حين يأخذ فعل ما صبغة الشرعي فإنه يتخذ لنفسه اسما علنيا، والرشوة فعل متجذر في عادات المغاربة، إلى درجة تعددت أسماؤها، أشهرها "قهيوة". وتحولت الرشوة في الحياة اليومية للمغربي إلى مفتاح الأبواب الموصدة وحتى المفتوحة، إذ حين لا يتعرض بعضهم لأي ابتزاز، تجدهم يصرون على منح الموظف أو المستخدم "قهيوته" وحين يرفض هذا الأخير، يلحون وكأن الأمر يتعلق بإكرامية.وإن كانت صور السلوكات اليومية للمواطن المغربي تظهر أن الرشوة طريقه السيار إلى كل الأغراض، فإن لغة الأرقام لا تخرج عن هذا الفضح، إذ تكشف أن المغرب مازال يرسب في امتحان مؤشر إدراك الرشوة.ورغم المجهودات المبذولة، إلا أن الرشوة مازالت تمانع وتعاند وتعطي المغرب رتبا متأخرة، إذ حصل السنة الماضية، حسب منظمة "ترانسبرانسي" الدولية، على نقطة 39 على 100، محتلا بذلك الرتبة 80 على 175 وتم تقييمه من قبل ست وكالات. واحتل المغرب سنة 2013 الرتبة 91 من ضمن 177 دولة بتنقيط 37 على 100.ورغم التحسن الطفيف في الترتيب سنة بعد أخرى، إلا أن "ترانسبرانسي" تقدم شهادة لا غبار عليها، تؤكد من خلالها أن المغرب مازال يقبع في "فساد مزمن ومعمم". وقالت الجمعية إن هذا الترتيب طبيعي مادامت البلاد لا تعتمد أي سياسة فعالة في هذا المجال، ولا توحي بآفاق مشجعة في محاربة الفساد من قبل الجهات الرسمية.وطالمــــا جددت "ترانسبــرانسي المغرب" نـــداءها للسلطـــات العمـــومية للعمل على سن سياسة حقيقية لمحاربة الرشوة بعيدا عن أي مزايـــــدة سياسية. غيــر أنها توصلت من خلال دراسة أنجرتها سابقــا، أن أغلبية المغاربة مقتنعــون بأن مجهــــودات الحكومة غيــر ذات فاعلية، إذ يرى 65 في المائة منهم أن مجهــودات الحكومة في محاربة الظاهـــرة غيـــر فعالـــة، مقابل 17 في المائــة منهم يرون أنها فعالـــة، بينما يرى 18 في المائــة الآخرون أن مجهــودات السلطــة التنفيـذية لا فعالة ولا غير فعالة.وعلى مستوى القطاعات قدمت الجمعية نفسها تقريرا في فبراير الماضي، يشير إلى أن المراكز المختصة في استقبال شكاوى المواطنين استقبلت في 2014 أكثر من 972 شكاية.واحتل قطاع الجماعات المحلية المركز الأول، كأكثر القطاعات التي تتفشى فيها الرشوة. وقالت الجمعية إن حوالي 23 في المائة من مجموع الشكاوى المقدمة من قبل المواطنين إلى الجمعية كانت ضد موظفي الجماعات، يليها قطاع الصحة بنسبة 13 في المائة من مجموع الشكاوى المقدمة.دراسات أخرى أجمعت على أن محاربة الرشوة، لا تتم فقط بحملات تحسيسية مناسباتية، ولا بتأسيس هيأة مركزية للوقاية من الرشوة، بل أيضا تحسين الظروف الاجتماعية في مجموعة من القطاعات، وعلى المستوى القانوني الإفراج عن قانون الحق في المعلومة، الذي يقف عدم خروجه، سدا منيعا أمام محاربة الرشوة في أهم القطاعات.ضحى زين الدين