ثورتا تونس ومصر تعيدان حزب الهمة إلى الواجهة

انتقادات إلى حزب الهمة وتشبيهه بحزبي بنعلي ومبارك بمجرد اندلاع ثورة تونس، وبعدها ثورة مصر، توجهت الأنظار إلى حزب الأصالة والمعاصرة، وانطلقت التصريحات تؤكد ضرورة "فرملة" "البام" تفاديا لوقوع مفاجآت. خطاب أزعج، بكل تأكيد، قيادة حزب الجرار التي تبرأت من احتمال تورطها في "كوارث" سياسية، وغضبت من التشبيهات التي لوحت بها بعض الأطراف سواء ضمنا أو بطريقة مباشرة في تصريحات إعلامية هنا وهناك. وإذا كان الكل يجمع على أن ما وقع في تونس ومصر مرده "هيمنة" الحزب الحاكم، الذي كان يخرج دائما من الانتخابات في الصدارة، ويحصل على أزيد من 90 في المائة من الأصوات، فإن الاحتجاجات والتظاهرات التي خرجت إلى الشارع فندت تلك الأرقام الرسمية التي كان يتبجح بها النظامين التونسي والمصري. فالممارسة السياسية الرصينة لا يمكنها أن تصدر من طرف يستفيد من "الامتيازات" المادية والمعنوية، ومن الدعم المستمر في السر وفي العلن. وما دفع بعض السياسيين إلى إثارة الموضوع، المكانة التي بات يحتلها الأصالة والمعاصرة، علما أنه لم يمر على تأسيسه سوى سنتين. وكان عبد الإله بن كيران، أمين عام حزب العدالة والتنمية، من بين الزعماء السياسيين الأوائل الذي تأجج غضبهم، وعبر عن مخاوفه من احتمال السقوط في مغبة الحزب الوحيد، في إشارة واضحة إلى حزب الأصالة والمعاصرة، الذي برأيه استفاد من دعم واضح للإدارة، وبالتحديد من وزارة الداخلية، وهي وجهة نظر أججت غضب أصدقاء فؤاد عالي الهمة، الذين استبعدوا أن يكونوا كذلك، معللين بأن "الساحة السياسية كانت فارغة"، وأن الأحزاب لم تقم بدورها، وكان من الضروري خلخلة المشهد الحزبي. كما رفض قياديو حزب "البام" تشبيههم بحزب زين العابدين بن علي أو حزب حسني مبارك، معتبرين أن نشأة الحزب كانت عادية، وربما بالنظر إلى تلك "الأوصاف" و"التشبيهات"، ظهر فؤاد عالي الهمة، مؤسس حزب الأصالة والمعاصرة، في لقاء عاجل عقدته حركة لكل الديمقراطيين، التي كانت سببا في بلورة ميلاد حزب "البام"، وإخراجه إلى الوجود بالطريقة المتفق عليها مع خمسة أحزاب صغرى. واجتمع أعضاء حركة لكل الديمقراطيين من جديد، وجلسوا للتأمل في واقع مولود ساهموا في مشروعه قبل سنتين، فكانت النتيجة ظهور قوي وبارز لحزب الأصالة والمعاصرة، مقابل انكماش وتراجع للحركة. وكان الحبيب بلكوش، كاتب عام الحركة، أوضح ل"الصباح"، أن ظروفا موضوعية كانت وراء تراجع أداء الحركة، لأن الظرفية كانت تحتم ضرورة إعطاء الاهتمام الكبير للحزب، ما اضطر الأخير إلى المشاركة في الانتخابات الجزئية التي أجريت مباشرة بعد ميلاده، كما اضطر إلى المشاركة في الانتخابات الجماعية الماضية، فكانت أجندته السياسية حافلة بالمحطات التي احتاجت الكثير من التحدي. إن ما وقع في كبرى المدن، خصوصا في مراكش وطنجة، وتمكن البام من الحصول على منصب رئاسة مجلس المدينة، أعاد "الإمكانيات" التي استفاد منها الحزب في هذه المحطات. وأدى ارتفاع عدد النواب المحسوبين على حزب الأصالة والمعاصرة في كل من مجلسي النواب والمستشارين إلى "اتهام" الحزب بإتقان عملية الاستقطاب، بل هناك من رأى في "البام" الحزب المتورط في استفحال ظاهرة الترحال التي تعالت الأصوات من أجل القضاء عليها. والملاحظ أن ثورتي تونس ومصر أثرت بشكل أو بآخر في تحركات حزب "البام"، الذي كان دائما يختار موقف المهاجم للحكومة مع التركيز على توجيه انتقادات لاذعة إلى عباس الفاسي، الوزير الأول والأمين العام لحزب الاستقلال، وباقي الوزراء المحسوبين على حزبه. ورغم التصريحات النارية التي لم يتوقف على إطلاقها عبد الإله بن كيران، أمين عام العدالة والتنمية، لم يبادر "البام" بالرد، كما كان يفعل في مناسبات سابقة، بل إن ما تم تناقله من أخبار بشأن اللقاء الذي عقده أخيرا الفاسي بالأغلبية والمعارضة، فإن الهجوم على البام في ذلك اللقاء لم يتصدى له عبد الحكيم بن شماس، نائب أمين عام "البام"، بطريقته المعتادة، وخفتت أصوات رفاق الهمة في الرباط بشأن الضغط على الاتحادي فتح الله ولعلو، عمدة العاصمة، ليفك ارتباطه وتحالفه مع مستشاري العدالة والتنمية، ما اعتبر مؤشرا على أن تعليمات أعطيت لرأب الصدع داخل الساحة الحزبية التي تتميز بالتعددية، وهو الأمر الذي يعطي قوة للمؤسسات ويجعلها قادرة على التفاعل مع متطلبات المجتمع، لأن ضبط الخريطة السياسية بتفضيل طرف على حساب أطراف أخرى، يولد حالة احتقان، ويبعد عن الحراك الطبيعي العادي المفضي إلى المبادرات وإلى المنافسة الشريفة. نادية البوكيلي

ثورتا تونس ومصر تعيدان حزب الهمة إلى الواجهة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

العدالة والتنمية والاستقلال يضعون البام في قفص الاتهام

الحزب الوحيد خطر يهدد التعددية بالمغرب

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات