نادير: يسبب تراجعا في معدلات النمو

المحلل الاقتصادي قال إنه يؤدي إلى ضعف التنافسية بالقطاع الخاص ويفاقم التضخم أكد محمد نادير، المحلل الاقتصادي، أن الفساد يساهم في إبطاء وتراجع معدلات نمو الاقتصاد الوطني، من خلال رفع كلفة الاستثمار، مشيرا إلى أن منظمة الشفافية الدولية انتقدت في 2020 تقاعس المشرع المغربي، في وضع قانون يجرم الإثراء غير المشروع. وأوضح نادير في حوار مع «الصباح» أن الفساد في القطاع الخاص، يتسبب في المنافسة غير الشريفة، وتضخيم التكاليف، ما يؤدي إلى ضعف التنافسية، ورفع أسعار المنتجات والخدمات، ما يؤثر على مستوى التضخم النقدي وحجم الاستثمارات وجودتها. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: برحو بوزياني يشكل الفساد آفة اقتصادية ومالية كبيرة. ما هو حجم تأثيره على الاقتصاد الوطني اليوم؟ > يشكل الفساد فعلا آفة كبيرة على الاقتصاد العالمي، إذ قدر البنك الدولي تكلفته السنة الماضية، بـ 2600 مليار دولار، أي ما يساوي 3 في المائة من الناتج المحلي الخام العالمي، أو الناتج المحلي الخام لفرنسا. وللوقوف على مستوى الفساد في بلد ما، يجب العودة إلى مؤشر مدركات الفساد، الذي ينشر من قبل منظمة الشفافية الدولية، منذ 1995، حيث يقوم بتصنيف الدول، حسب مستويات الفساد في القطاع العام، من خلال ملاحظة مدى وجود فاسد ما بين الموظفين والسياسيين. وفي آخر إصدار للمؤشر السنة الماضية، احتلت البلدان الاسكندنافية، إضافة إلى سنغافورة، الرتب الأولى كأقل البلدان فسادا في العالم. فيما عادت الرتبة 97 عالميا إلى المغرب، خلف تونس التي احتلت الرتبة 70، الرتبة الأولى مغاربيا. إن الفساد يساهم في إبطاء وتراجع معدلات نمو الاقتصاد الوطني، من خلال رفع كلفة الاستثمار والتقليل من مردوديته، حيث إن كلفة الفساد تشكل تكلفة إضافية، واعتبار كلفة الفساد نوعا من الاقتطاعات الإضافية على الأرباح، التي تضاعف مخاطر الاستثمار. كما يساهم في توجيه الموارد والإنفاق الحكومي نحو أنشطة غير منتجة، وذات تكلفة اقتصادية، على أولوية أقل، بدل توجيهها نحو الأنشطة الإنتاجية المفيدة، وتبديد وإهدار الموارد المالية والاقتصادية، من خلال سوء الاستخدام والتشغيل. وحذرت منظمة الشفافية الدولية، في يناير 2024 من رشوة نسقية ومعممة تهدد الاستقرار الاجتماعي في المغرب، معلنة تراجع المغرب الى الرتبة 97 في التصنيف السنوي لمؤشر الفساد وتراجع المغرب بـ 24 درجة، خلال خمس سنوات الأخيرة. لم تنجح مختلف السياسات العمومية الخاصة بمكافحة الفساد في الحد من تفاقم الرشوة. لم تعزون هذا الفشل؟ > في المغرب، هناك تنصيص دستوري على أهمية وجود بعض المؤسسات مثل مجلس المنافسة، وهيأة النزاهة والوقاية من الرشوة في دستور 2011. كما وقع المغرب على الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد، أول يوم عرضت فيه للتوقيع في 2003. وفي هذا الإطار، قدمت الهيأة الوطنية للمعلومات المالية تقريرها السنوي، لرئيس الحكومة، وكشفت فيه أنها تلقت في 2021، ما عدده 3409 تصريحات يشتبه فيه وجود حالات مرتبطة بغسل الأموال. كما انتقدت منظمة الشفافية الدولية في 2020 تقاعس المشرع المغربي، في وضع قانون يجرم الإثراء غير المشروع للموظفين المكلفين بمهام رسمية مع تضمينه عقوبات سجنية في حق مختلسي الأموال العمومية. ونسجل هنا أن رئيس الحكومة لم يجتمع مع رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد التي يترأسها بصفة قانونية، كما سحبت الحكومة مشروع قانون يضم بين أبوابه وبنوده تجريم الإثراء غير المشروع، بالإضافة إلى ضعف الإجراءات التي قامت بها الحكومة في محاربة المضاربة في الأسعار ولوبيات الوسطاء الذين يتحكمون في شبكات وسلاسل التوزيع، مثل حالة قطاع المحروقات، الذي أثار نقاشا مجتمعيا كبيرا وصل إلى مجلس المنافسة. تشير العديد من التقارير إلى تراجع المغرب في الترتيب الدولي الخاص بمؤشر إدراك الرشوة. كيف تقيمون السياسة الحكومية في هذا المجال؟ > صنف التقرير السنوي لمنظمة الشفافية الدولية المغرب في الرتبة 97 من بين 180 دولة في مؤشر إدراك الفساد السنة الماضية، مقابل الرتبة 94 في 2022، وحافظ على العدد نفسه من النقط، ما جعله يفقد خمس نقط في السنوات الخمس الأخيرة، وهي وضعية تؤشر على أن الفساد نسقي وممنهج. إن هذه التطورات تؤكد فشل الإستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد لسنة 2015، التي كانت تهدف الى الحد من الظاهرة بحدود 2025، ووصول مؤشر إدراك الفساد 60 نقطة. والملاحظ أن السياسات الحكومية في هذا المجال، لم تلاق النجاح المنشود بفعل عدد من الأسباب، منها ضعف الإرادة السياسية والإدارية لمحاربة الفساد، والاختلالات المسجلة في الإطار القانوني والمؤسساتي وضعف أدائهما، ومحدودية النظام الوطني للنزاهة ومنظومة المحاسبة، وضعف الموارد البشرية والتقنية والقدرات المعلوماتية المستعملة، والخلط بين تحسين الحكامة ومحاربة الفساد، وضعف تفعيل مؤسسات الحكامة، بالإضافة إلى انتشار ثقافة التطبيع مع الرشوة والفساد، وعدم إشراك كل الفئات المجتمعية في محاربتها. تحرم الرشوة ومختلف مظاهر التملص الضريبي خزينة الدولة من ملايير الدراهم. ما هو حجم الضرر الذي يسببه الفساد في القطاع الخاص؟ > ركزت معظم الدراسات حول الفساد بشكل كبير على القطاع العام، ولم تول الاهتمام ذاته للقطاع الخاص، ما يصعب تقدير الكلفة الحقيقية للفساد في هذا الأخير، رغم أن له آثارا خطيرة وبنيوية على الاقتصاد والمجتمع. وحسب الدراسة الاستقصائية العالمية للجريمة والغش الاقتصادي لسنة 2018، التي أنجزها مكتب «برايس ووزتر هاوس»، أن 28 في المائة من الشركات، عانت سوء السلوك التجاري، و45 في المائة منها أبلغت عن فساد داخلي وعانت من اختلاس الأصول. وفي دراسة أخرى للبنك الدولي، همت قياس حالات الرشوة في الشركات، أكدت أن 51 في المائة من الشركات في بعض البلدان تواجه طلبا واحدا على الأقل لدفع الرشوة سنويا. إن مظاهر الفساد في القطاع الخاص تأخذ أشكال الرشاوى التجارية، والابتزاز، والهدايا والضيافة والرسوم والعمولات، والتواطؤات وتداول المعلومات، والاتجار بالنفوذ والوساطات والمحسويية. صنف المغرب في الرتبة 97 من بين 150 دولة في المؤشر العالمي للانفتاح الاقتصادي. ما هو أثر ذلك على جاذبية الاستثمار؟ > هذا التصنيف الذي أنجزته مؤسسة «هيريتدج» الأمريكية المختصة في الأبحاث المتعلقة بالسياسة العامة والاقتصادية، السنة الماضية، أكد أن المغرب تراجع بـ 0.8 نقطة، ورغم ذلك، احتل وسط ترتيب دول منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا. وتمكن المغرب من مجموع النقط بفعل الإصلاحات الاقتصادية التي نهجها والتي شجعت دينامية القطاع الخاص. وتفاوتت المؤشرات الفرعية بين 32 نقطة للفعالية القضائية، و38 نقطة لنزاهة الحكومة، و64 نقطة لانفتاح الأسواق وحرية التجارة، و57 نقطة لحماية الملكية الفكرية. الشركات تشكو الفساد يتسبب الفساد في القطاع الخاص في المنافسة غير الشريفة وغير النزيهة، مثال الصفقات العمومية، وتضخيم التكاليف، ما يؤدي إلى ضعف التنافسية محليا وعلى المستوى الدولي، ورفع أسعار المنتجات والخدمات، ما يؤثر على مستوى التضخم النقدي، وحجم الاستثمارات وجودتها وإنتاجيتها. وفي تقريرها الأخير، سجلت الهيأة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة تراجع المغرب في مؤشر الحرية الاقتصادية منذ 2022، إذ بلغ تنقيطه 56.8، متراجعا بـ 1.6نقطة، مقارنة بالفترة التي سجل فيها تطورا إيجابيا بين 2015 و2021، إذ أن 68 في المائة من الشركات التي شملتها الدراسة، أكدت أن الفساد منتشر بالمغرب. في سطور - من مواليد 15 أبريل 1968 بالبيضاء - متزوج وأب لطفلين - باحث في العلوم الاقتصادية والدراسات المالية حاصل على الإجازة في الاقتصاد تخصص تدبير المقاولات - متصرف من الدرجة الأولى بمديرية الضرائب بالبيضاء - مفتش إقليمي رئيس سابق بمديرية الضرائب - شارك في العديد من البرامج والمهام مع الاتحاد الأوربي ومنظمة العمل الدولي وبرنامج الأمم المتحدة. أجرى الحوار: برحو بوزياني

نادير: يسبب تراجعا في معدلات النمو

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إيقاف متهم بدهس شخص بتيفلت

بنكيران: خاب ظني في الحكومة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات