هيمنة المقاولات الصغيرة على النشاط وتفاوت بين القطاعين المهيكل وغير المهيكل بات قطاع الخدمات يعرف تطورا ملحوظا، رغم التحديات التي يواجهها، والتي تفرض اليوم توحيد الجهود، وهيكلته لتلبية احتياجات السكان والاقتصاد بشكل فعال. وفي الوقت الذي كانت فيه الصناعة، تعتبر المحرك الرئيسي للتنمية الاقتصادية، تظهر المؤشرات الحديثة، أن قطاع الخدمات يشهد نموا ملحوظا، ودينامية سمحت بتنظيم أفضل وتصدير الخدمات، مع توفير فرص عمل. ورغم هذا التطور، مازال القطاع مجزأً، مع وجود تفاوتات كبيرة بين القطاعين المهيكل وغير المهيكل، كما تسود في القطاع المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة، التي تمثل أغلب الفاعلين، ما يطرح تحديا رئيسيا يتمثل في توحيد الجهود، وهيكلة القطاع لتلبية احتياجات السكان والاقتصاد بشكل فعال. وباتت إعادة هيكلة قطاع الخدمات أكثر إلحاحا في سياق المشاريع الكبرى المقبلة، خاصة تنظيم كأس العالم 2030، الذي قد يشكل رافعة لإعادة تنظيم وتطوير الخدمات على المستوى الوطني. وأوضح هشام السعدلي، رئيس فدرالية التجارة والخدمات، أن قطاع الخدمات يحتل مكانة مركزية في الاقتصاد الوطني، إذ يمثل 50% من الناتج الداخلي الخام، مشددا على ضرورة تطوير القطاع، الذي يوفر إمكانات كبيرة، من حيث توفير فرص العمل وتنشيط القطاعات الاقتصادية الأخرى. وأكد رئيس الفدرالية، في تصريحات سابقة، أهمية تعزيز الاستثمارات في تطوير الكفاءات، بالتوازي مع التكيف مع التقنيات الجديدة وإحداث بيئة مواتية للخدمات المبتكرة، معتبرا أن نهجا متكاملا ومتعدد الأبعاد ضروري لاستغلال هذه الإمكانات بشكل كامل. ولرفع هذه التحديات، تم إبرام اتفاقية إطار للشراكة بين الاتحاد العام لمقاولات المغرب وفدرالية التجارة والخدمات ووزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، بهدف إنشاء إطار تعاوني لدعم قطاع التجارة والخدمات، خاصة في مجالات التكوين والتشغيل وقابلية التوظيف. وتهدف هذه الشراكة الإستراتيجية إلى تعزيز قدرات رواد الأعمال الشباب، وتشجيع إدماجهم المهني من خلال الترويج لمبادرات تشجع ريادة الأعمال وإدماج الشباب في القطاع. وستتولى الوزارة قيادة ومتابعة تنفيذ الاتفاقية، مع تعبئة الشركاء الوطنيين والهيآت التابعة لضمان تنزيل مختلف محاور الشراكة، بينما يلتزم الاتحاد العام لمقاولات المغرب وفدرالية التجارة والخدمات بتعبئة الشركات في القطاع للمساهمة الفعالة في نجاح المبادرات، ووضع برامج توعية تهدف إلى تعزيز الإدماج الاقتصادي والتشغيل والتكوين المهني لدى الشركات المعنية.