أنهت الانتخابات المنتهية المواجهة الشاملة بين أحزاب المعارضة و أحزاب الأغلبية، لكنها زادت من حدة المواجهة بين حزب رئيس الحكومة والأصالة والمعاصرة، التي اتخذت طابع حرب الاستنزاف، وذلك سعيا من كل واحد إلى إضعاف الآخر قبل موعد الانتخابات التشريعية المرتقبة نهاية الصيف المقبل. ويحاول كل من عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة الأمين العام لـ" بيجيدي" وإلياس العماري نائب الأمين العام لـ "البام" اختراق قلاع بعضها، على اعتبار أن العدالة والتنمية تحصن في مجال المدن الكبرى، في حين تمكن الاصالة والمعاصرة من احتكار لائحة رؤساء الجهات من خلال تصدره خمس جهات من بين الجهات الـ12 بالمملكة، رغم أن خصمه السياسي هو صاحب الرتبة الأولى في الانتخابات الجهوية التي جرت في رابع شتنبر الماضي. وكانت نتائج انتخابات رؤساء الجهات أفرزت سيطرة الأصالة والمعاصرة على جهات لم يتمكن من تحصيل الأغلبية فيها، وخسارة العدالة والتنمية رهان جهتي البيضاء-سطات وطنجة-تطوان-الحسيمة، مع استفادة التجمع الوطني للأحرار من تحالفه الحكومي، فيما كرس الاستقلال سيطرته على جهات الصحراء، وحزب الاتحاد الاشتراكي، الذي كان يطمح للفوز بجهة واحدة، ضربة قاضية بعدما خرج خاوي الوفاض من سباق رئاسة الجهات. التحالفات التي أغضبت بنكيران كانت قد ساهمت في فوز غريمه حزب الأصالة والمعاصرة ب 22 رئاسة مجلس إقليم وعمالة من مجموع 75 إقليما وعمالة على صعيد التراب الوطني، وهو ما يقرب من ثلث العدد الكلي للمجالس، وذلك في إطار عمليات التصويت التي جرت خلال الفترة الممتدة ما بين 17 و27 شتنبر الماضي.وبدأت المواجهة بإصدار الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية خلال اجتماعها بحر الأسبوع الماضي قرارا يقضي بتقديم عبد اللطيف بروحو وسعاد بولعيش لاستقالتهما من رئاسة لجنة المالية ونيابتها بمجلس جهة طنجة – تطوان الحسيمة التي يرأسها إلياس العماري. كما تصر قيادة العدالة والتنمية على أن الحياة السياسية اليوم ما تزال تعيش حضور التحكم الذي يتجسد من خلال "الحزب المعلوم"، لذلك قررت مواجهة النزعة التحكمية بقوة، على اعتبار أن أصحابها يحاولون السعي بكل الوسائل كي يكون لهم حضور في المشهد الجماعي. قيادة "بيجيدي" منعت التحالفات التي تتم على المستوى المحلي خارج مرجعية ما تقرر داخل الائتلاف الحكومي بخصوص الجهات والمدن الكبرى، أما ما عدا ذلك فالأمر كان متروكا لهيآت الحزب كي تبرم تحالفاتها تقديرا لما تقتضيه المصلحة المحلية بعد التشاور مع قيادة الحزب، التي اعتبرت أنه لا يمكن لحزب العدالة والتنمية أن يتحمل رئاسة أي لجنة، خصوصا في جهة طنجة تطوان، وأن ذلك لا يتنافى مع منهجية الحزب القائمة على التعاون المثمر والإيجابي وعلى الاشتغال وفق رؤية تشاركية مع كل الفرقاء بما يراعي المصلحة العامة للمواطن ولتدبير الشأن المحلي.ي. ق