سيف القذافي لليبيين: بدوننا ستكف الأرض عن الدروان

حين تتحول "جماهيرية" العقيد وأبنائه إلى "بلطجاهيرية" إلى حدود الأحد الماضي، كانت لدي قناعة فادحة أن الشاب سيف الإسلام يشكل حالة استثنائية في المشهد الليبي المتورم بالعاهات والخزعبلات والنكت التي تقتل من الضحك، وأعقل أبناء العقيد الخالد معمر القذافي وأهدئهم وابتعادهم عن فلاشات الفضائح. ظل سيف، منذ سنوات، يشهر اختلافه في أشياء كثيرة ناضجة ولافتة عن شقيقه الأكبر الذي يصر على لعب الـ 10 في المنتخب الليبي، فقط لأنه ابن الزعيم، وفي المرات القليلة التي يحرز فيها الليبيون ضربة جزاء يفسح له زملاؤه المجال لتسديدها، تماما كما كنا نفعل صغارا مع "مول الكورة" حتى لا يغضب منا ويعود أدراجه، مع كرته البلاستيكية، إلى منزله.سيف لا يشبه شقيقا آخر اسمه هنبعل (وما أدراك ما وصولات وجولات هنبعل) لا يعرف من الدنيا غير الإقامة في أجنحة العالم الفاخر والتسلي بسحل "عبيده" وخادماته وتزويق أجسادهم بالكي و"الكورباج"، أما شقيقتهم الصغرى فتقيم منذ سنوات ببريطانيا العظمى متوجة بلقب أميرة الأميرات، إسقاطا على لقب والدها ملك الملوك.. وربما لذلك، حين أهداه "باباه"، قبل سنة، هدية عيد ميلاد في شكل منصب رفيع يقترب من نائب رئيس الجماهيرية، لم يعترض أحد كما يــــــــــــنبغي.كانت هذه قناعتي في رجل مختلف ينطق بعض "حكمة" في جحيم من الحمق الذي كان يصلي وجوهنا جهة القطر الليبي، إلى أن استدل علينا سيف الإسلام ما يشبه غارة سوداء، في ساعات متأخرة من الليل، وهو يصب مئات الأطنان من البنزين على ألسنة النيران الملتهبة بعدد من المدن الليبية التي أسقطت، إلى حد الآن، مئات القتلى، ويزيد.. ويتوعد، بدم بارد، بأنه سيقاتل إلى آخر طلقة وآخر رجل وآخر امرأة وآخر طفل وآخر رضيع وآخر جنين وآخر نطفة وآخر حبة لوز.سيف الإسلام "المسلول" على الليبيين قال لليبيين ما يشبه عنوانا لفيلم مكسيكي "نحن أو لا أحد"، وهي مقولة تتماهى كثيرا مع ما أضحى يعرف بالزعيم الضرورة الذي ستقضي الشعوب العربية موتا باردا، إذا لم تتنفس الهواء الذي يخرج من مسامه، والماء الزلال الذي يقطر من بين أصابعه مثل شهد، والخبز المعجون في أفران ضيعته الخلفية.بدا سيف الإسلام، في خطاب مسجل نيابة عن والده المشغول، هذه الأيام، بمد قبضته وذراعه وتكرار "طزطزاته" أمام الوفود المهللة بروحه، أنه لم يستوعب مضمون رسالة بليغة كتبها، دما، آلاف المتظاهرين في بنغازي وطرابس والبيضا، بل ليوصل رسالة خاصة مفادها أن لا حياة، بعد اليوم، دون القذافيين، ولا سلم ولا أمن ولا سلام ولا وحدة ولا سيادة ولا استقرار ولا بترول دونهم، ولا قُبل ولا حب ولا جنس ولا خبز ولا شمس ولا برد ولا أمطار خارج فلكهم المقدس وجماهيرية موزهم الضرورة.. نحن أولا أحد.دون آل القذافي ستموت الأشجار واقفة أو جالسة لا فرق، وستكف الطيور عن التغريد، وستجف الوديان والأنهار وتنتحر الحيتان "فقصة". سيضرب الحمام على التحليق فوق رؤوسنا في ساعات الفجر الجميل وستسقط الأمطار حجارة من سجيل، وسيهاجم الفيلة محارب النفط المقدسة.. ستتوقف الشهقة ما بين الروح والموت.. وتكف الأرض عن الدوران. سيصاب الليبيون بالزكام المزمن وأنفلونزا القمل، وأمراض السل والبهق والجرب والبرص وأنواع السرطان وسيأكل الجرائد الأطفال منهم، ويهيم الشيوخ على وجوههم مثل مجانين وتنصب المشانق للعذراوات في الساحات العمومية.دون العقيد، سيتعقد الليبيون ويصابون بـ "الزهايمر" والانفصام الشخصي والاكتئاب المرضي، وسيعيثون فساد وجنونا وانقساما وتطرفا وأسلحة في دولتهم، وستهجم عليهم جحافل الدول والجيوش الجرارة لإعادتهم إلى جادة العقل، لكن بعد فوات الأوان. يوسف الساكت

سيف القذافي لليبيين: بدوننا ستكف الأرض عن الدروان

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الاستبداد العربي ودروس ثورة الياسمين!

بورتري: زعيم أطلق على نفسه اسم "ملك ملوك إفريقيا"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات