سلبيـة أخنـوش وحدتْنـا

قال كريم بلمقدم، عضو التنسيق الوطني النقابي بقطاع الصحة والكاتب العام للنقابة الوطنية للصحة العمومية (ف.د.ش)، إن التنسيق النقابي، هو نتاج سياق توحدت فيه جميع الإرادات للدفاع عن الملف المطلبي للشغيلة الصحية. وقال بملقدم إن سلبية رئيس الحكومة وحدت مكونات القطاع أكثر، مؤكدا استغرابه للتدخل العنيف ضد مسيرة وطنية سلمية شارك فيها 10 آلاف موظف وموظفة. في ما يلي نصل الحوار: أجرى الحوار: يوسف الساكت / تصوير ( أحمد جرفي) بعد التعليم، أسس قطاع الصحة تنسيقية وطنية باسمه للترافع عن الملفات المطلبية. ألا تخافون أن تنعتوا بابتزاز الدولة بهذا الشكل التنظيمي؟ > هذه مناسبة لرفع لبس يحاول البعض أن يورطنا فيه، رغم أنه ليس لدينا أي مشكل بالمطلق مع باقي التنسيقيات الأخرى التي تشتغل في قطاعات أخرى. وأوضح أن التنسيق الوطني النقابي بقطاع الصحة، هو إطار يوحد مبادرات ومواقف نقابات قطاعية موجودة في الساحة، وتمثل عددا من الفئات، ارتأت تبني هذه الصيغة للانخراط المشترك في جلسات الحوار الاجتماعي القطاعي. ففي شتنبر 2021، شرعنا فعلا في تنظيم جلسات للحوار الاجتماعي دورية متتالية مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، وتطور النقاش في عدد من الملفات والقضايا المدرجة في جدول الأعمال والنقاط المطلبية، حتى وصلنا إلى مرحلة كان من الضروري إشراك وزارات أخرى، مثل وزارة المالية والاقتصاد ووزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة والأمانة العامة للحكومة. وتطلب منا هذا المجهود عقد سلسلة من الاجتماعات، بمشاركة جميع النقابات، وصلت إلى 55 اجتماعا، انكبت على تجميع وتدقيق عدد من الملفات التي تهم الوضعية الاعتبارية والمالية لعدد من الفئات العاملة في القطاع. أفهم أن النقابات التي شاركت في جلسات الحوار الاجتماعي هي النقابات الأكثر تمثيلية بالقطاع.. > بالعكس، منذ البداية، كان الحوار الاجتماعي منفتحا على جميع النقابات المشتغلة في القطاع، وباتفاق مع الوزارة التي استحسنت هذه المبادرة، واعتبرنا جميعا أن إشراك الجميع، ضروري لسد الباب على بعض المزايدات التي يمكن أن تشوش على القضية الأساسية، وهي التفاوض من أجل تحقيق مكاسب وامتيازات للشغيلة الصحية برمتها. وأعني بالجميع، ست نقابات وحدوية تمثل جميع الفئات، إضافة إلى نقابتين فئويتين، تثمل واحدة الأطباء والأخرى الممرضين، أي ثماني نقابات في المجموع. هناك بعض الأصوات تصب في اتجاه تحريك التنسيق النقابي من قبل وزير الصحة لغايات سياسية... > هذا اللغو افنده جملة و تفصيلا، لأن التنسيق النقابي يتكون من نقابات مستقلة سياسيا ونقابات ذات امتداد سياسي مقسمة بين أغلبية ومعارضة. وبالتالي، سيكون استغلالها واستعمالها من طرف أي أحد مستحيل. فهي مكونات خليط بين توجهات ومدارس سياسية مختلفة ومتعاكسة. أضف إلى ذلك أن النقابات سبق أن اشتغلت إلى جانب وزير الصحة الحالي الذي تم اختياره تقنوقراطيا في قطاع يعتبر إستراتيجيا في إطار حكومتين متعاقبتين، وهي تجربة فيها العديد من المحطات مكنتنا من التمييز بما للوزير وما عليه. وبصفة عامة، فإن ما يحركنا هو مصلحة الموظفين بصفة خاصة والتأسيس لمنظومة صحية فعالة بصفة عامة في إطار الرؤية والمشروع الملكي المهيكل للقطاع. نجحتم في إيجاد صيغة للتوافق مع الحكومة على كثير من المطالب، وأعلنتم ذلك في الصحافة. ماذا جرى بعد ذلك؟ > بالفعل، بعد انتهاء مرحلة النقاش والمفاوضات والتدقيق وتصنيف الملفات والتوافق على مخرجات وحلول، وصلنا إلى 29 دجنبر 2023، الذي يؤرخ لتاريخ التوقيع على أول محضر اتفاق قبل أن يتم التفصيل و التدقيق و التوافق على مطالبه في حدها الأدنى المتوافق عليها بين الجميع في محضر ثان بتاريخ 26 يناير 2024. وكما تتبعتم جميعا، كان محضر الاتفاق واضحا في التنصيص على عدد من النقاط التي اعتبرناها مهمة. طيب، هذه اتفاقات واضحة مع الحكومة. ما الذي أعاد عقارب الساعة إلى الوراء؟ > بعد الموافقة المبدئية التي عبر عنها ممثلو الوزارات، بدا أن هناك بعض النقاط الخلافية، في الشقين الاعتباري والمالي، ارتأينا جميعا أن نرفعها إلى رئيس الحكومة من أجل التحكيم. مع ملاحظة مهمة في هذا الصدد، هي أن الاتفاق الذي وقعنا عليه في وزارة الصحة، كان سابقا من حيث الزمن لجلسات الحوار المركزي، نظرا إلى خصوصية قطاع الصحة، وارتباطه الوثيق بالورش الملكي الكبير المتعلق بالحماية الاجتماعية، وضمنه منظومة الصحة. وهذا يعني أن النقابات جميعها، عبرت عن إرادة قوية للانخراط في المشروع الملكي في إطار شروط للسلم الاجتماعي، وتهدئة الأوضاع اجتماعيا، لفسح الطريق لإنجاحه وتنزيله على أرض الواقع. إذن، لم تكن أي نية في التصعيد والعرقلة... > أبدا، وبالمطلق، لدرجة أنكم لاحظتم ذلك، ووقفتم على الالتزام الكبير الذي عبرت عنه جميع النقابات المنضوية في التنسيق الوطني. فما الذي وقع إذن؟ > الذي وقع أن النقابات ظلت تنتظر رد رئيس الحكومة على الملفات الخلافية موضوع التحكيم لعدة أيام، ومنحت المهلة تلو الأخرى، متفهمة الإكراهات وضيق الوقت، وكثرة مشاغل المسؤول. ربطنا الاتصال عدة مرات بوزارة الصحة للاستفسار عن مآل جواب رئيس الحكومة، فكان الرد دائما، أنه لا تجاوب، وحركنا جميع القنوات والاتصالات والعلاقات في الحكومة والبرلمان والأحزاب، من أجل معرفة ما يجري بالضبط، دون أن نصل إلى أي نتيجة. ولاحظ بأن الوقت بدأ يسير بنا من نهاية دجنبر 2023 إلى منتصف شهر فبراير 2024، دون أن نحصل على أي رد، في وقت كانت القواعد تضغط علينا من أجل إيجاد حل. في هذه اللحظة، صدمنا بتصريح لرئيس الحكومة في مجلس النواب، الذي ألمح فيه أنه غير متفق مع مضامين الاتفاق برمته. هنا بدأ الشك يتسرب إلينا، وشعرنا أن هناك مشكلا ما، ولم نتسرع في رد الفعل، بل قلنا إن للأمر، ربما، علاقة بالحوار الاجتماعي المركزي الذي ستطرح فيه الملفات المتعلقة بالصحة للتداول فيها. بداية التنسيق الميداني بعد انتظار طويل لرد رئيس الحكومة، كان علينا أن نتحرك من أجل التعبير والتحسيس بهذا المأزق، وإخبار القواعد والرأي العام الوطني بأن هناك «بلوكاج» ما في مكان ما بخصوص ملفنا المطلبي. في البداية، أعلنا عن سلسلة وقفات احتجاجية وإضرابات محدودة من أجل التنبيه ودق الناقوس، إذ كانت كل نقابة تعلن عن شكلها النضالي بشكل منفصل عن النقابات الأخرى، تبعا للقرارات الصادرة عن أجهزتها، قبل ان نلاحظ أن جميع النقابات تتحدث اللغة نفسها، ومضمون الاحتجاج نفسه، فارتأينا عقد اجتماع موسع لجميع النقابات بتاريخ 19 ابريل 2024 بمقر النقابة الوطنية للصحافة المغربية بالرباط وأعلنا عن صيغة موحدة، ممثلة في التنسيق الوطني، الذي بدأ يصدر بلاغات وبيانات باسمه. وحدة الملف المطلبي ألم تجدوا أي مشكل في جمع شتات نقابات وهيآت تفرقها كثير من الخلافات؟ > بالعكس، السياق ساعدنا كثيرا على تذليل جميع الصعوبات، لأن ما يوحدنا هو محضرا الاتفاق اللذين وقعت عليه جميع النقابات والوزارة، ثم ما وحدنا أكثر هي سلبية رئيس الحكومة وتعامله الغريب مع هذا الملف، ورفضه تقديم جواب في الملفات التي رفعت إليه في إطار التحكيم. بم تفسرون موقف رئيس الحكومة؟ > لا تفسير لنا في الواقع. استغربنا حقيقة لهذا الموقف، ولم نفهم ما يجري بالضبط، وبذلنا كل ما في وسعنا لإيجاد جواب مقنع، ولم نفلح في ذلك، حتى أن رئيس الحكومة يرفض الرد على مراسلات إدارية، طلبنا فيها الإفراج عن التحكيم. في هذا الوقت، بدأ التنسيق ينتقل إلى مرحلة من التصعيد الاحتجاجي.. > أجل، وشرعنا في برمجة إضرابات قطاعية لثلاثة أيام في الأسبوع في جميع المصالح الاستشفائية، باستثناء المستعجلات وأقسام العناية المركزية، ورغم ذلك لم نشعر أن رسائلنا تصل إلى رئيس الحكومة، الذي ظل يتعامل مع شل قطاع الصحة، باعتباره حدثا عاديا. طرحنا السؤال في التنسيق الوطني: ماذا يجري بالضبط؟ ولماذا يتصرف رئيس الحكومة على هذا النحو؟ ومنبع السؤال أن الإضرابات تجري في قطاع حساس له علاقة مباشرة بحياة المواطنين، حتى بدأنا نشك أن عدم الرد على الملفات المطلبية الخلافية أمر مقصود، ودرسنا عددا من السيناريوهات والرهانات و»المخططات»، التي قد تكون لها علاقة بهذا الموقف الغريب. التخطيط للمسيرة ماذا كان رد فعلكم خلال ذلك؟ > اجتمعنا من جديد في التنسيق الوطني، وقررنا التصعيد بأشكال جديدة، منها وقفة احتجاجية أمام مجلس النواب، وتنظيم ندوة صحافية، وبدأنا نستعد ونروج لتنظيم مسيرة وطنية تنطلق من باب الأحد إلى ساحة محمد الخامس، حيث يوجد مقر البرلمان. أفهم أن المسيرة لم تكن مفاجئة.. > بالعكس، المسيرة المنظمة يوم الأربعاء الدامي، هي مسيرة مؤجلة عن مسيرة كان من المفروض تنظيمها في الأسبوع الذي قبله، فقررنا التأجيل، لتزامن ذلك مع حدث وفاة والدة جلالة الملك. بمعنى أن الجميع كان على علم بالمسيرة، بل أعلنا عن ذلك بوقت كاف عن الخطاطة العامة والتوقيت المحدد وعدد المشاركين المحتملين ولجنة التنظيم واليقظة ولجنة الشعارات، ووضعنا الترتيبات اللازمة، ولم نشك لحظة واحدة بأننا نتعرض إلى تدخل عنيف كما شاهدتموه جميعا. < اعتبرنا الأمر شيئا مطلوبا، نظرا إلى علاقات التعاون والاحترام التي ظلت تربطنا دائما بالسلطات الأمنية التي تعمل على تسهيل مأموريتنا، وتوفر لنا الحماية، لكن ما وقع الأربعاء كان مفاجئا وصادما، حتى أن التدخل لم يحترم القواعد المعمول بها في مثل هذه الحالات، وأعني الإخبار الذي يتوصل به المشاركون من قبل ممثل لوكيل الملك بشارة مميزة، الذي يعطي إنذارات متتالية بإخلاء الساحة، قبل التدخل. وقع الأسوأ بالفعل بطريقة غير مفهومة لنا جميعا، وتعرضت نساء للتعنيف، وتمت اعتقالات وإيقافات، وهناك متابعات أمام وكيل الملك. لماذا كل ذلك، نريد أن نفهم؟ توصلنا أول الأمر بدعوة من مدير الديوان ومدير الموارد البشرية لعقد لقاء الجمعة. اعتذرنا، وطلبنا حضور رئيس الحكومة للاعتذار، لكن تدخل وزير الصحة الذي قال لنا إنه ينوب عن الرئيس، باعتباره عضوا في الحكومة، وليس مسؤولا عن القطاع، وتلا علينا كلمة صادرة عن رئاسة الحكومة، تتضمن اعتذارا غير مباشر. ما هو الاتفاق الذي وصلتم إليه بإيجاز؟ > لم نصل بعد إلى حل، أو اتفاق نهائي، كلما في الأمر أننا في اجتماع 12 يوليوز الجاري، وقفنا من خلال عرض وزير الصحة والحماية الاجتماعية على تفاعل الحكومة، عند الملف المطلبي للشغيلة الصحية المتضمن في الاتفاق بين وزارة الصحة والنقابات الذي أفضى إليه الحوار القطاعي بقطاع الصحة بعد مجهودات كبيرة وعشرات الاجتماعات، وبناء عليه، فقد سلمنا في التنسيق النقابي لوزير الصحة والحماية الاجتماعية مراسلة جوابية مفصلة ومدققة موجهة لرئيس الحكومة، تتكون من أربع صفحات قدمنا فيها الردود والحلول التي نطرحها تنسيقا وطنيا بقطاع الصحة، بخصوص رؤيتنا الجماعية لتنزيل كل البنود والنقط المطلبية الـ27 مادة/بمادة الواردة في محضري الاتفاق القطاعي (تتضمن الوثيقة موقف الحكومة ورد وموقف التنسيق النقابي منها). أربع نقاط كيف تتصور أفق هذه المعركة؟ > أولا، لابد أن نقدم باسم النقابات الصحية وكل المهنيين الصحيين بمختلف فئاتهم أسفنا واعتذارنا الشديد لكافة المواطنين والمواطنات، جراء تعطل الخدمات الصحية بفعل الاحتقان الاجتماعي بالقطاع، الذي نحمل مسؤوليته لمماطلة وتسويف الحكومة. وأشدد على اضطرارنا لمواصلة المحطات النضالية، بعد استنفادنا لكافة الحلول البديلة وعجز الحوار عن الوصول إلى الحلول المرجوة منه، أمام صمت وتنكر رئيس الحكومة. ثانيا، أؤكد أن احتجاجاتنا هي مهنية، وهي سبيلنا لإيصال معاناة وحالة السخط والإحساس بالحكرة السائدة في صفوف المهنيين الصحيين بكل فئاتهم. كما أسجل أن استئنافنا الفوري للعمل رهين بتجاوب الحكومة الفعلي مع النقاط المطلبية 27 الاعتبارية والمالية، المتضمنة في محضري الاتفاق سالفي الذكر. ثالثا، أشدد على أنه إلى حد الآن لا جواب رسميا لدينا حول مضامين المراسلة الجوابية المفصلة التي أرسلناها لرئيس الحكومة عقب اجتماع 12 يوليوز الجاري، جواب مازلنا ننتظره منذ ستة أيام. ورابعا أن جميع الخيارات مطروحة أمام التنسيق النقابي الوطني بقطاع الصحة الذي نعتبره جبهة نقابية موحدة لما نادينا بتشكيلها وخيارا إستراتيجيا لا محيد عنه ومتشبثون به إلى أبعد مدى. كما أؤكد أننا منفتحون على كافة المبادرات الهادفة، للتنزيل الفعلي لكافة مضامين المحضر، بشروط تضمن حقوق الأطر الصحية بكل فئاتها ومكتسباتهم وتلبي مطالبهم المادية والاعتبارية المنصوص عليها بالاتفاق. في سطور - من مواليد 1970 بالبيضاء. - متزوج، أب لطفلين. - حاصل على الدكتوراه في الطب. - حاصل على دبلوم MBA مختص في تدبير المؤسسات الصحية من الجامعة الدولية بالبيضاء. - الكاتب العام الوطني للنقابة الوطنية للصحة العمومية. - المنسق الوطني لقطاع الصحة بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وعضو مجلسه الوطني. - عضو المكتب المركزي للفيدرالية الديمقراطية للشغل. - مدير سابق لعدة مستشفيات بالبيضاء.

سلبيـة أخنـوش وحدتْنـا

بلمقدم عضو التنسيق الوطني النقابي بقطاع الصحة قال إنه استغرب التدخل العنيف ضد مسيرة سلمية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بلقاسم مدربا لـ "ليزمو"

نكران‭ ‬منطق‭ ‬الأولويات‭ ‬

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات