بركان واتحاد العاصمة… الرواية القانونية

بوبحي الدكتور المختص في المنازعات الرياضية يعتبر أن موقف الفريق المغربي سليم قدم خليل بوبحي، دكتور في القانون، وباحث في المنازعات الرياضية، تشخيصا قانونيا لقضية اتحاد العاصمة ونهضة بركان، بعدما رفض الفريق الجزائري إجراء مباراتيه أمام الفريق المغربي، احتجاجا على تزيين أقمصته بخريطة المملكة. ونقدم في الجرد مواقف بوبحي من الملف منذ بدايته في مباراة الذهاب، إلى غاية المنحى الذي اتخذه بعد مباراة الإياب. يرى بوبحي أن لجنة المسابقات بالكنفدرالية الإفريقية هي المختصة في البت في الملف، بعد العودة إلى وقائع مباراتي الذهاب والإياب. وأكد في هذا الصدد "بعد استعراض موجز للوقائع التي عرفها لقاء الذهاب والإياب، لابد من طرح عدة أسئلة لفهم الموضوع من الزاوية القانونية، خاصة حول مدى اختصاص لجنة المسابقات وإدارة نظام التراخيص بين الأندية للبت في الوقائع المرتبطة بهذه القضية، ثم ما مدى ملاءمة العقوبة المحكوم بها من طرف اللجنة، مع وقائع القضية وخطورتها بخصوص لقاء الذهاب والإياب، ثم ما مدى توفر نادي اتحاد العاصمة الجزائري على أي أمل في حال اللجوء إلى محكمة التحكيم الرياضي بلوزان". ويضيف "لكن قبل الإجابة عن هذه التساؤلات وجب التذكير بأن الكونفدرالية الافريقية تعاملت مع القضية في شقها الرياضي الصرف، وقامت بتطبيق لوائحها، ولم تنجر إلى أي اعتبارات أخرى، مادام أن هذه الوقائع ارتبطت بمباراة تخضع للوائح معروفة، ومتفق على احترامها، والخضوع لها، أما من جهة ثانية فينبغي الإشارة كذلك إلى أن مسابقة كأس الكونفدرالية الافريقية منظمة بموجب لائحة مصادق عليها من طرف المكتب التنفيذي ل"كاف"، التي تضع مجموعة من الالتزامات على شكل دفتر تحملات توقع عليها الأندية والاتحادات التابعة لها قبل انطلاق المسابقة، تحت طائلة تحمل الجزاءات المقررة للإخلال بها". وتابع بوبحي "انطلاقا من التأصيل القانوني لمهام لجنة تنظيم المسابقات وإدارة نظام الرخص بين الأندية، كما أشرنا إليه أعلاه، يمكن القول إن اللجنة تبقى مختصة بالبت في جميع القرارات التي اتخذتها على ضوء الوقائع المتعلقة بالمباراة، سواء في المسائل التنظيمية أو التأديبية، استنادا على مقتضيات الفقرة الثالثة من الفصل الثاني من لائحة مسابقة كأس الكونفدرالية الافريقية، كما أنه بإمكان اللجنة إحالة جزء من المخالفات التي تتحقق من توافر عناصرها على اللجنة التأديبية، استنادا للتقارير المكتوبة لرسميي المباراة، طبقا للوائح النظام التأديبي ل"كاف"". وخلص بوبحي "تأسيسا على ما تم ذكره أعلاه فمسألة الاختصاص النوعي محسومة ولا مجال لاعتمادها والتمسك بها وسيلة من وسائل الطعن. لأنها غير مرتكزة على أي أساس سليم". خرق خطير للوائح يرى بوبحي في شرحه للملف "لا شك أن قرار لجنة المسابقات القاضي بمعاقبة اتحاد العاصمة بالانسحاب والهزيمة بثلاثة أهداف لصفر بمناسبة مباراة الذهاب، لم يأت من فراغ، بل إن القرار يستمد مشروعيته من الخرق الخطير للوائح "كاف"، من طرف الاتحاد الجزائري واتحاد العاصمة، عندما لم يمتثلا لقرار لجنة المسابقات بتسليم نادي نهضة بركان لأحد التجهيزات التي تدخل في تنظيم المباراة وهي الأقمصة، ذلك أن اللجنة وهي تبت بصفتها جهة تأديبية استحضرت عدة عناصر لترتيب الجزاء المذكور، والتي من أبرزها تحديد الجهة المسؤولة عن خرق لوائح المسابقة، ثم درجة الخرق المرتكب، وكذا حجم الأضرار الناجمة عنه". وأضاف "قبل التفصيل أكثر حول هذه النقط لابد من الإشارة إلى أن قرار اللجنة لم يكن معللا من الناحية القانونية، بل اقتصر فقط على منطوق القرار، وهذه ميزة من مميزات المنازعات الرياضية في شقها التأديبي، خاصة على مستوى الكونفدرالية الافريقية، على عكس قرارات الاتحاد الدولي للعبة التي تكون معللة، وبالتالي كان من الواجب البحث في لوائح "كاف"، لاستخلاص الأسس القانونية والواقعية، التي أسست عليها لجنة المسابقات قرارها التأديبي". مسؤولية الطرف الجزائري يمضي بوبحي في دراسته حول مسؤولية اتحاد العاصمة، قائلا "بقراءة متأنية للقرار الصادر بتاريخ 24 أبريل 2024 سنلاحظ أن لجنة المسابقات اعتبرت أن نادي اتحاد العاصمة يتحمل المسؤولية كاملة عن عدم إجراء المباراة، على اعتبار أنه لم يحترم التزاماته الموقعة مع الكونفدرالية، خاصة في الشق التنظيمي، والتي تحددها لائحة المسابقة في مادتها الرابعة. اذ أنه كان من المفروض على النادي الجزائري التواصل مع سلطات بلده، من أجل تمكين نهضة بركان من أقمصته، التي تعتبر جزءا من التجهيزات الرياضية للمباراة، ذلك أن النادي الجزائري لم يظهر لمندوب المباراة أي وثيقة تثبت حسن نيته، وإرادته الجادة في إقامة المباراة في وقتها عن طريق مراسلة الجهات الإدارية المختصة (الجمارك)، لرفع الحجز عن أقمصة النادي المغربي، حتى يتفادى العقوبة الجزائية، على عكس نهضة بركان الذي سجل في تقرير مندوب المباراة، أن أقمصته تم حجزها من طرف إدارة الجمارك الجزائرية، وأدلى اثباتا لصدق ادعاءاته بنسخة من وصل الحجز، والأكيد أنه وأمام هذه المعطيات الرسمية المدونة في تقرير مراقب المباراة، اعتبرت لجنة المسابقات نادي اتحاد العاصمة مسؤولا مباشرا عن عرقلة تنظيمها". ويوضح بوبحي أيضا "أما بالدرجة الثانية فالاتحادية الجزائرية لكرة القدم تعتبر كذلك مسؤولة مباشرة عن عدم إجراء المباراة في توقيتها الذي كان مقررا لها ، عندما لم تحترم لوائح مسابقة كأس الكونفدرالية الافريقية وخاصة المادة 9 منه من جهة ، ثم عدم احترامها لقرار لجنة المسابقات عندما طلب منها التدخل لدى السلطات الحكومية لتسليم نادي نهضة بركان المغربي قميصه الرياضي . وبالتالي أعتقد بأن لجنة المسابقات بين الأندية أحالت قضية الاتحادية الجزائرية لكرة القدم على اللجنة التأديبية، لاتخاذ العقوبات الرياضية والمالية المناسبة في حقها". عقوبات رياضية من القواعد المعمول بها في إطار المساطر التأديبية، أن الهيأة عندما تختلي للمداولة تدرس قبل إصدار العقوبة التأديبية مدى توفر العناصر التكوينية للفعل المرتكب من جهة، ثم تتحقق بعد ذلك من جسامة الفعل المرتكب من عدمه، حتى يتسنى لها إعمال مبدأ التناسب بين الفعل المرتكب وبين العقوبة، ذلك أن اللجنة عند بتها في الوقائع المتعلقة بمباراة الذهاب اعتبرت أن اتحاد العاصمة ارتكب خرقا خطيرا للوائح المسابقة تسبب في مجموعة من الأضرار، وبالتالي كانت العقوبة الرياضية مشددة في حقه باعتباره منسحبا ومنهزما بنتيجة ثلاثة أهداف لصفر ، رغم أن هذه الحالة غير مؤطرة تنظيميا بلائحة المسابقة لغياب النص الذي يجرمها ويعاقب عليها، بيد أن هذه الواقعة تخضع للتنظيم من طرف اللائحة التأديبية، والتي اعتمدتها لجنة المسابقات بصفتها جهة تأديبية كأساس قانوني للإدانة ولاسيما المادة 105 من النظام التأديبي ل"كاف". وفي نفس السياق فلجنة المسابقات في إطار سلطة تكييف الوقائع مع النصوص المتوفرة اعتبرت أن النادي الجزائري منسحب من المباراة وأقرت بعقوبة forfait" " وهزيمته بثلاثة أهداف لصفر، وهذه العقوبة تختلف اختلافا جذريا عن عقوبة forfait" " المنصوص عليها في لائحة المسابقة، والتي سنأتي على شرحها عند الحديث عن مباراة الإياب. وهي العقوبة نفسها التي أقرتها وأكدتها لجنة الاستئناف التابعة ل"كاف". كما تجدر الإشارة إلى أن نادي نهضة بركان المغربي لا يتحمل أي مسؤولية في عدم إجراء المباراة في موعدها المحدد، بالنظر لأن قرار حجز أقمصته كان بسبب خارج عن إرادته، وبالتالي فلا مجال لتحميل النادي المغربي لأي مسؤولية مادام أن مشاركته تتم وفق الضوابط القانونية المؤطرة بلوائح المسابقة. عقوبات مالية يقول بوبحي "تسبب الخرق الجزائري في مجموعة من الأضرار المالية للكونفدرالية الافريقية، سواء مع الناقل التلفزي للمسابقة، أو مع الرعاة الرسميين المرتبطين بعقود مع "كاف"، كما أن هذه الواقعة أضرت بصورة الكرة الإفريقية، خاصة أن الحدث تناقلته مختلف القنوات العالمية، وأعتقد أن هذه الأضرار سواء المالية أو المعنوية لن تمر مرور الكرام على الاتحاد الجزائري واتحاد العاصمة، اذ ينتظر بالإضافة إلى العقوبات الرياضية ، أن تصدر عقوبات مالية ثقيلة عليها من أجل ردع هذه الممارسات غير المسؤولة في المستقبل، وتعويض الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم عن خسائرها المالية". مباراة الإياب يشرح بوبجي ملف مباراة الإياب قائلا "الوقائع والأحداث المرتبطة بمباراة الإياب تختلف اختلافا كليا عن مباراة الذهاب، على اعتبار أن جميع الشروط التنظيمية لإجراء المباراة في موعدها كانت متوفرة، إلا أن نادي اتحاد العاصمة انسحب بشكل إرادي ورفض الدخول إلى أرضية الملعب لخوض المباراة، وفي هذه الحالة لابد من العودة إلى اللائحة المنظمة لكأس الكونفدرالية الافريقية التي نظمت هذه الحالة من خلال مقتضيات الفقرة 8 من المادة 11، إذ أن لجنة المسابقات بعد انعقادها بصفتها لجنة تأديبية ستتحقق من المعطيات المدونة في التقارير التي أعدها مراقب المباراة ، وكذا تقرير حكم المباراة وستستحضر العناصر نفسها، التي سبقت الإشارة إليها أعلاه، بخصوص مسؤولية نادي اتحاد العاصمة في عدم إجراء المباراة في موعدها المحدد، وكذا جسامة الفعل المرتكب من خلال انسحابه من المباراة ، ثم حجم الضرر الذي حصل جراء هذا الفعل". وأضاف "يمكن القول في هذا الصدد أن التكييف القانوني للوقائع من طرف لجنة المسابقات، وكذا العقوبات المنتظرة ستختلف اختلافا كليا عن التكييف القانوني والعقوبة التي صدرت بمناسبة لقاء الذهاب، لأن واقعة الانسحاب في مباراة الذهاب ثم استنباطها من وقائع القضية والتكييف القانوني الذي اعتمدته لجنة المسابقات، التي اعتبرت أن نادي اتحاد العاصمة الجزائري عندما لم يحترم التزاماته الموقع عليها بموجب دفتر التحملات وعدم امتثاله لقرار لجنة المسابقات بتسليم الأقمصة لنادي نهضة بركان فأنزلته منزلة المنسحب من المباراة طبقا لمقتضيات المادة 105 من النظام التأديبي للكاف رغم حضور الفريق الجزائري فوق أرضية الملعب، أما واقعة الانسحاب في مباراة الإياب فهي واقعة اختيارية ولا دخل ل"كاف" فيها، اذ أن نادي اتحاد العاصمة الجزائري اختار طواعية عدم خوض المباراة في موعدها بغض النظر عن السبب الذي يستند عليه، وبالتالي فالقرار هو اعتباره منسحبا ومنهزما". ويضيف "أما بخصوص الاعتراض على القميص، فلا يمكن اعتباره حجة كافية لعدم إجراء الفريق الجزائري للمباراة، بل كان عليه إجراء المقابلة، حتى يتسنى له إتمام الإجراءات الشكلية لمقررة للبت في الاعتراض التقني، أو الشكوى كما هي محددة في لوائح المسابقة، خاصة المادة 13 من لائحة كأس الكونفدرالية، والتي لم يعد لها معنى بعد انسحاب الفريق الجزائري، وسيكون مآلها الرفض كذلك، من قبل لجنة المسابقات، على اعتبار أن أسباب الاعتراض غير مبنية على أسس قانونية، مادام أن قميص النادي البركاني مرخص للعب به خلال هذه المسابقة، ومسجل في النظام المعتمد من طرف الكاف لإدارة المسابقات القارية". وإجمالا يمكن القول إن موضوع المباراة أصبح منتهيا من الناحية القانونية على مستوى اللجان المختصة داخل "كاف" (لجنة المسابقات، ولجنة الاستئناف)، وبالتالي فالنادي المغربي مؤهل رسميا لنهائي المسابقة، ويبقى للنادي الجزائري كامل الحق في الطعن أمام محكمة التحكيم الرياضي بلوزان". معركة "الطاس" خاسرة يشرح بوبجي "لابد من التذكير في البداية بأن النزاع الرياضي في شقه القانوني أمام محكمة التحكيم الرياضي سيكون بين طرفين رئيسيين، هما الاتحاد الجزائري، ونادي اتحاد العاصمة من جهة، والكونفدرالية الافريقية من جهة ثانية، أما نهضة بركان والجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فليسا طرفين أساسيين في النزاع، بل ثانويين، يمكن إدخالهما في الطعون التي سيتم تقديمها أمام هذه الهيأة الرياضية الدولية". وتابع بوبحي "الموقف القانوني للطرف الجزائري أمام "الطاس" ضعيف جدا، إذا ما تمسك بالحجج نفسها الذي اعتمد عليها لعدم لعب المباراة، وخاصة موقفه من القميص، وعلى العكس من ذلك فالموقف القانوني للكونفدرالية الافريقية قوي ومتينـ نظرا لأن قرارات لجنها المختصة ترتكز على لوائح وأنظمة مصادق عليها، ومعمول بها منذ فترة طويلة، والتي تنسجم مع لوائح "فيفا"، وهي قرارات انتصرت لرياضة كرة القدم، ولم تقحمها في اعتبارات أخرى". وعلى هذا الأساس، يضيف بوبحي، تعتبر المعركة القانونية للطرف الجزائري خاسرة منذ البداية، لعدم احترامه لالتزاماته القانونية مع "كاف" وانسحابه دون سبب وجيه. وما يزكي هذا الطرح، حسب الباحث، أن "طاس" رفضت الطلب الاستعجالي للاتحاد الجزائري، بشأن إيقاف القرار الصادر عن لجنة الاستئناف بالاتحاد الإفريقي. وخلص بوبحي في دراسته للملف "تأسيسا على الاعتبارات التي سلف ذكرها، فمحكمة التحكيم الرياضي سترفض جميع الطعون ضد القرارات التأديبية الصادرة عن لجنة المسابقات التابعة للكاف في شقها الرياضي، لعدم ارتكازها على أي أسس قانونية سليمة، في انتظار النظر في الطعون ضد العقوبات المالية، التي سيتعرض لها الاتحاد الجزائري واتحاد العاصمة، بعد القرارات التي ستتخذها اللجنة التأديبية. إعداد: عبد الإله المتقي

بركان واتحاد العاصمة… الرواية القانونية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"المغرب في الصحافة العربية قضايا ومواقف" لمصطفى الريس

قالوا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات