من خلال الملفات التي تابعت «الصباح» أطوارها بأقسام محاكم الأسرة بالرباط وسلا وتمارة، في المواضيع المتعلقة بالطلاق والنفقة والحضانة، تخرج أسر مغربية عن المألوف في ممارستها للعنف.ولا تخلو محاكم الأسرة المحكمة من ردود أفعال عنيفة نتيجة الاتهامات المتبادلة بين الأزواج وعائلاتهم، بسبب الكشف عن المحظور، ما يتطلب حضور شرطة الجلسات لفض النزاعات، تصل في بعض الأحيان إلى ردهات الشرطة والمحاكم.لكن يبقى الأخطر في مظاهر العنف التي تعرفها محاكم الأسرة، هو أن الراغبات في الطلاق يجدن من امتلاء القاعات بالحضور، فرصة، لكشف المستور في العلاقات الحميمية مع أزواجهن، وتدعي بعض النساء أن سبب طلاقها هو العجز الجنسي الذي يصاب به الزوج، وتبحث عن الفرصة المواتية قصد إسماع أكبر عدد من المتقاضين والحاضرين ببهو المحكمة، كما تدعي أخريات تعرضهن للاغتصاب من الدبر أو إجبارهن على ممارسات جنسية شاذة.ولا تمر تصريحات الزوجات الراغبات في الحصول على الطلاق في الأمور المتعلقة بالجنس، دون مواجهات مع أزواجهن أمام أعين القضاة ورجال الأمن وأطر المحكمة، إذ غالبا ما يقوم الأزواج بردود أفعال عنيفة في حق أصهارهم أو زوجاتهم.وعاينت «الصباح» من خلال حضورها في الكثير من القضايا أن عائلات الأزواج ينقلون صراعهم في بعض الأحيان وفور الانتهاء من التقاضي، إلى خارج المحكمة ، ويتحول محيط المحاكم إلى ما يشبه حلبة للمصارعة، تنتهي بضرب وجرح وإغماءات.وفي سياق متصل، يلجأ في بعض الأحيان الأزواج الراغبين في الحصول على الطلاق من زوجاتهم إلى فضح العلاقات الحميمية داخل قاعة الجلسات، وكشف سبب إصرارهم على تطليق زوجاتهم، ولا تكاد أقسام الأسرة تخلو من مواجهات عنيفة وإغماءات.يقول أحد المحامين المختصين في الترافع في قضايا الطلاق والنفقة بقسم قضاء الأسرة بالرباط، في تصريح ل»الصباح» إن الأزواج يجدون المحكمة فرصة للانتقام من بعضهم، بعد عجزهم عن الصلح والعودة إلى بيت الزوجية.ولا يخفي المحامي ذاته أن العديد من الأزواج ينسجون «سيناريوهات» بعيدة عن الواقع من خلال ادعاءاتهم بوقائع جنسية غريبة واعتبارها دوافع رئيسية في طلب الطلاق، مشيرا إلى أن الزوجة تجد الفرصة سانحة للانتقام من زوجها وتلفيق اتهامات كاذبة إليه أمام أفراد أسرته، ليس أملا في بلوغ الحقيقة للقاضي، وإنما لتشويه سمعته أمام الحضور ودفعه إلى القيام بردود أفعال قصد الزج به في ردهات المحاكم والسجون.هذه الحيل لا ترتبط بالنساء فقط يضيف المتحدث ذاته، بل حتى الكثير من الرجال يعمدون إلى كشف وقائع غير صحيحة أمام المحكمة، إذ يفصحون عن معطيات جنسية يصعب التحقق منها، خصوصا من الأزواج المتحررين.ولا يرتبط العنف فقط داخل محاكم قضاء الأسرة، بل إن اعتقال الكثير من الأزواج بتهم إهمال الأسرة ورفض أداء النفقة التي تحال على المحاكم الابتدائية، تتحول إلى مواجهات بين عائلات الأزواج، لكن تبقى الفضائح التي تهز المحاكم، حينما تدعي الزوجات المتورطات في الخيانة الزوجية، أن السبب هو ضعف القدرة الجنسية لأزواجهن،و تنتهي بالخروج عن المألوف، وحالة الاستنفار داخل قاعات التقاضي.وباتت المحاكم تفرض حراسة مشددة على الراغبين في الدخول إلى قاعات التقاضي، كما تقوم بتفتيش حافظات النساء خوفا من إدخال أسلحة بيضاء. واعتقلت شرطة الجلسات بابتدائية سلا، قبل أسبوعين امرأة تتحوز سيكنا داخل قاعة الجلسات، وجرى إيقافها وإحالتها على وكيل الملك، واعترفت أنها كانت بصدد الدفاع عن نفسها من خصومها.عبد الحليم لعريبي