الموثقون مستاؤون من صندوق تدبير الودائع

أمين الوزاني: نحتاج إلى حوار لتجاوز الهفوات المسجلة والمهنيون يخضعون لرقابة مزدوجة اعتبر أحمد أمين التهامي الوزاني، رئيس المجلس الوطني لهيأة الموثقين بالمغرب، أن القانون الجديد الذي دخل حيز التطبيق في نونبر 2012، مازال جنينيا ولم تصدر بعد كل مراسيم تطبيقه. وتحدث أمين التهامي الوزاني في حوار مع "الصباح» عن طريقة تدبير ودائع الموثقين والشكايات التي توصلت بها الهيأة وخلفت استياء بين المهنيين، كما دعا إلى حوار للتقييم وتدارك الأخطاء. ولم يفت رئيس المجلس الوطني للموثقين الحديث عن الاختلالات وجرائم النصب والمتابعات التي سجلت ضد الموثقين، كما خصص جزءا من الحوار للرقابة التي يخضع لها المهنيون. أجرى الحوار: المصطفى صفر أجريت أخيرا عمليات تفتيش لمكاتب الموثقين بمدن المملكة، هل تم رصد بعض الخروقات والتجاوزات؟ وما هي طبيعتها؟ الموثق طبقا للقانون الجديد يخضع لرقابة مزدوجة الأولى مهنية يشرف عليها موثقون مفتشون ينتمون إلى المجلس الجهوي والثانية يتولاها الوكيل العام للملك وممثل لوزارة المالية ورئيس المجلس الجهوي، ويمكن أن تتم بطريقة مفاجئة في بعض الحالات.وبخصوص نتائج التفتيش فإنها تتمحور إجمالا حول بعض المخالفات المهنية المرتبطة بالتأقلم مع المقتضيات القانونية الجديدة وحالات محدودة أكثر خطورة تتعلق باختلالات في الحسابات المالية. وفي كل الحالات يتم التعامل بحزم و طبقا للقانون مع كل هذه الملفات بتنسيق مع السلطات المختة.و أدعو المجالس الجهوية إلى ضرورة تعزيز عمليات المراقبة والتفتيش مع التأكيد على إعطائها الصبغة الدورية المستمرة لتصبح إجراء عاديا وليس استثنائيا وتتخذ بعدا وقائيا، وبيداغوجيا أكثر منه زجريا، تهدف في نهاية المطاف إلى حماية حقوق المواطنين و المهنيين على حد سواء، وذلك بالحرص على توحيد مناهج العمل والسهر على ضمان التنزيل السليم للمقتضيات القانونية والتنظيمية والقواعد المهنية وتقييم تداعيات هذه المقتضيات على تأهيل وتخليق المهنة. بدا أن التقييم الأولي للمجلس الوطني للموثقين لدور صندوق الإيداع والتدبير في حماية الودائع ليس ايجابيا؟ لا بد من التذكير في هذا الصدد أن مهنة التوثيق ومنذ المراحل الأولى لمناقشة "مشروع القانون» 32-09 أمام البرلمان كانت سباقة إلى المطالبة بوضع نظام بنكي جديد ينسجم مع النظام المحاسباتي للموثق ويحقق مبدأ الشفافية والتحصين وحماية الودائع، إذ قدمت مقترحات عملية لكل الأطراف المعنية في هذا الشأن.أوكل المشرع طبقا للقانون رقم 32/09 هذا الدور إلى صندوق الإيداع والتدبير بناء على التزام صريح وواضح بتحقيق الأهداف المرجوة وفق أجندة زمنية محددة. هذا عن المشرع ماذا عن الاستياء؟ المجلس الوطني بصدد إطلاق عملية تقييم شمولية مبنية على أسس علمية وموضوعية، وذلك وفقا للاتفاقية الموقعة مع هذه المؤسسة تحت إشراف وزارة العدل والحريات، من أجل الوقوف على مدى وفاء الصندوق بالتزاماته وقدرته على تحمل مسؤولية تدبير الودائع بما يخدم مصالح المواطنين والمهنيين. ولن أبالغ إذا قلت إن الإرهاصات الأولى لعملية التقييم هاته تشير الى وجود ثغرات في تدبير الودائع مع ما يترتب عن ذلك من مسؤوليات على عاتق الموثقين.ورغم أن عملية التقييم لم تنته بعد، إلا أننا قلقون جدا بخصوص ما توصل به المجلس إلى حد الآن من شكايات مرفوعة من عدد من الموثقين الذين كانوا ضحية الأخطاء المتكررة للصندوق من شأنها المس بسمعة المهنة وزعزعة ثقة المواطن فيها.وأعتقد أن الحاجة ملحة للجلوس حول طاولة الحوار مع كل من وزارة العدل والحريات ومؤسسة صندوق الإيداع والتدبير من أجل تقييم الضمانات الممنوحة من قبل الصندوق ووضع تصور بخصوص الصيغ الممكنة لتحصين ودائع الزبناء وتجاوز الهفوات المسجلة، ولم لا البحث عن بدائل قانونية ومؤسسية أكثر نجاعة وفعالية. كيف ترون مهنة التوثيق في ظل القانون الجديد المنظم لها؟ في الحقيقة ما زال القانون الجديد جنينيا، إذ لم يدخل حيز التنفيذ إلا في نونبر من سنة 2012. المراسيم التطبيقية المرتبطة به، لم يتم إصدارها كلها، ولكن إجمالا نعتبره قانونا يؤسس لانطلاقة جديدة للمهنة بفضل مجموعة من المبادئ والمقومات والآليات التي يتضمنها، كإقرار إجبارية التأمين على المسؤولية المدنية، وإحداث هياكل تدبيرية ذات صلاحيات تقريرية واستشارية وتعزيز دورها في تكريس مبادئ التخليق والحكامة الجيدة وحماية وتأطير الموثقين، فضلا عن إعادة النظر في تدبير صندوق ضمان الموثقين، بما يحقق الأهداف التي أحدث من أجلها، وفي نظام تدبير ودائع الزبائن بما يحقق حماية مصالح المتعاملين مع المهنة. ولابد أن ننوه هنا بوضع القانون الجديد لقواعد محكمة فيما يخص تنظيم الولوج إلى المهنة.ورغم المؤشرات الإيجابية التي أصبحنا نلمسها بشكل تدريجي منذ دخول القانون 32-09 حيز التطبيق، إلا أنه لا يمكننا اليوم إعطاء تقييم موضوعي ونهائي لهذا القانون، طالما أن المراسيم التنظيمية لم تصدر كلها بعد، ناهيك عن التعثر المرتبط باحترام صندوق الإيداع والتدبير لالتزاماته المتفق بشأنها والمتعلقة بشروط وضوابط تدبير الحسابات المهنية للموثقين. هناك عدة مشاكل وشكايات سجلت لدى المحاكم ضد موثقين متهمين بالنصب وخيانة الأمانة، كيف تفسرون ذلك؟ صحيح هناك مشاكل وشكايات وهناك قضايا أمام المحاكم تهم بعض الموثقين. لكن أعتقد أنه يتم تهويل الأمر أكثر من اللازم. فاللجوء إلى القضاء حق دستوري، والشكايات أحد آلياته، والقضاء وجد لحماية المجتمع ولحماية الحقوق. لكن لما نتحدث عن هذا الموضوع فمن باب الإنصاف أن تقدم الإحصائيات الدقيقة المرتبطة أولا بعدد الشكايات ومصادرها ومواضيعها، وثانيا بعدد الشكايات التي تم حفظها، وثالثا بعدد المتابعات وأخيرا بعدد الإدانات المرتبطة بها. ومن بين حالات الإدانة لابد أن نميز بين الضرر الحاصل بفعل عملية نصب واحتيال أو خيانة الأمانة، وبين الضرر الناتج عن أخطاء مهنية أو نتيجة وقوع المهني نفسه ضحية نصب واحتيال. ولابد أيضا من مقارنة عدد الإدانات مع عدد العقود التي ينتجها الموثقون سنويا و التي تتعدى 240000.< أنتم راضون إذن بهذه المقارنة. هذه هي مقومات القراءة الموضوعية للواقع. لكن هذا لا يعني أننا راضون عما نسمعه بين الفينة والأخرى من حالات تمس بمصداقية المهنة وشرفها، فمهنة التوثيق هي مهنة الثقة و الأمانة وتحصين الحقوق و تحقيق الطمأنينة وحماية المصالح والممتلكات. فحتى لو كانت الحصيلة هي إدانة واحدة فقط، لاعتبرنا ذلك أمرا مشينا ويؤثر على مصداقية المهنة. لذلك جعلنا من مبدأ التخليق قضية مصيرية وإستراتيجية. وهنا لابد من التذكير أن جل القضايا المعروضة على المحاكم اليوم ترتبط أساسا بضعف وغموض الإطار التشريعي السابق الذي ما زلنا ندبر للأسف تداعياته السلبية. جشع بعض ممتهني مهنة التوثيق دفع بهم إلى التلاعب بودائع المواطنين والنصب عليهم؟ الجشع و النصب والاحتيال والفساد بصفة عامة هي من الظواهر والأعطاب التي يعانيها المجتمع بصفة عامة. ومهنة التوثيق وغيرها من المهن جزء من هذا المجتمع. والقضاء على الفساد كليا، أعتقد أنه أمر شبه مستحيل. لكن الشيء الأكيد هو أنه مع دستور 2011 دخل المغرب مرحلة المواجهة الفعلية لكل أشكال الفساد وبمختلف تجلياته، والمقاربة القانونية تعتبر أحد المداخل الأساسية لمواجهته وتجفيف منابعه. والقانون الجديد المؤطر للمهنة أقر جملة من الآليات والإجراءات والمقتضيات الهادفة بشكل أساسي إلى تحصين وحماية ودائع وحقوق المتعاملين مع المهنة. كما أن المجلس الوطني وكل المجالس الجهوية تضع في مقدمة أولويات برامج عملها مسألة تخليق المهنة من خلال الحرص على التقيد الصارم بالمقتضيات القانونية والقواعد المهنية وأخلاقيات المهنة والسهر على نشر ثقافة جديدة في أوساط المؤهلين للانتساب إلى المهنة من خلال تنظيم ندوات ودورات للتكوين والتكوين المستمر. باعتباركم ممثلا للمجلس الوطني للموثقين كيف تفسرون امتهان عدد من الموثقين للسمسرة و الوساطة؟ بالنسبة إلى هذا الموضوع، القانون واضح وصريح وجرم هذه الممارسات في المادة 90. كيف ذلك؟ صحيح أننا نسمع هنا و هناك كلاما من هذا القبيل، لكن هناك صعوبة حقيقية في الإثبات، ولم يسبق للمجلس الوطني أو المجالس الجهوية أن وقفت على خروقات من هذا المستوى أو توصلت بشكاية مرتبطة بتهمة ممارسة السمسرة أو الوساطة من قبل أي موثق. ولهذه المناسبة أدعو كل مواطن وقف على ممارسة من هذا النوع أن يبلغ المجلس الجهوي أو النيابة العامة. ماهي المعايير المعتمدة لاختيار مكاتب الموثقين التي تخضع لتفتيش المجالس الجهوية؟< في الحقيقة ليست هناك معايير محددة. الأولوية تعطى للمكاتب التي توصلنا بخصوصها بشكايات. يتبين بعد دراستها أنها مبنية على أسس متينة وتثير الشبهات.فيما عدا ذلك تنظم عمليات تفتيش بشكل متواصل لمكاتب مختلفة.وتجاوزا لكل لبس ولكل شطط محتمل نحن بصدد وضع برامج وضوابط موضوعية و محددة لعمليات التفتيش. وفي إطار تكريس مبدأ الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة سوف يبت قريبا المجلس الوطني في مبدأ خضوع كل أعضاء المجلس الوطني والمجالس الجهوية والمرشحين لتولي مهام التفتيش بالأسبقية للمراقبة والتفتيش من قبل الوكلاء العامين للملك ولا أعتقد أن أحدا من الأعضاء المنتخبين سيعارض هذا المقترح. ما مآل الشكايات التي تتلقاها الهيأة والتي يُتهم فيها الموثق بالنصب والاحتيال؟ المجلس الجهوي يتلقى الشكايات إما مباشرة من المواطنين أو تحال عليه من قبل الوكيل العام للملك.وفي كلتا الحالتين يبدي رأيه بخصوص النقط الواردة في الشكاية ويرفع تقريرا الى الوكيل العام للملك، والأخير، حسب درجة الخطورة ، يحيل الشكاية إما على القضاء أو على أنظار اللجنة التأديبية المنصوص عليها في المادة 11 من القانون. وللإشارة، فهذه اللجنة عقدت منذ دخول القانون حيز التنفيذ 16 اجتماعا متعلقا بالبت في المتابعات التأديبية، درست خلالها 33 ملفا وأسفر ذلك عن توقيف موثقين (2) وتوبيخ آخرين(2) فيما منحت البراءة ل 11 موثقا. صندوق ضمان الموثقين بخصوص صندوق ضمان الموثقين هل فعلا يعتبر بمثابة ضمان لودائع الضحايا في حال عدم تسديد الموثق المبالغ التي في ذمته لفائدتهم؟. بالإضافة إلى الآليات القانونية للحماية القبلية لحقوق المتعاملين مع المهنة يشكل صندوق ضمان الموثقين الآلية الأساسية للحماية البعدية. وهذه الآلية وضعت لتعويض المتضررين في حال إعسار الموثق أوعدم توفره على التأمين. في ظل القانون القديم كان هناك تعثر حقيقي في تفعيل هذا الدور حيث لم تعوض حسب علمنا سوى حالات محدودة جدا.اليوم هناك حرص مشترك بين وزارة العدل والحريات والهيأة التي أصبحت شريكا في تدبير هذا الصندوق، من أجل وضع الآليات الكفيلة بضمان التفعيل السريع لمبدأ التعويض و إضفاء المرونة اللازمة على مساطره، وهذه هي الفلسفة التي نشتغل فيها مع الوزارة الوصية من أجل بلورة المرسوم المرتبط بإحداث هذا الصندوق طبقا للمادة 94 من القانون. في سطور - رئيس المجلس الوطني للموثقين بالمغرب- عضو دائم بالاتحاد الدولي للتوثيق- حاصل على وسام شرف من الاتحاد الدولي- له إسهامات عديدة على المستوى الوطني والدولي في مجال تنظيم المهنة والدفاع عنها- مثل الهيأة الوطنية للموثقين في الإعداد للقانون الجديد للمهنة.- موثق مزاول بالرباط

الموثقون مستاؤون من صندوق تدبير الودائع

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"طاس" تفتح الملف المغربي الثلاثاء

مقتـل أستـاذ بتطـوان

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات