هدى اليداري تتوج بأفضل طباخة مغربية قصة أمينة واحدة من بين عشرات القصص التي بدأت تتشكل .... في بعض الأحياء الشعبية البيضاوية، حيث تناسلت مدارس تعليم الطبخ، ليس في مقرات الجمعيات التنموية، فحسب، بل أيضا في مقرات قائمة الذات، على غرار مدرسة "أموند روز"، التي تديرها خبيرة الطبخ هدى اليداري، وحاملة لقب أفضل طباخة عربية، حازته في الإمارات العربية، والمرأة التي استقبلها الملك محمد السادس، ليس فقط لأنها توجت بهذا اللقب، ولكن لأنها ساهمت في خلق فرص شغل ومشاريع ذاتية لمئات النساء، اللواتي منحتهن أسرار مطبخها ولقنتهن فن الطبخ المغربي الأصيل، قبل الفن العالمي.بابتسامة عريضة تستقبلك هدى في مكتبها، الفضاء الذي لا تخصصه لاستقبال زوارها ومتعلماتها، فحسب، بل أيضا تجمع فيه الملابس والأفرشة والمواد الغذائية، التي تعتزم توزيعها في الدواوير النائية. وليس ذلك بغريب، عن مجال الطبخ، كما تقول هدى، "بل أصلا دخلت هذا المجال من باب فعل الخير، وتعليم النساء هو أيضا فعل خير، لذلك حين سألني صاحب الجلالة الملك محمد السادس عما أريده، قلت له أفران يا مولاي لمساعدة متعلمات الطبخ على إنجاز مشاريعهن الخاصة". حكاية "فعل الخير"، نسجت خيوطها في حفلة حيث كانت هدى مدعوة إلى جانب واحدة من أكبر خبيرات الطبخ في المغرب، و"بما أني درست أيضا الطبخ، لثلاث سنوات في إسبانيا، آنذاك، فإن حديثنا انصب في هذا الإطار، قبل أن نتحدث عن وصفة لإعداد حلوى فرنسية غالية الثمن، حينها أخبرتها أني أعدها في بيتي، فاستغربت "الشيف"، خاصة حين أكدت لها أنني أعدها بوسائل مطبخ مغربي عاد أي فرن و"لاطة" عاديين، فتحدتني، ودعتني إلى ما يشبه مبارزة في إعداد هذه الحلوى".قبلت هدى بالتحدي، ونقلت فرنها العادي إلى مقر جمعية، فيما نقلت "الشيف" أدواتها العصرية الكهربائية، "حضر اللقاء خبير طبخ آخر، وبعض الضيوف، وحين حضرت حلواي وحضرت الشيف حلواها قدمناهما للضيوف، فكانت تلك التي أعددتها بوسائل تقليدية وعادية مبهرة لهم، وفي مستوى تلك التي حضرتها "الشيف" بكل ما تحتاجه من وسائل عصرية دقيقة". إعجاب مسؤولي الجمعية بتمكن هدى من تحضير حلوى بوسائل بسيطة، جعلهم يقترحون عليها تعليم النساء في مقر جمعيتهم."قبلت بالتحدي، خاصة أنني كنت أقضي كل أوقاتي في البيت، إذ بعدت عودتي من إسبانيا، تزوجت وتفرغت لرعاية أطفالي وزوجي، قبل أن أدخل غمار هذه التجربة". بوسائل عادية تمكنت هدى من جلب عدد كبير من النساء الراغبات في تعلم الطبخ، "كن بضع شابات، إلا بعد فترة قصيرة، بدأت تتوافد النساء من الأحياء المجاورة ومن مناطق أخرى للتعلم على يدي، وأصبحت مداخيل الجمعية كبيرة، بعد أن أصبحت لدينا أفواج كثيرة، ووسعت الجمعية مقر التعليم ليصبح أكثر استيعابا لعدد الوافدات الجديدات".امتلأت هدى فرحا وهي ترى الإقبال الكبير على مقر الجمعية، "بل أصبحت النساء اللواتي تخرجن من مدرستنا الصغيرة، ينجزن مشاريعهن الخاصة لبيع الفطائر وبعض السندويتشات والحلويات، حينها جاءت اللحظة التي قررت فيها متابعة دراستي في الطبخ، والتحقت بفرنسا لهذا الغرض".قضت هدى سنتين أخريين في التعلم، قبل أن تعود إلى المغرب، وتصدر كتبا لاقت إقبالا كبيرا، "رغم ذلك شعرت أني لم أحقق حلمي بعد، وهو تسخير هذه الحرفة لمساعدة النساء، خاصة أولئك اللواتي يوجدن في وضعية صعبة". فتحت هدى مدرستها الخاصة، وبدأت في استقبال نساء، بعضهن بمقابل مالي، وبعضهن الآخر بالمجان، "أعلم نساء من جميع الشرائح الاجتماعية والثقافية، ولا يتعلق الأمر فقط بربات البيوت، بل أيضا بالعاملات، ومنهن أطر يأتين يوم السبت لتعلم بعض الوصفات".تساهم كل واحدة من المتعلمات ببضعة دراهم، قد تتراوح ما بين 3 دراهم و6، عند كل حصة، لاقتناء لوازم الوصفات الجديدة، "عوض أن تحمل كل واحدة معها مكوناتها الخاصة، فإنهن يقتسمن شراءها بالتضامن، ما يسمح لهن بحمل بعض ما أعددناه في مطبخ المدرسة إلى أسرهن".حرص هدى اليداري على أن تشمل مساعدتها نساء من مختلف المناطق، خاصة منعدمات الدخل جعلها تبحث عن وسيلة للوصول إلى ذلك، "لم يكن ممكنا تعليم جميع النساء الطبخ، إلا أني سرعان ما وصلت إلى حل آخر، وهو إعداد توابل وقطع "البنة" في البيت وبمواد من مختلف مناطق المغرب، وبدون مواد حافظة أو كيماوية"، وبذلك كانت هدى على موعد مع نساء في الأقاليم الجنوبية يتكلفن بتجفيف الثوم والبصل، مقابل مبالغ مالية، يعلن بها أسرهن، كما منحت هدى فرصة عمل لنساء في الأطلس يجمعن الأعشاب الطبيعية ويجففنها، من قبيل الزعتر الجبلي وزهرة الجبل وغيرها من الأعشاب، التي تعد منها الخبيرة في الطبخ توابل تسوقها بدون مواد حافظة.ض . ز