الخلفي يقطر ملفا للفساد على ظهر احجيرة والأخير يتهم إسلاميي العدالة بـ "الإرهابيين والمافيا" كاد محور الفساد واقتصاد الريع أن يفجر، مساء أول أمس (الأربعاء)، برنامج «مباشرة معكم» الذي ينشطه الزميل جامع كلحسن بالقناة الثانية، حين لجأ وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة، إلى سحب ملفات معروضة على القضاء وإشهارها في وجه خصم سياسي يتقاسم معه طاولة النقاش السياسي على تقييم ثلاث سنوات من عمر الحكومة.كان الخلفي يجرب، في الواقع، آخر رصاصة في جعبته حين حاصره عمر احجيرة، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، وحسناء أبو زيد، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، بأسئلة ومعطيات عن ملفات فتحت سيرتها خلال الولاية الحكومية الحالية، وتورط فيها مسؤولون ووزراء وقابلتها الحكومة بالصمت والهروب إلى الأمام، من قبيل الإكراميات والمنح المتبادلة بين وزير في الحكومة ومدير للخزينة العامة، واتهام شقيق وزير آخر في الحكومة الحالية بالاستحواذ على جميع الصفقات العمومية ومشاريع البنيات التحتية بالبيضاء، ورخص النقل و«المأذوينات»، وأسلوب «خالتي في العرس» لتوزيع المناصب العليا.حافظ الوزير على هدوء غريب وهو يلتقط رؤوس الأقلام في ورقة بجانبه، وفي لحظة غاص في مقعده يتابع عددا من الضربات انهالت عليه، قبل أن يستجمع قواه ويستل مدفعيته الثقيلة ويشهرها في وجه القيادي الاستقلالي، مذكرا بعدد من ملفات الفساد التي فتحتها الحكومة وعرضتها على القضاء، قبل أن تجد في طريقها من يدفع من أجل التهرب من العقوبات السجنية.ولم يكد الوزير ينهي جملته، حتى «طار» عليه عمر احجيرة، الذي شبه أسلوب الوزير بالعمل الإرهابي، وأساليب المافيات والعصابات، وليس كلام مسؤول حكومي من المفروض أن يرفع قرينة البراءة إلى مستوى التقديس وأن ينأى بنفسه عن التدخل في سير القضاء وأحكامه.وانفجر احجيرة غاضبا وسط البرنامج «أنتم إرهابيون ومافيا»، «حشومة كاع»، «بغيتو تفرضو علينا الصمت، ودابا جايين كتصفيو لحساب، بعد ما ديت ليكم جماعة كنتو طامعين فيها، هذا أسلوب ترهيب ومافيا».واستمر احجيرة على الوتيرة نفسها، حين قال «أنتم تخلطون الأوراق لغرض في نفس يعقوب، وأنتم تعلمون أن الفترة التي يتحدث عنها المجلس الأعلى للحسابات لم أكن فيها أتقلد منصب الرئاسة في الجماعة... أنتم تعرفون ذلك، وتأتون اليوم للتأثير على الرأي العام بهذه الطريقة... أنا غادي نظم ندوة صحافية وغادي نقول فيها كلشي، هذا أسلوب لن يرهبنا ولن يخيفنا». أثناء ذلك، تدخلت حسناء أبو زيد، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، التي عابت على الوزير مساسه بإحدى دعامات دولة الحق والقانون والديمقراطية، بلجوئه إلى التداول في ملف معروض على القضاء، كما انتهك فيه قرينة البراءة التي ينبغي على الحكومة، خصوصا وزراءها الشباب، أن تعطي مثالا في الحرص عليها، حفاظا على روح استقلالية السلطة القضائية وسير العدالة.دفاع أبو زيد أعطى شحنات جديدة لعمر احجيرة بعد أن التقط الإشارة، وخاطب الوزير يائسا «حين علمت أن الوزير الخلفي هو من يحضر برنامج «مباشرة معكم» باسم الحكومة، توسمت خيرا، لأنه لا ينتمي إلى فريق المشاغبين (...)»، وقبل أن ينهي جملته، تدخل الوزير وطلب منه سحب كلمة مشاغبين، ما رفضه احجيرة، طالبا منه تقديم اعتذار للمغاربة وسحب كلامه وتدخله في القضاء والتأثير عليه، قبل أن يردف «أنا مستعد للمحاسبة أمام المغاربة كاملين، إذا ثبت أني أخذت ريالا واحدا».بين اتهام واتهام مضاد وكلام ومقاطعة وأصوات عالية، فقد البرنامج، في لحظة رفيعة، بوصلته وتاه عن محاكمة ثلاث سنوات من عمر الحكومة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والمالية لينتقل إلى محكمة للبت في قضايا جرائم الأموال ارتدى فيها كلحسن جبة قاض وحمل مطرقة لفرض الهدوء في الأستوديو. يوسف الساكت