بني ملال تحت رحمة مطرح النفايات

يشكل مطرح النفايات ببني ملال تهديدا لحياة السكان، سيما الأحياء والتجمعات السكنية والدواوير القريبة منه (أدوز، أولاد اضريد، امغيلة، طلبة الحي الجامعي، بوعشوش...) فضلا عن خطورته على مجال البيئة التي تضررت مياهها الجوفية جراء تسرب عصارة "ليكيسفيا"، التي تعتبر تهديدا حقيقيا ينبئ بتبعات مستقبلية على صحة القاطنين بالقرب من المطرح، علما أن كل المقاربات العلاجية التي اعتمدتها المجالس البلدية السابقة منذ عقود من الزمن فشلت، إذ صرفت أغلفة مالية مهمة لشركات دون أن تجد حلا لمشكل النفايات، التي تؤرق سكان بني ملال. يكبر مشكل النفايات ككرة ثلج تتدحرج يوما بعد يوم، لتتحول إلى كابوس مرعب بعد أن اكتسح العمران مساحات كبيرة، وصارت التجمعات السكنية قريبة من مطرح النفايات، ما يهدد بشكل مباشر حياة العديد من الأسر التي تتنفس هواء ملوثا بفعل انبعاث روائح كريهة، يتأذى منها أيضا زوار المقبرة، الذي تخنقهم هذه الروائح وتزيد من متاعبهم. روائح كريهة تستهوي زائري بني ملال المناظر الطبيعية الخلابة، التي تم تثمينها أخيرا بعد القيام بإصلاحات جذرية للمدار السياحي لعين أسردون، وصارت مرافقه الجديدة تستقطب وفودا من السياح الذين يستمتعون بشلالاته الهادرة، ويقضون أوقاتا ممتعة بين أحضان طبيعة مميزة، لكن هبوب نسائم الرياح القادمة من المطرح، تفسد متعة الاستمتاع بهذه المناظر، لنقلها روائح كريهة من المطرح البلدي، ما استدعى تنظيم وقفات احتجاجية من قبل السكان المتضررين الذين طالبوا بإيجاد حلول للقضاء النهائي على هذه الروائح القادمة من منطقة الموت. وساهم ارتفاع درجات الحرارة التي ضربت المنطقة في فصل الصيف، في انبعاث الروائح الكريهة من نفايات مطرح أولاد اضريد في بني ملال، ما شكل مصدر إزعاج للسكان الذي وجدوا أنفسهم أمام معضلة كبيرة، وطالبوا السلطات المحلية في العديد من الوقفات الاحتجاجية التي نظمت على امتداد عشرات السنين، بالتدخل العاجل لإيجاد حلول فورية لهذه المشكلة البيئية التي تهدد حياتهم. وعود كاذبة لم يتوان المحتجون الذين جمعهم هاجس الخوف من المرض، في التنديد بخطورة الوضع، بعد تفاقم انبعاث الروائح الكريهة، التي تؤثر سلبا على جودة حياتهم، علما أن الأطفال والنساء معرضون أكثر لتداعيات وخطورة الروائح الكريهة، لأنهم يقضون أوقاتا أطول ببيوتهم المعرضة لمخاطر بيئية حقيقية. وترتفع أصوات المحتجين، مطالبة باتخاذ إجراءات فورية للحفاظ على مكونات البيأة وتحسين جودة الحياة التي تتدهور يوميا، جراء عدم الاستجابة السريعة لمطالبهم المشروعة، سيما أن الوقفات الاحتجاجية الرافضة للمطرح تمتد إلى عقود الثمانينات من القرن الماضي. يتحدث محمد، من سكان امغيلة، بمرارة عما يحدث لقاطنة الحي من مآس، إذ أصبحوا مهددين في حياتهم بسبب انبعاث روائح كريهة تفسد حرارة اللقاءات بين أفراد العائلة، واعتبر ما يقع ما للسكان أمرا فظيعا، بل تطور الوضع إلى الأسوأ، مشددا على أن الحياة بالحي أصبحت صعبة في غياب حلول سريعة للروائح الكريهة المنبعثة من المطرح. وأضاف أن المطرح كان يشتغل بشكل عشوائي، منذ سنوات، ورغم محاولة تهيئته من خلال البحث عن حلول علمية لمعضلة النفايات، تبين أن الحلول المقترحة تفتقد إلى الدقة في التناول، فضلا عن عجز الشركات والمقاولات عن إيجاد وصفات حقيقية تضمن سلامة المعايير البيئية، مؤكدا أن وجود المطرح بمحاذاة التجمعات السكنية، وبالقرب من الحي الجامعي يزيد من خطورة مشاكل المطرح لتعدد تأثيراته السلبية على المحيط. وتحدث علي، من سكان أولاد أضريد، عن خطورة الروائح المنبعثة من الأحواض المخصصة، لجمع عصارة النفايات الصلبة على حياة السكان، مؤكدا أن المقاولات التي تتعاقب على تدبير نفايات المطرح لم تفلح لحد الآن في إيجاد الوصفة الدقيقة لتدبير ملف، يحتاج إلى التعاقد مع مقاولات مختصة في تدبير النفايات، لها من الإمكانيات ما يجعلها قادرة على إيجاد حلول معقولة لمشاكل الرائحة المقززة، فضلا عن معالجة العصارات التي تخلفها النفايات، لكن الشركات المتعاقبة تلجأ إلى حلول ترقيعية فقط، كتسييج الواجهة، وغرس بضعة أشجار لذر الرماد في العيون، في حين أن المشكل الحقيقي مازال قائما. وأمام هذا الوضع غير الصحي الذي ينجم عن تداعيات مطرح النفايات، تفكر الأسر المتضررة التي لم تعد قادرة على العيش في هذه الأجواء غير الصحية، في الرحيل إلى أمكنة بعيدة عن الخطر، في غياب مبادرات حقيقية للقضاء النهائي على مطرح النفايات. ونددت أصوات محتجة بتنامي المرضى المصابين بمرض الربو، أو أمراض تنفسية أخرى، إذ تتضاعف معاناتهم جراء الروائح الكريهة المنبعثة من المطرح البلدي، ما استدعى التفكير من قبل أسر هؤلاء المرضى في الرحيل إلى أحياء بعيدة عن المخاطر المحدقة بهم. مجهودات عقيمة في المقابل، تقوم الشركات التي يفوض لها تدبير القطاع في مناسبات مختلفة، بمجهودات لوقف أضرار عصارة "ليكسيفيا" في المطرح المراقب، إذ يتم تجميعها في عدد من الأحواض دون معالجة دقيقة، ما يساهم في إفراز روائح كريهة تضر بسلامة وصحة العائلات القاطنة بالجوار، سيما بأحياء امغيلة وأولاد أضريد وأدوز وفم العنصر. وتهدد العصارة المتجمعة بالأحواض المخصصة الغطاء النباتي المحيط بها بعد تسربها إلى جوف الأرض، فضلا عن إلحاق أضرار وخيمة بالفرشة المائية. وأنجزت بعض المبادرات السابقة من قبل شركات تعاقبت على تدبير المطرح، لكنها عملها لم يشكل إضافة نوعية للمدينة، بقدر ما مس تدخلها بهوية المدينة التاريخية، وبجمالها وبفرشتها المائية، وبطبيعتها الخلابة التي كانت تشد الزائر بخضرة أشجارها الوارفة، وبخرير مياهها العذبة، مشيرين إلى أن الحال مع المطرح التقليدي كان أفضل مما هو عليه الآن. طي ملف المطرح لحلحلة ملف المطرح البلدي الذي يتم تدبيره حاليا من قبل إحدى الشركات مؤقتا، دعت أصوات إلى إيجاد بدائل حقيقية وفرض مقاربات علاجية، تنهي بشكل نهائي مشكلة المطرح البلدي، مؤكدة أن تنمية مدينة بني ملال سياحيا تتطلب حل مشكلة المطرح البلدي الذي يؤثر سلبا على قطاع السياحة والاستثمار. وثمن مواطنون مبادرة والي الجهة الذي يعمل على استقطاب استثمارات جديدة لفائدة السكان، من قبيل إنجاز المتاجر الكبرى، لكن توطينها بالجهة التي تطل على مطرح النفايات البلدي باتجاه مدينة قصبة تادلة يفرض على المسؤولين إيجاد حل نهائي للروائح المنبعثة من المطرح، إذ لن يقبل الزبناء التبضع من المتجر الكبير الذي تم تدشينه، أخيرا، مادامت الروائح الكريهة تزكم أنوف المواطنين، وتزداد حدتها في فصل الصيف ما يضر بسمعة المدينة التي ينبغي أن تتخلص نهائيا من معضلة المطرح البلدي. الجماعة تفكر في صفقة جديدة تؤرق مشكلة تدبيرالنفايات بال الجماعة الحضرية بني ملال، وفي إطار البحث المستمر عن حلول بيئية مستدامة، تفكر جماعة بني ملال في إبرام صفقة جديدة لإدارة مطرح النفايات لمواجهة تفاقم المشكلة البيئية في الجهة. وأكد الغازي لبريديا، نائب الرئيس بالجماعة الترابية لبني ملال أن الصفقة الجديدة، تشمل إنشاء محطة لمعالجة المياه العادمة، وهو الأمر الذي أدى إلى فسخ العقد السابق مع شركة لتدبير النفايات بالمطرح. وأكد المسؤول ذاته، أن المجلس الجماعي لبني ملال سيعلن عن صفقة جديدة في الأيام القليلة المقبلة، وفقاً للقوانين والتشريعات البيئية المعمول بها، بهدف جعل مطرح أولاد اضريض مشروعاً صديقاً للبيئة، يتماشى مع جميع المعايير البيئية الحديثة، إضافة إلى أنه عكس التزام السلطات المحلية والجماعة الترابية بضمان بيئة سليمة ومستدامة. ويستطرد الغازي لبريديا قائلا، إن المطرح البلدي كان عشوائيا إلى حدود 2015، عندما حازت شركة تدبير النفايات الصفقة، ولم يتم تفعيل بنودها إلى 2017 لضرورة الحصول، على موافقة وزارتي الداخلية والبيئة اللتين تقدمان الدعم اللازم ماليا وتقنيا للجماعة. وأضاف، أن شركة "إيكوميد" الفائزة بتدبير المشروع سابقا، لم تلتزم ببنود الصفقة، إذ تبين للجماعة أن الشركة لم تلتزم بكل مقتضيات المشروع المتفق عليها، بعد أن تم إغفال مركز الطمر والنفايات من قبل الشركة فضلا عن ضرورة وضع معمل لتدبير النفايات، والتخلص من عصير "الليكسيفيا" الذي يشكل خطرا حقيقيا على الفرشة المائية وعلى البيئة معا، ولتفادي الكارثة تم اقتراح بناء أحواض لتجميع هذه العصارة السامة ومعالجتها تفاديا لتسربها إلى الفرشة المائية التي تعتبر من أهم عناصر الحياة بالمنطقة. وشدد لبريديا، على أن الشركة لم تلتزم بأهم بنود الاتفاقية التي تم توقيعها، إذ كانت تتخلص من عصارة "الليكسيفيا" برميها في البيئة في حفر وضعت لهذا الغرض، وتم ضبط العمال يقومون بهذا الخرق القانوني، وأحضرت الجماعة الحضرية لبني ملال عناصر السلطات المحلية، ودرك البيئة فضلا عن شرطة البيئة، وأنجزت محاضر تم تقديمها للمحكمة لاتخاذ المتعين. وأكد لبريديا، أن مبادرات الصلح مع الشركة تم اقتراحها لتفادي بطء المساطر، مع التشديد على حاجة المدينة إلى مطرح بمواصفات صديقة للبيئة، وتدخل والي الجهة، خطيب لهبيل، للحيلولة دون استمرار خلافات تضر بمصلحة المدينة، وحرص على عقد لقاءات مع الشركة، كما دخلت وزارة الداخلية على الخط لحل الخلاف مع الشركة، لكن لم تفض المحاولات كلها إلى بناء علاقة ثقة مع الشركة التي رفضت الحلول المقترحة، ما تطلب اعتماد القانون فيصلا بين الطرفين، وتمكن المجلس الجماعي في نهاية الأمر من فسخ الاتفاقية مع الشركة، وهو أمر ليس بالهين لثبوت مشاكل عدة أفضت إلى خلافات بين الطرفين. وأمام هذا الوضع الجديد، وحتى لا يتضرر المواطنون من هذا الفراغ، يضيف لبريديا، تم الإعلان عن صفقة جديدة لتدبير النفايات سنة 2022، لكنها لم ترق إلى صفقة تخص تدبير المفوض القائم على عدد من المعايير والضوابط القانونية، وكانت الصفقة عادية تخص طمر النفايات وغرس الأشجار وتسييج المطرح، وتناوبت على الصفقة بعدها شركات أخرى دبرت الأمر مؤقتا في انتظار الإعلان عن صفقة جديدة للتدبير المفوض بمواصفات تليق بسمعة المدينة. واستمرارا لعملية انتقاء الشركة المناسبة لتدبير ملف النفايات، تم الإعلان عن الصفقة للتدبير المفوض مرات عدة، لكن لم يتم اختيار أي شركة لعدم توفر المواصفات المطلوبة في الشركات التي تقدم دفاتر تحملات لا تلبي المعايير المقترحة، وبالتالي فإن القانون يمنح الجماعة فرصة اختيار شركة ما مباشرة، ليتم الاتفاق معها حول المشروع بعيدا عن المناقصات المعمول بها في قانون الصفقات، لكن رغم هذا الامتياز، فإن الجماعة الحضرية لبني ملال كانت حريصة على أن يتم تفعيل قانون المناقصة بالإعلان عن الصفقة التي ستتم في شتنبر المقبل. سعيد فالق (بني ملال)

بني ملال تحت رحمة مطرح النفايات

يعيق تنمية المدينة ويضر بصحة السكان المجاورين وفشل في إيجاد حل

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أحكام بالإعدام واعتقالات عشوائية

"النوار" سبب عدم احترافي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات