جمعيات "تلهف" الملايير مقابل تكاوين وهمية للشباب وأبحاث ترسل المتورطين للسجون كشفت لجن يرأسها مسؤولون جهويون بقطاع التكوين المهني الخاضع لوصاية وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، فضائح كبيرة بالأموال المرصودة لقطاع التكوين المهني من أجل تكوين وتأهيل الشباب للحصول على فرص شغل، لكن هؤلاء جعلوا من الاتفاقيات المبرمة "بقرة حلوبا" لنهب الأموال المخصصة لهذه المبادرة. إنجاز: عبد الحليم لعريبي لمواجهة البطالة سنت الوزارة المعنية بقطاع التشغيل والتكوين المهني، إجراءات بهدف تكوين الشباب المنقطع عن الدراسة أو الذي حصل على دبلومات من مؤسسات لا تؤهل لسوق الشغل، لتوقع اتفاقيات مع جمعيات نشطة من أجل تكوين الشباب في قطاعات معينة. وتبقى الحرف اليدوية كالفصالة والخياطة والفندقة والترصيص والصباغة والحلاقة من أولويات التكاوين التي تصرف عليها وزارة التشغيل أموالا باهضة، مقابل سهر هذه الجمعيات على تكوين الشباب، لكن العديد من التحقيقات تشير إلى أن الأموال المرصودة لم تذهب في طريقها الصحيح إلى تكوين الشباب، بل عمدت جمعيات إلى اختلاسها وتزوير شهادات وتداريب لإيداعها بالوزارة قصد الحصول على الدعم. التكوين بالتدرج يعتبر التكوين بالتدرج آلية مبتكرة لمنح الشباب فرصة تعلم حرف تؤهلهم لسوق الشغل، بعدما اقترحته الوزارة الوصية على القطاع لمواجهة شبح البطالة، قبل 15 سنة بموجب قانون رقم 12.00 يرتكز على تكوين تطبيقي يتم أساسا بالمقاولات بنسبة 80 في المائة على الأقل من مدته الإجمالية المحددة في 11 شهرا، إضافة إلى تكوين نظري تكميلي عام بنسبة 10 في المائة على الأقل من مدته، منظم بمراكز مخصصة للتكوين المهني بالتدرج. تلاعب بعقود 700 شاب يواجه قطاع التكوين المهني فضيحة بالرباط، انتهت الأربعاء الماضي، بإدانة أربعة متهمين من قبل غرفة الجنايـــــات الاستئنافية المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بالرباط، بعد تلاعب في لوائح 700 شاب، في إطار التكوين بالتدرج، استفاد المتهمون نيابة عن المرشحين من أموال باهظة، من الوزارة المعنية بقطاع التشغيل، ويوجد ضمنهم موظف بالأوقاف والشؤون الإسلامية، وأستاذ للتعليم الخصوصي ومتقاعد من التعليم العمومي. شكاية تفضح المستور فضحت شكاية المندوب الجهوي للتكوين بالرباط النازلة، بعدما توجهت لجنة تفتيش إلى مقاولات لمعرفة مدى استفادة المشمولين بالتكوين في مختلف الحرف، بعدما أبرمت المندوبية الجهوية للتكوين للجهة الشمالية الغربية شراكات مع جمعيات حاصلة على المنفعة العامة، من أجل تقديم تمويل مالي لها، عبارة عن مبالغ جزافية تتراوح ما بين 3000 درهم و4000 عن كل متدرب. الفرقة الجهوية تدخل على الخط دخلت الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بالرباط، على الخط بتعليمات من الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط المختص ترابيا في قضايا المال العام، وأظهرت التحريات الأولية أن عقود التكوين تلزم الجمعيات بتوفير مراكز للتكوين مخصصة لمواكبة الشباب خلال مراحل تكوينهم في مجالات مهنية مختلفة، كما توفر أيضا مكونين مؤهلين في المهن المبرمجة، وتعقد كذلك شراكات مع المقاولات والشركات العاملة في قطاعات متنوعة، خصوصا القطاعات التي يحتاجها المتدرجون لصقل معارفهم وتطوير مداركهم، من جهة، وأن تكون مطلوبة في سوق الشغل، من جهة ثانية. أصحاب مقاولات ينكرون التكوين أثناء الاستماع إلى مسؤولين عن فنادق كبرى بالرباط وتمارة ومقاولات أخرى، ومدير مسرح محمد الخامس، عن مدى ولوج المتكونين لهذه المقاولات، أجابوا بالنفي، مستغربين إدراج أسماء مقاولاتهم في برنامج التكوين بالتدرج. اتفاقيات كشف المندوب الجهوي لضباط الفرقة الجهوية أن مندوبيته أبرمت ثلاث اتفاقيات للشراكة همت الأولى تكوين وتدريب 280 متدرجا وتلقى القائمون عليها 100 مليون، والاتفاقية الثانية تكوين 210 متدرجين وتوصل المشرفون على 85 مليونا، أما الاتفاقية الثالثة فنصت بدورها على تكوين 210 شباب أيضا بمقابل 63 مليونا، لكن أثناء تفحص الاتفاقية تم العثور على معطيات متضاربة تتعلق بأسماء المقاولات المستقبلة للمتدرجين. وجرى الاستماع إلى عدد من الشباب المرشحين فأكد أغلبهم صعوبات في الحصول على التكوين وأنهم أدوا واجبات انخراط محددة في 1300 درهم، لكن المشرفين على البرنامج منحوهم دبلومات للتكوين في مجالات مختلفة دون تكوينهم. وكشف المندوب أن لجنة تفتيش توجهت نحو المقاولات المكلفة باستقبال الشباب، فتبين لها ألا علاقة لها بالتكوين بالتدرج ولم يسبق لها أن استقبلت متكونين في إطار برنامج التكوين المذكور. ووجهت إلى ثلاثة متهمين جرائم اختلاس أموال عامة وصنع إقرار أو شهادة تتضمن معطيات كاذبة، فيما الرابع يواجه المشاركة في ذلك. فضيحة أخرى بتطوان أطاح اختلاس وتلاعب بأموال، مخصصة لمنقطعين عن الدراسة، بمدير جهوي للتكوين المهني بجهة فاس مكناس، ومدير مركز للتكوين عبر التدرج المهني بتطوان، ومالك شركة وابنه، وخبير قضائي محلف بمحكمة الاستئناف بطنجة، ومحاسب مستقل، وأستاذ متقاعد، أحيلوا على غرفة جرائم الأموال الابتدائية بالرباط، بعد الانتهاء من التحقيق معهم، في جرائم اختلاس وتبديد أموال عمومية موضوعة تحت تصرفهم والمشاركة في ذلك. مقاولون يفضحون المستور فجر الفضيحة سبعة مقاولين ذاتيين، بعدما تقدموا بشكاية أمام النيابة العامة، يؤكدون فيها أن مسؤولين بالتكوين المهني وصاحب شركة، يترأس جمعية التنمية والمحافظة على الصناعة التقليدية بتطوان، أنجزوا وثائق محاسبات لعرضها على مصالح الدولة، تفيد تكوينهم لشباب بمقابل مالي بجماعة الواد بني حسان، وأيضا بجبل درسة وسط المدينة، قبل أن يحال الملف على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، عبر مكتبها الجهوي بالرباط، التي باشرت أبحاثا تمهيدية انتهت بإيداع مقاول، يملك شركة للنجارة، وابنه، أمين مال الجمعية، رهن الاعتقال الاحتياطي بسجن العرجات 2، كما تابعت قاضية التحقيق المكلفة بجرائم الأموال مندوبا جهويا للتكوين في حالة سراح، كان يشتغل مديرا إقليميا بتطوان، وخبيرا قضائيا محلفا لدى محكمة الاستئناف بطنجة، ومحاسبا مستقلا، ومتقاعدا من التعليم، ووضعت مدير مركز للتكوين والتدرج المهني رهن المراقبة القضائية، مع إجباره على تنقيط اسمه يوميا لدى مصالح الشرطة. اتهامات وجهت الاتهامات إلى رئيس الجمعية وابنه باستغلال أموال الدولة للاغتناء غير المشروع ونهب المساعدات، التي يقدمها القطاع العام والخاص، نتج عنه اختلاس أموال عمومية. وتلقت الجمعية دعما ماليا من قطاع التكوين المهني والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية والمجلس الإقليمي لتطوان ومؤسسات خاصة، قصد تكوين المنقطعين عن الدراسة، والذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 سنة و30، بدعم مالي لتكوينهم في الخياطة والنجارة العامة والحدادة الفنية والحلاقة وصنع الحلويات، قبل أن يدرجوا متدربين وهميين بمقاولات. تقارير ملغومة أنجز المتهمون تقارير مالية بأداء الجمعية المكلفة مبالغ مالية لفائدة المقاولات الوهمية، ليستولي عليها الرئيس وابنه، إضافة إلى تضمين صرف مستحقات لفائدة أساتذة الجمعية، رغم أن العديد منهم نفى، أمام الفرقة الوطنية، تلقيه أموالا، مشددين على أن أعمالهم كانت بصفة تطوعية. وتوبع المدير الجهوي للتكوين بجريمة تبديد أموال عمومية، فيما يتابع رئيس الجمعية وابنه ومدير مركز التكوين بالتدرج المهني والمتقاعد بالتعليم، بجنايتي اختلاس وتبديد أموال عمومية موضوعة تحت تصرفهم بمقتضى وظيفتهم، فيما يتابع المحاسب المستقل والخبير القضائي بجريمة المشاركة في الاختلاس والتبديد. عقوبات أصدرت غرفة جرائم الأموال الابتدائية لدى محكمة الاستئناف بالرباط، عقوبات حبسية في حق المتابعين في تلاعبات بأموال ذوي السوابق المدمجين والمنقطعين عن الدراسة، ضمن إعادة التكوين والتأهيل. ونال مدير شركة عقوبة سنتين ونصف سنة حبسا نافذا، في حين عوقب ابنه بسنتين حبسا نافذا، وإعادة 80 مليون سنتيم، أما مدير جهوي للتكوين، فجرت إعادة تكييف الجريمة له من تبديد أموال عمومية إلى الإهمال الخطير، وقضت في حقه بعقوبة ستة أشهر موقوفة التنفيذ، بعدما اقتنعت الهيأة القضائية بتركه لملايين سائبة في يد المكلفين بإعادة الإدماج والتدرج المهني، كما قضت في حق اثنين بعقوبة سنة موقوفة التنفيذ، وغرامات في حق الجميع تراوحت ما بين مليون ونصف المليون سنتيم ومليونين، ونال اثنان البراءة. الراجي... عدم التساهل يظهر الأستاذ عبد العزيز الراجي، الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، عدم تساهله مع قضايا الاختلاس وتبديد الأموال العمومية، سيما حينما يتعلق الأمر بنهب أموال مشاريع الشباب، وسبق أن أمر قاضية التحقيق رئيسة الغرفة الخامسة المكلفة بالتحقيق والبحث في جرائم الأموال بالمحكمة نفسها، بإيداع أربعة مسؤولين رهن الاعتقال الاحتياطي بسجن تامسنا في فضيحة تكوين 700 مستفيد. وبعدما برأت غرفة الجنايات الابتدائية قبل أشهر، واحدا من المتهمين الأربعة، استأنف الوكيل العام للملك المتابعة، أمام غرفة الجنايات الاستئنافية المكلفة بجرائم الأموال بالرباط، برئاسة الأستاذ عبدالنبي اركيك رئيس الغرفة، وأعاد إدانته مساء الأربعاء الماضي، بسنتين حبسا في حدود سنة نافذة وأخرى موقوفة التنفيذ. وجاءت مذكرة الطعن بالاستئناف في الحكم، معززة بمجموعة من المعطيات التي كشفتها الأبحاث التمهيدية والتفصيلية، وبأن نيل أحد المتهمين الرئيسيين البراءة يبقى في غير محله، لتطلب النيابة العامة مساء الأربعاء الماضي في مرافعتها إدانته، وفق فصول المتابعة، إسوة بباقي زملائه الذين وضعوا في وقت سابق رهن الاعتقال الاحتياطي ويقتربون من إنهاء العقوبات الصادرة في حقهم. وأدين زملاء الفاعل، بداية يوليوز الماضي، بعقوبة سنتين حبسا نافذا وتعويض لفائدة الجهة المتضررة بـ 110 ملايين سنتيم، بعدما اقتنعت المحكمة بالاتهامات المنسوبة إليهم في الواقعة، قبل أن تؤيد الغرفة هذه الأحكام وتدين المبرأ بعقوبة سنتين حبسا في حدود سنة نافذة، كما أيدت التعويض المدني للجهة المتضررة من تلاعبات المال العام، وتكون الغرفة الاستئنافية بذلك أقفلت الملف في انتظار مرحلة النقض. وأدخلت الغرفة الاستئنافية المدان الجديد ضمن المؤدين للمبلغ المالي المحكوم به لفائدة الجهة المطالبة بالحق المدني، وأن يؤديه تضامنا مع المتهمين الثلاثة، حسب اليسر والعسر في ما بينهم.