صدور الجزء الثالث لروايته التي تجري أحداثها بين فاس وباريس صدر للروائي أحمد الأمامي، الجزء الثالث من روايته "أنين امرأة أو بنت الفقيه المقعدة"، عن مطبعة بلال بفاس في طبعة أولى بحلة جميلة زينت واجهتها بلوحات فنية جميلة للرسام جمال الزكراوي، بعدما أصدر جزأيها في السنتين الأخيرتين، ثانيهما عن المطبعة نفسها وأولهما ضمن منشورات "دار النشر مقاربات". وشجع تجاوب القراء والمهتمين بجزئها الأول على إبداع جزأيها الآخرين المنضافين إلى كتب أخرى أبدعها أستاذ الفلسفة بفاس، ومنها روايته "حسناء القنيطرة" وكتابه "ألعاب القوى المغربية: دراسة سوسيولوجية" لخص فيه اهتمامه بالرياضة تدريبا وتحكيما وتكوينا، بعدما تألق في ألعاب القوى والفول كونتاكت والكيغ بوكسينغ. وتنبش رواية "أنين امرأة" في الذاكرة المغربية وتثير ظواهر اجتماعية مؤرقة للجميع من قبيل زواج القاصرات والاغتصاب وتختصر صور انبهار البدويين بالمدينة والغرب بدءا من سبعينات القرن الماضي من خلال بطلتها "زهراء" المنتقلة من بيئة بدوية محافظة، إلى عالم الأنوار والحداثة في حياتها الجديدة بفاس وأوربا. تنسلخ "بنت الفقيه" إمام مسجد القرية، من جلباب أبيها والبيئة المحافظة، لترتمي في حضن المال والجمال والإثارة في فاس المدينة العريقة والغرب بباريس مدينة الأنوار، لكنها تجد صعوبات متعددة فيهما أثناء محاولتها تحقيق أمانيها، لتقف بين مسلكين متباعدين بالهوة الكبيرة نفسها بين الحياة في البادية وفي عالم الحضارة والتمدن. لاحقت المآسي "بنت الفقيه" في تنقلها من القرية للمدينة ولفرنسا رغم نباهتها وقوة إرادتها اللتين لم تشفعا لها في حياة جديدة بعدما طردت من عالم اعتقدت أن فيه عدالة اجتماعية تنصف الفرد في إنسانيته وقد تحقق بين أحضانه قمة السعادة، لكنها "وجدت العكس بطردها من الغرب زوجة ثانية، بينما كانت ستبقى لو قبلت أن تكون خليلة". هرب أبناء زهراء وحرمت منهم، وزج بها وبالطالب مجيد، في السجن بتهمة واهية، قبل تبرئتهما وإنصاف العدالة لهما دون مجتمع نبذها حتى بعد عودتها لفاس ورفض رجوعها للعمل في معامل سيدي إبراهيم، وتعرضها وصديقتها لطيفة، للسبي من قبل غرباء، ما زاد من تعقيد وضعيتهما بعد إصابتهما في حادث مؤلم جدا. توفيت لطيفة ويتم طفلاها وأقعدت زهراء على كرسي متحرك لبقية حياتها في دار المتخلى عنهم، واستحوذ الظلام على طريقها المليء بالأحداث المؤلمة، لكن الله وضع في طريقها معلمها أحمد وصديقتها فاطمة وطبيبها كيكي يهودي الديانة، فظهر نور يشع من بعيد لينقذها من جديد، دون توقف منسوب المآسي الجارفة. ولم تجد زهراء في الأخير من حل لمعاناتها وتقاذفها بين الأصل والحال، غير التفكير في الانتحار اعتقادا منها أنه الحل الأمثل لوضع حد لآلامها، قبل تدخل خالة أمها المرأة الصلبة التي أمسكت بكأس المنون منها قبل أن تتجرعه، لتنطلق حلقات مسلسل حياة جديدة من سيرة فتاة هاجرت من البادية وحياتها التقليدية أملا في حضارة منصفة. حميد الأبيض (فاس)