أجمع خبراء، أثناء اللقاء الدولي المنظم، أخيرا بمراكش، في إطار الدورة الرابعة للمؤتمر الوزاري العالمي للسلامة الطرقية، على أن تقوية العلاجات، بعد الحوادث، تعد رافعة أساسية لتقليص الآثار الناجمة عن حوادث الطرق. واتفق الخبراء على ضرورة إرساء مقاربة شاملة تدمج التكفل الطبي وإعادة التأهيل ودعم الضحايا، قصد تخفيف آثار الحوادث على الصحة العمومية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، مشددين على أن التدخلات السريعة والملائمة تمكن من تقليص خطورة الجروح وتحسين فرص البقاء على قيد الحياة بالنسبة إلى الضحايا. وبعيدا عن لقاء الخبراء، الذي حضرته وفود رسمية دولية يقودها أزيد من 100 وزير للنقل والداخلية والبنية التحتية والصحة، من مختلف دول العالم، صدر، في الأسبوع نفسه، الذي نظم فيه اللقاء الدولي، بلاغ عن حصيلة حوادث السير، ورد فيه أنه من 10 إلى 16 فبراير الجاري، لقي 13 شخصا مصرعهم، وأصيب 2876 آخرون بجروح، إصابات 93 منهم بالغة، في 2160 حادثة سير سجلت داخل المناطق الحضرية. وإن كانت أسباب الحوادث معروفة ومختصرة في عدم انتباه السائقين، وعدم احترام حق الأسبقية، والسرعة المفرطة، وعدم انتباه الراجلين، وعدم ترك مسافة الأمان، وغيرها من التجاوزات المعيبة لقانون السير، فإن معظم الوفيات، تنجم عن ضعف التدخلات الطبية، وبطء وتيرة نقل المصاب إلى المستشفى، وحالة المستعجلات بجل المؤسسات الصحية. السويد وغيرها من الدول الغربية، التي استعرضت تجربتها في لقاء مراكش، تعتمد بالإضافة إلى التوعية والتحسيس والزجر، على مستشفيات متنقلة، أي أن المصاب في حادث السير، لا ينتظر وصول سيارة الإسعاف، بل ينتقل فريق متخصص في الطوارئ الطبية، إلى مكان وقوع الحادث، وتنصب خيمة ويتم الشروع في تقديم الإسعافات الأولية ووقف النزيف، وغيرها من التدخلات الطبية. عندنا غالبا ما تتأخر سيارة الإسعاف في المناطق الحضرية، أما في المناطق القروية التي تعرف حوادث خطيرة، فإن الاتصالات قصد التدخل والإسعاف تستمر وقتا، للبحث عن سيارة إسعاف تابعة لجماعة قروية قريبة من الموقع، ما يستغرق مدة طويلة، حينها يكون النزيف الدموي قد فعل فعلته، وفي حال إيصال المصاب إلى أقرب مستشفى عمومي، فإنه يلقى مصيرا آخر، من قبيل عدم وجود أجهزة الأشعة و"السكانير"، والتوصية بنقله إلى مستشفى آخر بعيد، بواسطة سيارات لا تتوفر على مقومات الإسعاف. جميل أن يتم احتضان مثل هذه اللقاءات الدولية لمقاربة التجارب والاستفادة منها، لكن الأجمل أن نوفر بنيات تحتية طبية مندمجة، تتوفر على كل الأجهزة الكفيلة بإنقاذ الأرواح، لا على بنايات مكتوب عليها عبارة "مستشفى"، بينما تفتقد لأدنى شروط الاستشفاء والتدخلات الطبية. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma