النقيب تحدث عن غضبة وزير العدل ونكسة امتحانات الأهلية وموقفه من اعتذار رئيس جمعيات المحامين طفا إثر ندوة القنيطرة، التي نظمتها جمعيات هيآت المحامين، شنآن وكلام حول محاولة مغادرة وزير العدل والحريات لأشغال الندوة، بعد مداخلة النقيب بوعشرين. وازداد النقاش بعد اعتذار رئيس هيآت المحامين للوزير، نيابة عن بوعشرين، وهو ما أثار ردود أفعال كثيرة، سيما بين مرتادي نادي المحامين في "فيسبوك". في الحوار التالي، نستطلع ما وقع، وخلفياته على لسان النقيب عبد اللطيف بوعشرين. < تناقل نشطاء "فيسبوك" وقائع الأحداث التي عرفتها قاعة العروض بالقنيطرة أثناء مداخلة لكم في الجلسة الافتتاحية، إثر احتجاج وزير العدل والحريات على ما قلتموه في شأن المهنة وانكساراتها، هل لكم أن توضحوا ماذا وقع بالضبط؟< وزير العدل والحريات، زميل عزيز، وصديق حميم، ولكن اليوم، ونحن بصدد مناقشة «مسودة قانون مهنة المحاماة»، تأسيسا على ما آلت إليه توصيات الميثاق الوطني «لإصلاح منظومة العدالة»، فقد اختلفت وجهة نظرنا، والاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية. إن موقفي في هذه التوصيات ليس وليد اللحظة أو الصدفة، بل إنني درست الموضوع أكثر من سنة، وتأملته جيدا سواء على مستوى المرجعيات الوطنية أو الدولية، وجالسنا بعضنا في هذا الموضوع لأكثر من مرة. < هل يمكن أن تذكر لنا رأيك في بعض المقتضيات؟< أول جلسة كانت ببيت زميل لنا بالبيضاء قبل سنتين بحضور كل النقباء السابقين لهيأة البيضاء، و أبديت وجهة نظري بصفة صريحة في بعض المقتضيات، مثل ضرورة الحفاظ على استقلالية وحرية مهنة المحاماة، والتكوين والتكوين المستمر مع التعجيل بفتح المراكز الجهوية للتدريب، والتمسك بأن وكالة المحامي المغربي هي وكالة عامة، وليست خاصة، كما أن أتعاب المحامي لا يمكن تحديدها مسبقا وبموجب عقد مكتوب، وغيرها من الأوجه الخلافية.ثم انعقدت ندوة من تنظيم هيأة المحامين بــوجــدة سنة 2013، كانت لي فيها مداخلة في الموضوع بإسهاب كبير وشرح مستفيض تبريرا لمواقفي تجاه بعض المقتضيات، غير أن السيد الوزير حينها، انتظرني إلى غاية الانتهاء وعقب على ما صدر مني بالشكل الذي اختاره وأبدى تحفظاته.< ماذا عن ندوة القنيطرة؟< أعتقد أن سلامة وصحة الرسائل التي تضمنتها مداخلتي قد تفاعل معها المحامون الحاضرون بإشادة قوية، وتصفيقات متكررة استفزت السيد الوزير، فصاح أنها ليست الحقيقة، وهو يهم بمغادرة القاعة، بعدما قاطعني أكثر من مرة.والغريب في الأمر، وبعدما هدأت الأجواء، نصب رئيس الجمعية نفسه تلقائيا للرد والتعقيب على الجزء المثار من كلمتي، وهو ما أثار سخط المحامين الحاضرين، واندلعت فوضى جديدة بالقاعة، تسبب فيها الرئيس الذي تموقع للرد على خطاب غير مرفوع له هو أصلا، و بذلك يكون قد أساء إلى حق الضيف، وخرق الأعراف والتقاليد، في الوقت الذي كان عليه كمضيف أن يسعى إلى الحفاظ على التوازنات والحياد بحكمة و تبصر، مما ترتب عنه انفلات في زمام التسيير. < لكن البعض يرى في ذالك اختلافا في الرأي؟< الاختلاف في الرأي مسألة عادية، وأنا متعود على الحوار الساخن، و لكن حفاظا على طقوس الضيافة وقدر السيد الوزير، ومحبتي له، فقد ارتأيت أن أتوقف تفاديا للتصعيد وحفاظا على أريحية اللقاء الذي كاد أن ينسف.موقفي ليس بغريب على السيد وزير العدل، و ربما تجاوب وإشادة المحامين بالموقف، هي التي أشعلت فتيل القلق، وأنا عاشرته داخل لجنتين «القانون الجنائي والمسطرة الجنائية» و للشهادة كان حريصا وفاعلا واشتغلنا بشكل مكثف وجدي.أما أن الافتتاح هو للمجاملة؟........ نعم، ولكن لا بد من تمرير الرسائل اللازمة للسادة المسؤولين ولنا في الاتحادات الدولية والنقابات الأوربية ما يزكي أكثر من رسالة بعثت ببراءة، واستقبلها المعنيون بصدر رحب وعولجت بصمت. أنا لست غافلا عن هذه الطقوس، ولست في حاجة لإملاءات. < ألا تعتقدون أن الرميد كمحام، دافع عن المهنة وحاول إصلاحها من خلال التشاور سواء أثناء الحوار الوطني أو بالنسبة إلى تنظيم الامتحانات؟< للأمانة والتاريخ، أن الرجل كان حاملا « لإرهاصات» و «هم» كبير على حساب راحته وصحته، و ذلك إلى جانب نخبة من رجالات القضاء والمحاماة والأساتذة الجامعيين.وخلاصة التوصيات التي انتهى إليها الحوار الوطني، أنا أشيد بها وأثمنها، إلا ما تعلق ببعض القضايا التي تهم مهنة المحاماة، التي في تقديري جاءت للتضييق عليها، وسحب البساط من المؤسسات ونزع بعض المكتسبات والاحتكار في إطار التنافسية التي أسست عليها هذه التوصيات، و التي لا اتفق معها. مثلا، أنا أثمن أجواء الامتحانات، والحفاظ على مصداقيتها وتكافؤ الفرص، وقد كنت أول المنادين بذلك، ولكن المؤاخذة تنصرف إلى الصيغة والإطار الذي مر فيه الامتحان، والتي انتهت إلى إقصاء القضاة والمحامين من حراسة الممتحنين، والحال أن هذا الامتحان يتعلق بالملتحقين بمهنة المحاماة، وليس قطاعا آخر، فحراس السجن، ورجال الأمن، مؤسسة نحترمها ونقدرها على أعمالها الوطنية والشعبية، ولكنها جسد دخيل على مهنة المحاماة، وامتحاناتها مند تأسيس مهنة المحاماة بالمغرب. < برز انقسام بين المحامين إثر اعتذار رئيس جمعية هيآت المحامين للوزير نيابة عنكم، ألا ترون أنه أجدر أن يعتذر المرء عند الخطأ؟< ثقافة الاعتذار، فضيلة ممن تبث له أن أخطأ سواء عن قصد، أو عن غير قصد.أما، و أنني مقتنع بما أبلغته و متشبع بأفكاري، و قد أبلغتها بكل أمانة وصدق و قناعة، فإنني أرى أنه لا موضوع ولا سبب للاعتذار، وأنني لم أنتدب أيا كان للاعتذار باسمي لأنه لا موجب لـــه، رغم تأويل خطابي وتحريفه لسوء الفهم و السياق. أما الإساءة للغير فليست من شيمي، وتاريخي المهني خير شاهد على ذلك. < يقال في الكواليس إن الرميد لم يكن ينتظر من النقيب عبد اللطيف بوعشرين، أن يحرجه أثناء الندوة، وإنه كان ينتظر منكم اعترافا بما حققه من إنجازات سيما أنه حضر أثناء إشرافكم على أشغال مؤتمر اتحاد المحامين العرب بأكادير؟< صحيح أن نجاح اجتماع المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب باكادير، ساهم السيد الوزير بجزء كبير في إنجاحه ولا أنكر عليه ذلك. وإثر انتهاء الاجتماع، بعثت لسيادته ببرقية من القاهرة تحمل لــه كل العرفان والشكر والتقدير على المجهودات التي بذلها لإنجاح المؤتمر، وأنا أعرف وطنيته، وغيرته على المغرب، وعلى كل حبة رمل أو قطرة ماء من وطننا الحبيب. ولكن، ما تعلق بمشروع قانون المحاماة، وكمحامي ومن كل المواقع، يمكنني أن أدلي برأيي ومن حقي، بل و من واجبي كمحام و نقيب سابق، وأمين عام أن أدلي بطروحاتي وبدون خلفيات. < الشنآن الذي وقع الآن بينكم والوزير، والذي انتقل صداه إلى هيأة المحامين بالبيضاء، هل من شأنه أن يحد من التعاون، سيما أن المهنة تعرف في الوقت الراهن حاجة ملحة للتعاون والتشاور من أجل تنزيل القوانين؟< أعتقد أن نقابة الدار البيضاء اتخذت موقفها، وهي حرة فيه، و أنا أثمن موقفها، لأنه موقف مهني و تاريخي ومسؤول.نقابة البيضاء لها دائما موقع خاص في المشهد العام لمهنة المحاماة في المغرب، وكل وزراء العدل السابقين كانوا يستشيرون نقباءها قبل القيام بأي عمل جديد، وكانوا يجسدون شركة، لابـد منها لإنجاح أي مشروع حقوقي أو مهني، باعتبار أن نقابة الدار البيضاء تمثل ما يقارب النصف من محامي المغرب. أعضاء مجلس هيأة البيضاء في شخص السيد النقيب «حيسي» هم خريجو مدرسة الوفاء للرموز، خاصة إذا كان الخطاب دفاعا عن المهنة وليس ضدها.ولكم أن تحتكموا إلى جموع المحامين، فنحن لسان واحد وتعبير عن أحوالهم.ومن غير البيضاء، لا يمكن للقاطرة المهنية أن تتحرك. فرحمة الله على النقيب «الحاج الطيب محمد الناصري» والنقيب الودغيري». وأبقى الله النقباء الأفذاذ الذين تداولوا على منصب النقيب بهيأة البيضاء، والذين خلقوا للدفاع عن مهنة المحاماة. والنقيب «حيسي» وغيره، سيظلون على دربهم بدون تخاذل، أو انبطاح، أو خيانة لمهنة المحاماة. النقابة تسهر على التكوين المحامي الذي يلتحق بمهنة المحاماة، تستقبله النقابات، وتسهر على تمرينه وتكوينه منذ عقود، والدولة لم تتحمل أي عبء إلى جانب النقابات سوى إشرافها على الامتحان.والمحامي بعدما يستكمل تمرينه يبحث لنفسه عن مكتب بوسائله الخاصة تحت إشراف ورقابة المؤسسات المهنية. ويبقى التتبع على مستوى التكوين المستمر وتنظيم إدارته وشؤونه ومشاكله، وتأديبه على ذمة النقابات. فالقضاة هم حكام الشعب في منازعتهم، ويلبسون الامتحانات شرعية قضائية. والمحامون هم المدافعون عن حقوق الإنسان وحريات الأشخاص، وهم مؤتمنون على عملهم بيمين قضائي. وإن معظم الدول العربية تتولى النقابات وحدها امتحانات الولوج بمقرها، وتشرف عليها لجنة خاصة. أجرى الحوار: المصطفى صفر