السياسيون… الأمزجة المتقلبة

اشتباكات في الانتخابات وسباب في البرلمان وملاسنات في المجالس المنتخبة لا يخلو المشهد السياسي والحزبي والنقابي المغربي من صراعات منذ الاستقلال إلى الآن، لكنها في الغالب الأعم لا تخرج عن السيطرة، ولا تصل إلى حد ممارسة ما يطلق عليه "الاغتيال السياسي"، باستثناء قضية اليساريين المهدي بن بركة في 1965 وعمر بنجلون في 1975، والاعتقالات السرية والمحاكمات السياسية منذ الستينات إلى بداية التسعينات.ويطفو على السطح دائما العنف السياسي اللفظي في البرلمان بمجلسيه النواب والمستشارين، وفي الندوات الصحافية والفكرية، وفي فاتح ماي احتفاء لمناسبة عيد الشغل، وأثناء مواجهة الأمن لبعض المظاهرات التي ترعاها النقابات. وبرز العنف الانتخابي قبل اقتراع 4 شتنبر2015، من خلال تنوع الأحداث، إذ اشتبك أنصار الحركة الشعبية، مع أنصار التقدم والاشتراكية في حي البرنوصي بالدارالبيضاء، ما أدى إلى إصابة بعضهم بجروح متفاوتة الخطورة.كما وقع الأمر نفسه في بني مكادة بطنجة بين أنصار الاتحاد الدستوري والأصالة والمعاصرة، حينما استعمل أحد المرشحين الحمير لتشويه صورة منافسه، وطال الصراع الاشتباكات التي وقعت في الرشيدية بين أنصار الاستقلال والعدالة والتنمية، وتعددت في الحوز بمراكش وفي تطوان والعيون.لكن إذا كانت الانتخابات موسمية، فإن أشغال البرلمان تعرف بدورها ملاسنات، تصل أحيانا إلى الضرب، كما حصل أثناء انتهاء جلسة افتتاح البرلمان، حينما ضرب حميد شباط، أمين عام حزب الاستقلال، عزيز اللبار من حزب الأصالة والمعاصرة، على هامش اجتماع أحزاب المعارضة مباشرة بعد مغادرة الملك قبة البرلمان، فسجلت حادثة عنف سياسية برلمانية بامتياز.وظهر لافتا أيضا استمرار العنف اللفظي في البرلمان، وإن كان مطلوبا من الناحية السياسية، لأن كل منتخب من حقه الدفاع عن الذين صوتوا عليه، ومن حق الوزراء الدفاع عن القرارات التي اتخذت، حتى لا يصبح البرلمان، فضاء صامتا.ولعب عبد الإله بنكيران، أمين عام حزب العدالة والتنمية، رئيس الحكومة دورا رئيسيا في تنشيط الحياة السياسية، جراء طريقته في المحاججة، التي تختلف عن أسلافه الذين كانوا يتحدثون لغة خشب، ويتلون ما تم طبعه لهم من قبل الإداريين، ما جعل المتتبعين ينفرون من البرلمان في السابق.لكن معارضي بنكيران اتهموه بأنه يستعمل العنف اللفظي ضدهم لإحراجهم، إذ طالبوه بتفادي الاصطدام، واتباع لغة دبلوماسية لا تجرح أحدا، ما جعل حميد شباط، أمين عام حزب الاستقلال يتهم بنكيران رئيس حكومته بأنه عميل للموساد، وله علاقة بالتنظيم الإرهابي " داعش". ولم يستطع بنكيران تغيير طريقته الهجومية، في وجه خصومه إبان الحملة الانتخابية، والتي صلت إلى حد وصف إلياس العماري، نائب الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، بالمافيوزي، متسائلا عن صمته إزاء اتهامات شباط له بأنه كان يهدد تجار المخدرات لإيداعهم السجن، إذا لم يقدموا له الملايير، ما جعل العماري يصف ذلك بأنه ممارسة لعنف لفظي قد تؤدي إلى عنف جسدي، معتبرا أن رئيس الحكومة خرق القانون، وجعل خصومه السياسيين أعداء.هذه الاتهامات أو العنف اللفظي دفع محمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، إلى تنبيه الفاعلين السياسيين بتجنب هذا السلوك.لكن إن كانت المعارضة اشتكت من بنكيران استعماله العنف اللفظي، فإنه تعرض لضغط شديد من قبل أشخاص حضروا تجمعا خطابيا له في تازة، إذ قال إنه شعر بوجود خطر يداهمه، حينما هاجمه أشخاص بعد انتهاء التجمع الخطابي، وسلك نحو سيارته بصعوبة شديدة.وتعرض بنكيران لتهجم من قبل العاطلين عن العمل، في شارع محمد الخامس بالرباط، حينما ترجل من سيارته لمناقشتهم، لكنهم حاصروه بشدة رافعين شعارات احتجاجية قوية، كما هاجمه أحد الأشخاص قرب منزله، قيل إنه كان يحمل سكينا أو هدده أنه سيحمله ضده، ما دفع الملك محمد السادس، إلى فرض حراس له يصاحبونه دائما.وحدث الأمر نفسه بالنسبة إلى مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات الذي توصل بتهديدات، وقيل إن خلايا إرهابية كانت تضعه ضمن أهدافها، وذلك بعد تلقيه وابلا من الشعارات والشتائم القاسية التي تفنن كتاب الضبط في ترديدها لكل مناسبة ينعقد فيها اجتماع خاص بالحوار الوطني لإصلاح العدالة.كما تم تهديد الحسين الوردي، وزير الصحة بالقتل، مرارا لحظة رفعه تحدي تخفيض أسعار الأدوية، بل تعرض لهجوم ببهو البرلمان من قبل صيادلة.وتعرض محمد نبيل بنعبد الله، أمين عام حزب التقدم والاشتراكية، وزير السكنى وسياسة المدينة، إلى الضرب بالحجارة في تجمع خطابي بإقليم آسا الزاك، نقل إثرها إلى المستشفى لتلقي العلاج ورتق الجرح. أحمد الأرقام

السياسيون… الأمزجة المتقلبة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

محاكم الأسرة...ساحة شجارات

الرأسمـال الأخلاقـي إلـى زوال

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات