تحرك مجلس المستشارين في الدقائق الأخيرة من عمر الدورة التشريعية، التي اختتمت ليلة أول أمس (الثلاثاء)، ليناقش مشاريع قوانين السلطة القضائية، بعدما التمست جهات عليا من إدارة المجلس عدم ترحيلها إلى دورة أبريل المقبلة، وفق ما ذكرت مصادر «الصباح». وأكدت المصادر نفسها أن رئاسة مجلس المستشارين وأعضاء مكتبه، شعروا بـ «إحراج سياسي» واضطروا إلى دعوة المصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، على عجل، فانتقل من الداخلة إلى الرباط للمشاركة في اجتماع لجنة العدل والتشريع، للمصادقة على قوانين السلطة القضائية، التي استمرت أشغالها إلى ما بعد منتصف ليلة (الاثنين)، على أمل المصادقة عليها في الجلسة العامة مساء أول أمس (الثلاثاء)، بعدما وضعت تلك القوانين على الرف في لجنة العدل والتشريع لمدة تفوق ثلاثة أشهر بعد إحالتها من مجلس النواب في 27 أكتوبر الماضي. واضطر مجلس النواب إلى إرجاء جلسة إغلاق دورته من أول أمس (الثلاثاء) إلى غاية أمس (الأربعاء) للتمكن من المصادقة، في إطار القراءة الثانية، على قوانين السلطة القضائية، المحالة عليه من مجلس المستشارين، ليلة (الثلاثاء) حتى يتم الإسراع بنشرها في الجريدة الرسمية في غضون هذا الأسبوع. وحاز قانون المجلس الأعلى للسلطة القضائية الإجماع من كل فرق الأغلبية والمعارضة، في الجلسة العامة، فيما تم التصويت على قانون النظام الأساسي للقضاة بالأغلبية، بعد امتناع فرق الاتحاد الاشتراكي والأصالة والمعاصرة ونقابة الاتحاد المغربي للشغل، بسبب عدم قبول الرميد تعديلات تخفف من عقاب القضاة الذين يخرقون القانون، من خلال إصدار أحكام لا تلائم طبيعة الجرائم المرتكبة. وقال الرميد إنه ليس ضد القضاة، ويلتمس منهم التريث في إصدار أحكام قيمة ضد ما تضمنته القوانين التي تشرع للمجتمع وليس للفئات، مضيفا أنه لا يريد الدخول في أي «بوليميك» مع القضاة الذين من واجبهم التحفظ واحترام أخلاقيات المهنة، بما يجب من الوقار. واعتمد الرميد على تقرير دولي خاص باستقلالية السلطة القضائية لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، التابع لهيأة الأمم المتحدة، في توضيح موقفه من فساد بعض القضاة، مؤكدا أن هذا التقرير الأممي يلتمس من النظام القضائي أن يكون مستقلا ومحايدا ونزيها، مشيرا إلى أن طلب النزاهة ضروري لمواجهة الفساد، لتعزيز القانون واحترام حقوق الإنسان، معتبرا أن استقلال القضاء ليس مفهوما مطلقا وفق التقرير نفسه، بخلاف ما يطالب به بعض القضاة. وأكد الرميد أن التقرير الأممي شدد على ضرورة إعمال الرقابة على القضاة، ومساءلتهم على تصرفهم حتى لا يسيئوا استخدام سلطتهم، مبرزا ضمانات مسطرة التأديب، منها عدم تحريك المتابعة إلا بعد إجراء الأبحاث والتحريات الضرورية، وعرض نتائجها على أنظار المجلس الذي يقرر إثر ذلك إما الحفظ أو تعيين قاض مقرر، واستدعاء القاضي المتابع قبل سبعة أيام على الأقل، من تاريخ اجتماع المجلس للنظر في قضيته، مع تضمين الاستدعاء البيانات الكافية المتعلقة بموضوع المتابعة، وحق القاضي المتابع في الاطلاع على كل الوثائق المتعلقة بملفه التأديبي والحصول على نسخة منها، وإمكانية مؤازرته بأحد زملائه القضاة أو بمحام، وتمكينه من تقديم توضيحاته ووسائل دفاعه بشأن الأفعال المنسوبة إليه، وهي أمور لحماية استقلاليته لم تكن في السابق. أحمد الأرقام