رغم أن بلاغ الديوان الملكي كان واضحا في ما يتعلق باحترام التراث المتفرد وتقاليد وأنماط عيش المناطق المتضررة من الزلزال، إلا أن مكاتب الهندسة التي فازت بصفقات إعادة الإعمار، أصدرت مخططات لا تراعي أبعاد التراث. وبعد اكتمال بناء مجموعة من المنازل في منطقة ويركان بالحوز وأخرى في تارودانت، تبين أن المنازل المشيدة نسخة من بناء المدينة، الذي لا يمت بصلة للمعمار الذي كان سائدا في المناطق المتضررة. وتبين المنازل المشيدة حديثا، أنها عبارة عن منازل مغطاة من فوق بالكامل، ومقسمة إلى غرف كما هو الأمر بالنسبة إلى البناء العادي، الذي يعتمد مبدأ غرفتين و"صالون" وحمام ومطبخ. وأعدمت هذه التصاميم والمخططات حلم استعادة نماذج البناء والمعمار الذي كان سائدا في المناطق المتضررة، الذي يمتاز بمجموعة من الخصائص، أبرزها استعمال المواد المحلية في البناء، والقرب الشديد بين المنازل، وأروقة ضيقة، إضافة إلى وجود طابق ثان يكون عبارة عن غرفة طويلة ممتدة على طول السطح، والتي تخصص لاستقبال الضيوف، وتكون باردة في فصل الصيف. وكان البناء الذي دمره الزلزال، شبيها إلى حد بعيد بطريقة بناء "الرياض"، إذ دائما ما يكون المنزل مفتوحا على السماء، ويكون وسط المنزل غير مغطى، والغرف محيطة بهذا الفناء المفتوح، وكل الأبواب والنوافذ تظل على الفناء، عكس ما هو معتمد في البنايات الجديدة. ويطرح السؤال حول مدى التزام مكاتب الهندسة، بالفقرة الواردة في بلاغ الديوان الملكي لـ 20 شتنبر 2023، والتي جاء فيها "مع إيلاء الأهمية الضرورية للبعد البيئي والحرص على احترام التراث المتفرد وتقاليد وأنماط عيش كل منطقة". وحسب ما استقته "الصباح" من معلومات فإن الإشكال الذي واجه مكاتب الهندسة، هو هزالة مبلغ الدعم، الذي لا يكفي إلا لبناء منازل تتراوح مساحتها ما بين 50 مترا مربعا و70، في حين أن البناء المنهار، كان واسعا، كما أن جل المهندسين لا يملكون خبرة كافية في تقنيات تصميم وبناء معمار المناطق المتضررة، الذي توجد أسراره لدى السكان المحليين. عصام الناصيري