الشعـور بالسعـادة مجـهود ومسـار

مراني قال إنها مرتبطة بالاستقرار السياسي والأمن الداخلي قال مهدي علوي مراني، أخصائي نفسي ومعالج أسري نسقي، إن الشعور بالسعادة ممكن وإنه مجهود ومسار وليس حالة عابرة. وأكد علوي مراني أن السعادة مفهوم نسبي وشخصي، إذ يختلف من شخص إلى آخر. عن كيف يمكن أن نصنع السعادة وأسئلة أخرى يجيب الدكتور مهدي علوي مراني عنها في حوار مع «الصباح». في ما يلي نص الحوار: < كيف يمكن أن نصنع السعادة؟ < السعادة مفهوم نسبي وشخصي بمعنى أنه يختلف من شخص إلى آخر حسب مرجعيته وطريقة نظرته للحياة، فالبعض يستطيع صنع السعادة بأبسط الأمور لأنه ينظر إلى الحياة ببساطة، فيما فئة أخرى وصولها إلى سقف السعادة يتطلب توفر شروط عديدة وأحيانا تعجيزية مما يصعب عليها الأمور ويحول بينها وبين هذا الإحساس، إذ ينعكس هذا على نفسية تلك الفئة وعلاقاتها الاجتماعية. والإنسان بطبعه يتوق إلى كل ما هو مالي ويتصور أن السعادة هي مرادفة للممتلكات المادية، لكن صنع السعادة يستلزم أولا وقبل كل شيء الوعي واستشعار النعم المتوفرة والتركيز عليها وعدم اعتبارها حقا لا غنى عنه، خاصة أن هناك أشخاصا حرموا من تلك النعم أو من بعضها. < هل هناك معايير معينة أو شروط تضمن أن يكون الإنسان سعيدا؟ < في اعتقادي أن بعض الشروط المهمة من شأنها أن تساعد الإنسان لاستشعار معنى السعادة ومن بينها: أولا، التعلق بما هو أكبر وأعمق من هذه الحياة، حيث يجد الجانب الديني مكانته باعتباره طريقة وفلسفة حياة وليس فقط شعائر وعبادات، وهذا يجعل الإنسان مقتنعا بأنه في مرحلة انتقالية لا غير ويسعى إلى هدف أسمى. وثانيا، النشأة في أسرة متوازنة يسود الحب والمودة بين أفرادها مما يسمح للإنسان أن يحب الحياة ويقبل عليها بكل جرأة وتفان، بالإضافة إلى قربه من الناس وحب الخير لهم. وثالثا، تحديد أهداف دورية في مختلف مراحل الحياة لتسلق الدرجات والتطوير الذاتي مع الأخذ بعين الاعتبار كل مجالات الحياة وخلق توازن بين مكوناتها ابتداء بالمجال الديني والصحي ومرورا بالمجال الاجتماعي والأسري وانتهاء بالمجال المهني والمالي. ورابعا، القدرة على مواجهة التحديات دون أن يتسرب الإحباط إلى الشخص مع الحفاظ على روح التفاؤل المنطقي مهما بلغ الأمر عن طريق التفريق الجلي بين الصعوبات والعراقيل التي يستطيع الشخص إيجاد حلول لها، وبالتالي التغلب عليها، ومن جهة أخرى، بين العراقيل التي تفرض نفسها واقعا لا مفر منه يجب التعايش معه والرضا بوجوده. وخامسا، المحافظة على أنشطة ترفيهية متنوعة تساهم في تجاوز تراكم الضغوط اليومية الكثيرة والمؤثرة. وسادسا، التوازن الكبير في التعامل مع الماضي والحاضر والمستقبل بالاستفادة من الماضي دون التأثر بتداعيات أحداثه الأليمة والاستمتاع بالحاضر بما يوفره من لحظات انتشاء وعلاقات أسرية واجتماعية، ثم التفكير في المستقبل بتخطيط وإيجابية. < ما هي النصائح التي يمكن تقديمها عندما تكون كل الظروف (ماليا، اجتماعيا، مهنيا..) متوفرة لكن لا يشعر الإنسان بالسعادة؟ < في الواقع هذه حالات منتشرة بشكل كبير خاصة في ظل الحياة العصرية الحديثة، ويبقى السؤال الأهم هو معرفة السبب الرئيسي الذي يجعل الإنسان رغم توفره على بعض شروط السعادة يعيش تعاسة كبيرة أو لا يصل إلى حد الشعور ولو بقدر ضئيل بمعنى السعادة، لذلك فالعثور على أصل الداء يسهل كيفية التعامل مع كل حالة. لكن بإمكاننا افتراض مثلا أن هذا الإنسان يفتقر إلى مفهوم الأولويات والتوازن في مجالات الحياة المختلفة، وبالتالي يجب عليه إعادة النظر في كل مناحي حياته لإعادة هذا التوازن عن طريق التخلي عن عائدات مادية للاهتمام أكثر بعلاقاته الأسرية أو بحالته الصحية. ومن الممكن أيضا أن يكون التاريخ الأسري لا يسمح لهذا الإنسان أن يصل إلى هذا الشعور عن طريق «الأسطورة الأسرية» السائدة والتي تكون لا شعورية وتمنع بطريقة أو أخرى الشخص من السعادة نوعا من الولاء للآباء والأجداد، الذين لم يشعروا بدورهم بالسعادة لسبب من الأسباب. هذا دون إغفال البعد الذي يميز علاقات بعض الناس مع الخالق سبحانه وتعالى ومع شعائرهم الدينية وعباداتهم اليومية مما يجعل استشعار لذة الحياة أمرا شاقا عليهم إلى حد بعيد. وكل هذه الأسباب وغيرها تتطلب الوقوف مع الذات ومصارحتها، كما أنه في أحيان عديدة يستدعي الأمر الاستعانة بالأخصائي النفسي لتجاوز بعض الحواجز المستعصية. اختلاف حسب الاشخاص < أي نوع من السعادة يعيشها المغاربة اليوم؟ < لا يمكن التعميم. إذ توجد اختلافات كثيرة من شخص إلى آخر تبعا للسن أو الحالة الاجتماعية أو حتى الظروف الآنية التي يمر منها الإنسان المغربي وغيرها، لكن يمكن الجزم أن أغلب المغاربة سعادتهم مرتبطة حاليا باستقرارهم السياسي وأمنهم الداخلي، خاصة في ظل الأوضاع التي تعيشها بعض الدول. والأكيد أن المغربي المتمتع بصحة جيدة والمستقر ماليا والمتوازن نفسيا وروحيا يعيش سعادة وإن كان يستشرف المستقبل ويعتقد أن بلاده المغرب من الممكن أن يتطور بشكل أسرع لما فيه خير للأجيال اللاحقة إذا تضافرت الجهود وخلصت النوايا. وفي الأخير أؤكد أن الشعور بالسعادة ممكن وأنه مجهود ومسار وليس حالة عابرة ساكنة، وأن السعادة الحقيقية الكاملة هي في ظل جنان الرحمن جل وعلا. أجرت الحوار: أمينة كندي

الشعـور بالسعـادة مجـهود ومسـار

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أندية البيضاء ... التاريخ المنسي

التقرير المالي يهدد بنسف جمع السلة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات