الزئبق الأحمر… البحث عن الثراء السريع

انتشرت أخيرا عمليات النصب والاحتيال بما بات يعرف بـ"الزئبق الأحمر"، والتي جنت من ورائها شبكات أموالا طائلة، بعد تعرض عدد من الضحايا لعمليات احتيالية، باعتبارها مادة ثمينة تستخدم في استخراج الكنوز من قبل متخصصين في هذا المجال. ويتداول كثيرون بأن مادة "الزئبق الأحمر"، هي مادة غامضة ذات أسرار وقدرة تدميرية هائلة، استغلها المروجون لها الذين تكتلوا في شكل شبكات تخصصت في الترويج لهاته المادة وباستطاعتهم جني أموال طائلة من ورائها، حيث أضحى الزئبق الأحمر مادة احتيال معروفة، إذ تحرك أطماع الباحثين عن الثراء السريع، لكن الحديث بشأنها يفقد العديد من الحقائق العلمية. وتعمل المصالح الأمنية والدركية على وضع حد لهاته الشبكات التي تظهر بين الفينة والأخرى، واغتنت بطرق غير مشروعة، على حساب ضحايا أبرياء. إنجاز: أحمد سكاب (الجديدة) شهدت منطقة دكالة أخيرا، تفكيك شبكة إجرامية متخصصة في النصب بواسطة "الزئبق الأحمر" بعدما تم إيداع أربعة أظناء من قبل قاضي التحقيق السجل المحلي بالجديدة، بعدما سبق لوكيل الملك أن أمر الدرك الملكي برفع الحراسة النظرية عنهم مع أخذ ضمانات الحضور وتعميق الأبحاث اللازمة. وتعود وقائع القضية عندما أشعرت عناصر الدرك الملكي بالقيادة الجهوية بالجديدة بمعلومة تفيد أن بعض الأشخاص المتحدرين من مدينة الجديدة يقومون بالنصب والاحتيال على ضحاياهم تحت غطاء وذريعة بيع مادة "الزئبق الأحمر" والذهب الأبيض "البلاتين". وتوصلت عناصر الضابطة القضائية إلى تورط أحد الأشخاص متحدر من أولاد افرج في المشاركة بالنصب والاحتيال مع مجموعة من مساعديه، وذلك باستغلال صفته ومهنته لإيهام ضحاياه أن الأمر يتعلق فعلا بمادة الزئبق والذهب الأبيض، حيث قررت عناصر الدرك نصب كمين محكم للإيقاع بهم وحجز كل المواد التي بحوزتهم. وعند وصول عناصر الدرك إلى أحد محطات البنزين عند مدخل الجديدة لاحظ المتدخلون الدركيون وجود سيارة سوداء تحمل ترقيم البيضاء وعلى متنها سائق، حيث التحق به شخصان آخران وركبا معه السيارة وتوجهوا عبر الطريق الرابطة بين "مصور راسو" وآزمور، حيث توقفت السيارة وترجل منها الأشخاص الثلاثة والتقوا بشخص رابع كان بانتظارهم بالمكان. وتمت محاصرة الجميع وتبين أن السائق يحمل قطعة معدنية بيضاء اللون بعدما حاول التملص منها برميها جانبا، في حين كان شخص آخر يحمل لفافة وارتبك الجميع وأصبح كل واحد منهم يحاول تبرير وجوده بالمكان، موجهين التهم لبعضهم البعض أمام استفسارات شفوية لعناصر الدرك عن سبب وجودهم بالمنطقة وعن الأشياء التي ضبطت بحوزتهم. وبعد ذلك اعترفوا أن المحجوز يعود لشخص آخر يوجد بمكان غير بعيد عنهم ويمتطي سيارة نوع مرسيديس زرقاء اللون، والتحقت به دورية للدرك وتم إيقافه بدوره. وتعميقا للبحث توصلت عناصر الدرك بأن أغلب الموقوفين يحترفون الحفر والتفتيش عن الكنوز، وقاموا بمحاولة النصب على أحد التجار بالبيضاء بادعاء أنهم يتوفرون على مادة الزئبق الأحمر التي تستخدم في استخراج الكنوز، بعدما حددوا قيمتها في 500 مليون سنتيم وحددوا معه موعدا لتسلمها قرب أزمور، وكان التاجر ينوي بيعها لأحد المواطنين من دول الخليج. وبعد إتمام البحث أحيلوا على قاضي التحقيق بابتدائية الجديدة، وبعد التحقيق معهم اعترف المتهمون في سائر أطوار البحث معهم، وخلال مراحل استنطاقهم بأنهم كانوا وقت توقيفهم في انتظار قدوم التاجر من العاصمة الاقتصادية الذي كان يود اقتناء الزئبق الأحمر، حيث أحضروا علبة ملفوفة بقماش تحتوي على زئبق مزيف، وقطعة معدنية. إذ تبين أن الزئبق الذي كان ملفوفا بالقماش هو زئبق من النوع الذي يباع عند العطار وليس من النوع الذي يرغب المشتري في اقتنائه. واعترف المتهمون الأربعة أن قيامهم بتلك العملية كان بغرض تحصيل ربح مادي، إلا أن تدخل رجال الدرك حال دون إتمام العملية بعد ضبطهم في حالة تلبس. النصب باسم "الزئبق الأحمر" تواصلت عمليات النصب الغريبة بواسطة مادة الزئبق الأحمر التي استهدفت أثرياء بخريبكة والمدن المجاورة لها، والتي أسقطت العديد منهم بدعوى مشروع الزئبق الأحمر المدر للملايير، بالبيضاء، بعدما أنهى الدرك الملكي لدار بوعزة، أبحاثا مع عشرة متهمين أحيلوا على العدالة، بعدما تم إيقافهم في مداهمة فيلا إثر كمين نصبته مصالح الدرك، بعد استغلالها معلومات دقيقة ساعدت على إسقاط الرؤوس المدبرة لعمليات احتيال كبيرة نفذت بمختلف المدن، وحجز قنينات بها سائل أحمر يوهمون الضحايا أنه "زئبق أحمر" وسيارات وغيرها من الأدوات، التي كان المتهمون يستعينون بها لتنفيذ جرائمهم الاحتيالية. وأفادت مصادر متطابقة أن ضمن المتهمين العشرة شقيق جنرال راحل، ومدير مؤسسة تعليمية توجد في ثلاثاء الأولاد بإقليم خريبكة، ومسير شركة وأشخاص آخرون، ضمنهم فقيه أثبتت التحقيقات أنه لا يحفظ القرآن، بل هو فقط محتال له سوابق في استهلاك مخدر الهيروين والاتجار فيه. استمالة أعيان وأثرياء تم فك لغز الشبكة التي أسقطت العشرات من الضحايا، إثر تخطيطهم لتنفيذ عمليات مماثلة بدار بوعزة، وشروعهم في استمالة أعيان وأثرياء، عن طريق الادعاء بأنهم يتوفرون على كميات كبيرة من الزئبق الأحمر، وأنهم يبيعون الغرام الواحد بـ 30 مليونا، للراغبين في البحث عن الكنوز وغير ذلك من الأعمال المشبوهة. ويعمد المتهمون إلى نصب شراكهم للأثرياء، حسب الحالات، فإن كان الضحية مهووسا بالكنوز والبحث عن الياقوت والأحجار النفيسة، فإنهم يستدرجونه بادعاء توفرهم على الفقيه المتمكن والمواد المساعدة بما فيها الزئبق الأحمر. وفي حال كان الضحية يريد استثمار أمواله لجني الأرباح، فإن المتهمين ينصبون الفخاخ حول ما يسمونه مشروع الزئبق الأحمر المدر للملايير، ويوهمونه بأن المشروع تشارك فيه شخصيات وازنة في البلاد. وتم إلقاء القبض على المتهمين في فيلا بطماريس، كما أن عمليات التفتيش مكنت من حجز قنينات بها سائل أحمر ومغلقة بإحكام، ناهيك عن مجموعة من المواد التي يستعملها أفراد العصابة للاحتيال على الضحايا. وبينما أحيل 10 متهمين على النيابة العامة، مازالت الأبحاث جارية للوصول إلى آخرين، أظهرت التحقيقات تورطهم في المشاركة في الجرائم التي نفذها الجناة. طعم للطماعين أكد العروي عبد الرحيم، المقولة الشهيرة عند المغاربة (الطماع كيقضي عليه الكذاب)، وهذا ما جعل بعض العصابات تختص في النصب على الأغنياء من المغاربة، ممن لا يقنعون بما لديهم من أموال، فيصادفونهم في حياتهم أو يتربص بهم بعض من يستعملون وهم الزئبق الأحمر، طعما لاستنزاف أموال هؤلاء بعد وعدهم بطريقة محترفة بأن شراءهم لهذه المادة النادرة والغالية الثمن سيفتح لهم أبواب الغنى الفاحش، وسيساعدهم على التمكن من استخراج كنوز، فقط توجد في مخيلة بعض شبكات النصب. وأضاف العروي أن طريقة تمثيلهم وإخراجهم لفيلم الزئبق الأحمر ونتيجته المؤكدة من اغتناء من يستعمله، يجعلون أغلب من لبسوه من ضحاياهم، يقع في الفخ، ويمكنهم من الملايين لكي يتدرجوا في سلم الغنى بشكل سريع. وقال العروي عبد الرحيم، إنه إذا كان رجال الاجتماع لهم نظرة خاصة حول هده الظاهرة، فإن القانون ورجاله قليلا ما يتطرقون إلى الظاهرة، وحتى النصوص المنظمة للنصب الذي يقع بهذه الطريقة تكاد تكون منعدمة، ويبقى فقط اتساع جريمة النصب، وعقوبتها الرادعة، وحدها الكافية لاحتواء هذا النوع من الجرائم، في انتظار التنصيص على فصل يجرم بشكل صريح هذا النوع من الإجرام، والقانون الجنائي المغربي، بالإضافة إلى نصه على جريمة النصب في الفصل 540 من القانون الجنائي، التي يمكن أن تتابع بها النيابة العامة مرتكبي هذه الأفعال، ويمكن أن تصل فيها العقوبة لخمس سنوات سجنا نافذا. وتأسف العروي كون فعل هذه العصابات لا يمكن أن يتحول إلى جناية، ويتابعوا بجريمة تكوين عصابة إجرامية المنصوص عليها في الفصل 293 من القانون الجنائي، التي لا تكون إلا في حالة الاتفاق على ارتكاب جنايات، والنصب جنحة فقط وليست جناية، حيث دعا المشرع المغربي إلى جعل جناية العصابة الاجرامية، أن تكون حتى في حالة بعض الجنح الخطيرة كالنصب، والنصب باستعمال الزئبق الأحمر، غالبا ما يتم استعماله لإيهام الناس بأنه فعال لاستخراج الكنوز، مشيرا إلى أن في القانون الجنائي المغربي لا يوجد أي فصل ينص ويعاقب على النصب على المغاربة بالادعاء باستعمال مواد أو جن أو وسائل متعددة لاستخراج الكنز، في المقابل نجد الفصل 528 ينص على ما يلي: (من عثر على كنز، ولو في ملك له، ولم يخطر به السلطة العامة، في ظرف خمسة عشر يوما من يوم اكتشافه، يعاقب بغرامة من مائتين إلى مائتين وخمسين درهما ). والفصل 529 من القانون الجنائي الذي ينص على ما يلي: (أما من عثر على كنز وتملكه، كله أو بعضه، دون أن يصدر له إذن بذلك من الجهة القضائية المختصة، حتى ولو كان قد أخطر به السلطة العامة، فإنه يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من مائتين إلى مائتين وخمسين درهما). ويلاحظ العروي أن النصين يتحدثان عن العثور على الكنز وتملكه دون إخبار السلطات ولا يتكلمان بتاتا عمن ينصب باستعمال الزئبق الأحمر، بدعوى استخراج الكنز، وهذا الفراغ التشريعي يستدعي تدخل المشرع المغربي، من أجل التنصيص على نص خاص بالنصب يشدد على مثل هذه الأفعال الإجرامية. انتشار شبكات ترويج مواد مزيفة حذر العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، من شبكات النصب بطرق احتيالية، واستغلال سذاجة عدد من المواطنين ضحايا هذه الشبكات التي تدعي فتح أبواب الاغتناء السريع عن طريق مادة غريبة أطلق عليها «الزئبق الأحمر» اتضح في ما بعد أنها مزيفة، وتم النصب على العديد من المواطنين. وتفاعل رواد الفضاء الأزرق مع هذه الأحداث، إذ قال أحد المعلقين «لا حول ولا قوة بالله، كثرت خلال هذه الآونة مثل هذه الأحداث والتي يبقى أبطالها جانحين، همهم الوحيد الربح المادي دون الاكتراث بمصالح المواطنين أو الاستيلاء على أموالهم بطرق تدليسية»، فيما طالبت مجموعات «فيسبوكية» بتوخي الحذر من هذه الشبكات الإجرامية، وطالبوا النيابة العامة المختصة بضرورة ردع هؤلاء المجرمين، الذين يستولون على مبالغ مالية بطرق غير قانونية، فيما أجمعت مجموعات خلال نقاشاتها على الفضاء الأزرق بضرورة الإبلاغ عن كل الأفعال الإجرامية، والتي تضر بمصالح المواطنين، وعدم الانسياق وراء شبكات تزعم أنها متخصصة في النبش عن الكنوز وتحوزها لكميات الزئبق الأحمر، التي تبقى مادة تستأثر باهتمام الحالمين بالثروة واستدراجهم بطرق تدليسية وغير مشروعة. وعبر عدد من مستعملي وسائل التواصل الاجتماعي عن غضبهم الشديد من مثل هذه الطرق التدليسية، واستيائهم من انتشار هذه الشبكات الإجرامية المتخصصة في ترويج مواد مزيفة، بهدف الربح السريع خلال الآونة الأخيرة، وطالبوا المصالح الأمنية والدركية بالتعامل بحزم مع هذه الظاهرة المشينة، التي تضر بمصالح المواطنين وأموالهم.

الزئبق الأحمر… البحث عن الثراء السريع

أضحى مادة احتيال معروفة تحرك أطماع الكثيرين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

شفاري... أول قاضية تحقيق

التلاعب بـ 29 شيكا بجامعة طنجة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات