العنصـر: لا وجـود لتمـرد فـي الحـزب

الأمين العام قال إن الحركة ليست ثكنة عسكرية ورياح الانتخابات أخذت في مهبها ضعاف النفوس رفض امحند العنصر، الأمين العام للحركة الشعبية، أن يصف نزيف الاستقالات داخل حزبه بالتمرد، معتبرا أن الأمر لا يعدو أن يكون سوى حالات معزولة لأفراد تتمكن منهم حمى الانتخابات التي كلما أطلت إلا وحملت معها رياح تأخذ في مهبها ضعاف النفوس، الذين ينساقون وراء تطلعاتهم، والتي لا تتوافق مع مقررات الحزب التي يتم التداول حولها بكل شفافية. وبخصوص البيضاء التي سقطت أغلب قلاع الحزب فيها، بعد هروب عدد من الأعضاء إلى أحزاب أخرى، اعتبر العنصر أن هناك الكثير من المزايدات والتضخيم بشأن بعض الصراعات بين أشخاص بعينهم، والتي دامت أكثر من اللازم. وبالنسبة إلى جمعية النساء الحركيات، تأسف الأمين العام لاستقالة إحدى عضواتها، لأنها كانت نتيجة قرار فردي دون وجود لأي ضغط من أي كان، مشددا على أن الجمعية تتوفر على عدد هائل من المناضلات الكفؤات اللواتي يضطلعن بأدوارهن بكل تفان وإخلاص. في ما يلي نص الحوار: < رفع بعض الحركيين راية العصيان في وجه القيادة، بداعي أن الحزب أصبح يسير من خارج الأجهزة، كيف تردون على ذلك ؟ < أولا، لا بد من القول إن هناك الكثير من التضخيم في الموضوع. والحركة الشعبية حزب عريق لا يهتز لهذا النوع من المناوشات. والأمر يتعلق في الواقع بخرجات ألفناها من بعض الإخوان، لدوافع تخصهم، والذين، كلما اقتربت مواعيد انتخابية، إلا وأقاموا الدنيا لمجرد أنهم يدركون أنهم لن ينالوا مبتغياتهم بالسهولة التي يعتقدونها. هؤلاء هم بكل تأكيد أقلية ويحسبون على رؤوس الأصابع، منهم من غادر الحزب، ومنهم من اختار طريق آخر، لكنهم يتعقدون خاطئين أن لغوهم سيثنى قيادة الحزب عن المضي قدما في طريق العمل الجاد والمحافظة على وحدة المؤسسة في أفق استحقاقات استراتيجية بالنسبة إلى البلاد. < هناك من يشكك في استقلالية قرار الحركة ؟ < الكلام عن أن الحزب يسير من الخارج ليس صحيحا البتة، نحن في الحركة الشعبية نؤمن بالعمل من داخل الأجهزة المؤسسية: لدينا مستويات متكاملة للتسيير: هناك الأمانة العامة والمكتب السياسي والمجلس الوطني، الذي هو برلمان الحزب. ولا يستقيم كلام يدعي بأن شخصا أو ثلة من الأشخاص، كيفما كانت قوتهم أو نفوذهم، ينفردون بالقرار أو التسيير، وإلا لكانت كارثة حقيقية فعلا. إن هذا النوع من الكلام لا يستقيم ولا يمكن الأخذ به لأنه في الواقع استخفاف وتنقيص من القيمة النضالية والكفاية العلمية والمعرفية لهذا الحشد الهائل من النساء والرجال الذين ما زالوا مرابطين ملتزمين بمبادئ الحزب وقيمه النبيلة التي ترسخت لدينا منذ عقود. الأهم في الموضوع أننا في الحركة الشعبية نؤمن إيمانا خالصا بضرورة الاختلاف والتنوع في المشارب والآراء والمواقف، ولقد برهنا في غير ما مناسبة عن قدرتنا على تدبير الاختلاف في إطار وحدة الحزب بدون أي شرخ أو جنوح نحو الاستبداد، أدعوكم للتأمل في المشهد السياسي الوطني لتستخلصوا العبر مما وقع وحينئذ لنا أن نقارن بين أساليب تدبير الاختلاف السياسي والفكري هنا وهناك. < هناك من يقول إن ما جمعته المشاركة الحكومية يمكن أن يفرقه إخفاق في تسيير مرحلة الانتخابات الجماعية، هل تتفقون مع هذا الرأي؟ < أستطيع أن أجزم بأن التنسيق القائم بين مكونات الأغلبية اليوم في أفق خوض الانتخابات الجماعية والجهوية المقبلة، يتم في ظل مقاربة تغلب المصلحة المشتركة بكثير من الذكاء والواقعية. ولقد اتفقنا على كل الإجراءات والتدابير العملية التي تضمن لكل حزب الموقع الذي يتلاءم مع إمكانياته وحظوظه بشكل يمكن من تغطية كل الدوائر بمرشحين متشبعين بالقيم الني نناضل من أجلها والأطر التي تتوفر فيها شروط الكفاية الأخلاقية والنضالية. وأستطيع أن أؤكد لكم أن الاستحقاقات المقبلة ستقوي من اللحمة التي توجد بين مكونات الأغلبية الحالية، والتي تستطيع أن تبرهن عن قدرتها على رفع تحدي الانتقال إلى المشروع الديمقراطي القويم في تدبير الشأن العام في إطار من الشفافية والحكامة الجيدة والنجاعة. < بماذا تفسرون عدوى التمرد، التي بدأت تنتشر في الحزب، خاصة في الشبيبة والقطاع النسائي، وما هي أسبابها في نظرك؟ < تستعملون أوصاف مثل «العدوى» و»التمرد» لتوصيف واقع نحن نصفه بالاختلاف والتباين في تقدير بعض المواقف والأمور، وهذا أمر طبيعي من وجهة نظرنا كحركيين يؤمنون بالحق في الاختلاف. نحن في الحركة الشعبية، نمقت الدوغمائية أو الاصطفاف في الطوابير، لسنا بكل تأكيد في ثكنة، بل إننا نوجد داخل مؤسسة تعيش تناقضاتها واختلافاتها بكل روح رياضية وأناقة في التعامل بيننا. ولعله من طبع الشباب الحركية والغليان والمساءلة الدائمة مع الرغبة في إعادة بناء كل شيء. أما القطاع النسائي، فهو من التنظيمات الحيوية التي نفاخر بها ولا يعني بتاتا أن عدم قدرة بعض أعضائه الانسجام مع باقي الأخوات أن البناء برمته يتصدع. بالتأكيد لا. وبالرجوع مثلا لما حدث في جمعية النساء الحركيات، أؤكد لكم أن أوضاعها جيدة. وإذا كانت استقالة إحدى أعضائها مسألة نأسف لها، لأنها كانت نتيجة قرار فردي دون ضغط من أي كان، وعلى كل حال، فالجمعية تتوفر على عدد هائل من المناضلات الكفؤات اللواتي يضطلعن بأدوارهن بكل تفان وإخلاص. ونحن حريصون كل الحرص على أن يتم تداول شؤون الجمعية بكل شفافية، وأن يتم التداول على تسيير شؤونها وفق المبادئ الديمقراطية والاستحقاق. فالتنظيم الحركي النسائي بخير، وسترون كيف سيتميز بمبادرات بناءة في الساحة الوطنية في الغد المنظور. < عرف الحركة الشعبية بدفاعه الدائم عن التعددية وعن الحقوق الثقافية لفئات لم تحظ بالعناية الكافية من قبل السياسات العمومية، وأعني هنا بالتحديد العالم القروي والأمازيغية. كيف توفقون بين هذه المطالب وتوجهكم واختياركم للنهج الليبرالي؟ < إنني لا أرى تعارضا بين التوجه الليبرالي والدفاع عن هذه القضايا. إن الخيار الليبرالي هو في تصورنا نهج يؤمن بالمبادرة الفردية والنجاعة في تدبير الشأن الاقتصادي، والعمل لبلورة خطط تستفيد من تضافر جهود الفاعلين الخواص إلى جانب الدولة لتثمين الثروات وضمان حرية المبادرة في إطار نظام لا تتعارض فيه بالضرورة المصلحة العامة والخاصة < أين وصل تنزيل ورش الأمازيغية؟ < أما نضالنا من أجل تنزيل مضامين الدستور، التي تجعل من الأمازيغية لغة رسمية للبلاد إلى جانب اللغة العربية، وبوصفها أيضا رافدا أساسيا للهوية الوطنية، فهذا ورش أساسي بالنسبة إلينا كمكون نشيط في الائتلاف الحكومي، وسنعمل جادين من أجل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية قبل نهاية هذه التجربة الحكومية. أما العالم القروي، فما زلنا نعمل من داخل الأغلبية قصد وضع سياسة عمومية متكاملة هدفها التنمية المندمجة للعالم القروي، وإلحاقه بركب الطفرة التنموية الشاملة للبلاد، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس أعزه الله. ولا نرى في الحركة الشعبية من تباعد أو تنافر بين التوجه الليبرالي والعناية الجادة والملتزمة بهذه القضايا الجوهرية لبلادنا. إننا نناضل بلا كلل أو ملل من أجل تحقيق مشروع مجتمع ديمقراطي وعصري ومنفتح ومتضامن بين كل مكوناته. صراعات البيضاء دامت أكثر من اللازم < لم تسلم أي مقاطعة وجماعة من جهة الدار البيضاء الكبرى من استقالات الحركيين، ماذا يقع هناك، وهل يعني ذلك وجود صراع بين معسكرين؟ < إن ما تشيرون إليه هنا لا يعدو أن يكون حالات معزولة لأفراد تتمكن منهم حمى الانتخابات التي كلما أطلت إلا وحملت معها رياحا تأخذ في مهبها ضعاف النفوس الذين ينساقون وراء تطلعاتهم، والتي لا تتوافق مع مقررات الحزب التي يتم التداول حولها بكل شفافية. وما تتحدثون عنه هنا يندرج في هذا السياق، حيث نشهده بأشكال متعددة عند الأحزاب الأخرى. وبخصوص ما حدث بالبيضاء، هناك الكثير من المزايدات والتضخيم بشأن بعض الصراعات بين أشخاص بعينهم، والتي دامت أكثر من اللازم، ونحن نعمل جاهدين لنجد مناضلين متشبعين بمبادئ الحزب الحقة، والذين يتحلون بأخلاق عالية لا يغلبون مصالحهم الشخصية على المصلحة العامة. أما الذين يتحلون بالصبر والجلد، ويحترمون قواعد الاشتغال الجماعي، فبوسعهم تحقيق طموحاتهم المشروعة، وفق ما يتوفرون عليه من رصيد نضالي معترف به. المكتسبات الديمقراطية مهددة < ما تحليلكم لما وقع مرخرا من مساس بالحريات الفردية في إنزكان وفاس؟ < تابعنا بالفعل، بانشغال عميق، ما حدث، أخيرا، في فاس وإنزكان من أعمال تأخذ شكل عقاب جماعي لمواطنات ومواطنين من قبل مجموعات أعطت لنفسها، بدون وجه حق، سلطة العقاب لما تعتبره تصرفات «شاذّة»، وذلك في تحد صارخ للقانون. إن هذه الممارسات التي تقع خارج ما ينص عليه القانون وتعتبر في رأي الحركة الشعبية انحرافا خطيرا وتحديا سافرا للقيم المؤسسة لمجتمعنا وللنظام السياسي، الذي ناضلنا من أجله جميعا. ولا شك في أن تناسل هذه الانحرافات يشكل مصدر قلق عميق لكل القوى السياسية الديمقراطية ببلادنا التي ناضلت من أجل قيام مشروع مجتمع ديمقراطي ومتضامن ومنفتح على كل روافد الهوية الوطنية. إنها القيم التي بذلت من أجلها القوى الديمقراطية الوطنية الغالي والنفيس، لأجل إقامة مجتمع قوامه الانفتاح والتسامح والقبول بالاختلاف وضمان الحريات الفردية والجماعية كما نص عليها دستور المملكة لسنة 2011. هذه هي الاختيارات المجتمعية التي نناضل من أجلها داخل حزب الحركة الشعبية الذي يوجه اليوم نداء لكل القوى الوطنية الحية من أجل التصدي لهذه الانحرافات، التي إن استمرت وتمادت ستشكل تهديدا في العمق للمكتسبات الديمقراطية للبلاد، والتي تتطلب منا جميعا صحوة مواطنة لصونها من خلال التطبيق السليم لمقتضيات القانون لا غير. حزبنا يخلق التوازن الحكومي < هل يدفع الحزب ثمن التحالف مع العدالة والتنمية، على اعتبار أن أهم الأطر تفرغت للعمل الحكومي، وغفلت الانتخابات الجماعية؟ < أعود لأؤكد لكم اليوم ما سبق، وشددت عليه في مناسبات عدة، فقرار الحركة الشعبية المشاركة في الائتلاف الحكومي يتسم بالحكمة والتبصر، ولم نقدم على هذه الخطوة، إلا بعد استشارات واسعة داخل الهيآت التقريرية التي ارتأت أن يدخل حزبنا في هذا الائتلاف الوطني اعتبارا لدقة المرحلة التي تمخضت عنها الحركية الهائلة التي أتى بها دستور 2011. ولقد اعتبرنا أنه من واجبنا الوطني المساهمة في هذه التجربة المهمة، رفقة رفاقنا في العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية والتجمع الوطني لأحرار. ولا بد هنا من التذكير بأن حزب الحركة الشعبية يلعب دور التوازن في الائتلاف الحكومي من الناحية الفكرية والمذهبية، زيادة على أن الحزب له رصيد مهم من التجربة في تسيير الشأن العمومي في الحكومات المتعاقبة، وهي المسألة التي لها وزنها في مثل هذه المراحل الانتقالية الدقيقة التي نعيشها. ومن الضروري أن نستحضر أن حصيلة العمل الحكومي لا يمكن قياسها من منظور مكون وحيد للاتلاف الحكومي بل يجب اعتبار المحصلة بوصفها نتيجة لتضافر كل الأطراف المساهمة فيها كفريق متكامل. دعني أذكر بأن حزبنا كانت له الشجاعة السياسية، ليتخذ مواقف واضحة في قضايا مبدئية تم تداولها من قبل الرأي العام الوطني مثل ما حدث في إنزكان وفاس. كما أن حزبنا ينادي، منذ بداية هذه التجربة الحكومة، باتخاذ موقف واضح في قضايا التعدد الثقافي، وعلى رأسها مأسسة اللغة الأمازيغية، وما نتمناه هو أن تحذو حذونا المكونات الأخرى للتحالف الحكومي. ورغم هذا وذاك، فنحن معتزون أشد ما يكون الاعتزاز بهذه التجربة التي كانت لها الجرأة السياسية لقيادة إصلاحات مصيرية في عدد من المجالات الحيوية ومصيرية لمستقبل شعبنا. < وماذا عن مستقبل الأغلبية الحالية؟ < كانت لنا، في آخر اجتماع للتنسيق بين فرق الأغلبية، فرصة للتأكيد بأننا سنستمر في تحالفنا لإنجاح التجربة إلى نهايتها. وهذا لا يعني أننا لا نعرب عن عدد من انشغالاتنا بخصوص قضايا مصيرية، إذ ننبه شركاءنا في الأغلبية إلى ضرورة الانكباب على عدد من الملفات الحيوية وذات الحساسية، قبل نهاية الولاية الحكومية الحالية. ومن بين هذه الأولويات، على سبيل المثال لا الحصر، ضرورة الخروج بالقانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، الذي يعد ملفا أساسيا لا يحق التأخر فيه، وإطلاق برنامج تنموي واضح للعالم القروي. أما فيما يتعلق بأطرنا المنخرطة في العمل الحكومي، بكل تفان وجدية، فإنها ملتزمة تمام الالتزام في الآن نفسه بمسؤولياتها كاملة كمناضلين ومنتخبين إن على المستوى الوطني أو المحلي، ولا يمكن الحديث عن أي تقصير في هذا الباب. أجرى الحوار: ياسين قطيب

العنصـر: لا وجـود لتمـرد فـي الحـزب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

كمين يطيح بـ"مقدم" متلبسا بالارتشاء

"الفراشة" يحتلون شوارع أكادير

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات