أسر حرصت على شراء ما يلزمها أسابيع قبل حلول الشهر الفضيل رغم أن غالبية الأسر المغربية توثر التحضير لرمضان، شهر العبادات، لكنه أيضا شهر «الشهيوات» بامتياز، أسابيع قبل حلوله، إلا أن الأيام الأخيرة التي تسبق حلول هذا الشهر الفضيل تشهد حركة خاصة، وتمر فيها ربات البيوت إلى «السرعة النهائية»، لجلب كل حاجياتهن من توابل بنكهات مغربية وشرقية وأحيانا غربية، ترضي أذواق الجميع وتجعل مائدة الإفطار خليطا من مطابخ العالم من شرقه إلى غربه، علاوة على التمور والفواكه الجافة وحلويات تغزو الموائد الرمضانية ولا تستقيم إلا بحضورها.بمجرد أن يصل شعبان إلى أسبوعه الثالث، تتسابق الأرجل صوب الأسواق والمحلات التجارية، التي تلبس زينة خاصة ترحيبا بهذا الشهر المبارك ويتنافس أصحابها من أجل عرض مميز للسلع والمواد الغذائية في ديكور خاص بغية جلب أكبر عدد من الزبائن الذين تزداد أعدادهم يوما عن آخر. محلات تهيء هي الأخرى لاستقبال شهر الصيام، ف»تستقطب» مستخدمين جددا يشمرون عن سواعدهم استعدادا لتلبية طلبات الزبناء المتزايدة على التوابل والفواكه الجافة، من لوز وجوز، وسمسم و... تؤثث أطباق «السفوف»، سيدة الأطباق الرمضانية، فتجد المحل الواحد استقدم أربعة مستخدمين، علاوة على صاحبه، كل بمهمة خاصة، ففيما البعض يسجل طلبيات الزبون يحرص الثاني على جلبها، والثالث يدقق ما إن كانت كاملة ويستقدم ما ينقص منها، إذا ما حصل سهو أو تقصير، وآخرون مهمتهم ملء أكياس التوابل والفواكه الجافة الفارغة بكميات أخرى، فيما صاحب المحل يقوم في نهاية «دورة العمل»، بتسليم الزبون فاتورة طلبياته، يرفقها بعبارات المباركة بمقدم الشهر المبارك.استنفار مطلق تشهده بدورها محلات بالفطائر ومختلف أنواع "الرغائف" ذات الحشوات المختلفة و»الشهيوات» المغربية، تجبر ربات البيوت اليوم على اقتنائها، إما تفاديا لجهد مضاعف بالنسبة إلى العاملات منهن، أو فقط من باب الرغبة في التغيير، والاستعاضة عن ساعات إضافية أمام فرن المطبخ، فيما تصطف طوابير المواطنين أمام محلات إعداد «الشباكية» و»المخرقة»، بمختلف أنواعها، وتنوع مقاديرها، فهذه، بالجوز وتلك باللوز و»الزعفران شعرة» وماء الزهر محلي الصنع، وتلك يتم استعمال العسل الحر فيها، والأخرى «ريجيم».. تستجيب جميعها لطلبات زبناء تختلف اختياراتهم كما قدراتهم الشرائية. وتيرة التبضع هذه، تبلغ درجاتها القصوى مع اقتراب حلول رمضان، وتنتقل فيه ربات البيوت إلى «السرعة النهائية» فقبل يومين على حلول رمضان، شهد سوق باب الأحد، أو «السويقة»، الاسم الذي يتداوله الرباطيون، نشاطا غير مسبوق. حركة كثيفة خاصة من قبل ربات البيوت اللاتي آثرن الخروج لاقتناء كل ما يلزمهن تحضيرا لاستقبال الشهر الفضيل، إذ تزاحمن على محلات وطاولات بيع مختلف أنواع التوابل والبهارات في مشهد يوحي للمار بمحاذاة السوق كما لو أن المدينة ستعاني نفاذ المواد المعروضة، فـ «توابل رمضان لها نكهة خاصة تستدعي اقتناء الجديد منها ولا يمكن إعداد أطباق رمضان دون نكهات هذه التوابل المميزة»، تقول امرأة أربعينية مخاطبة ابنتها الصغرى التي تذمرت من شدة الازدحام وطالبتها بالاستغناء عن شراء التوابل ماداموا يتوفرون عليها في منزلهم. طلبيات المهاجرين «الناس دارو ليكوموند (الطلبيات) من بكري وغادي يكونو وصلو ليهم من شحال هذا»، تقول الحاجة السعدية، واحدة من أشهر معدات الفطائر والمعجنات التي تحترف بيعها بالسوق المركزي للرباط، منذ سبعينات القرن الماضي، مؤكدة أنها حرصت بنفسها على إعداد طلبيات لأفراد الجالية المغربية المقيمة بمختلف الدول الأوربية، شهرين قبل اليوم، فزبناء الحاجة السعدية، ممن يقيمون بالديار الإيطالية والفرنسية قدموا فعلا طلبياتهم، كما جرت العادة منذ أبريل وماي الماضيين، «تحرقات لينا يدينا بالورقة والقلي»، تقول الحاجة السعدية مازحة، قبل أن تضيف «أعددنا كميات مهمة من السفوف والشباكية والمخرقة، والبريوات، وكعب غزال، وحتى من الورقة بنوعيها بالدقيق اللين وبالسميد، منذ أبريل الماضي، لأن زباءننا من الجالية يعلمون، أن الإقبال يزداد كلما اقترب شهر رمضان، ويخشون تبعا لذلك عدم تمكنهم من التوصل بـ«حقهم» من شهيوات البلاد، الله يكون في العوان الواحد فبلاد الغربة، كايجيه رمضان صعيب»، تضيف الحاجة السعدية. هجر المغلي
