غرفة جنايات الجديدة أدانت زوجا غيابيا بسنتين من أجل الاغتصاب الزوجي قبل تبرئته حضوريا قبل شهر وفي يوم أربعاء عادة يصادف انعقاد الجلسة الأسبوعية لغرفة الجنايات الاستئنافية، شوهد حشد كبير من الناس عند باب المحكمة ينتظرون إشارة من رجال أمن للولوج إلى داخل قاعة الجلسات رقم 1، وكلهم أمل في أن تكون فرصة للتخفيف عن أقارب لهم من ثقل أحكام في معظمها سالبة للحرية وبمدد طويلة. قبل أن تنطلق الجلسة استوى الناس في أماكنهم وكأن على رؤوسهم الطير، وساد صمت رهيب هو ذاك الذي يسبق عادة " رنة جرس العدالة"، لحظتها سافر بي التفكير إلى قصة هذا الجرس ومن أقر أن يكون هو الصوت الذي تفتتح به الجلسات، جاءتني الإجابة سريعة مما ترسب في ذهني من معلومات عنه أردت أن أتقاسمها مع العموم، فقصة هذا الجرس يا سادة هي كالتالي، يحكى أنه في قديم الزمان وفي مدينة جميلة حملت اسم " مدينة العدل" قرر ملكها نشر العدل بين الناس والمساواة، فأمر بتعليق جرس به حبل وسط المدينة، يلجأ إليه المظلومون ويقومون بجر الحبل، فيهرع لهم المسؤولون ويستمعون إليهم ولا ينصرفون حتى يرفعوا عنهم الظلم والمهانة. هكذا ظل هذا الجرس شامخا عبر مرور السنين، معلقا بكل قاعات الجلسات يشعر الحاضرين إليها بطلعة هيأة الحكم ليقف لها الجميع احتراما وتقديرا. قضايا جنائية تكرر نفسها لم تخرج هذه الجلسة عن طبيعة جلسات سابقة احتضنتها القاعة المذكورة، حتى بدا وكأن القضايا الجنائية التي تناقش كل أسبوع تكرر نفسها، ما يختلف فيها هم المتهمون والمطالبون بالحقوق المدنية. كانت ملفات عديدة أمام سعيد الدشراوي رئيس غرفة الجنايات الاستئنافية، اختلفت في أرقامها التسلسلية لكنها تشابهت في نوازلها وفصول المتابعات وصكوك الاتهام، للدرجة التي يستشعر فيها الحاضر إلى الجلسة سالفة الذكر، المنحى التصاعدي الذي تعرفه الجريمة بدكالة الكبيرة التي تضم إقليمي الجديدة وسيدي بنور، هذه المنطقة التي ظلت حوادثها ولفترة طويلة لا تخرج في الغالب عن ردهات القطب الجنحي بالمحكمتين الابتدائيتين بكل من الجديدة وسيدي بنور، لكن خلال العشرية الأخيرة انتقلت ب"ريتم" سريع نحو قضايا جنائية مقلقة في القتل بمعدل أكثر من ثلاث جرائم قتل في الشهر، وتعدد الاغتصاب والسرقات الموصوفة بأياد مسلحة واعتراض السبيل . تفاصيل قضية مثيرة وسط هذا الكم من القضايا برزت قضية مثيرة اعتبرتها المحكمة جاهزة، وتتعلق بشكاية " اغتصاب زوجي" تقدمت بها زوجة ضد زوجها الأربعيني، تتهمه فيها أنه واقعها عنوة وأنه تسبب لها في مجموعة من الأضرار . نودي على الزوج وتقدم نحو قفص الاتهام في حالة اعتقال، وباله ربما منشغل بالحكم السابق الذي كان أصدرته محكمة الاستئناف بطنجة في حق زوج وأدانته بالحبس النافذ إعمالا للفصلين 486 و488 من القانون الجنائي رغم وجود رابطة الزوجية . كان المتهم الأربعيني مؤازرا بدفاعه، حيث أنكر في المرحلة الابتدائية جملة وتفصيلا ادعاءات زوجته، التي كانت ترغب في الانفصال عنه بأي طريقة، فاختلقت قضية الاغتصاب للتخلص منه، ونال في تلك المرحلة حكما بالبراءة، استأنفته النيابة العامة لكنه تخلف عن جلسات رغم توصله بالاستدعاء، ما دفع هيأة الجنايات الاستئنافية إلى إدانته غيابيا بسنتين حبسا نافذا. وعلى خلفية ذلك حررت مذكرة بحث في حقه دون أن يكون على علم بها، قبل أن يسقط في سد قضائي وبعد تنقيطه ألقي عليه القبض وزج به في السجن. إعادة المحاكمة من جديد قام دفاع المتهم بكل الإجراءات الضرورية ونجح في إبطال الحكم الغيابي، وإعادة محاكمته حضوريا وفي حالة اعتقال، حيث ذكره رئيس الهيأة أنه واقع زوجته عنوة ما يرقى إلى درجة اغتصاب معاقب عليه قانونا. نفى الزوج ما ورد في شكاية زوجته مؤكدا أنها تريد الطلاق وأنها لأجل ذلك تقدمت بهذه الشكاية الكيدية، عساها تكون أداتها في الضغط عليه للاستجابة إلى طلب التطليق للشقاق. لما أعطيت الكلمة لدفاع المتهم كسر صمت القاعة بسؤال إلى الهيأة " السيد الرئيس المحترم هل يحتاج الزوج إلى رخصة لمواقعة زوجته" لحظتها علت الابتسامة على محيا الرئيس ومستشاريه. وتابع المحامي أن موكله لا تنطبق عليه بنود الفصلين سالفي الذكر، وأنه لنفرض جدلا أنه واقعها فهي زوجته استنادا إلى الاعتقاد بأن "عقد الزواج يجعل الزوجة في حالة رضى مفترض بخصوص أي علاقة مع زوجها"، وبالتالي فإن المواقعة تلقائيا بين الزوجين يحكمها الطابع الرضائي، وأنه في حالة موكله فإنه تمسك لدى الضابطة القضائية وفي جميع المراحل القضائية بإنكاره التام لما تدعيه زوجته، وأنها تروم من وراء كل الاتهامات الوصول إلى لي ذراعه ليوافق لها على رغبتها في الطلاق، وأن غرفة الجنايات الابتدائية فصلت في القضية بالحكم ببراءته وهو ما سيكون حتما بخصوص الحكم الاستئنافي . مداولة وحكم بالبراءة بعد مداولة استغرقت ساعتين عادت هيأة الحكم، بعد أن كونت قناعة عن القضية أسقطت عنه المتابعة وحكمت عليه بالبراءة. عبدالله غيتومي (الجديدة)