ميناء أكادير… تحديات وإكراهات

جوهرة المحيط الأطلسي أبرز الملفات الحارقة على طاولة الوالي أمزازي تنتظر سعيد امزازي، والي جهة سوس ماسة، مجموعة من الملفات الشائكة والمشاريع المتعثرة، يلزم تحريكها سريعا، ومن بينها ميناء أكادير، الذي ينتظر حلا مستعجلا، خاصة بعد الخطاب السامي في 6 نونبر الماضي، لمناسبة الاحتفال بالذكرى الثامنة والأربعين للمسيرة الخضراء، الذي جعل من أكادير المحور الرئيسي في الخطة الإستراتيجية الملكية، التي تهدف إلى تحويل الواجهة الأطلسية إلى فضاء للتواصل الإنساني، والتكامل الاقتصادي، والإشعاع القاري والدولي. إعداد : عبد الجليل شاهي (أكادير) يتفق جل المهتمين على أن تعيين سعيد أمزازي على جهة سوس ماسة جاء في وقته، لإنقاذ أكادير من الأوضاع المزرية التي تعانيها في بعض القطاعات الحيوية بعد جائحة كورونا، وفي أول ظهور له أكد أمزازي، خلال افتتاح الدورة الاستثنائية لمجلس جهة سوس ماسة، على ضرورة تحقيق النهضة الاجتماعية العادلة والإقلاع الاقتصادي المندمج والشامل، وإعادة الاعتبار للجهة ولموقعها الجيو إستراتيجي المهم في وسط المغرب، و كصلة وصل بين شمال المملكة وجنوبها وصولا إلى عمقها الإفريقي، وكواجهة أطلسية منفتحة على العالم، كما أراد لها جلالة الملك في خطابه التاريخي لمناسبة الاحتفال بالذكرى 48 للمسيرة الخضراء في 6 نونبر. وأشار أمزازي في كلمته إلى أهمية إعادة تأهيل وتقوية البنيات التحتية المينائية، وتحديدا اتفاقية الشراكة، المتعلقة بتأهيل ميناء أكادير وتعزيز قدراته التنافسية، ومشروع الاتفاقية الإطار للشراكة من أجل إقامة ميناء جاف وتطوير المناطق اللوجستيكية والتجارية والصناعية بمناطق التسريع الصناعي والنهوض بالاقتصاد الأزرق وتطوير الخدمات اللوجستيكية البحرية وضمان استمراريتها من أكادير إلى دول غرب إفريقيا مباشرة، وكذا إلى بقية العالم عبر ميناء طنجة المتوسط. النزول إلى الميدان مباشرة بعد الخطاب الملكي السامي، يوم 6 نونبر الماضي، نزل الوالي أمزازي إلى ميناء أكادير في زيارة استطلاعية لاكتشاف المركب المينائي بأكادير، والاطلاع على تجهيزاته ومرافقه، والوقوف على المشاكل التي يعانيها المهنيون في قطاع الصيد البحري. وخلال هذه الزيارة استمع والي الجهة للمشاكل التي تواجه التجار، والتي تحول دون ممارستهم لنشاطهم بشكل طبيعي،بعد تراجع أداء ميناء أكادير حسب المهنيين، بسبب الإشكالات التي يشهدها على مستوى هشاشة البنية التحتية أو ضعف التسويق، أو ما يتعلق بالجانب الاجتماعي والاقتصادي للمهنيين، كما وقف على الإكراهات والمعيقات التي تعترض المستثمرين في قطاع الاستيراد والتصدير على مستوى جهة سوس ماسة ، حيث وعد بإيجاد حلول لبعض المشاكل المطروحة، كما اطلع من خلالها على الإمكانيات اللوجيستية والخدماتية، التي يتمتع بها ميناء أكادير. وقام الوالي بجولة بسوق السمك المركزي للبيع الأول، وكذا سوق السمك المخصص للصيد التقليدي، وقبله توقف عند مربع الصيد وكذا عند الرصيف رقم 6، المخصص للصيد في أعالي البحار إلى جانب مجموعة من المرافق المينائية. وعبر الفاعلون الاقتصاديون في قطاع الصيد البحري بأكادير عن أهمية هذه الزيارة الأولية، التي قدمت مجموعة من المؤشرات بخصوص المكانة التي يحظى بها قطاع الصيد والاقتصاد البحري عموما في الرؤية المستقبلية لوالي الجهة باعتبار هذا القطاع يعد من الركائز الاقتصادية على المستوى المحلي، خصوصا أن هذه الزيارة تأتي في أعقاب الخطاب الملكي السامي، الذي قدم إشارات قوية ومحفزة بخصوص الاقتصاد البحري بما فيه الصيد. وأبدوا استعدادهم للتعاون والاشتغال فريقا مع والي الجهة لتنمية قطاع الصيد البحري بأكادير التي تعتبر بوابة نحو الجنوب المغربي، وكلهم مجندون بشكل دائم وراء صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في جميع المبادرات التي يقودها خدمة للمصالح العليا لبلادنا. المجلس الأعلى للحسابات يعري الاختلالات سجل تقرير المجلس الأعلى للحسابات بتاريخ 14 مارس 2022، وجود مجموعة من الاختلالات والنقائص بمجال اللوجستيك بالميناء التجاري بأكادير، وكشف أن خدمة الولوج الأرضي إلى الميناء التجاري لأكادير لا تزال محدودة، مما يسبب ازدحاما أمام بوابة الميناء، التي تعرقل سلاسة تدفق حركة المرور، خاصة خلال ساعات الذروة، مما يؤخر حركة مرور الشاحنات وعملية مناولة البضائع، التي تؤثر في تحسين قدرة الميناء على التنافسية، في ظل اقتصار وسيلة النقل المعتمدة على شبكة الطرق فقط، أمام عدم ربط الميناء بالطريق السيار أكادير – مراكش. وأشار التقرير إلى عدم تحديد الحد الأدنى لمردودية نشاط المناولة المتعلق بالحاويات، التي يجب مراعاتها من قبل المستغل “مرسى المغرب”، وهو الوضع الذي لا يسمح للوكالة الوطنية للموانئ، بممارسة دورها في التتبع والتقييم بشكل صحيح، بخصوص تدبير وقوف السفن البحرية والتدفقات ومعالجة البضائع، ولاحظ المجلس غياب تحسين نظام تخزين الحاويات بسبب غياب نظام تدبير أوتوماتيكي مخصص لهذا الغرض،مما يؤدي إلى التأخر في تحديد مواقع وجود الحاويات في مختلف مناطق التخزين. كما كشف التحليل المقارن لمردودية نشاط المناولة المتعلق بالحاويات، التي حققها المستغل «مرسى المغرب»، أن المتوسط السنوي لهذه الأخيرة لم يتجاوز 13,81 صندوقا لكل يد وفي الساعة، وهو ما يظل أقل بكثير من المتوسط المطلوب في عقود امتياز مماثلة، والمحدد في 18 صندوقا لكل يد وفي الساعة. وأوضح التقرير، الصادر في أعقاب مهمة تفتيشية قام بها المجلس، انعدام وجود مسطرة رسمية ومصادق عليها، توضح مسلسل برمجة عملية رسو السفن الحاملة للحاويات، كما لاحظ المجلس أن شركة «مرسى المغرب» لا تتوصل بلائحة تعاقب الحاويات المخصصة للتصدير، مما لا يسمح للوكلاء في الميدان بتحديد وإعداد الحاويات المراد شحنها على السفينة قبل رسوها على الرصيف، كما أورد التقرير كذلك عدم احترام الأجل المتعلق بإرسال برامج شحن السفن، ويرجع ذلك بصفة رئيسية للإكراهات اللوجستيكية المرتبطة بتوصيل البضائع والسلع. وسجل تقرير المجلس الأعلى للحسابات أن إشعارات وصول السفن، التي يتم إرسالها عبر منصة «بورتنيت» من قبل مالك السفينة أو وكيله البحري إلى المصالح التابعة لمكتب قبطان الميناء والمكلفة ببرمجة وقوف السفن، لا تتضمن المعلومات المتعلقة بمقاييس وأحجام السفن، كما هو منصوص عليه في المادة 22 من نظام استغلال الميناء، وهو ما ينعكس بشكل سلبي على مسلسل معالجة البضائع والسفن الراسية، ويمكن أن يعرقل فعالية تنافسية الميناء. وفي ختام تقريره، أوصى المجلس الأعلى للحسابات باتخاذ الإجراءات المناسبة لتحسين الولوج للميناء التجاري لأكادير، وذلك بالشراكة مع الأطراف المعنية، لاسيما جهة سوس ماسة، والشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب، بالإضافة إلى السهر على تحسين تدبير تدفق البضائع على مستوى التوصيل، والمراقبة الجمركية والصحية، والتخزين، والمناولة بهدف التقليل من أوقات انتظار السفن بالميناء. وأكد المجلس، ضمن توصياته، اعتماد إجراءات تمكن من توفير البضائع بشكل مسبق، وتقليل مدة مكوث الحاويات بالميناء، وتحسين ظروف رسو السفن البحرية داخل الميناء، عبر ضمان تلقي طلبات تخصيص مراكز الرسو وبرامج شحن السفن في الوقت المناسب، مع الاتفاق مع المتعهدين المعنيين، ولاسيما شركة “مرسى المغرب”، على الحد الأدنى لمردودية الخدمات المرتبطة بمناولة الحاويات، والحرص على تحقيق الأهداف المحددة. تأهيل ميناء أكادير صادق مجلس جهة سوس ماسة في دورة استثنائية في نونبر الماضي، على مشاريع تهم تأهيل ميناء أكادير وإحداث ميناء جاف، ضمن برنامج التنمية الجهوية، وتدخل هذه المشاريع ضمن ركيزة الارتقاء بالبنية التحتية ذات التوجه الاقتصادي، حيث تتطلع مؤسسة الجهة للارتقاء بالمنشاة المينائية والمناطق اللوجستية، بالنظر إلى أن هذه التجهيزات لها أهمية كبيرة في إنعاش التصدير وتحسين تنافسية الجهة. من جهته كشف نزار بركة وزير التجهيز والماء، في رده على سؤال كتابي حول اختلالات ميناء أكادير، من قبل النائب البرلماني حسن أومريبط، أن الوكالة الوطنية للموانئ تعمل على تحديث المنشآت الموجودة به، حيث تم تجهيز ميناء اكادير بأرصفة عائمة جديدة، من أجل تحسين ظروف استقبال وحدات الصيد التقليدي بغلاف مالي يقدر ب 21 مليون درهم، كما تمت برمجة تأهيل أرصفة ميناء الصيد بغلاف يقارب 140 مليون درهم خلال 2022 و 2023، كما عملت الوكالة الوطنية للموانئ على النهوض بجميع منشآت ميناء أكادير، عبر تدعيم وعصرنة البنيات التحتية والفوقية الموجودة، إضافة إلى إنشاء بنيات أخرى ساهمت في تحسين مكانة الميناء وجهة مؤتمنة لتصدير واستيراد البضائع، مشيرا إلى استثمار أزيد من مليار درهم منذ 2007، لتصل حاليا القدرة الاستيعابية للميناء إلى 12.5 مليون طن. وأضاف بأن ميناء أكادير يتوفر على ثلاث بنيات تحتية لرفع السفن إلى اليابسة، بما في ذلك سفن أعالي البحار وسفن الصيد الساحلي وسفن الخدمات، فضلا عن توفره على ورشين لصناعة السفن الخشبية والحديدية، تنشط فيهما أكثر من 90 شركة متخصصة. إنجاز الميناء الجاف وقعت جهة سوس ماسة على بروتوكول اتفاق بين الجهة وصندوق الإيداع والتدبير ووكالة طنجة المتوسط، بهدف التعاون من أجل إنجاز مشروع الميناء الجاف والمنطقة اللوجستية بمنطقة التسريع الصناعي، على مساحة تناهز المائة هكتار، حيث يتوخى هذا المشروع المهم تيسير الإجراءات الجمركية والإدارية وتدبير السلع ومختلف الخدمات المينائية واللوجستية. ويهدف الميناء الجاف إلى تسهيل الخدمات المينائية، وخصوصا قطاعات التصدير بجهة سوس ماسة، بالإضافة إلى تقريب الخدمات التصديرية من مختلف المؤسسات الإنتاجية الموجودة بالمناطق الصناعية الثلاث الموجودة بأكادير، بالإضافة إلى الشركات الفلاحية الموجودة بإقليمي شتوكة-أيت باها وتارودانت، وكذا وحدات الصيد البحري بالمناطق الجنوبية. إطلاق أشغال كبرى أطلقت الوكالة الوطنية للموانئ أشغالا كبرى، لإعادة تهيئة واستصلاح مربع الصيد بميناء أكادير، الذي أصبح يواجه مجموعة من التحديات البنيوية،وهذه المشاريع تدخل في برنامج يروم تأهيل ميناء الصيد، والذي انطلقت أشغاله بتهييء ارصفة الصيد التقليدي، إذ ستتوزع الأشغال على شطرين كبيرين، تتفرع إلى مراحل للحفاظ على نشاط المراكب في المربع المينائي، خصوصا أن الأمر يتعلق بأشغال فوقية وتحت مائية، لإعادة تجهيز مربع الصيد وتأهيل بنياته التحتية والحمائية ، وتقوية بعض دعائمه، مع تجديد تجهيزاته من قبيل السلالم و"الطاكيات". وستكون المرحلة الثانية هي إعادة إنجاز الرصيف المحاذي لمحطة تزويد المحروقات، والذي تضرر بشكل كبير، إلى حدود التفكك، وأصبح يشكل خطرا على سلامة الرسو والمناورة بمربع الصيد، حيث إن هذه المنطقة أصبحت محط قلق للمسؤولين والفاعلين المهنيين، بالنظر للخطر الذي أصبحت تشكله على مستعملي الرصيف والحوض المينائي عموما، باعتبار هذه الجهة من الرصيف أصبحت عاجزة عن أداء دورها في الحماية وكذا صعوبة استغلال جوانبها من قبل المراكب، التي أصبحت تبتعد بمسافات عن المنطقة المتضررة. كما شرعت وكالة الموانئ في تنفيذ سياسة تواصلية، للتعريف بماهية الإصلاحات وبرنامجها ، وطرق تفعيلها، حيث استبقت الوكالة هذه المشاريع بعقد اجتماع تنسيقي مع مهنيي الصيد الساحلي، قصد الإخبار ببداية إنجاز أشغال إعادة تأهيل أرصفة مربع الصيد بميناء أكادير، حيث دعت الوكالة جميع مستعملي ميناء الصيد إلى الانخراط في إنجاح هذه المشاريع، والالتزام بالتوجيهات والتدابير التي تصدرها قبطانية ميناء أكادير، فيما تم وضع لافتات إخبارية لحث المهنيين على الانخراط في هذه المشاريع الواعدة . الريادة في صناعة السفن كشف رياض مزور، وزير الصناعة والتجارة،أخيرا، في لقاء تشاوري جهوي مع الفاعلين بجهة سوس ماسة بأكادير، أن ميناء أكادير سيكون رائدا في القارة الإفريقية في مجال صناعة السفن مما سيمكن بفضل موقعه الإستراتيجي من جلب المستثمرين والمصنعين. وأضاف ان مخطط التسريع الصناعي سيوفر مجموعة من مناصب وفرص الشغل، موزعة على كل جهات المملكة. كما أبرز أن المنظومة الصناعية بجهة سوس ماسة ستكون ناجحة بكل المعايير، من خلال مجموعة من الاتفاقيات، التي تم إبرامها مع شركاء من القطاعين العام والخاص، موضحا أنه في الآن ذاته سيكون لهذا البرنامج الخاص بالتسريع الصناعي وقع إيجابي في انتعاش عدد مهم من القطاعات الحيوية، خلال السنوات القليلة المقبلة بالجهة.

ميناء أكادير… تحديات وإكراهات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

اختلاس أموال 4 جماعات في جلسة واحدة

34 سنة لسارقي شاحنة الأموال

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات