بوسريف يواصل “مناكفة الأسلاف”

كتاب فكري ونقدي مثير للجدل يعيد تفكيك مفهومي "السنن والبدع" دخل الشاعر والكاتب المغربي صلاح بوسريف مغامرة جديدة من خلال كتابه الجديد الذي أصدره في جزأين تحت عنوان "مناكفة الأسلاف... السنن والبدع" عن منشورات دار فضاءات عمان بالأردن. واقتحم بوسريف في كتابه الجديد منطقة ملغومة، ما زالت تثير حساسية بالغة لدى التيارات المحافظة وحركات الإسلام السياسي، وهي المنطقة ذاتها التي سبق أن اقتحمها المفكر والشاعر أدونيس في كتابه "الثابت والمتحول" قبل أزيد من نصف قرن، دون أن تخمد زوابعها، لدرجة أن وصمة الزندقة ظلت تلاحق صاحبها إلى يومنا هذا، كما لاحقت جل من حاول الاقتراب منها في مشاريع فكرية ونقدية. في هذا الكتاب، يعيد بوسريف تقليب جمر "السنن والبدع"، في سياق أدبي ومناخ فكري مختلف، ويعيد تفكيك المفهومين وإخراجهما من السياق المعتاد لهما وهو السياق الديني، معتبرا أن مفهوم البدع، في اللغة، هو نفسه مفهوم الإحداث، وما يكون جديدا طارئا، وهو مفاجئ ومباغت، دائماً. وفي علاقة بالسياق الشعري الخاص، والسياق الثقافي العام، فالبدع هي أساس كل خلْق وتجديد وتحديث، وهي سابقة على السنن، لأن السُنَن في أصلها هي تنميط، وتسييج، وحَصر، وتقعيد، وتجميد للبِدَع، بل استهجانها، واعتبارها إفْساداً من قِبَل من اكتفوا بالسنن باعتبارها أصلا. ويرى بوسريف أن ما هو سنن، هو بِدع أفرغت من حركيتها، ومن حريتها، ومن مبدأ الصيرورة الذي هو طبيعي في الثقافة التي من خلق وابتكار وإبداع الإنسان بما هو عقل وخيال، وأفق مفتوح على المجهول واللانهائِيّ. ويدخل الكتاب في سياق المشروع النقدي/ النظري، الذي يرى صاحبه بوسريف، أنه تعبير عن الأفق الشعري لحداثة الكتابة في الشعر العربي المعاصر، وفي سياق تجربة الشاعر نفسه، الذي كانت كتبه النقدية النظرية، بما فيها الأعمال الشعرية التي صدرت له، إضاءة لهذه التجربة التي قطعت مع مفاهيم وتصورات، الحداثة نفسها لم تراجعها ولم تنتقدها، ولعل أبرزها مفهوم وبناء "القصيدة"، وما تجره خلفها من بناء ماضويّ لم تتحرَّر منه الحداثة نفسها، حتى وهي تسعى لتجاوز مفاهيم الماضي والتأسيس لأفق حداثي مغاير، يدَّعِي التجاوز والتخطي. ويعود الكتاب في جزأيه إلى الماضي، كما يعود إلى الراهن، بنوع من المراجعة والتفكيك ونقد الحداثة، لما وقعت فيه الحداثة نفسها من مفارقات وتناقضات، أو من سهو ونسيان، ومن سطوة البداهة والاجترار، وظنت أن الماضي أصبح وراءها، فيما الماضي بقي أمامها، هو من يقودها، لا هي من تقوده. وفي هذا السياق يقول بوسريف "وجودنا في الأسلاف، هو غير وجود الأسلاف" ويضيف "فنحن نستطيع أن نتحرَّر منهم بمناكفتهم، بنقدهم، وبمراجعتهم، ومُساءلتهم، لا أن نكون رهائن لفكرهم وما كتبوه من شعر، وهذا ما يجعلنا نكتشفهم ونعرفهم، كما نعرف أنفسنا، ونكتشف ما عندنا من قدرة على الخلق والإبداع، وعلى السؤال، وما يثوي في الأعمال الراهنة من أسرار شعرية أعمتنا السنن عنها، خصوصاً المعاصرة منها، مما وضعناه نحن، وأصبحنا نراه الحقيقة المعرفية والإبداعية المطلقة، وهذا ما حدث في الماضي، بالمعنى نفسه والفكر نفسه وذهنية السنن نفسها". عزيز المجدوب

بوسريف يواصل “مناكفة الأسلاف”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المؤبد لزعيم ملائكة الموت

مداهمة مخازن السلع الفاسدة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات