جامعة السلة… طريق المجهول

كثر الحديث عن تورط أعضاء بالمكتب التنفيذي للجامعة الملكية المغربية لكرة السلة، في مقدمتهم الرئيس مصطفى أوراش، في اختلاس وتبديد أموال عمومية محصلة من المنح المقدمة من قبل قطاع الرياضة، استدعى إجراء ثلاث خبرات، واحدة منها من قبل القطاع نفسه، ودفعت اللجنة المؤقتة الثانية التي ترأسها عبد الرزاق العكاري، إلى وضع شكاية لدى محكمة جرائم الأموال بالتهمة ذاتها، وواحدة بأمر من هيأة الحكم، والثالثة بأمر قضائي من المتهم نفسه. إعداد: صلاح الدين محسن أسفرت التقارير الثلاثة عن وجود اختلالات مالية خطيرة، كانت وراء تقديم ثلاث شكايات بالرئيس وأعضاء معه في المكتب التنفيذي لجامعة السلة، كلها مطروحة على أنظار القضاء، بعد مرورها من مرحلة التحقيق التفصيلي، واستماع الفرقة الوطنية للشرطة القضائية لجميع الأطراف، سيما أن آخر تقرير كشف صرف أربعة ملايير و316 مليونا و178 ألفا و118 سنتيما غير مبررة، خلال الفترة بين 2013 و2017. فكيف صرفت تلك الأموال وأين ومتى، وماذا أضافت لكرة السلة الوطنية، وما هي النتائج التي حصلت عليها في السنوات المذكورة؟ ملفات أمام جرائم الأموال انطلقت أولى حلقات هذا المسلسل القضائي، الذي اقترب من نهاية عقده الأول، عندما أعفى الرئيس أوراش عددا من الأعضاء السابقين بالجامعة الملكية المغربية لكرة السلة من مهامهم بالمكتب التنفيذي، واستقالة اثنين منهم قبل تقديمهما شكاية ضد الرئيس بتهمة اختلاس وتبديد أموال عمومية وخيانة الأمانة، لدى محكمة جرائم الأموال بالرباط، في فبراير 2017، ويتعلق الأمر بحسن شملال ونور الدين بلعوباد، قبل أن تنضم إليهما الدولة في مارس 2020، في شخص رئيس الحكومة ووزير الثقافة والشباب والرياضة، في عهد الوزير السابق للشباب والثقافة والرياضة رشيد الطالبي العلمي، الذي كان له دور في إعطاء هذا الملف حجمه الحقيقي، بناء على نتائج الافتحاص التي أمر بها لثماني جامعات رياضية منها جامعة السلة، وأسفرت عن وجود اختلالات خطيرة، دفعته لمطالبة اللجنة المؤقتة بمتابعته، قبل أن يضم القضاء الملفين في ملف واحد. وتعززت المتابعات بشكاية ثالثة من قبل عامر اشعايبي، رئيس اتحاد تازة لكرة السلة، بوضع شكاية ضد المتهم ذاته، بتبديد واختلاس أموال عمومية لدى المحكمة نفسها، في 2023، بعد أن توصل بتقارير الخبرة المنجزة من قبل مكتب خبرة دولي أمر بها الطالبي العلمي، والخبرة القضائية التي أنجزت في عهد اللجنة المؤقتة في 2020، قبل أن يصدر تقرير الخبرة القضائية، الذي أمرت به الهيأة القضائية في محكمة جرائم الأموال، والذي شكل القشة التي قصمت ظهر البعير، بسبب إقرارها بوجود نفقات بقيمة أربعة ملايير و316 مليونا و178 ألفا و118 سنتيما، دون أن تكون مبررة بوثائق رسمية. تقارير افتحاص صادمة كشفت تقارير افتحاص مالية الجامعة الملكية المغربية لكرة السلة وجود اختلالات مالية خطيرة، منها ما قامت به الوزارة في إطار افتحاص مالية عدد من الجامعات الرياضية، ومنها ما أمرت به المحكمة، ضمنها قرار رئيس المحكمة الإدارية بالرباط في 25 يوليوز 2019 ، في ملف 688/7102/2019، بإجراء خبرة منه قبل الخبير في المحاسبة والتدقيق عبد الرحمان لعروصي. وأبرزت خبرة لعروصي خلاصات تثبت عيوبا في تدبير ميزانيات الجامعة، أحصاها بدقة في تقريره عن المواسم المطلوبة، وتحديدا في الفترة بين 2016 و2019، إذ أكد أن مصالح الجامعة لا تمسك محاسبة بالمعنى القانوني، فخالفت المخطط العام للتنميط المحاسبي المحدث بقرار وزير المالية بتاريخ 18 غشت 1986، ونتج عن ذلك غياب قاعدة المعلومات وعشوائية في تسيير المؤسسة. وكشف الخبير المذكور غياب الشفافية في عملية تلك المحاسبة، نتيجة عدم توفير نظام تقني لدى مصالح الجامعة المعنية، وهو ما يفيد غياب السجلات والدفتر اليومي لضبط وتسجيل المداخيل والنفقات المتعلقة بمرفق عام يتولى تدبير قطاع حيوي له موارد ويتحمل مصاريف. ومن أخطر ما ظهر للخبير أن ثمة نفقات ومصاريف لا ترتبط بطبيعة نشاط الجامعة، الشيء الذي شكل تبديدا واضحا للمال العام، كما هو الشأن بالنسبة إلى تسديد المصالح المالية للجامعة مستحقات لاعبة أجنبية، وهي نفقة لا يمكن تبرير صرفها من قبل الجامعة، لأن رئيس الجامعة هو نفسه رئيس الفريق المذكور. ووقف الخبير على مبالغ مالية خيالية صرفت على تذاكر الطيران و منح اللاعبين التي دفعت مسبقا، فضلا عن وجود ديون لفائدة موظفين بالجامعة، وغير مدرجة في التقارير المالية السابقة وتولى ذكرها في الصفحة 10 من التقرير وبلغ مجموعها 224 مليونا و715 ألفا و980 سنتيما. وأكد آخر تقرير أمرت به محكمة جرائم الأموال المنجز من قبل نجوى بوضهر، الخبيرة الوطنية المحلفة لدى محاكم المغرب في مراجعة وتدقيق الحسابات، في ملف عدد 15/2623/2020، المتابع فيه مصطفى أوراش من قبل محكمة جرائم الأموال بالرباط، أن أوراش أنفق خلال الفترة بين 2013 و2017 أربعة ملايير و316 مليونا و178 ألفا و118 سنتيما، ضمنها ثلاثة ملايير و998 مليونا و439 ألفا و573 سنتيما غير مبررة، أي لا تؤكدها وثائق، إذ قدرت نسبتها بأكثر من 90 في المائة، في الوقت الذي بلغت النفقات المبررة 173 مليونا و738 ألفا و545 سنتيما فقط. فواتير مثيرة أثبت بعض المشتكين والشهود أثناء التحقيقات وجود فواتير مثيرة للجدل، بالنظر إلى طبيعتها، أو عدم معاينتها من قبل الأعضاء، أو تهم مؤسسات أخرى لا علاقة لها بالجامعة، ومن جملة هذه الوثائق العثور على فاتورة بقيمة 20 مليونا لا تحمل اسم الجامعة، اكتشفها نورالدين بلعوباد، أحد المشتكين في الملف، ورغم ذلك طلب رئيس الجامعة من المحاسب المكلف بإعداد التقارير المالية للجامعة بإدراجها على أساس تنظيم تظاهرة بكلميم، وعن التعويضات المسلمة للأعضاء الجامعيين دون وجه حق، إضافة إلى إحداث مهام مثل مصور خاص لرئيس الجامعة بأجر شهري في حدود ستة آلاف درهم، اشترى له معدات للتصوير بقيمة 100 ألف درهم. ومن بين الأشياء التي أشارت إليها التحقيقات، وجود انخراطات ورخص سنوية بقيمة 400 مليون ذكرت في التقرير المالي، وأغفلها التقرير الأدبي، وبوجود فواتير من وكالة أسفار لسفر المنتخبات الوطنية، أثيرت حولها الكثير من الشكوك، كما هو الشأن بالنسبة إلى سفر منتخب أقل من 16 سنة لتظاهرة خارج المغرب، بقيمة 600 ألف درهم، وهو المبلغ ذاته الذي تسلمته الجامعة من اللجنة الأولمبية، وفواتير حول احتفال رئيس الجامعة صرف عليه 320 ألف درهم، وسلم الشيك لمتعهد الحفلات في اسمه الشخصي، في الوقت الذي سمح الرئيس لنفسه بأخذ شيكات وسحب مبالغ مالية من مالية الجامعة بطريقة معارضة للقانون. وحسب التحقيقات المنجزة في الملف، فإن رئيس الجامعة سحب شيكا بقيمة 200 ألف درهم، ووقعه باعتباره نائب أمين المال. وأثارت التحقيقات أن المتهم عمد إلى الاستفادة مباشرة من أموال الجامعة، وثبت استيلاؤه على مبلغ 200 ألف درهم، وبإيعاز منه تسلم أخوه نبيل أوراش مبالغ من مصطفى خير قدرها 23 ألف درهم، خارج الضوابط القانونية، لأنه لا يتوفر على الصفة لتسلمها. وبالرجوع إلى الاتفاقية الموقعة بين المتهم ووكالة أسفار يتضح أن رقم المعاملات بينهما وصل إلى مليون و540 ألف درهم، دون فتح باب التنافس، باعتبار أن هذه الأموال عامة، وتحال على الجامعة من الوزارة والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون. وأثار التقرير المالي للموسم الماضي، الذي كان مقررا عرضه في الجمع العام المؤجل، الكثير من الجدل، حول صحة تنقلات المنتخبات الوطنية، إذ وصلت التحضيرات الإجمالية الخاصة بالمنتخبات الوطنية للمنافسات الدولية إلى مليار و152 مليونا و557 ألفا و832 سنتيما، وبلغت مصاريف التنظيم والتنقلات والإقامة والتغذية 310 ملايين و289 ألفا و502 سنتيما، والتنقل في الطائرة 299 مليونا و628 ألفا و300 سنتيم، ومنح ومصروف جيب اللاعبين والأطقم التقنية 238 مليونا و231 ألفا و300 سنتيم. القفز على القوانين اضطر قطاع الرياضة إلى تأجيل الجمع العام الذي كان مقررا عقده في الآونة الأخيرة، بسبب عدد من الاختلالات القانونية، ومخالفة القوانين المنصوص عليها في النظام الأساسي وقانون التربية البدنية والرياضة 30-09، الشيء الذي يؤكد أن هناك مشكلا في التدبير. وحاول المكتب الجامعي القفز على القوانين والأنظمة الأساسية من أجل السماح للرئيس بالترشح مرة ثالثة لرئاسة الجامعة، غير أن اعتراض عدد كبير من الأندية، ساهم في رفض القطاع الوصي عقده، سيما أن قانون التربية البدنية والرياضة يشير إلى ولايتين فقط، كما أن الرئيس الحالي متابع أمام محكمة جرائم الأموال، بتهمة اختلاس وتبديد أموال عمومية، ويتعين البت فيها والحصول على براءته، حتى لو تجاوزت الأندية مشكل تحديد الولاية. وحاولت الجامعة إقصاء عدد من الجمعيات والأندية المعارضة، وإقصاء رغبة عدد من المنخرطين في ممارسة حقهم في الترشح، من خلال عدم ترك الوقت الكافي لهم لتقديم لوائحهم، وهو الأمر الذي فطنت له الوزارة، وتسعى إلى تصحيحه بإلغاء عقد الجمع. كما تعاني الجمعيات والأندية بسبب المشاكل في المنافسات الوطنية، وتعرضها لشتى أشكال الاضطهاد، والشيء نفسه بالنسبة إلى الحكام، الذين لم يتوصلوا بمستحقاتهم منذ سنوات، في الوقت الذي يتماطل القطاع الوصي في اتخاذ الإجراءات اللازمة، بعد فشله في الخروج بالجامعة من المشاكل، التي ظلت تتخبط فيها منذ 2013. أوراش: شكايات كيدية أكد أوراش خلال الاستماع إليه من قبل الفرقة الوطنية، أن الأمر مجرد شكاية كيدية تتضمن معطيات مغلوطة، لا أساس لها من الصحة، الهدف منها التشويش عليه، بعدما جمد عضوية المشتكي حسن شملال بالمكتب الجامعي، وأنه نفى كل الاتهامات بخصوص تبديد واختلاس أموال عمومية، وأن الجامعة تتوفر على محاسبة سليمة وشفافة، وتخضع بصفة مستمرة للتدقيق والافتحاص. وأكد أوراش صرف مبالغ مالية لفائدة أعضاء جامعيين، وهذا لا يتنافى مع النظام الأساسي للجامعة، لأن ذلك يتم مقابل خدمات يسدونها للجامعة، ولم يرتكب أي أفعال، ويلتمس الاطلاع على الملف والوثائق المدلى بها من قبل المشتكين، وبعد انتخابه في 2014 رئيسا للجامعة تسلم من القطاع الوصي مبالغ لتصفية ديون الجامعة، بقيمة 5 ملايين درهم، ومنحة ثانية بقيمة تسعة ملايين درهم ضمن عقد الأهداف، وأخرى في 2015 بقيمة مليار درهم. وأضاف أوراش أن الجامعة توصلت بمبالغ مالية من الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون، وكانت بها مداخيل سواء المتعلقة بالرخص أو الانخراطات، ولم يسبق لها أن وصلت إلى مبلغ 4 ملايين درهم، وأن شكاية حسن شملال ونور الدين بلعوباد ومصطفى جدايني والنيجة مدرج يعود لإحالة شملال على اللجنة التأديبية، نتيجة اختلالات بأحد الملاعب. شملال: تلاعبات بالتقارير المالية قال حسن شملال، خلال الاستماع إليه من قبل الفرقة الوطنية "انتخبت بالجامعة منذ 2013، وفصلت دون استدعائي، ولم أتوصل بأي قرار، لكن الجامعة تتوصل بمنح والوزارة تمنحها كذلك منحا، لكن رئيس الجامعة لا يطلعنا على الوثائق المحاسباتية خلال الاجتماعات، ومنح تعويضات شهرية لأعضاء جامعيين دون سبب، ويتعلق الأمر بالتونسي وجراف وتمضيتي وكمال عبود وبادي، تجلت قيمتها في مبالغ مالية لا أتذكر قيمتها، وبخصوص التقرير المالي 2013-2014 ، صوتت عليه بالفعل، بعد تسلمي نسخة منه، قبل أن يتبين لي أن بها تلاعبات، في الوقت الذي امتنعت عن التصويت للتقرير المالي2014-2015، ونحن أربعة أعضاء من أصل 16 بالمكتب المديري". وتبين لنا، يضيف شملال، أن هناك تلاعبات بالتقارير المالية 2013-2014، الذي ساهمت فيه الدولة بحوالي ستة ملايين درهم، و2014-2015 الذي ساهمت فيه بأزيد من تسعة ملايين درهم، و2015-2016 الذي ساهمت فيه بحوالي مليار و500 ألف درهم، وأن المبالغ المذكورة أحيلت على الجامعة، بناء على عقد الأهداف مع الوزارة.

جامعة السلة… طريق المجهول

فواتير وهمية وتبديد أموال وقضايا أمام جرائم الأموال وقطاع الرياضة يتماطل في حل الأزمة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بيوكرى تحتضن إبداع السينمائيين الشباب

أخبار الصباح

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات