وزير الشغل قال إن خيار القيادة الثلاثية فرضته كثرة المهام ووجود «البام» في الحكومة والمدن قال يونس سكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، إن إشكالية التمثيلية التي تواجه الحقل النقابي سببها الإجهاز عليه في الفترات السابقة، والإضرار بمصداقيته، نتيجة عدم التعامل بجدية مع الحوار الاجتماعي، مبرزا أن الحكومة الحالية أعادت للنقابات أدوارها، وملتزمة بالحوار الاجتماعي معها باعتبارها شريكا أساسيا. وأضاف المسؤول الحكومي، الذي حل ضيفا على نادي "ليكونوميست" أن القيادة الثلاثية للحزب، التي أفرزها المؤتمر الأخير، هي خيار وليست تحديا، وأن الحزب لا يواجه أزمة قيادة، بل إن كثرة المهام بسبب المشاركة في الحكومة، والحضور في المجالس المحلية، رجحا خيار القيادة الجماعية. وفي ما يلي نص الحوار: إعداد: عصام الناصيري/ تصوير: (فدوى الناصر) خضتم جولات من الحوار الاجتماعي مع النقابات ووقعتم معها على اتفاقات، لكن بالمقابل كيف تنظرون إلى إشكالية التمثيلية التي لا تزال مطروحة بقوة، خاصة مع تعاظم قوة وتأثير التنسيقيات؟ بالنسبة إلى ما تم الاتفاق عليه في الحوار الاجتماعي، هو أن هناك ثلاثة قوانين، قانون تنظيم الحق في الإضراب، وقانون الشغل، وقانون النقابات. وأما في ما يخص التمثيلية بصفة عامة، في الحقل النقابي فهي قضية مطروحة في العالم أجمع، كما هي مطروحة أيضا في الحقل السياسي ونسب المشاركة وغيرها. في المغرب النقابات مهمة، ولديها شرعية تاريخية، إذ كان الحقل النقابي مساهما في استقلال البلاد، ونذكر بأنه كان وراء القوة الضارة للمغاربة في أحداث 1955 في البيضاء، التي تفجرت في وجه المستعمر. اليوم لدينا تعددية في الحقل النقابي، وهو أمر أساسي، ولدينا تنظيمات نقابية واسعة وموجودة بدرجات متفاوتة، حسب القطاعات والمجالات الجغرافية، الذي حدث أنه تم الإجهاز على الحقل النقابي في الفترات السابقة، لأنه عندما لم تمنح له الأهمية باعتباره محاورا ذا مصداقية، تم الإجهاز على المكتسبات النقابية والديمقراطية، وما فعلته هذه الحكومة هو إعادة الحياة للحوار الاجتماعي، ومخلفات هذا المسار التاريخي، يجعل أنه في بعض القطاعات وحسب الأحوال، يمكن أن تكون هناك إشكاليات في التمثيلية. تعتبر بعض الوزارات أن التنسيقيات لا تملك الشرعية والصفة القانونية للجلوس معها على طاولة الحوار، كيف تتعاملون مع هذا المعطى؟ أحسن طريقة للتغلب على إشكالية التمثيلية، هو إدماج الجميع في الحوار، لكن يبقى من الناحية المؤسساتية، عما يمكننا فعله والقانون واضح في هذا المجال، إذ أن الحوار يكون مع المؤسسات التي لها شرعية، لكن من طبيعة الحال أن القوانين يجب أن تمكن من تحسين هذه الشرعية، فما قمنا به من إصلاحات في الحقل السياسي، يجب أن يشمل أيضا الحقل النقابي، وأهم ما في الأمر أن النقابات التي تحاورنا معها، واعية بدورها بضرورة الإصلاحات. وأعتقد أنه يجب أن نأخذ العبر، فعلى سبيل المثال أزمة التعليم الأخيرة، رغم وجود تعبيرات خارج النقابات، تم استقطابها عبر النقابات، وعبرت عن رأيها، وكان ذلك كفيلا بالوصول إلى حل تم احترامه على أرض الواقع. الاتفاق الذي وقع في دجنبر 2023، وقع مع النقابات، ولم نوقع مع التنسيقيات، لأن التنسيقية يتم تأسيسها من أجل موضوع معين، وعندما يحل المشكل تحل معه التنسيقية، عكس النقابات التي تبقى مستمرة. وأعتقد أننا قمنا بتمرين، والذي كان فيه دور للنقابات مع التعبيرات الأخرى، حتى لا أسميها تنسيقيات، وأعطت نتائج وعبرا، سنستخلصها في الإصلاحات المقبلة بالاتفاق مع الشركاء الاجتماعيين. أثارت نتائج المؤتمر الوطني الأخير لحزب الأصالة والمعاصرة جدلا سياسيا كبيرا بعد الإعلان عن قيادة ثلاثية للحزب، ما الذي دفعكم لهذا الخيار؟ على المستوى السياسي الأصالة والمعاصرة حزب شاب، يساهم في تأطير المواطنين لتحمل المسؤولية، إذ أن أغلب وزرائه اليوم هم أبناء الحزب، وليس من السهل تكوين مسؤول حكومي، وأعتقد أن للحزب الكثير من الاستحقاقية، إلى جانب الأحزاب الأخرى. وأما في ما يخص القيادة الثلاثية، فهي نمط تسيير مثل باقي الأنماط الأخرى، وليست لدينا مشكلة قيادة داخل الحزب، ومن بيننا الكثير ممن لهم الكفاءة لقيادة الحزب، لكن هذا الخيار، يستجيب إلى عاملين، الأول يعود إلى كثرة الأعباء والمهام، لأن الوجود في الحكومة وفي قطاعات إستراتيجية يحتاج إلى جهد ووقت كبيرين، فنحن لسنا في المعارضة، إضافة إلى أن الحزب يخوض تجربته الحكومية الأولى. وأما العامل الثاني فيتمثل في العدد الكبير للمنتخبين المحليين لدينا، إذ يتراوح عددهم ما بين 6 آلاف و7 من أصل 21 ألفا الموجودة في المغرب، وكما تعلمون فالمنتخبون يدبرون ملفات معقدة داخل المدن من قبيل النقل والكهرباء والرخص وخدمة القرب وغيرها، ومن أجل تأطير هذا العدد من المنتخبين نحتاج إلى شرعية وقيادة. وبالإضافة إلى ما سبق هناك استحقاقات سياسية واجتماعية كبيرة تنتظرنا في السنتين المقبلتين، وبما أننا في الحكومة ونقود المدن، فنحن في حاجة إلى توزيع جيد للمهام، وهذا الأمر لا يضر بالقيادة، وأؤكد أنه ليس هناك ثلاثة رؤوس بل قيادة جماعية للحزب. قمتم في الفترة الأخيرة بحملة تغييرات في المناصب داخل الوزارة وصفها البعض بأنها موجة إعفاءات، ما ردكم؟ الوزارة تجمع الكثير من القطاعات من قبيل الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، فمن الصعب الدمج والتنسيق بينها، وبالتالي كانت الوزارة في حاجة إلى نوع من التنظيم، وبعد سنتين من العمل، تحملت المسؤولية من أجل إعادة تنظيم الوزارة، وكان من الضروري النظر إلى الكفاءات التي تزخر بها، لكن الإشكال هو أن الوزراء المتعاقبين عليها، لم يأخذوا مسألة التنظيم بالجدية الكافية. وكان هذا التنظيم ضروريا لأنه من الصعب تتبع قانون الإضراب وقانون الشغل والحوار مع النقابات وإشكالية التشغيل والوساطة والهجرة والمقاولات الصغرى وغيرها. وبعد عامين من العمل، وبعد الاطلاع وجدنا أن أغلب المسؤولين تجاوزوا في مناصبهم 6 سنوات و7، بل إن البعض تجاوزوا 10 سنوات أو 15 سنة في مناصبهم، وكل سنة تتلقى الوزارة تقارير من المجلس الأعلى للحسابات، التي تحثها على احترام مبدأ 4 سنوات في منصب المسؤولية. ولم يكن هناك أي إعفاء، والذي حدث أن من تجاوز عدد السنوات المسموح به في منصبه، عليه التنحي، وكل من لم يتجاوز 4 سنوات في منصبه، ما يزال في مكانه، ومجموعة من المناصب حدث فيها تغيير وضع فيها أشخاص جدد وأكفاء، بعضهم ليس من الحزب الذي أنتمي إليه، وكفاءاتهم هي التي أوصلتهم إلى المناصب التي عينوا فيها. الشغل ركيزة الدولة الاجتماعية قال يونس سكوري إن الدولة الاجتماعية يجب أن تمنح للفرد الوسائل الضرورية للتحرر والقيام باختياراته الخاصة، مبرزا أن الشغل يعتبر إحدى ركائز هذه الدولة الاجتماعية، وعاملا حاسما في تقييم وضعيتنا في هذا المجال. ويحلل الوزير ذاته، الذي حل ضيفا على نادي "ليكونوميست"، أرقام التشغيل خلال السنة الماضية بالقول، إنها سنة انتهت بمعدل بطالة في حدود 13.13 في المائة، مبرزا أن هذه الظاهرة تمس على وجه التحديد الشباب والنساء، وحاملي الشهادات. ورغم هذا الواقع، يشير سكوري إلى أن هناك أوجها إيجابية خلال 2023، أبرزها ارتفاع في عدد العمل المهيكل، مشيرا إلى أن الخسائر المهمة في الوظائف سجلت في قطاع العمل الحر، والعمل غير المؤدى عنه. وأشار المسؤول الحكومي إلى أن المعطيات التي أصدرتها المندوبية السامية للتخطيط، العام الماضي، تعتبر بشكل عام إيجابية، مع وجود بعض الأوجه السلبية، مؤكدا أنها أوضحت اتجاهات مهمة، الأول يتمثل في إحداث 588 ألف وظيفة مؤدى عنها، وهو رقم يتجاوز متوسط الوظائف، التي تم توفيرها في السنوات الخمس الماضية، مشيرا إلى أن هذه الأرقام أكدتها مصادر أخرى، من قبيل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الذي أثبت حقيقة هذه الدينامية الإيجابية. وتابع المسؤول الحكومي أن أرقام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في نهاية 2022، تظهر توفير 313 ألف وظيفة، بعد فقدان 400 ألف منصب عمل. تأطير عقلاني لهجرة العمال أكد سكوري أن إرسال عمال مغاربة إلى الخارج سيتم تأطيره جيدا في المستقبل، مشيرا إلى أن وزارته تضع اللمسات الأخيرة على إستراتيجية وطنية للحركة الدولية للمغاربة. وتابع وزير الشغل أن دولة مثل ألمانيا اليوم غيرت بشكل أساسي نظام هجرة العمال إليها، مبرزا أن هذا البلد أعلن أخيرا حاجته إلى اليد العاملة في مختلف القطاعات، بما يقارب مليون عامل، ويضع المغرب ضمن الدول التي يمكن أن يستقدم منها هذه اليد العاملة. وفي هذا الصدد يقول سكوري إن الهجرة من أجل العمل، أو الحركية الدولية للعمال، تعتبر أيضا حلا أمام مليون ونصف مليون شخص ممن يبحثون عن عمل، خاصة أن السوق المحلية لا يمكن أن توفر جميع العروض، كما ستشكل هذه الحركية أيضا فرصة للفئة، التي لا توجد لا في المدارس أو في العمل. وبالمقابل يؤكد سكوري أن هذه الحركية الدولية للعمال المغاربة، لا يمكن أن تكون على حساب قطاعات حساسة، مبرزا "لا يمكننا أن نمنع الأشخاص الذين يرغبون في الهجرة للعمل في الخارج، لكننا لن نقوم بتشجيع هجرة الأدمغة، مثل الأطباء والمهندسين وغيرهم". وخلص الوزير ذاته إلى أنه في الإستراتيجية الوطنية للحركة الدولية للمغاربة، تم تحديد مجموعة من الركائز، أبرزها أن الحوار يجب أن يكون واضحا بيننا وبين الدولة الراغبة في استقطاب هؤلاء العمال، "إذا أرادوا الاشتغال معنا، عليهم بذل مجهود سياسي، من أجل إعلان حاجياتهم، إذ لا يتعلق الأمر فقط بتمرين تقني فقط". في سطور < مزداد في 17 يونيو 1981 بتمارة < حاصل على دكتوراه في الإدارة والإستراتيجية من المعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات < حاصل على ماجيستير في إدارة الأعمال في 2013 من المدرسة الوطنية للقناطر والطرق بفرنسا < حاصل على دبلوم مهندس دولة في الاتصالات وهندسة المعلومات من المعهد الوطني للبريد والمواصلات < تقلد عدة مناصب واشتغل في ديوان وزير الداخلية الأسبق شكيب بنموسى < فـــــــاز بمقعده الأول لأول مرة بمجلس النواب عبر لائحة الشباب < تدرج في حزب الأصالة والمعاصرة وانتخب منسقا جهويا للحزب في الرباط سلا القنيطرة < عين من قبل جلالة الملك وزيرا للإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات في الحكومة الحالية