الاحتيال المالي… الجريمة المنظمة

شبكات تستعمل العملات المشفرة لتحقيق أرباح بالاحتيال والنصب تستغل العديد من شبكات الاحتيال والنصب غياب التأطير القانوني بالمغرب في مجال العملات المشفرة، وأثارت قضية محتال العملات المشفرة بالمغرب خلال الأسابيع الأخيرة ضجة، بعدما تعرض أزيد من 1500 شاب وشابة من مختلف المدن المغربية للاحتيال والتلاعب بالأموال من خلال ترويج عملة رقمية مشبوهة، واستخدام أساليب خادعة وسلوك احتيالي متعدد، لاستدراج الضحايا وغسل الأموال وتهريبها خارج المغرب. إنجاز: عبد الجليل شاهي (أكادير) أضحى المغرب يصنف من بين الدول التي لديها أعلى استخدام للعملات المشفرة والبيتكوين على الخصوص، كما يعد من بين البلدان الرائدة عالميا في استخدام العملات الرقمية، لتوفره على فئة كبيرة من الشباب المنفتحين على العالم الرقمي، والذين يرون في العملات الرقمية حلا للعديد من المشاكل كتجاوز العراقيل البنكية عند الشراء من متاجر إلكترونية دولية، ومجالا للاستثمار أيضا، محاولة منهم لتحسين وضعهم الاقتصادي، مما يجعلهم عرضة للنصب والاحتيال من طرف منصات توهم الشباب بالتداول وحفظ العملات الرقمية، وتوهمهم بحلم الثراء الذي يختفي مباشرة بعد اختفاء المنصة أو الحساب الإلكتروني بعد سلبهم أموالهم. النصب على الحالمين يتعرض العديد من الشباب يوميا للاحتيال والنصب أثناء التعامل بالعملات المشفرة، وأثناء محاولة صرف الدرهم المغربي بعملة "أوس دتي" العملة الأكثر طلبا في منصات التداول، منهم من يستدرج ضحاياه لمبالغ كبيرة، ومنهم من يطلب أن ترسل الدرهم أولا، ومنهم من يحبك علاقة مع المتداول، من أجل النصب على الضحايا في مبلغ كبير. وتقام هذه العمليات في السوق السوداء، وخارج الإطار القانوني، مما يساعد شبكات النصب والاحتيال على التمادي والاحتراف في الاستيلاء على أموال المستثمرين، لأنه يصعب اتخاذ أي إجراء قانوني، لأن جميع العمليات تقام بطريقة غير مشروعة. ورغم أن الهيأة الوطنية للمعلومات المالية المغربية بتعاون مع مكتب الصرف، بدأت في تعزيز الرقابة على مستخدمي العملات المشفرة، في خطوة حازمة لمحاربة الجريمة المالية، ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ومواكبة التطورات العالمية في هذا المجال، وقامت بمتابعة العديد من الشباب قضائيا بسبب التعاملات التي يقومون بها بالعملات المشفرة، سواء من خلال شراء سيارات أو المنتوجات المرتفعة الثمن أو من خلال مراقبة عمليات حساباتهم البنكية، فتبين تعاملهم بطريقة مجرمة قانونيا، وهي صرف الدرهم المغربي عن طرق السوق السوداء بواسطة العملة المشفرة، وما يترتب عنها من جرائم تتعلق بصرف العملة الصعبة، والتهرب الضريبي وغسل الأموال. كما تقدم عدد من المستثمرين بشكاية جماعية ضد شخص يتهمونه بالاحتيال والتلاعب بالأموال، بعدما ادعى تمكين المستثمرين في العملات الرقمية من أرباح ضخمة، قبل أن تهبط قيمتها بشكل كبير، وتسبب خسائر مالية كبيرة، ويفقد المستثمرون أموالهم، ويختفي الشخص عن الأنظار. وتعرف محاكم المغرب البت في العديد من الملفات المرتبطة بالتعامل بالعملات المشفرة، رغم غياب التأطير القانوني، ويتابع فيها أشخاص بتهم جنحة احتراف تلقي الأموال من الجمهور والقيام بعمليات الائتمان بدون اعتماد قانوني وتحويل الأموال بشكل غير مشروع وبدون ترخيص من مكتب الصرف، كما تستند المحاكم في إدانتها إلى مقتضيات المادة الأولى من القانون رقم 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيآت المعتبرة في حكمها التي تنص على أن هذه المؤسسات هي المخولة قانونا باحتراف واعتياد عمليات تلقي الأموال من الجمهور وتوزيع الائتمان ووضع مختلف وسائل الدفع رهن تصرف العملاء والقيام بإدارتها. كما أن اعتراف المعني بالأمر باحتراف تحويل العملة المغربية إلى عملة أخرى متداولة في مجموعة من المنصات الإلكترونية لتبادل المعاملات المالية بما يعادل قيمتها بالأورو أو الدولار، وكذا في عملات إلكترونية باستعمال البيتكوين، يعتبر تحويلاً غير مشروع وبدون ترخيص من مكتب الصرف. تقنين العملات الرقمية يرى المتتبعون في رصد مدى انتشار العملات الرقمية على المستوى الإفريقي والعالمي، أن المغرب يعرف ارتفاعا تصاعديا في التداول في العملات الرقمية المشفرة، ويأتي في الرتبة الثانية على الصعيد الإفريقي بعد نيجيريا، وفي الرتبة الرابعة عشرة على المستوى الدولي، رغم أن القوانين المغربية تعارض وتمنع استخدام هذه العملات، كما جاء في بيان بنك المغرب الذي إعتبر أن "التعامل بالنقود الافتراضية يشكل خطرا على المتعاملين بها، لأنها نقود افتراضية لا تتبناها الجهات الرسمية، ويبقى دائما أصحابها الأصليون مجهولي الهوية"، كما أعلن عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب أن هناك تنسيقا مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، للاستفادة من مساعدتهما للترخيص العملات المشفرة، كما تم إنشاءلجنة داخلية في بنك المغرب منكبة على إعداد مشروع قانون لترخيص التعامل بالعملات المشفرة، بمشاركة واستشارة تجارب بنوك أخرى وكذلك بمساندة تقنية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي. كما يهدف هذا المشروع حسب تعبير الجواهري، إلى الدفاع عن مصلحة المستهلك والمخاطر المنبثقة عن هذه العملات المشفرة، لاسيما في ما يخص تمويل الإرهاب وتبييض الأموال. وسبق أن لاحظ مكتب الصرف إقبال بعض الأشخاص الذاتيين والمعنويين على التعامل بما يسمى النقود الافتراضية أو يعلنون قبولهم التعامل بها في معاملاتهم المالية، مما دفع مكتب الصرف للتأكيد على أن التعامل بالنقود الإفتراضية يشكل مخالفة لقانون الصرف الجاري به العمل، ويعرض مرتكبيه للعقوبات والغرامات، كما طالب مكتب الصرف الجميع بالاحترام التام لمقتضيات قانون الصرف الجاري بها العمل والتي تنص على أن المعاملات المالية مع الخارج يجب أن تتم عن طريق البنوك المعتمدة بالمغرب وبواسطة العملات الأجنبية المعتمدة من قبل بنك المغرب. وأصبح من الضروري الإسراع بتقنين التعامل بالعملات الرقمية لوضع حد لاستخدام النقد خارج النظام المالي، وإتاحة تتبع ومعرفة مسار وكيفية صرف النقود وهو ما سيساهم في محاربة التهرب الضريبي والغش، وتحقيق النجاعة في برامج الدعم العمومية. غسل الأموال كما شدد المشاركون في الندوة الدولية بطنجة الأسبوع الماضي، على ضرورة التعاون بين هيآت القضاء والدفاع، من أجل تجاوز التحديات المستحدثة وغير المسبوقة، التي جاءت بها التكنولوجيا الناشئة، كالعملات المشفرة وطرق تحويل الأموال، مسجلين ضرورة التسلح بالتكنولوجيات المبتكرة من وسائل البحث والتحري لتعقب جريمة غسل الأموال. وسلطت الندوة الدولية على جهود المملكة المغربية في مكافحة مختلف أشكال جرائم غسل الأموال، وكشف حسن الداكي، رئيس النيابة العامة في مداخلته بالندوة، الإجراءات العملية التي قام بها المغرب من أجل تحصين المنظومة المالية، عبر الاستجابة لمعايير مجموعة العمل المالي وملاءمة التشريعات القانونية وتوسعة اختصاص المحاكم المالية، مشيرا إلى أن هذه الجهود ضمنت خروج المغرب من اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي وساهمت في تعزيز الثقة في المنظومة الاقتصادية وجعل المغرب وجهة آمنة للاستثمارات، كما أن النصوص التشريعية والآليات المؤسساتية غير كافية لوحدها للحد من مخاطر جريمة غسل الأموال، كما شدد على ضرورة تأهيل كفاءات مختلف المتدخلين وتطوير طرق اشتغالهم، وزيادة التنسيق والتعاون بين الهيآت القضائية والأمنية والاقتصادية والمصرفية المعنية، مشيرا إلى أن رئاسة النيابة أعدت دلائل تطبيقية في تقنيات البحث والتحقيق حول مختلف أشكال جرائم غسل الأموال، بتعاون مع أجهزة إنفاذ القانون. وسجل أن الجهود المبذولة لمكافحة هذا النوع من الجرائم، أدى الى ارتفاع مطرد في عدد القضايا المسجلة منذ دخول قانون مكافحة غسل الأموال حيز التنفيذ، حيث تم تسجيل 336 قضية في الفترة 2008 – 2018، مقابل أكثر من 2927 قضية في الفترة 2018 – 2023، بينما ارتفعت الأحكام من 27 حكما إلى 311، مبرزا التحديات الجديدة الناجمة عن التطور التكنولوجي (التجارة الإلكترونية، الأصول الافتراضية، الأنترنت المظلم)، ما يقتضي مواصلة الجهود الفردية والجماعية وتحديث الترسانة القانونية وتقوية الكفاءات وتعزيز التنسيق الوطني والدولي. فراغ قانوني يرى رشيد أمسكين، محام بهيأة أكادير، أن موضوع تداول العملات أصبح يفرض نفسه في الساحة المحلية، في ظل إقبال بعض الأشخاص الذاتيين والمعنويين على التعامل بها في معاملاتهم المالية، غير أنه تتعين الإشارة إلى أن التعامل بهذه النقود يشكل خطرا على المتعاملين بها لأنها نقود افتراضية لا تتبناها الجهات الرسمية، ويبقى أصحابها الأصليون مجهولي الهوية. وأضاف أمسكين أن مكتب الصرف المغربي التابع لوزارة الاقتصاد والمالية أصدر في فبراير 2021 دورية تمنع التعامل بالعملات الرقمية لخطورتها، ولأن ذلك يشكل مخالفة للقوانين الجاري بها العمل، ويعرض مرتكبيها للعقوبات والغرامات، وهو ما أدى إلى توالي المتابعات القضائية لأشخاص يثبت تعاملهم بهده المعاملات الافتراضية، لأن ذلك يشكل خطورة على الاقتصاد الوطني، كما أنه ثبت استخدامها في أهداف إجرامية. وأكد أمسكين أن المشرع المغربي لم ينظم العملات الافتراضية، غير أنه تتعين الاشارة لمجموعة من القوانين، ومنها على وجه الخصوص القانون 103.12، المتعلق بمؤسسات الائتمان، وقانون حماية المستهلك، والمدونة العامة للضرائب، ومدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة، وقانون الالتزامات والعقود، والقانون الجنائي. وأوضح أمسكين أن السلطات المغربية وبنك المغرب والهيأة المغربية لسوق الرساميل، تتجه إلى السماح بالتداول العملات المشفرة، بحيث ينكب بنك المغرب على إعداد مشروع قانون بشأن تنظيم واستعمال العملات الافتراضية، ووضع حد للفراغ القانوني. "الطمع طاعون" "الطمع طاعون| بهذه العبارة علق عمر على خبر تعرض أزيد من 1500 شاب وشابة للاحتيال والنصب، عن طريق شخص أوهمهم بالاغتناء السريع وأرباح ضخمة، من خلال التعامل بالعملات المشفرة. وأضاف أن المغرب أصبح مستهدفا من شبكات عالمية تستغل العملات المشفرة، من أجل النصب والاحتيال على الحالمين بالثراء الوهمي. وكشف إبراهيم ان مافيا النصب والاحتيال تعمل على استغلال الشباب الراغبين في الحصول على السيارات الفخمة والفيلات الفاخرة، من أجل الاحتيال المالي، عبر منصات وتطبيقات البيع والشراء، وكذا تطبيقات كثيرة غزت المغرب للمراهنات على مباريات كرة القدم والمنافسات الرياضية، وتركز على استعمال العملات المشفرة والبنوك الافتراضية، من أجل التهرب الضريبي. وعلق مصطفى أن موضوع تداول العملات المشفرة انتشر بشكل كبير في المغرب بعد جائحة كورونا، حيث توجه الجميع إلى مواقع التواصل الاجتماعي، والمنصات الرقمية، واكتشف العملات الإفتراضية، وكذا المواقع التي تبيع الوهم والثراء الافتراضي، الذي يدغدغ العواطف، ويستهدف الفئات المتوسطة، من أجل الاستثمار في العملات الرقمية، والربح في وقت وجيز. وطالب عبد اللطيف بضرورة تكثيف عملية التوعية والتحسيس لحماية الشباب من الوقوع ضحية للنصب والاحتيال، سواء نتيجة غياب الوعي القانوني لديه، أو جهله بهذه الأمور، مؤكدا أن الشاب المستثمر غير محمي إذا ما تعرض لعملية نصب واحتيال، عن طريق شراء أو بيع عملة رقمية، ودعا بنك المغرب للإسراع بإخراج مشروع التعامل بالعملات المشفرة، لوضع حد لمشاريع الاحتيال.

الاحتيال المالي… الجريمة المنظمة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

التزوير يحرم أما من حضانة ابنتها

تقرير البطالة يغضب أخنوش

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات