للفنانين (المغنون خصوصا) علاقة ملتبسة مع الصحافيين. بعضهم وليس الكل. منهم من يتحاشاهم تماما ولا يرغب في أن يكتب عنه أحد حرفا لا بالخير ولا بالشر. ومنهم من يخاف منهم لأسباب غير معلومة. ومنهم من يطاردهم عبر الهاتف ليخبرهم دائما عن الجديد. وهناك فئة أخرى تحتقرهم وتعتقد أنهم "مبيوعين" دائما لجهة ما، لا يعلمونها إلا هم.ويتميز كل فنان عن الآخر في طريقة تعامله مع الصحافة، حسب "أقدميته"، وحسب نوع الفن الذي يقدمه. نجوم الأغنية الشعبية مثلا، (دون تعميم) يفضلون ما أمكن عدم الحديث إلى الصحافيين، ولا يهمهم في شيء الترويج لأنفسهم لأنهم "بايعين" إنتاجاتهم ولأنهم مطلوبون، ولأن بعضهم "ما قاري فالدنيا" غير "حك جر"، فهو يكره كره العمى أن يسأله صحافي ولو "كي داير"؟عكسهم، الجيل "الغابر" من رواد الأغنية المغربية. يحبون الظهور والحديث إلى الصحافة (دون تعميم دائما). لكنهم يشتكون أغلب الأحيان من الإهمال واللامبالاة وقلة الإنتاج والمرض، عافانا وعافاهم الله. كثيرو الملامة و"الهضرة"، قليلو الإنتاج. أغلب حديثهم حسرة على الزمن الجميل للفن المقترن ب"الكريمات" و"الإكراميات". يحسدون الجيل الجديد من الشباب الذين أصبحوا نجوما خارج بلدهم، ويموتون "سما" وغلا كلما سمعوا أغنية لهم أو شاهدوا "فيديو كليب". المخضرمون، بين بين. منهم "الفراع" الذي لديه دائما ما يقوله للصحافة، ولو كان الخبر الذي يعتبره هو "سكوب"، لا يهم لا الصحافي ولا القارئ في شيء. ومنهم من يمنعه كبرياؤه من أن يستجدي صحافيا لكتابة خبر عنه، إلا لو قام ذلك الصحافي بالمبادرة من نفسه. أما "النجوم" الجدد. فواحد منهم يغير كل مرة رقم هاتفه بمجرد انتشاره لدى الصحافة، بعد أن أصبح الإعلام العربي أهم بالنسبة إليه من صحافة بلده "التي لا تهش ولا تنش". ومنهم "نكار الخير"، الذي ما إن ابتسم الحظ في وجهه حتى نسي فضل الصحافيين عليه الذين دعموه حين لم يكن أحد من الجمهور يعرفه. وقليل منهم فعلا يملك بعضا من أصل وأخلاق.فنانونا، مخلوقات من طينة خاصة لا يعرفها جمهورهم ولا يمكن أن يتصورها على باله. لذلك يهاجمون كل صحافي تجرأ على كتابة كلمة في حق فنانهم لم تعجبهم. فنانونا، (بدون تعميم)، يحبون "ركوب العمارية" وتطبيل الصحافة لهم ولأعمالهم لأن ذلك يرضي أناهم التي لا حدود لنرجسيتها. لكن، وبمجرد أن تكتب عنهم خبرا لا يساير هواهم حتى ينقضوا على هواتفهم ويتصلوا بك غاضبين مزمجرين يلفقون لك جميع التهم الممكنة. مع أنهم لم يكلفوا نفسهم عناء الاتصال، على سبيل الشكر، يوم كتبت عنهم جيدا. فنانونا، لا يعرفون حتى كيف يسوقون أنفسهم أو أعمالهم. لا يملكون حتى صورا جديدة لهم أو مهنية. بعضهم يبعث لك بصورته حين كان في الثلاثين مع أنه اليوم في الستين. والبعض الآخر لا يعرف حتى كيف يرسل صورة عبر "الإيميل"، فما بالك بمواقع التواصل الاجتماعي التي يعتبرونها "لعب الدراري الصغار". فنانونا لا يفهمون أن الصحافي أصبح اليوم في حاجة إلى مادة دسمة من أجل تقديمها إلى قارئ يعشق "التبركيك". أما أخبار "كولو العام زين"، فلم تعد تغري أحدا بقراءتها. فرجاء مثلما تتقبلون منا "البوسة"، تقبلوا "العضة".... (*) موقع في الواجهة www.filwajiha.com