة، أو الخوف من العقاب، اختار عدد منهم إنهاء حياتهم بكل هدوء إما بشنق أنفسهم أو تناول مواد سامة كما هو حال بعض القضاة والمسؤولين.الانتحار في وصفه الأعم هو جبن يواجه به الشخص مشاكله، إلا أن الأمر يشكل خطرا عندما يكون الفعل الصادر عن أشخاص لهم قدر من المسؤولية، إذ فضل قضاة أن يتقمصوا دور عزرائيل في قبض أرواحهم لا لشيء إلا لخوف، من المجتمع ومن نظرته ومن إمكانية محاسبتهم على ما اقترفوه من جرائم وما نجم عنها من عقوبات.مابين الجديدة ومراكش والبيضاء بصمت جرائم لقضاة في حق أنفسهم بعد أن فضلوا سياسة الهروب على المواجهة، ومن بين أهم تلك الانتحارات قصة القاضي الذي توفي بعد 13 يوما من محاولة الانتحار التي قام بها، بتناوله مادة سامة، كادت أن تزهق روحه، ليتم التدخل في آخر لحظة وينقل على وجه السرعة إلى المستشفى إذ أبقي عليه في العناية المركزة، إلى حين وفاته، وأكدت مصادر «الصباح» أن القاضي دخل في عزلة واكتئاب منذ واقعة ضبطه متلبسا برشوة، زادت حدتها بعد الاستماع إليه من قبل المجلس الأعلى للقضاء وإدخال ملفه إلى المداولة واتخاذ قرار عزله من سلك القضاء، لتزداد حالة الاكتئاب التي كان عليها ويصل إلى محاولة الانتحار. وتنضاف إليها قضية مستشار بمحكمة الاستئناف بالبيضاء منتحرا في منزله بسيدي بوزيد ولم تعرف الأسباب الحقيقية وراء ذلك، لتأتي حالة قاض ثالث وهذه المرة من مراكش، إذ على بعد يوم من عيد الأضحى ما قبل الماضي، فضل قاض بالمحكمة الابتدائية بمراكش وضع حد لحياته، بالانتحار شنقا، إذ اكتشفت جثته معلقة بحبل في سطح منزل له ما زال قيد التشييد. وتعددت الروايات المصاحبة للانتحار، بين الحديث عن حلول لجنة للتفتيش من المفتشية العامة بوزارة العدل والحريات، لأجل البحث في بعض الملفات التي كان قد أصدر فيها أحكاما وكانت محط شكايات من المتقاضين، وبين علمه بأنه محط مراقبة، وبين وجود تسجيل له مع أحد المتقاضين، لكن السبب الحقيقي للانتحار ظل غامضا.انتحار القضاة يسائل المسؤولين القضائيين المحليين والمركزيين، على اعتبار أن المتابعة اليومية للقضاة من قبل المسؤولين المشرفين عليهم، يجب ألا تنحصر فقط على حركة الإنتاج والعمل اليومي للقضاة، وكأن الأمر يتعلق بمباراة لاختيار المسؤول الذي يستطيع تصريف الملفات وتحقيق الرقم القياسي في محكمته، بل يجب أن تمتد إلى حالتهم النفسية وتتبع التغييرات التي تطرأ عليهم، فالمسؤول يفترض فيه أن يكون على معرفة بجميع القضاة الذين يعملون بالمحكمة التي يتولى إدارتها، لأن تلك المعرفة هي الباب الرئيسي لمحاربة أي سلوك منحرف قد يظهر عند أحدهم، وهي النقطة التي أثارها الملك محمد السادس، في خطاب 20 غشت 2009، عندما قال «إن المحك الحقيقي لهذا الإصلاح الجوهري، لا يكمن في مجرد وضعه، وإنما في القدرة على حسن تفعيله وتدبيره، وهو ما ينبغي أن يتم على صعيدين، فعلى المستوى المركزي، نؤكد أن مسؤولية تفعيل هذا الإصلاح، والإشراف عليه، منوطة بالحكومة، خاصة وزارة العدل، وذلك وفق برامج محددة في أهدافها ومراحلها، ومضبوطة في وسائل التنفيذ والمتابعة والتقويم. أما على صعيد المحاكم، فإن نجاح الإصلاح يظل رهينا بانتهاج عدم التمركز، وبتوافر الكفاءات اللازمة. ولهذه الغاية، ندعو المجلس الأعلى للقضاء، لعقد دورة خاصة، لاقتراح المسؤولين القضائيين بالمحاكم، المؤهلين للنهوض الميداني بهذا الإصلاح الحاسم».الأمر لا يدخل في باب التسلط أو التقييد من حرية القضاة أو ممارسة الرقابة على عملهم، بل في باب الحماية من أي منزلقات قد يقعون فيها، فانتحار القضاة وإن كان على قلته يسائل المجتمع برمته لأن الأمر يتعلق بمن توكل إليهم مهمة تحقيق العدالة في المجتمع ورد الحقوق إلى أصحابها، وأي خلل يمكن أن يصيب القضاة يصيب المجتمع برمته، فالمجتمع الذي تنهار فيه قيم العدالةويغيب فيه المفهوم الحقيقي للمعنى الحقيقي لكلمة «أولاد الناس»، بمفهومهما البسيط، أي الشخص الذي تربى على المبادئ واحترام حقوق الآخر والوعي بجسامة المسؤولية الملقاة على عاتقه، وعدم البحث عن تبريرات واهية لعمل غير قانوني، تنعدم فيه القيم والمبادئ، وتطغى المصلحة الخاصة على العامة، وتعم الأزمة. كريمة مصلي

قضـاة فضلـوا المـوت علـى المواجهـة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ثورة اللاعبين تطيح بالزاكي

الطـاوسـي فـي ورطـة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات