“سيرفيس دي مين” البيضاء على شفا انفجار

27 موظفا وسماسرة وحراس أمن وفضوليون يتكدسون في بناية صغيرة آيلة للسقوط فجأة، تعطلت الأشغال في مشروع بناء «مصلحة تسجيل السيارات بالبيضاء الشمالية»، قبل أن تتوقف بشكل نهائي، ويتبخر حلم عشرات الموظفين والمسؤولين، في الانتقال من بناية «مؤقتة» آيلة جدرانها للسقوط تطل على ميناء البيضاء، إلى مكاتب وشبابيك ومرافق تحفظ ما تبقى من كرامة قبل موعد التقاعد. «الصباح» ترصد معاناة 1400 مواطن يحجون يوميا إلى «مركز تسجيل السيارات بالبيضاء الشمالية» لقضاء خدمات إدارية «بسيطة» تتحول إلى ساعات من الجحيم، ومعهم حوالي 27 موظفا وموظفة «يتقطعون» على مدار الساعة لتلبية طلبات، أو معالجة ملفات وتنظيم طوابير استقبال لا تنتهي حتى تبدأ من جديد. إنجاز: يوسف الساكت المكان شاحب وشبه مظلم بفضاء الاستقبال «مركز تسجيل السيارات بالبيضاء الشمالية». الأعصاب على أشدها خلف الشبابيك الخمسة التي يجلس وراءها موظفون وموظفات يفترض فيهم أن يتحولوا إلى «كائنات آلية» لاستقبال والاستماع والاستجابة لطلبات عشرات المواطنين القادمين من مقاطعات الحي المحمدي وعين السبع والصخور السوداء وسيدي بليوط وسيدي معروف وأنفا جاؤوا لقضاء خدمات إدارية مختلفة، (تسليم طلبات انتقال ملكية سيارات، أو سحب بطائق رمادية، أو تجديد رخص سياقة وتغييرها من الورقي إلى الإلكتروني، أو إيداع ملفات امتحان سياقة، أو أداء رسوم، أو طلب شـــهادات إدارية...). مئات الطلبات والملفات والوثائق المطلوب معالجتها وتحريرها والتأشير عليها في أوقات قياسية داخل بناية ومكاتب وشبابيك وفضاء غير مساعد يعتبر أكبر معرقل للعمل الإداري بواحد من أهم المراكز التابعة لوزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك بالعاصمة الاقتصادية، ويؤمه مواطنون يقدرون بـ1400 مرتفق، وتنجز فيه 16 في المائة من البطائق الرمادية وطنيا، ويعتبر واحدا من أكبر ثلاثة مراكز في ملفات التسجيل بعد الحي الحسني والرباط. بعض الموظفين الذين تحدثت إليهم «الصباح»، قالوا «إن مسؤولي الوزارة طلبوا منهم الانتقال من «البراكة» (في إشارة إلى المقر القديم لمصلحة تسجيل السيارات قرب المدخل الرابع للميناء) في 2008، إلى هذه البناية القديمة التي تعود إلى الفترة الاستعمارية، في انتظار تشييد عمارة من 10 طوابق، ستضم جميع مكاتب وشبابيك هذا المرفق الإداري الأساسي. وأكد الموظفون أن الأشغال انطلقت بالفعل في البناية العملاقة المطلة على الميناء، ووصلت إلى أشواط مهمة، قبل أن تتوقف فجأة، دون سابق إنذار وسط أخبار غير مؤكدة عن وجود مشاكل بين الوزارة والمقاولة صاحبة المشروع، موضحين أن توقف البناء قتل حلما كان يراود الجميع للانتقال من وضعية إدارية بشروط عمل واستقبال أفضل. بداية كل يوم، يتأكد الموظفون، وعددهم 27 موظفا، أن المشروع الجديد مجرد أضغاث أحلام، ثم يعودون إلى المكاتب والشبابيك الشاحبة نفسها التي يصطف أمامها منذ الساعات الأولى من الصباح عشرات المواطنين يسهر عنصر أمن خاص على تنظميهم باستعمال تذاكر ملونة ومرقمة، حسب الخدمات التي يقدمها كل شباك. باقي عناصر الأمن بلباسهم المميز يتكلفون بتنظيم الطوابير وتفادي الاكتظاظ عبر المناداة على الأرقام بالتــــرتيب. «هذه طريقة بدائية وحقيرة، تجعلك تكره الإدارة المغربية وتحتقرها وتفقد الثقة فيها، وتفكر في عدم العودة إليها مجددا»، يقول مواطن بلغة فرنسية سليمة، ثم يواصل بنبرة احتجاج عالية «لسنا قطيع أغنام، حتى ننتظم بهذه الطريقة المهينة في وقت أصبحت جميع المعاملات الإدارية تنجز بلمسة زر على حاسوب، أو لوحة رقمــــــية». يلتفت باقي المرتفقين، ويشرعون في تبادل تعليقات على الموضوع نفسه، قبل أن يشير أحدهم إلى الآلة الصماء المركونة في زاوية فضاء الاستقبال «دابا فهم تسطا، ها لاباراي لاش كتليق، ما خدموهاش وساعدو الناس باش ينظمو تلقائيا عوض هذه الإهانات اليومية». أحد الموظفين قال لـ»الصباح» إن زملاءه يتقاسمون هذه المعاناة مع المواطنين، مؤكدا أن غياب التنظيم والإحساس بالغبن الطالع من وجوه الناس، يؤثران على عملهم ولا يحفزهم على الاشتغال في ظروف جيدة، «بل إن عددا من المرتفقين يحملوننا مسؤولية هذا الاكتظاظ ويصرخون في وجوهنا، رغم أننا ضحايا أيضا لهذه الوضعية». الموظف نفسه، الذي رفض الكشف عن اسمه مخافة المساءلة، قال إن الإدارة بادرت، في إطار الحلول المؤقتة، إلى فتح شبابيك جديدة، مستغلة بنايات توجد خلف البناية الرسمية، وخصصتها لخدمات تسليم رخص السياقة الإلكترونية وأداء الرسوم، والتسجيل في امتحان السياقة، مؤكدا أن ذلك غير كاف، بسبب الضغط اليومي للمواطنين وقلة الموظفين الذين كان عددهم لا يتجاوز 35 موظفا، قبل أن يتقلص إلى 27 موظفا بعد استفادة ثمانية مع التقاعد، وهذا العدد مرشح لـ»التآكل»، لاستعداد ثلاثة منهم للمغادرة والتقاعد برسم 2016. وقال إن الوزارة تحاول حل هذا الإشكال بتوظيف 140 تقنيا جديدا، موزعين على 40 مركزا على المستوى الوطني، وهو عدد قليل جدا لا يفي بالغرض في وقت تحتاج فيه جميع المراكز إلى 600 تقني على الأقل. الضغط لا ينتهي، إذ يضطر الموظفون إلى قضاء ساعات متواصلة من العمل تنطلق في الساعة الثامنة والنصف صباحا، وتستمر إلى ما بعد الرابعة داخل المكاتب المغلقة لمعالجة الملفات المتوصل بها في اليوم، والتأشير عليها وتحريرها، تفاديا للتراكم. ويزداد الوضع صعوبة، يقول المصدر نفسه، بسبب ثلاثة عوامل إضافية: أولا، مذكرة الوزارة التي جاءت في إطار تبسيط المساطر الإدارية، وفتحت المجال لجميع المواطنين، بغض النظر عن عناوينهم ومقرات سكناهم، بالتوجه إلى أقرب مصلحة لتسجيل السيارات لقضاء أغراضهم الإدارية. وثانيا، إجراءات تجديد رخص السياقة والبطائق الرمادية المحررة على الحامل الورقي واستبدالها ببطائق إلكترونية. وثالثا، مجموعات السماسرة والوسطاء الذين يلهبون جيوب المواطنين ويوهمونهم بقضاء خدمات بالنيابة عنهم، رغم تحذيرات الإدارة التي تشترط حضور الشخص المعني لتسليم وثائقه، أو عن طريق وكالة رسمية. «هنا بالضبط، يصبح العمل والاشتغال داخل بناية قديمة تأكل الرطوبة والعطانة جدرانها، وتسكن حشرات الرتيلاء شقوقها، قطعة جحيم حقيقية»، يتذمر الموظف نفسه. 1400 ملف في اليوم يصل عدد الملفات التي تستقبلها مصلحة تسجيل السيارات بالبيضاء الشمالية إلى حوالي 1400 ملف موزعة على الشكل التالي: ملفات التسجيل: 150 ملفا-ملفات انتقال ملكية السيارات: 150 ملفا- سحب البطاقة الرمادية: 450 بطاقة- سحب رخص السياقة: 200 بطاقة- إيداع ملف الامتحان: 60 ملفا- الأداء: 60 ملفا- عدد الممتحنين: 120 شخصا- طلبات الشهادات: 30 طلبا. ملاحظة: في شتنبر الماضي، انتقلت طلبات انتقال الملكية وتغيير رخص السياقة إلى 500 طلب، وهو الشهر نفسه الذي استعانت فيه الإدارة بعناصر من رجال الأمن للحفاظ على النظام والأمن في المرفق، بسبب الاكتظاظ الكبير.

“سيرفيس دي مين” البيضاء على شفا انفجار

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

كل ما يجب أن تعرفه عن استخدام الشيك

الشيحاني والمسكيني يساندان الفتح

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات