السوق الأسبوعي والباعة الجائلون وانعدام الحدائق من معيقات التنمية المحلية إمزورن، جماعة ترابية تابعة لإقليم الحسيمة، بجهة طنجة تطوان الحسيمة، تشتهر بسوقها الأسبوعي، الذي ينظم كل سبت، ويعتبر ملتقى تجاريا لـ " الكسابة "، وتجار الخضر والمتلاشيات، ومختلف السلع. وفي الوقت الذي تعتبر فيه المدينة موقعا إستراتيجيا يربط بين الحسيمة وعدة مدن، كالناظور والدريوش، حيث تنافس مدينة الحسيمة في قطاع التجارة، إلا أن ذلك المؤهل لم يتم استغلاله من قبل القائمين على تسيير شؤونها، لجعلها قطبا حضريا واعدا، ما أدى إلى جعلها منطقة تترنح بين الترييف والتحضر والفوضى. والزائر لمدينة إمزورن لابد أن يعاين حجم التغييرات العمرانية التي شهدتها المنطقة، وكيف تحولت إلى مدينة كبيرة، لكن المشاكل المرتبطة بالكثافة السكانية، والتزايد العمراني، تكشف حقيقة واقع مر لسكان وجدوا أنفسهم رهينة غلبة البناء الإسمنتي. ويدفع واقع غياب مشاريع التأهيل، المتمثلة في حدائق ومرافق للترفيه، يقضي فيها الأطفال أوقاتهم، وكذا الأسر، إضافة إلى قلة وسائل النقل داخل المدينة، وانتشار الأزبال، إلى التساؤل بحرقة: هل فعلا نمتلك منتخبين في مستوى التحديات، أم أن القائمين على شؤون الحياة اليومية للمنطقة، الكائنة بتراب عمالة إقليم الحسيمة، يكتفون بمنطق "لا زربة على صلاح؟". إنجاز : جمال الفكيكي ( الحسيمة ) نسفت مجموعة من المستشارين، يشكلون المعارضة بمجلس بلدية إمزورن، الدورة العادية لفبراير، بعد أن قاطعها 21 عضوا من أصل 30، من بينهم أعضاء ينتمون للائتلاف المسير للمجلس، ما حال دون تنظيمها من قبل الرئيس، ومن تبقى من أغلبيته، لعدم اكتمال النصاب القانوني. "البلوكاج" يتربص بمجلس البلدية قاطع مستشارون من حزب الاستقلال، الذي ينتمي إليه الرئيس جمال الموساوي، إلى جانب زملائهم من حزبي التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الاشتراكي، أشغال الدورة، تعبيرا عن غضبهم على الطريقة التي ينهجها الرئيس في تدبير وتسيير شؤون المجلس. واضطر الموساوي إلى رفع أشغال أول دورة للمجلس في السنة الجارية، بسبب غياب النصاب القانوني، وعدم حضور مستشارين من الأغلبية، التي يقودها حزب الاستقلال. وليست هذه هي المرة الأولى التي يقاطع فيها مستشارون دورات المجلس، بل اتخذوا موقف المقاطعة في عدة دورات، منها دورة ماي للسنة الماضية، ورفضوا آنذاك كل النقط المدرجة في جدول الأعمال، معتبرين أنه لا جدوى من عقد دورات لمجلس لا ينفذ الرئيس مقرراته. واتسمت دورات المجلس الجماعي لبلدية إمزورن بالسجالات، كما يخيم عليها التوتر والملاسنات، بل اضطر مستشارون محسوبون على الأغلبية، إلى جانب المعارضة، للاعتصام في شتنبر من السنة الماضية داخل مقر الجماعة، احتجاجا على ما وصف بعدم قانونية دورة استثنائية، في الوقت الذي اعتبر مصدر مقرب من الرئيس أنها قانونية، وتمت وفق ما تنص عليه القوانين. ويعاني مجلس جماعة إمزورن التشرذم بين مكوناته، منذ عدة شهور، بسبب عدم التوافق حول طريقة التسيير وتدبير الشؤون العامة، ما يفوت فرصة تنمية المدينة. وكان الرهان قويا على إجراء مصالحة تنموية بين المدينة وسكانها، لكن تبين أن الصراعات السياسية، وحرب المواقع، والرغبة في امتلاك سلطات تدبير أكبر، جعلت الصراعات والتجاذبات غير المبنية على أي تصور، السمة البارزة. ونجحت قيادة حزب الاستقلال، الذي يقود الجماعة، في رأب الصدع بين مكونات الأغلبية، إلا أن الخلافات بينها عادت من جديد للظهور، حيث لم يتمكن رئيس المجلس من جمع الأغلبية اللازمة لعقد دورة فبراير. للمعارضة والأغلبية رأي قالت كريمة أقوضاض، المستشارة عن حزب الاستقلال، إن المستشارين الذين يمثلون الأغلبية والمعارضة بالمجلس الجماعي لبلدية إمزورن، انزاحوا كثيرا نحو تغليب مصالحهم الشخصية عن المصلحة العامة، إذ لم يعد همهم المساهمة في تنمية المنطقة، بل البحث عن حلول لأغراضهم الشخصية والضيقة، على حساب المواطنين. وأضافت أقوضاض، التي اعتبرت حديثها ينطلق من أنها مستشارة مواطنة بعيدا عن منطق الاصطفافات، أن إمزورن في حاجة إلى منتخب نموذجي يتقن الترافع على مصالح المدينة، التي باتت منسية بشكل نهائي، على كافة المستويات، مشيرة إلى أنها كانت تحلم ومعها كافة سكان المدينة، بأن تكون قطبا اقتصاديا بإقليم الحسيمة، لكن "للأسف لم نحقق ولو جزءا يسيرا من ذلك"، والسبب في ذلك، تضيف المتحدثة "راجع إلى غياب مترافع حقيقي عن المدينة". محمد زحنون، عن الحركة الشعبية، اعتبر التجربة الحالية للمجلس الجماعي فاشلة، وأن ما يعكس هذا الفشل غياب مختلف الأنشطة داخل المدينة، وعدم اهتمام المجلس بدعم بعض الجمعيات الفاعلة خاصة المهتمة بالبيئة، إلى جانب تعثر بعض المشاريع التنموية والاجتماعية. وأكد العضو المستشار أن سؤال تنمية إمزورن بات معطلا ومؤجلا، ولا يمكن، بأي حال، الرهان على هذا المجلس للقيام بذلك، إذ بات عاجزا عن الإسهام في جلب مشاريع تنموية. "أملي أن يتوقف هذا النزيف، حتى لا يكون مستوى التراجع أكبر مما هو عليه الآن"، يضيف زحنون. بالمقابل، اعتبر جمال الموساوي، رئيس المجلس الجماعي لإمزورن، أن مكونات المجلس ملتزمة بتحقيق طموحات المواطنين، وإنجاز مشاريع تنموية تبقى في سجل حصيلة المجلس سنوات. وأكد المسؤول أهمية فتح قنوات التواصل مع فعاليات المجتمع المدني لما يلعبه من دور في إنتاج الاقتراحات والآراء. وشدد الموساوي على استمرار المجلس الجماعي، رفقة كافة المتدخلين في تحقيق برنامج العمل الجماعي للنهوض بالمدينة، وترك بصمة التنمية شاهدة على مر التاريخ. الباعة الجائلون... الإكراه الكبير ما زال الباعة الجائلون يحتلون جزءا من شارع الدار البيضاء بإمزورن، خاصة الأزقة الواقعة بمنطقة "بوسيتو». وعجزت السلطات المحلية عن ترتيب الوضع وإخلاء المنطقة من باعة السمك الذين يحتلون الشوارع والأرصفة، إذ رغم الحملات التي تقوم بها السلطات، سرعان ما يظهرون من جديد. ولم تفلح بعض مشاريع أسواق القرب في وقف هذه الظاهرة. ويحول باعة السمك، مساء كل يوم، تقاطع شارعي الدار البيضاء والبريد إلى سوق شبيه بالأسواق الأسبوعية، حيث يتم بيع السمك والخضر في ظروف غير صحية، إضافة إلى ما يخلفه الباعة من مياه تنبعث منها روائح كريهة. غياب حدائق أطفال لا يعرف سكان إمزورن في تاريخ المجال الأخضر بالمدينة ولو حديقة واحدة ترتبط بالذاكرة المحلية منذ القديم. وبات سكان المدينة محرومين من حقهم في الترفيه، خاصة الأطفال الذين يقضون أوقات فراغهم في اللهو بين الأزقة والدروب. وتفتقر إمزورن إلى المساحات الخضراء، باستثناء بعض الأشجار اليابسة المتناثرة هنا وهناك، وساحة وسط المدينة تظل مجرد تفاصيل رديئة في صورة سيئة يذر بها الرماد في العيون. ورغم توفر بعض النقط في المدينة على ما يشبه حدائق وأماكن للترفيه خاصة بالأطفال، إلا أنها تفتقر إلى بعض المواصفات، كغياب العشب الذي ينبغي تثبيته في أرضية هذه الفضاءات. ويحتار العديد من المواطنين، كل عطلة نهاية أسبوع، وعند حلول العطل المدرسية، أين سيقضي أبناؤهم أوقات فراغهم، وأين سيمارسون حقهم في اللعب والاستمتاع بحياة الطفولة. فأماكن اللعب واللهو والترفيه داخل المدينة غير متوفرة، باستثناء التي ينشئها أرباب المقاهي والمطاعم لاستقطاب العائلات، أو قاعات الألعاب الإلكترونية، التي تنتشر في العديد من الأحياء. وأكد أحد المواطنين أن أغلب العائلات تخضع لضغط أطفالها وتسمح لهم بالخروج للعب بأزقة الأحياء وشوارع المدينة، معرضين حياتهم للخطر. مقبرة قديمة تشوه جمالية المدينة تحولت المقبرة القديمة، الواقعة وسط إمزورن، إلى فضاء بات يشوه جمالية المدينة، ناهيك عن امتلائها بالنفايات الهامدة، التي يتم رميها من قبل المواطنين، بعدما لم تعد مكانا مخصصا لدفن الموتى منذ أزيد من عشرين سنة. وطالب العديد من المواطنين بتحويل المقبرة إلى حديقة أو ساحة عمومية. واختفت قبور الموتى الذين دفنوا في المقبرة، ما يستحيل معه معاينة قبر واحد داخلها، ويوحي بأنها لم تكن في وقت سابق فضاء مخصصا للدفن، ويستحيل العثور على رفات الموتى. وعبرت فعاليات مدنية بإمزورن عن تذمرها واستيائها من الوضع، الذي تعرفه المقبرة القديمة جراء الإهمال الذي طالها، حيث أصبحت مليئة بالأحراش والنباتات والحشائش. وطالبت الفعاليات ذاتها المجلس الجماعي لبلدية إمزورن بالتحرك لجعل هذا الفضاء الواسع حديقة عمومية لتصبح متنفسا للسكان، خاصة أنها باتت تشوه جمالية المدينة، وتحتل مساحة شاسعة دون تأدية دورها. الأراضي العارية... مزابل مستقبلية باتت الأراضي غير المبنية في إمزورن تساهم في ترييف المنطقة، إذ تحولت العديد منها إلى أماكن للتخلص من النفايات، خاصة أنه، في بعض الأحياء والمناطق، لا توجد حاويات أزبال قرب المنازل، ما يجعل البعض يتخلص من الأزبال ومختلف البقايا في هذه الأماكن. وتترك تلك الأراضي غير المبنية مهملة من قبل أصحابها، فتصبح مرتعا للكلاب الضالة، وتنمو فيها الحشائش ونباتات كبيرة، كما يلجأ بعض المواطنين إلى رمي الأزبال فيها، ما يجلب جميع أنواع الحشرات والفئران. وتحول البعض منها إلى مناطق للتخلص من النفايات الهامدة لمشاريع عقارية قريبة منها. سوق أسبوعي بدون إصلاحات يشكل السوق الأسبوعي، الواقع على الطريق بين إمزورن وتمسمان، أحد أهم معيقات التنمية المحلية، ويساهم في عرقلة حركة السير. ويثير السوق جدلا واسعا بين المواطنين، جراء ما يعانيه من مشاكل تحول دون تبضع المواطنين في ظروف ملائمة. ومن بين الإكراهات التي تحاصر "سوق سبت إمزورن"، عدم إنجاز الإصلاحات الأساسية رغم ما يدره على خزينة الجماعة. ويطالب المواطنون والمهتمون ممن يلجون السوق من مناطق وأقاليم مجاورة، بتحصينه، نظرا لغياب الأبواب، والحراسة وتردي أرضيته المتربة، وانتشار النفايات والأوساخ وانعدام شبكة تصريف مياه الأمطار، حيث يتحول السوق إلى برك مائية ومستنقعات، يستحيل معها التجول داخله أثناء تساقط الأمطار. ووقفت "الصباح"، في جولتها بالسوق، أخيرا، على صور مقززة للبنية التحتية، حيث تحولت أرضية السوق إلى برك وأوحال، كما أن الوادي المجاور له يهدده بالفيضانات. أمام هذا الوضع، يطالب مهتمون ببناء أسواق نموذجية بمعايير حديثة تتماشى مع شعار عصرنة المدينة. مستشفى القرب معطل اكتسب مستشفى القرب بإمزورن شهرة لدى مرضى "كوفيد 19"، وكذا سكان إقليم الحسيمة، إذ كان أول فضاء صحي يستقبل الحالات المصابة بفيروس كورونا، بل، في داخله، لفظ العديد من المرضى أنفاسهم الأخيرة، جراء إصابتهم بالفيروس. ويتكبد سكان المدينة والمناطق المجاورة عناء التنقل إلى خارج الجماعة، من أجل الحصول على خدمات صحية، بعد إغلاق المستشفى سالف الذكر، لانعدام الموارد البشرية التي ستشتغل فيه، من أطباء وممرضين. وكشف وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد أيت الطالب، عن سبب إبقاء المستشفى مغلقا في وجه المواطنين منذ عدة سنوات، إذ أكد أنه، خلال غشت الماضي، تم اتخاذ الاحتياطات اللازمة بالتزامن مع طفرة "كوفيد 19"، إذ تم تجديد باقي مصالح المستشفى لاستقبال الحالات الممكنة للفيروس، مع استمرار مصلحة الولادة في تقديم خدماتها بشكل عاد. ويطالب العديد من الفاعلين بإعادة فتح المستشفى أمام المواطنين. واعتبرت كريمة أقوضاض، المستشارة بمجلس بلدية إمزورن، المدينة ملتقى لمجموعة من الجماعات، كبني بوعياش ولوطا وإمرابطن، وجماعات أخرى من إقليم الدريوش، مشيرة إلى أن مستوصف المدينة لا يمكن أن يلبي حاجيات أربعين ألف نسمة، مطالبة بتقديم توضيحات حول إمكانية إعادة فتح المستشفى.