غياب الرقابة والردع وراء تنامي الظاهرة

أكد لحسين بوزيل، أستاذ الاقتصاد بجامعة مولاي سليمان ببني ملال، أن اقتصاد الظل، أو «الاقتصاد الموازي»، يشمل مجموعة من الأنشطة القانونية غير المصرح بها، وغير القانونية، مثل التهريب والاتجار في الممنوعات. وأوضح بوزيل في حوار مع «الصباح» أن استفحال ظواهر اقتصاد الظل، يؤدي في نهاية المطاف الى تراجع المداخيل الضريبية للدولة. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: برحو بوزياني يشكل اقتصاد الظل نشاطا رحبا لفئات واسعة. ما هي في نظركم، أسباب تنامي هذه الظواهر، خاصة في المدن الكبرى؟ > لا بد من تدقيق مفهوم "اقتصاد الظل"، حتى نتمكن من الإحاطة بالظواهر المعقدة المرتبطة به. إن اقتصاد الظل، الذي يطلق عليه أحيانا "الاقتصاد غير المنظم أو غير المهيكل" أو "الاقتصاد الموازي"، يشمل مجموعة من الأنشطة القانونية غير المصرح بها، وكذلك أنشطة غير قانونية، مثل التهريب والاتجار في الممنوعات. فعلى سبيل المثال، عندما يقوم كهربائي بإصلاحات في بيت معين ويتلقى أجره نقدا دون أن يصرح بذلك لمصلحة الضرائب، أو يقوم مروج مخدرات ببيع مواد ممنوعة في أزقة مظلمة، ويتحصل على أموال، أو تستقدم عاملة منزلية، وتحصل على أجرها نقدا، دون ان تصرح بذلك، أو يتلقى أفراد أموالا من أجل ارتكاب أفعال إجرامية، فإن كل هؤلاء الأشخاص مارسوا أنشطة تدخل ضمن نطاق اقتصاد الظل. إن تنامي هذه الظواهر، يعود إلى عوامل متعددة، أولها اقتصادية مرتبطة أساسا بقلة فرص الشغل بالقطاع المنظم، وبارتفاع تكاليف العيش، وبأعباء ضريبية مرتفعة. أما العامل الثاني، فهو تكنولوجي، ويتجلى في انتشار أنشطة جديدة مثل التجارة الإلكترونية والعمل الحر وصناعة المحتوى غير المصرح بها، وما لذلك من تأثيرات مباشرة على مداخيل الدولة، وعلى تشجيع ظهور بنيات لوجيستية متطورة لربط البائعين والمستهلكين، بعيدا عن أي رقابة قانونية وضريبية. أما العامل الثالث، فهو تنظيمي وقانوني، مرتبط بتفشي البيروقراطية بمفهومها السلبي، وضعف الرقابة، وغياب الحوافز الآنية للانتقال للقطاع المهيكل، عكس الولوج إلى السوق غير المنظم، الذي يتم بسلاسة، وبعيدا عن الضوابط الإدارية والقانونية المؤطرة للأنشطة المصرح بها. إن غياب إطار قانوني شامل ودقيق لمحاربة ظواهر اقتصاد الظل في شقه غير الإجرامي، يحدد بشكل واضح المسؤوليات بين المجالس المنتخبة، باعتبارها الجهات المكلفة باستصدار تراخيص احتلال الملك العام وبين السلطة الإدارية المحلية، باعتبارها المتدخلة في الميدان، يجعل التصدي للظاهرة موسميا، وفي غالب الأحيان بدون فعالية. هل يمكن اعتبار هذه الأنشطة جزءا من القطاع غير المهيكل، بالنظر إلى الطابع العشوائي الذي يميزها؟ > إذا فهمت سؤالكم جيدا، فأنتم تقصدون الشق القانوني من اقتصاد الظل. نعم هذه الأنشطة تدخل ضمن نطاق القطاع غير المهيكل، نظرا لأنها غير مصرح بها، ولا تخضع للرسوم والضرائب، ويصعب تتبعها وقياسها. ومعظم الأنشطة تمارس في مناطق غير ملائمة، ولا تستجيب للمعايير الصحية ولضوابط الجودة. يحرم تنامي هذه الأنشطة خزينة الدولة من مداخيل جبائية. هل من مقترحات واقعية لتنظيم هذه المهن؟ > إن تنظيم الأنشطة الاقتصادية، ليس مطلبا كماليا مرتبطا فقط بالرغبة في الحفاظ على جمالية الفضاء العام. لا، الأمر أكبر من ذلك، فالأنشطة غير المنظمة، تخلق صعوبات جمة للمقاولات القانونية، من خلال المنافسة غير المتكافئة والقدرة على الانتقال من نشاط لنشاط، دون تحمل الأعباء نفسها. كما أن تفشي مظاهر اقتصاد الظل، يجعل الإحصائيات العمومية حول البطالة والدخل والسكان النشيطين والاستهلاك والإنفاق والاستثمار الخاص غير دقيقة، ما يؤثر سلبا على تخصيص الموارد العمومية من خلال القانون المالي مثلا. إن استفحال ظواهر اقتصاد الظل يؤدي في نهاية المطاف إلى تراجع المداخيل الضريبية للدولة، التي ستضطر إلى الرفع منها ، ما سيجبر أفرادا وشركات أخرى على الانزلاق إلى القطاع غير المهيكل. أما بخصوص مقترحات عملية لتشجيع الانتقال للقطاع المهيكل، فأعتقد أن الشيء الأساسي، هو توفر إرادة سياسية لدى الفاعلين. فلا يمكن محاربة ظواهر اقتصاد الظل، إذا كان العاملون في هذا المجال، ينظر إليهم باعتبارهم خزانا انتخابيا أو حلا يخفي عجز الحكومة عن توفير مناخ أعمال قادر على تشجيع الاستثمار المنتج للثروة وفرص الشغل. عندما نتفق على أن هذه الظاهرة تضر بالاقتصاد الوطني، سنجد الحلول سريعا، بعيدا عن بناء الأسواق النموذجية ومنح المحلات للبائعين غير القانونيين. في نظري المتواضع، هذه المقاربة هي أساس الداء، لأنها تشجع اقتصاد الريع، وتجعل البائع القانوني "يستثمر" بدوره في عربة للبيع غير المهيكل، يضعها أمام متجره، لأنه يدرك أنه في نهاية المطاف، سيحصل على محل تجاري في سوق نموذجي، ستتكلف إحدى الجماعات الترابية المنتخبة ببنائه. < أعتقد أن الاقتصاد غير المهيكل تخترقه تجاذبات سياسية تتحول في مناسبات عديدة مع الأسف إلى مشتل للمزايدات السياسوية. لذلك، ألح على أن وجود إرادة سياسية لدى صناع القرار سواء مركزيا أو محليا، تعتبر مدخلا أساسيا لمعالجة الاختلالات المتراكمة منذ عقود. فمطلوب من الدولة التدخل بحزم، وفق مقاربة مندمجة صلبها إعمال القانون، وتوفير ظروف منافسة حرة في مختلف المجالات. يوفر اقتصاد الظل آلاف مناصب الشغل، كيف يمكن الحفاظ على تلك المناصب، وفي الوقت ذاته انتقاله إلى القطاع المنظم؟ > صحيح أن الاقتصاد غير المهيكل يوفر فرص عمل، خصوصا للشباب، لكن عن أي نوعية من الفرص نتحدث؟ في أغلب الأحيان هي أنشطة لا تدر أموالا بإمكانها أن تحقق تراكما للرأسمال قد يساعد على تطور النشاط الممارس. ونعتقد أن الورش الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية، سيساعد بشكل كبير على إيجاد مناخ ملائم للحد من الظواهر السلبية للاقتصاد الموازي، من خلال تمكين فئات عريضة من الولوج الى خدمات اجتماعية وصحية، وقطع الطريق على مستغلي هشاشة العاملين بهذا القطاع للاستمرار في احتلال الفضاء العام بشكل غير قانوني. الريع يضعف التنافسية يجب الإقرار بأن المسؤولية مشتركة، وأن ضعف التنافسية الحقيقية، واستمرار بعض مظاهر اقتصاد الريع، تجعل القطاع المهيكل غير قادر على رفع التحديات المطروحة في مجالات الإبداع، وخلق الثروة من أجل محاربة البطالة وتحقيق التنمية الشاملة. في سطور - أستاذ الاقتصاد والتدبير بالكلية متعددة التخصصات بخريبكة -جامعة السلطان مولاي سليمان. - متخصص في مجالات التنمية الترابية والحكامة والتدبير العمومي الجديد. - صدر له مؤلفان: تجذر المنتخبين المحليين وتأثير ذلك على جاذبية المجالات الترابية- سياسة استهداف التضخم بالمغرب.

غياب الرقابة والردع وراء تنامي الظاهرة

بوزيل أستاذ الاقتصاد أكد أن اتساع دائرة أنشطة الظل يؤدي الى تراجع المداخيل الضريبية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مجيد ينتزع 221 مليونا من آسفي

ظلال‭ ‬العيون‭ ‬الكريمية‭... ‬سر‭ ‬الأناقة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات