عكاشة: ندفع ثمن 10 عجاف في سياسة الماء

القيادي التجمعي قال إن الحكومة الحالية قدر لها أن تتدارك هدرا للزمن الحكومي في القطاع بين 2011 و2021 أرجع ياسين عكاشة، عضو الفريق النيابي للتجمع الوطني للأحرار ورئيس الشبيبة التجمعية الجهوية البيضاء سطات، الوضع المائي الحالي للمملكة إلى تغيرات مناخية يشهدها العالم بأكمله لكن زاد من حدتها تأخر كبير في مشاريع ملكية قدر للحكومة الحالية أن تدفع ثمنه وتتدارك تهاون حكومات سابقة، خاصة في ما يتعلق بمشاريع محطات تحلية مياه البحر التي تمت جدولتها منذ سنتين. وتساءل رئيس جماعة “موالين الواد” التابعة لتراب إقليم ابن سليمان أين كانت حكومة "عبد الإله بنكيران" و حكومة "سعد الدين العثماني" طيلة عقد من الزمن بين 2011 و2021، كاشفا النقاب عن مزايا الجمع بين رئاسة جماعة والعضوية في البرلمان، والحصيلة الإيجابية للحزب على سلم التشبيب، إضافة إلى الإصرار على تنزيل أورش الدولة الاجتماعية رغم الإكراهات. وفي ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: ياسين قُطيب (تصوير: عبد اللطيف مفيق) فرضت ظروف الجفاف إجراءات صارمة لمواجهة الخصاص في الماء، كيف تقيمون الوضعية الحالية خاصة في المجال القروي باعتباركم رئيس جماعة في الضواحي؟ > الأكيد أن إشكالية الماء أصبحت معضلة محورية ترهن مستقبل المغرب في السنوات المقبلة وتحدد معالم نجاح كل السياسات العمومية، وذلك على مستويين، أولا: الحاجة الملحة إلى الماء الصالح للشرب لتلبية الحاجيات المتطلبة في المدن والتجمعات السكانية، ثانيا : إيجاد السبيل للمحافظة على مستوى الإنتاج الفلاحي ومواصلة النتائج المحققة على صعيد الاستثمارات الواعدة في هذا المجال. لكن الأمر يتعلق بتغيرات مناخية يشهدها العالم بأكمله ويتأثر بها المغرب بصفة خاصة، على اعتبار أننا نسجل حاليا السنة الجافة الرابعة على التوالي، ومع أن جلالة الملك ما فتئ يبعث بالإشارة تلو الأخرى للتنبيه إلى خطورة الأمر،فإننا نسجل أن هناك تأخرا كبيرا في الورش، وأن الحكومة الحالية قدر لها أن تدفع ثمن تهاون الحكومات السابقة، خاصة في ما يتعلق بمشاريع محطات تحلية مياه البحر التي تمت جدولتها منذ سنتين، وشخصيا أتساءل دائما أين كانت حكومة "عبد الإله بنكيران" و حكومة "سعد الدين العثماني" طيلة عقد من الزمن بين 2011 و2021. لماذا تعثر المخطط الاستعجالي لمواجهة الخصاص في الماء؟ > تأخر تنزيل تعليمات ملكية بهذا الخصوص من قبيل الاتفاقية الموقعة أمام جلالة الملك في 2016، والمتعلقة بالماء مع أن حكومة "عباس الفاسي” وضعت في نهاية ولايتها مخططا استعجاليا لتدارك خصائص هذه المادة الحيوية، فلو أن الحكومتين السابقتين تبنتا رؤية متوسطة المدى كنا سنتوفر اليوم على عدة محطات لتحلية مياه البحر، تزود أكبر التجمعات السكانية عوض واحدة متمثلة في محطة أكادير التي بفضلها بشرب اليوم سكان أكادير والضواحي، بالإضافة إلى سقي حوالي 12000 هكتار في سوس وتارودانت على الخصوص. بما يضمن انتاج 40 في المائة من الحاجيات الوطنية من الطماطم على سبيل المثال، وذلك بفضل حرص وزارة الفلاحة آنذاك على تجاوز الإكراهات التي يمكن أن تفرمل إنتاجية تلك المنطقة الفلاحية بامتياز، في انتظار الانتهاء من إنجاز محطة التحلية بالداخلة التي ستمكن من تزويد سكان المنطقة بالماء الشروب إضافة إلى سقي أكثر من 5000 هكتار من أجل إنتاج الخضر والفواكه. من يتحمل المسؤولية في نظرك؟ > أعتقد أن تفاقم إشكالية الماء سببه انعدام المقاربة الاستباقية في عمل حكومات سابقة، وهذا ليس فيه استهداف لحكومتي بنكيران والعثماني، ولكن وقع استسهال لما جاء به دستور 2011، إذ لم يعد هناك وزير أول وعوض برئيس حكومة يمتلك سلطة على الوزراء من أجل تنزيل توجيهات الملك بصفته رئيس الدولة، وهذا يفترض امتلاك رئيس الحكومة القدرة على إعمال منطق التحكيم والتأطير والتقييم لكل الوزراء بدون استثناء وتحديد الأولويات. ربما لم يكن الماء أولوية بالنسبة إلى حكومتي العدالة والتنمية، لذلك لم تعط رئاسة الحكومة في الفترة بين 2011 و2021 الاهتمام اللازم للقطاع الذي تناوبت عليه كل من شرفات أفيلال وعبد القادر عمارة. إعادة هيكلة التجمع أنا أنتمي إلى عائلة سياسية، ولكن كنت محظوظا عندما دخلت مجال تدبير الشأن العام من بوابة التنظيم الشبابي للتجمع الوطني للأحرار، على مستوى جهة البيضاء- سطات، بصفتي عضوا في المكتب التنفيذي للشبيبة التجمعية، ولأنني كنت من الجيل المؤسس للفدرالية الوطنية للشبيبة الحزب بدافع من إصرار مباشر لرئيس الحزب "عزيز أخنوش" منذ 2017، بعد انتخابه على رأس الحزب في 24 أكتوبر 2016، عندما تعهد بإخراج منظمتين موازيتين أساسيتين هما الشبيبة والمرأة، وقد وفى بوعده وأحاط شباب الحزب برعاية وتتبع وحاولت أن أكون من هذا الجيل في الشبيبة الجهوية ثم المكتب الوطني للذراع الشبابي لمدة أربع سنوات كانت بالنسبة لي أهم تكوين في مساري، تعلمت خلاله مبادئ العمل الحزبي واستوعبت مواقف التجمع وإيديولوجيته وتدبير العلاقة مع التنظيمات الأخرى داخل الحزب ومع القياديين والبرلمانيين والمنسقين، وكان من حظنا أن حضرنا نقاشات إعادة هيكلة التجمع الوطني للأحرار، فبالإضافة إلى الدعم اللا مشروط لأعضاء الشبيبة من قبل الرئيس "عزيز أخنوش" لن ننسى المساعدة التي تلقيناها في شكل تأطير ومواكبة من قبل "سي محمد بوسعيد" بصفته منسقا بجهة البيضاء-سطات، وقياديين آخرين من قبيل "سي شفيق بنكيران" الرئيـس الأسبق لجهة البيضاء الكبرى ونائب عمدة البيضاء الحالي ورئيس مقاطعة عين الشق، والذين كانوا سندا حقيقيا لنا جميعا في الشبيبة وعلمونا كيف نستفيد من الأخطاء. أريد أن أقول شهادة للتاريخ بمناسبة هذا الحوار إن كل الشباب “التجمعي” كانت له طموحات وذلك أمر طبيعي وإيجابي في السياسة، وأن الرئيس "عزيز أخنوش" هو من فتح هذا الباب لأنه كان يقول لنا أنه يؤمن بالشباب، وأن مستقبل السياسة في المغرب سيؤول حتما إلى الشباب، والدليل على ذلك أن التجمع الوطني للأحرار يمتلك أكبر حصة من النواب البرلمانيين الشباب المنتخبين بصفة مباشرة، وأكبر حصة من رؤساء الجماعات المتحدرين من الشبيبة، فيكفي أن نذكر بأن 6 من أعضاء الشبيبة التجمعية هم الآن نواب برلمانيون . مشاريع عملاقة ماذا قدمت حكومة أخنوش؟ > الحكومة الحالية تحاول تدارك التأخر بمشاريع عملاقة من قبيل الطريق السيار للماء بين أبي رقراق ومحطات تزويد شمال البيضاء والرباط، وهو المشروع التي انتظرناه عشر سنوات وأنجزته الحكومة الحالية في سنة ونصف، لذلك كان من الضروري تغيير الأولويات، وهو ما يترجمه تسريع أجندة إنجاز مشاريع محطات تحلية مياه البحر. على المستوى المحلي فإن أول باب يطرق في حال الخصاص المائي هو باب رئيس الجماعة.فعدد كبير من الجماعات لديها اليوم مشكلة الماء بما فيها تلك القريبة من المدن، كما هو الحال بالنسبة للجماعة التي أترأس مجلسها" جماعة “موالين الواد" فقد كانت أولويتنا منذ البداية هي توفير الماء الشروب بعد القيام بدراسة في الموضوع، أكدت أن التغطية لا تتجاوز 75 في المائة من السكان، وتمكنا بدعم من وزارة الداخلية وشركاء آخرين من توسيع دائرة التعطية بالتزويد بنسبة 20 في المائة كما أطلقت طلبات العروض من أجل بلوغ تغطية مائية بنسبة 100 بالمائة في أكتوبر من السنة الجارية. لماذا هذا الحرص على بداية المسار السياسي من رئاسة جماعة؟ > عندما دخلت غمار الانتخابات 2021 تلقيت نصائح بالترشح فقط إلى البرلمان لكن هناك من جعلني أختار الترشح في الانتخابات المحلية والتشريعية معا، ولقد كنت أميل إلى الخيار الثاني، على اعتبار أن من يريد أن يكون لعمله في الشأن العام تأثير مباشر على السكان وجب عليه أن يدخل السياسة أولا من باب الجماعة المحلية، فبالنسبة لي أن الحلقة الأولى من هرم المؤسسات المنتخبة هي الجماعة، لأنها مؤشر صادق على مدى ارتباط القرارات والأعمال بالمحيط الذي تنتمي إليه، وتجعل المنتخب يدرك مدى أهمية الاحتكاك بالإدارة والسكان في مجالات خدمات القرب والتمييز بين ما هو مركزي وما هو محلي، وبين نوعية الوعود التي يمكن الالتزام بها أمام السكان، وإدراك أساسيات التعامل مع القبيلة وآليات العلاقة مع السلطة، وكيف تدبر علاقات الجماعة مع مختلف المصالح الخارجية للقطاعات الحكومية، والعلاقات مع الوزارات، فبالنسبة لي شخصيا اعتبر أن رئاسة جماعة محلية تجربة لابد منها بالنظر إلى كمية التجارب المهمة التي يكتسبها كل منتخب أو مستشار في مساره السياسي، وأعتقد أن تدبير جماعة محلية بما ينبغي لذلك من نجاعة وشفافية وإنصات لا يقل أهمية عن تدبير أي مؤسسة أو هيأة عمومية أخرى، فهي مدرسة أتمنى أن يمر منها كل من يريد دخول عالم السياسة. إلى أين نسير؟ قبل الحديث عن الانتظارات الاجتماعية يجب التذكير دائما بأننا مازلنا في دائرة التداعيات السلبية لجائحة "كوفيد 19”، إضافة إلى سنة رابعة من الجفاف على التوالي، بما يعني ذلك من أثر بالغ على الاقتصاد الوطني وبالتالي على الوضعية الاجتماعية، خاصة في ما يتعلق بمعضلة ارتفاع الأسعار وارتباطاتها بسياقات أزمة عالمية، الأمر الذي يتطلب أولا الجواب عن سؤال محوري وهو إلى أين نسير وما إذا كانت الحكومة تعمل وفق مخططات وسياسات مضبوطة الأهداف والأجندات؟ أو لا، وأما الاحتجاجات فذلك أمر عاد وقد تعددت بؤرها خلال الحكومتين السابقتين التي واجهتها "بالزرواطة”، واليوم يحتج الأساتذة دون أن تتم مواجهتهم بالعنف، وبرهنت الحكومة الحالية على جرأة كبيرة في حل مشكلات عالقة منذ الحكومة السابقة وخاصة إشكالية الأساتذة المتعاقدين، وكل المؤشرات الاجتماعية تسير في اتجاه الارتفاع، بالنظر إلى المخصصات المالية للحكومة برسم قانون مالية 2024، خاصة في ما يتعلق بالدعم الاجتماعي والحماية الصحية وغيرها من الأوراش التي تهدف إلى تدارك الخصاص والاستجابة لمطالب الفئات المعوزة، بتقدم ثابت في اتجاه الدولة الاجتماعية دون بهرجة أو شعبوية ودون رهن مستقبل الأجيال القادمة بديون خارجية أو رهنها بحسابات انتخابية ضيقة. عودة الدينامية بعد الانتخابات كان من الطبيعي أن يحدث بعض التأخر في العمل التنظيمي داخل الحزب الذي سيجد نفسه أمام مطلب تجديد الهياكل، على اعتبار أن كل المنظمات الموازية وصلت في 2022 إلى نهاية ولايتها، ولكن مع بداية 2024 يمكن القول بأن التجمع عاد إلى دينامية اشتغاله العادي، والدليل على ذلك أجندة الأنشطة التواصلية والشبابية في كل جهات المملكة وأعتبر الوتيرة جيدة بالنظر إلى الاشتغال المحلي على مستوى الجماعات الترابية فالحزب يترأس أزيد من 500 جماعة محلية و4 جهات بالإضافة إلى مجالس إقليمية، ونظم الحزب أكثر من 10 منتديات جهوية يحضر فيها الرئيس ويشارك في النقاش ويقدم التوجهات. لكن قد لا يظهر ذلك للعيان، ربما لأننا لا نهدر كثيرا من الوقت السياسي للتسويق للعمل التنظيمي، وكذلك الحال بالنسبة إلى الإنجازات المحققة، وقد تكون هناك تفاوتات بين الأقاليم، لكن يمكن أن أؤكد لك بأن التجمع حزب حي. وصفة النجاح ما هي خصوصية الجمع بين رئاسة جماعة والعضوية في مجلس؟ > سأجيب من منطلق تجربتي المتواضعة رئيس جماعة ونائبا برلمانيا، لأقول لك بأنني أذهب إلى الجماعة مرتين في الأسبوع، لكنني أدبر شؤونها ولو لم أحضر بشكل يومي. وعكس ما يظنه البعض فإن العضوية في البرلمان تساعد الرئيس في مباشرة مهامه المحلية، وبالمقابل فإن الممارسة المحلية تساعد البرلماني في عمله داخل المؤسسة التشريعية وتجعله أقرب من الواقع و من مصدر المعلومة وأكثر اطلاعا على وقع القرارات والسياسات على المواطنين، فمن بين الأمور الذي تابعتها عن قرب تنزيل الحماية الاجتماعية والسجل الموحد، وهنا لابد من الإشارة إلى أن هناك رؤساء دول كبرى مروا من تجربة رئاسة بلدية أو جماعة قروية، وكذلك كان رئيس الحكومة الحالي الذي بدأ مساره بجماعة قروية في تافراوت ثم ترشح لعضوية المجلس الإقليمي وبعده إلى الجهة ثم البرلمان فيما بعد. هناك وصفة واحدة إذا أراد الرئيس أن يحافظ على علاقات جيدة مع باقي المنتخبين في الجماعة وسلطات الوصاية بكل درجاتها وكذلك مع السكان ألا وهي الصدق في العمل، بما يعني ذلك من المحافظة على الالتزامات والعهود، ولا أعتقد أن هناك من سيقوى على معاكسة توجهاتك إذا كانت تتوخى المصلحة العامة وتستجيب لمتطلبات حاجيات السكان ومستلزمات التنمية الاجتماعية والاقتصادية، لأن جميع الشركاء سيستفيدون إذا تمت تلبية الانتظارات، وهنا أريد أن أشير إلى حقيقة قد تخفى على البعض مفادها أن سكان الجماعات القروية أكثر قربا مما يدور في جماعاتهم ويتتبعون كل صغيرة وكبيرة في مسألة تدبير شؤونهم من قبل المجالس، فالسياسة بالنسبة إليهم هي المدرسة والطريق وسيارة الإسعاف والمستوصف والسوق.

عكاشة: ندفع ثمن 10 عجاف في سياسة الماء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

النقل بالتطبيقات... بين الرفض والقبول

الحبس لمفتش بالمالية تسلم 24 مليونا رشوة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات