متلازمة إدمان الكراسي

العسري: تجديد النخب ومشكل التداول داخل الأجهزة يشكلان أكبر الأعطاب التي يعانيها الحقل السياسي تشكل ظاهرة شيخوخة القيادات السياسية أحد مظاهر أزمة العمل الحزبي بالمغرب، والتي تكرس الجمود وتعمق نفورا لنخب جديدة من الممارسة السياسية داخل الأحزاب الوطنية. ورغم خطابات التشبيب، واعتماد نسبة من الوجوه الشابة في الأجهزة القيادية للأحزاب، إلا أن الاتجاه الغالب داخل الأحزاب، هو تشبث الزعامات بالمواقع، وصعوبة إقرار مبدأ التناوب والتداول على مناصب المسؤولية. ويرى المحللون للظاهرة الحزبية المغربية، أن عدم تجديد النخب، مرده استمرار القيادات التقليدية في التحكم في الآلة التنظيمية الحزبية لضمان الاستمرار في التحكم في المؤسسة الحزبية، ودواليب اتخاذ القرار داخلها، والتصرف في ممتلكاتها وماليتها. ويرى جمال العسري، المنتخب أخيرا، أمينا عاما للحزب الاشتراكي الموحد، أن تجديد النخب السياسية ومشكل التداول داخل الأجهزة الحزبية، يشكلان أحد أكبر الأعطاب، التي يعانيها الحقل السياسي، مشيرا إلى أن عطب الديمقراطية الداخلية وغيابها ينتج العديد من الأمراض، من بينها مرض التشبث بكراسي القيادة والمسؤولية، وهو ما يؤدي إلى تعطيل غياب التداول داخل الأجهزة الحزبية. وأوضح العسري في حديث مع " الصباح"، أن الشيخوخة الحقيقية والشيخوخة المجازية، يقصد بها شيخوخة ابتكار الحلول وغياب المبادرات السياسية الفعالة، وغياب تجديد الخطاب والبرامج، وبالتالي تغييب تجديد النخب السياسية، مؤكدا أن نتيجة هذا الوضع، تبدأ الأحزاب في الابتعاد عن المجتمع، الذي يبقى في حركية دائمة تقوده قاعدته الشابة المتجددة على الدوام، والحصيلة، هي القطيعة بين نخب سياسية تنتمي إلى الماضي بكل تجلياته، وبين مجتمع يتطلع دوما إلى المستقبل. وأكد الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحد، الذي خلف نبيلة منيب، على رأس حزب "الشمعة"، أن الشيخوخة وتشبث القيادات بالمواقع، هي أعطاب تعلمها نخب هذه الأحزاب، وتدرك أن لا علاج من هذا الداء، إلا بإقرار حقيقي للديمقراطية الداخلية، لكن القيادات، مثلها مثل أي طفل مريض يكره أخذ دواءه المر، ويتحايل على أخذه، إذ تتحايل نخب الأحزاب بشتى الوسائل، لتبعد نفسها عن إقرار قواعد عمل ديمقراطية، تسمح بالتداول على المسؤوليات وتحديد زمن كل مسؤولية. ويرى الأمين العام، الذي تدرج في مواقع المسؤولية داخل الحزب، أن تهرب بعض الزعامات، وتحايلها، من خلال إجراء تغييرات في قوانينها الداخلية والأساسية لتمديد مقامها، وجعله مقاما دائما، غير آبهة بالتراجع الذي يعرفه تنظيمها، ولا حتى بابتعاد المجتمع عن العمل السياسي، إلى حدود القطيعة، يؤكد أن هذا العطب، يعيق تطوير الممارسة السياسية، وعندما نتخلص من هذا الداء، يقول العسري، أكيد سنكون قد قطعنا أولى الخطوات لتخليق الحياة السياسية، وإجراء مصالحة حقيقية بين الشباب والعمل السياسي الحزبي. إن خلود الزعامات، في رأي العسري، هو الوجه البارز والسبب الأكبر لأزمة العمل الحزبي، مؤكدا أن الخلود في المناصب ليس وحده سبب الأزمة، إذ مع بزوغ هذه الرغبة، ينحصر فكر الزعامات في البحث عن السبل الأنسب لتحقيق هذه الرغبة، فتبدأ عمليات لي أنظمة وقوانين الحزب، ومعها عملية تدجين القيادات وتأديب الرافضين، بل وطرد من يصر منهم على رفض الأمر الواقع، كما تنطلق عملية حصار كل من يشتم منه أنه يمكن أن يخلق المتاعب للقيادة الخالدة، وتتحول بوصلة العمل الحزبي، من اتجاه تحقيق البرامج والمخططات، إلى اتجاه تحقيق أحلام وطموحات الزعامات. ومع هذا الانحراف في العمل، تنطلق أولى أزمات العمل الحزبي، والتي تتمثل في قتل الديمقراطية الداخلية، ووأد طموحات الشباب، وتدجين مؤسسات الحزب، لتبقى في خدمة الزعامات، محاصرة الأصوات المعارضة. ويبقى الاستثناء داخل الوضع الحزبي، هو ما عرفه الحزب الاشتراكي الموحد، الذي انتخب أمينا عاما جديدا، بعد قضاء نبيلة منيب لولايتين، كما ينص على ذلك قانون الحزب، وهي التجربة التي كرسها في مؤتمره الأخير، إدراكا منه لما يمكن أن يتولد عن عدم احترام القوانين، واستيعابا منه لما يخلقه خلود الزعامات، وعدم تجديد القيادات. والأكيد أن تجديد النخب في الحياة الحزبية، مع استثناءات محدودة، تبقى قضية مؤجلة، بسبب ضعف الديمقراطية الداخلية، فأغلب المعارضين، ما أن يعلنوا عن أنفسهم حتى يجدوا أنفسهم في الهامش، أو يعلنوا الانشقاق، وتأسيس أحزاب جديدة، في عمليات سيزيفية، لا تقطع مع الممارسات التي كانت سببا في انسحابهم من أحزابهم الأصلية. تجديد شامل لبرلمان الحزب أكد العسري أن المؤتمر الخامس للحزب أصر على الالتزام بالقوانين والأنظمة الداخلية، واحترام قواعد الديمقراطية الداخلية، وتشبث بخيار فتح قيادته أمام مناضلاته ومناضليه، فأشرك الشباب والنساء في الأجهزة الوطنية، في احترام تام لمبدأ تمثيليتها في كل مؤسسات الحزب، وبنسبة وصلت إلى 50% لكليهما ( 25% للشباب، ومثلها للنساء)، وهذا ما كان له الأثر الكبير على ارتفاع نسبة تجديد برلمان الحزب، الذي قارب 70%، وهي تقريبا النسبة، التي تجدد بها المكتب السياسي. وأكد الأمين العام لحزب "الشمعة" أن هذه التجربة الفريدة في العمل الحزبي المغربي، ضخت في قيادة الحزب دماء جديدة حملت معها تجربتها وأفكارها، كما حملت معها هموم جهاتها، مادامت جل جهات الوطن أصبحت ممثلة في القيادة الحزبية الجديدة، بمؤسستيها المكتب السياسي والمجلس الوطني، وهو ما جعل تجربة الحزب الاشتراكي الموحد نوعية وفريدة، تؤكد على حيوية الحزب وعلى ارتباطه الدائم بقضايا الشعب والوطن ودفاعه المستميت عن الديمقراطية ورفعه لشعاره "دمقرطة الدولة ودمقرطة المجتمع". برحو بوزياني

متلازمة إدمان الكراسي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الرقمنة تفضح المستور

ملف الوكالات الحضرية أمام المنصوري

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات