مآثر تاريخية مهمشة ومشاريع كبرى متعثرة تعطل عجلة التنمية وتؤجج الوضع الاجتماعي تعتبر أزمور من أقدم المناطق بالمغرب، وتقع على ضفة نهر أم الربيع، ولا تبعد عن الجديدة سوى بحوالي 15 كيلومترا، وهي مركز الأولياء والزوايا، لكن سوء تسييرها من قبل القائمين على الشأن المحلي، أدى إلى بروز الفقر والتهميش، خلال السنوات الأخيرة، ما دفع السكان إلى تنظيم العديد من الوقفات الاحتجاجية، إضافة إلى تحول أسوارها التاريخية إلى مآثر مهمشة، وكذا توقف وتعثر عدد من المشاريع المبرمجة منذ سنوات، الأمر الذي دفع هيآت ومنظمات المجتمع المدني وفاعلين سياسيين إلى المطالبة بتصحيح الوضع قبل فوات الأوان. إنجاز: أحمد سكاب (الجديدة) حمل سكان أزمور، خلال وقفاتهم الأخيرة، مسؤولية تدني الوضعية التنمية لأزمور للمجلس الجماعي السابق، والرئيس الحالي زكرياء السملالي، الذي عجز، رفقة أغلبيته المسيرة، عن الدفع بقطار التنموية في أزمور، وإخراج المنطقة من الشلل الذي أصابها خلال السنين الأخيرة، خصوصا أن الأوضاع التي تعيشها المدينة لم تعد مقبولة، إذ أن المشاريع انطلقت منذ سنوات ولم تكتمل، من ضمنها الساحة الكبيرة، ومشروع إعادة هيكلة المدينة العتيقة والكورنيش، وهي المشاريع التي أشعلت فتيل غضب السكان ودفعتهم إلى الاحتجاج والمطالبة برحيل الرئيس الحالي. مشاريع متعثرة اعتبرت فعاليات محلية أن توقف مشروع الساحة الكبرى نتاج السياسة الفاشلة للمجلس السابق، الذي أشرف على إبرام الصفقة، دون أن تتحقق على أرض الواقع، إذ أصبحت المنطقة مدمرة اقتصاديا واجتماعيا وعمرانيا، إضافة إلى الخلل الذي أصاب مرافقها. كل هذه المشاكل جعلت السكان يطالبون بتدخل السلطات الإقليمية لوضع حد للتسيب والفوضى، اللذين استشريا رغم مراسلة هيآت وفعاليات مدنية، وكذا منتخبين، عامل إقليم الجديدة، من أجل التدخل وإيفاد لجان تحقيق إقليمية للوقوف على الاختلالات التي عرفتها بلدية أزمور، خلال الآونة الأخيرة. مآثر تاريخية مهملة عبر عدد من الفاعلين الجمعويين بأزمور، في تصريحات متفرقة، لـ"الصباح"، عن أسفهم على عدم استغلال المآثر التاريخية لأزمور، ومنها المدينة العتيقة، في الترويج السياحي، وجلب استثمارات من شأنها الدفع بعجلة الاقتصاد بالمنطقة، وتحويل أزمور إلى وجهة سياحية بامتياز. وحملت الفعاليات ذاتها المديرية الإقليمية للثقافة بالجديدة مسؤولية عدم المحافظة على معالم أزمور التاريخية والترويج لها، بإصلاحها بعد الإهمال الذي طالها، وغياب رؤية إستراتيجية للمسؤولين عن الشأن الثقافي، من أجل التسويق السياحي لأزمور، خصوصا أنها تتوفر على مدار سياحي مهم، نظير وادي أم الربيع الذي فقد قيمته التاريخية. إضافة إلى إعدام وتشويه الساحة العمومية وسط أزمور التي تعتبر من أقدم وأعرق الساحات بالمغرب، والتي تسمى ساحة الحرية أو 14 يوليوز، نسبة إلى العيد الوطني الفرنسي، كما كانت خلال الفترة الاستعمارية سوقا أسبوعية، وكانت تنظم بها الحفلات الكبرى لمناسبة الأعياد الوطنية والدينية. وتبقى مبادرات بعض الشركاء محتشمة من أجل المساهمة بتجربتهم وكفاءاتهم في سبيل النهوض بالوضع السياحي والثقافي لأزمور، إذ طالبت بإعادة الاعتبار لهذه المنطقة الضاربة في التاريخ. تصميم التهيئة بإلقاء نظرة على تصميم التهيئة لأزمور، يظهر جليا أن هناك العديد من المساحات الأرضية المخصصة لإحداث ساحات عمومية، وفضاءات للألعاب، إلا أنه لم يتم تجهيزها أو إحداثها لحد الآن. وخصص تصميم التهيئة 29 ساحة بمساحة تقدر بـ 9.6 هكتارات، أهمها الصفقة العمومية المتعلقة بتحويل حديقة الزرقطوني إلى ساحة متصلة مع السور البرتغالي، التي حملت رقم 04/2019، وهمت تهيئة الساحة العمومية والمساحات الخضراء، وكلفت الجماعة ووزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة ميزانية تقدر بحوالي 13 مليارا، ومازال المشروع في مكانه بعد مرور أكثر من 5 سنوات، رغم أن مدة إنجازه حددت في 18 شهرا فقط، رغم أن أهمية الموقع تشكل نقطة إستراتيجية وتجارية مهمة لأزمور. ويظهر جليا، من خلال المعاينة الميدانية، أن المشروع توقفت به الأشغال لمدة طويلة، وأثر سلبا على الحركة التجارية والمهنيين، وساهم في عرقلة السير والجولان، خصوصا بشارعي محمد الخامس والزرقطوني وسط أزمور. هذا التأخر في إنجاز المشاريع أثر في تعطيل عجلة التنمية، من خلال هدر الزمن التنموي، وتأجيج الوضع الاجتماعي، وبسبب هذا الوضع الاستثنائي، الذي يستدعي تدخل مؤسسات الرقابة ومصالح عمالة إقليم الجديدة، وعلى رأسهم العامل بالنيابة، سمير الخمليشي، بصفته المسؤول الأول إقليميا والساهر على حماية القانون وتطبيقه، وكذا والي جهة البيضاء سطات، محمد مهيدية، الذي طالبته فعاليات محلية بأزمور من أجل التدخل لوضع حد لمعاناتهم، وكذا أصحاب المحلات التجارية، وذلك من خلال تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتحريك مسطرة العقوبات والغرامات في حق المخالفين لبنود دفتر التحملات وبنود العقد المبرم بين الشركة المتعاقد معها وجماعة أزمور. تبادل الاتهامات أمام هذا الواقع المر، الذي تعيشه أزمور، يتقاذف عدد من المنتخبين، من الأغلبية والمعارضة، المسؤولية في ما بينهم، محملين المجلس الحالي وزر ما يقع، لأنه عجز عن مواجهة الوضع، وترك المدينة تعيش على وقع أزمة خانقة دفعت السكان إلى الاحتجاج والنزول إلى الشارع في أكثر من مناسبة، من أجل إنقاذ المنطقة من الإهمال والتهميش. ولإيقاف نزيف الاتهامات بين الأطراف المسؤولة عن تنفيذ وتتبع عدد من المشاريع بأزمور، سبق لعمالة الجديدة وباشوية أزمور أن عقدتا العديد من الاجتماعات بهدف البحث عن الحلول ومواصلة أشغال عدد من المشاريع المتوقفة، بعدما سبق للرئيس الحالي لبلدية أزمور أن وعد، خلال لقاءات سابقة، أنه سيتم إيجاد حلول لهذه المشاكل في أقرب الأوقات، رغم أنها من تركة المجلس السابق. وسبق لعدد من المستشارين ببلدية أزمور أن تقدموا بشكايات إلى وزير الداخلية، تحت إشراف باشا المدينة، وعامل الجديدة، وكذا الوكيل العام للملك باستئنافية البيضاء، والمفتشية العامة، على خلفية توقف إنجاز مشاريع سابقة، وطالبوا بتدخل مؤسسات الرقابة والمحاسبة لتحديد المسؤوليات، واتخاذ إجراءات زجرية لازمة في حق المتورطين في تأخير تنفيذ مشاريع متعثرة بأزمور. احتلال الملك العمومي أمام الوضع المتأزم الذي تعيشه المدينة، وهو ما أثار حفيظة العديد من الفعاليات وسخط السكان، ودفعهم للاحتجاج، نجد أن ظاهرة احتلال الملك العمومي خيمت كثيرا على المنطقة، وأثرت بشكل سلبي على التنمية المحلية، من خلال الترامي على الملك العمومي، رغم الحملات المحتشمة لرجال السلطة، إلا أن الوضع ظل كما هو عليه، وأصبح خارج السيطرة، إذ أن الفوضى تعرقل السير والجولان وتحرم المارة من السير فوق الرصيف، وذلك نتيجة فوضى الباعة الجائلين الذين احتلوا بشكل عشوائي طرقات أزمور، وبعض أصحاب المحلات التجارية، وأضحت مجرد سوق عشوائي، ناهيك عن الفوضى التي يعرفها الشارع المؤدي إلى ضريح مولاي بوشعيب. رضوان دليل: أداء المنتخبين ضعيف أكد رضوان دليل، عضو اللجنة الإدارية للهيأة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بالمغرب، أن توقف معظم المشاريع بأزمور يرجع أساسا إلى ضعف القدرات التقريرية لدى أعضاء المجلس الجماعي، رغم مواكبة بعض المنتخبين على المستوى المحلي لأربع حقب تدبيرية أو أكثر، مشيرا إلى أن الإحساس العام هو أن مستوى الأداء لدى المنتخبين لم يتحسن، وبالتالي لم يحصل أي تراكم في التدبير، إن على مستوى التقرير أو على مستوى التسيير وتصريف شؤون الجماعة. وأضاف رضوان دليل أن الاختلالات الكبرى تجسدت في ثلاثة مستويات أساسية، أهمها الجانب التنظيمي، وأسلوب القيادة، ومستوى التجاوب بين النظام الجماعي ومحيطه. كما أوضح أن أزمور تعرف توقف العديد من الأوراش المجمدة، الشيء الذي يجعلها مدينة المشاريع المتوقفة بامتياز، والتي تميزت بسوء التقدير لمحاولة إخراج عدد من المشاريع منها الإنارة ومداخل المدينة، وتبليط شارع محمد الخامس، ومشروع الكورنيش، والساحة العمومية، التي لم يستطع جلها أن يخرج إلى أرض الواقع في أجله المحدد، ولتظل هذه المشاريع المجهضة مغلفة بالعديد من العراقيل والمشاكل، التي كان بالإمكان تجنبها لو رافق الإعداد لها تخطيط جدي ودراسة الجدوى بشكل سليم يراعي خصوصياتها، والغلاف المالي الإجمالي الذي سيكلفه كل مشروع على حدة، عوض أرقام تقديرية كان لها دور أساسي في توقف أشغال عدد من المرافق. وأثار الفاعل الحقوقي أن عملية الاستفادة من المنح ينبغي أن تعتمد على مساطر قانونية واضحة، بدل المزاجية وإرضاء الخواطر في توزيع المال العام على بعض الجمعيات، التي لا تقدم أي نشاط رياضي أو ثقافي. وقال رضوان دليل إن الهيأة الوطنية لحماية المال العام والشفافية تؤكد أنه ينبغي تحديد الحاجيات بدقة، قبل إصدار سندات الطلب والتأكد من صحة إنجاز الخدمة قبل أداء النفقات وترشيدها، من خلال ضرورة استجابتها لحاجيات الجماعة ونشر البرنامج التوقعي للصفقات طبقا للنصوص التتظيمية الجاري بها العمل، إضافة إلى إنجاز المساحات الخضراء والحدائق المدرجة وفق تصميم التهيئة، والتزام الجماعة بالصيانة المستمرة للمساحات الخضراء والحدائق العمومية الموجودة بالمدينة، وإنجاز الجماعة مواقف السيارات المضمنة في تصميم التهيئة، إضافة إلى إنجاز الأسواق المبرمجة في المخطط الجماعي من أجل حل المشاكل الناتجة عن انتشار الباعة المتجولين بالشوارع الرئيسية للمدينة. وكشف رضوان دليل عما أضحى عليه حال الجماعات الترابية من فوضى عارمة في التدبير وتواتر القرارات، كما يتبين من خلال تقارير المجالس الجهوية الصادرة عن المجلس الأعلى للحسابات، التي ما انفكت تكشف عن عدة تلاعبات واختلالات في التدبير والتسيير لمعظم الجماعات الترابية بمختلف جهات المملكة، والمتمثلة في عدد من التجاوزات الإدارية والمالية، مثل تمرير الصفقات العمومية دون مناقصات أو طلبات عروض، سواء تعلق الأمر بالقطاعات التي تدبرها شركات عمومية أو خاصة، أو التي تسهر على تسييرها جماعات محلية بشكل مباشر. مشاريع المدينة المتوقفة تسائل المسؤولين والمنتخبين (خاص)