مؤتمر العقلنة في الاستقلال

بلعوني قال إن المحطة التنظيمية المقبلة لـ"الميزان" تراهن على وصفة الكيف لتجاوز معضلة الكم دافع المصطفى بلعوني، عضو المجلس الوطني للاستقلال، وعضو اللجنة المركزية للحزب عن أطروحة العقلنة الحزبية في الطريق إلى المؤتمر المقبل لـ" الميزان"، في إشارة إلى ضرورة تجاوز معضلة العدد نحو انبثاق أجهزة قوية ومنسجمة في مستوى المرحلة، منبها إلى وجود اختلال يشوب مشاركة الحزب في الحكومة، بحجة أن الاستقلال جزء من الأغلبية الثلاثية، ويجب أن تكون له نسبة الثلث كذلك في القضايا والمشاكل والصلاحيات والتدبير الحكومي. وفي ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: ياسين قطيب / تصوير (عبد اللطيف مفيق) كيف تقيمون مشاركة الاستقلال في الحكومة الحالية ؟ > نحن نشارك بأربعة وزراء في قطاعات تقنية واجتماعية ليس بينها حقيبة وزارية ذات صبغة سياسية مثل الخارجية، لكن لا يمكن الحديث عن تقييم حزبي لهذه الحقائب لأن المجلس الوطني لايجتمع وبالتالي تغيب المقترحات والمطالب التي تدخل في إطار النقد الذاتي باعتباره فلسفة مؤسسة للحزب، لكن ما نلاحظه هو وجود نوع من الاختلال، لأن حزب الاستقلال جزء من الأغلبية الثلاثية، ويجب أن تكون له نسبة الثلث كذلك في القضايا والمشاكل والصلاحيات وفي التدبير الحكومي، خاصة بالنظر إلى أن الحزب له برنامج متكامل يجمع بين الإجراءات المركزية والشأن المحلي، إذ يجب أن نكون جزءا من الحل، إعمالا للرأي والتصورات التي يطرحها الحزب في جميع القطاعات خصوصا تلك التي يسيرها الحزب، لأن لنا أطرا كفؤة منخرطة في منظمات الحزب، لكننا لم نجتمع منذ 2019 بالمجلس الوطني الذي يعتبر محطة للنقاش الداخلي، ونعتبر أن قطاع التجهيز الذي يحمل حقيبته الأمين العام تقلص بسحب اختصاص الطرق الثانوية، ما أثر على إستراتيجية القطاع عكس قطاع الماء الذي بقي مجمعا داخل صلاحية الوزارة. هناك من يقول بأن وتيرة العمل الحكومي ليست في المستوى المطلوب، هل تتفقون مع هذا الرأي ؟ > أكيد أن العمل الحكومي يتم في إطار التوجهات الملكية، لكن الوتيرة الملكية سريعة ومتعددة الأبعاد داخليا وخارجيا، تنمويا وحقوقيا، وهو ما تترجمه الاتفاقيات المبرمة مع الدول الشقيقة والصديقة، كما هو الحال بالنسبة إلى مذكرات التفاهم الموقع عليها مع دولة الإمارات العربية المتحدة، من أجل شراكات ستتطلب مضاعفة لجهود الحكومة، التي ستطلب منها المواكبة والتنزيل، خاصة في قطاعات الطاقات المتجددة وإنشاء أقطاب تنموية مثل تلك المنجزة في شمال المغرب والانتقال صوب الساحل الأطلسي وإحداث فضاء إفريقي نحو المستقبل، توازيا مع التقدم في إنجاز أنبوب الغاز وهي الرؤية المعبر عنها في الخطابات الملكية الأخيرة، لكن الأمر يتعلق بمشاريع بأجندات محددة لا يمكن التأخر فيها. كيف تتوقعون أداء الحزب في محطة المؤتمر المقبل ؟ > إن القوة الرئيسية التي يستند عليها الأمين العام في طريقه إلى المؤتمر تتمثل في الفريق البرلماني للحزب بمجلس النواب، لأن 80 عضوا برئاسة قيادي مؤثر هو نور الدين مضيان جعل من هذا المكون الحزبي القوة الضاربة لنزار بركة في المؤتمر المقبل الذي سيكون مختلفا جدا عن سابقه، لا في التصورات ولا في المنهجية ولا حتى في عقلنة أعداد المؤتمرين، في ظل حرص كبير على مسألة الكيف وليس الكم في حجم الأجهزة المرتقب انبثاقها عن المؤتمر 18. النظام اللائحي بأكبر البقايا أثر سلبا على مسألة صناعة النخب الحزبية، إذ أصبحنا أمام تكرار الوجوه نفسها دون مشاركة سياسية قوية، لذلك وجب التفكير خلال المرحلة المقبلة في إعادة النظر في ذلك لتقوية المشهد الحزبي، ولم لا العودة إلى نمط الاقتراع الأحادي الاسمي في دورتين، الذي يتيح فرصة أكبر لدوران النخب عوض سوء الفهم الحالي بخصوص التعامل مع صفة وكيل اللائحة في النظام الحالي، في اتجاه اقتراع فردي مقنع تجتمع فيه كل المساوئ. لكل مرحلة عنوان بصفتكم أحد المختصين في تاريخ حزب الاستقلال، هل لكم أن تفصلوا في مسار أزمات الحزب ؟ > كما يعلم الجميع أن حزب الاستقلال تأسس بعد تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في 1944 وعقد مؤتمره العام في 1945، وقرر مجلسه الأعلى كما كان يسمى آنذاك، انتخاب أحمد بلفريج أمينا عاما، وهي مرحلة عرفت بروز قادة من قبيل علال الفاسي والهاشمي الفيلالي والمختار السوسي والفقيه غازي وأحمد مكوار ومحمد اليزيدي وعمر بنعبد الجليل وعبد العزيز بن إدريس العمراوي، وأحمد الفاسي، بالإضافة إلى أسماء أخرى عاصرت مرحلة التأسيس، ثم عبد الرحيم بوعبيد والمهدي بنبركة في ما بعد، وكلهم كانوا أعضاء في المجلس الأعلى للحزب بين 1944 و 1955، وتميزت الفترة الأولى للحزب بالنضال من أجل استقلال البلاد، فعندما فشلت الحماية في القيام بالإصلاحات المقدمة إليها في الدفاتر المطلبية، خاصة تلك المضمنة في دفتر المطالب المستعجلة للشعب المغربي المقدم في 1936، وعدم إشراك الأطر المغربية في تسيير دواليب الدولة إبان الحماية، تغيرت الخطة صوب المطالبة بالاستقلال وطلب من فرنسا المغادرة بعد فوات أوان الإصلاح، ثم تعاقبت أحداث كثيرة لعب فيها الحزب أدوارا كبرى في ما يتعلق بالتأطير وتأسيس الخلايا السرية والعلنية، من خلال العمل بتكتيكين، أولا بواسطة الفروع التي تشتغل في واضحة النهار، ثم الأجهزة السرية التي كان يكلف بالإشراف عليها قادة حزبيين من قبيل عبد السلام بناني وجضاهيم والطاهر غلاب، رئيس اللجنة الإدارية للبيضاء، وبوخريص وغيرهم وهي الخلايا التي انبثق منها كبار المقاومين من قبيل محمد الزرقطوني وغيره من طلائع جيش التحرير. في البدء كانت النقابة في 1952 إثر مقتل الزعيم النقابي المغاربي فرحات حشاد، بدأت مرحلة تهيئة التنظيمات العمالية من أجل تنظيم انتفاضات في البيضاء وفاس ووادي زم وفي كثير من مناطق المغرب، لكنها قمعت من قبل الجيش الفرنسي، وتعرض عدد من قادة الحزب حينذاك للاعتقال والمنفى، كما هو الحال بالنسبة إلى علال الفاسي نحو الغابون، وأحمد بلفريج الذي كان يتجول خفية بجواز سفر باكستاني، والمصير نفسه للمختار السوسي المنفي داخل المغرب والمهدي بنبركة والفيلالي ومكوار، في إطار موجة تنكيل بالقادة وصلت حد حل الحزب في 1952، ثم الانتقال إلى مرحلة الكفاح المسلح. وفي غشت 1953 عندما امتدت أيادي الغدر والتآمر إلى الملك محمد الخامس واشتعل فتيل ثورة الملك والشعب التي انخرط فيها الحزب كجزء لا يتجزأ من الحركة الوطنية، عندما أعلن علال الفاسي نداء القاهرة من صوت العرب فبدأ الضغط على فرنسا إبان الحرب العامية الثانية من أجل التنازل على صلاحياتها في المغرب وتوسيع مجال الحريات والإفراج عن المعتقلين، لكن ذلك لم يمنع من تحول البلاد إلى برميل بارود، خاصة بعد نفي السلطات العائلة الملكية، ولم يخمد صوت السلاح إلا بعودة الملك من منفاه. لازمة الإخوة الأعداء بدأت مرحلة المفاوضات مع فرنسا من أجل ترتيب استقلال المغرب بعد عودة الملك في 2 مارس 1955 وشارك الحزب في مفاوضات إيكس ليبان بأربعة قادة هم المهدي بنبركة وعبد الرحيم بوعبيد وعمر بنعبد الجليل ومحمد اليزيدي، بالإضافة إلى المشاركة عن بعد لكل من امحمد بوستة ومحمد الدويري بحكم إقامتهما آنذاك بفرنسا، وكل ذلك تم بتنسيق مع أحمد بلفريج الذي كان يجري جولات عبر عواصم العالم لحشد الدعم والمساندة. وبعد ذلك طرح سؤال كان ينتظر أن يأتي الجواب عنه في دجنبر 1955، لكن اختلف الاستقلاليون في الموقف من تولي شخصية مستقلة رئاسة حكومة فجر الاستقلال في غياب المنفيين والمسجونين، فتمت الموافقة على العرض، وهو ما اعتبره المعارضون الخطيئة الأصل التي ستنزل بثقلها على المرحلة الفاصلة بين 1955 و 1962 مع مجيء أول دستور. ومن تم دب أول خلاف كبير بين القادة التاريخيين في الحزب وبين المجلس الأعلى واللجنة السياسية إلى أن عاد علال الفاسي، الذي رفض سماع مضامين التوصيات المنبثقة عن إيكس ليبان بذريعة الموافقة على حل جيش التحرير ومازالت أراضي مغربية تحت الاحتلال مثل الساقية الحمراء وسيدي إيفني و طرفاية ووادي الذهب والمناطق الشرقية، فكان الخلاف بخصوص حكومتي البكاي الأولى والثانية وحكومتي بلافريج وعبد الله إبراهيم واتسع الخلاف مع الأطياف السياسية الأخرى، سواء تلك التي كان يعاديها أو تلك التي كان ينسق معها وبدأت مرحلة الإخوة الأعداء خاصة مع تيار المهدي بنبركة وعبد الله إبراهيم رئيس الحكومة آنذاك وعبد الرحيم بوعبيد والنقابي المحجوب بن الصديق "من نحن؟ وماذا نريد؟" وبدأ الصراع بين استقلاليي حكومة عبد الله ابراهيم منذ 1959، والبدايات الأولى للاختلاف في المنطلقات داخل حزب الاستقلال، وأن رئيس الحكومة هو من أجج الصراعات بين تيارات الحزب، باستعمال صوت نقابة المحجوب بن الصديق الذي كان مسجونا معه، بعد تنحية الطيب بن بوعزة إثر حضوره مؤتمر منظمة العمل الدولي، إذ لم يحضر المهدي بابن بركة وعبد الرحيم بوعبيدوعبد الله ابراهيم في احتفالات 11 يناير 1959 وكل الذين تبنوا فكرة بنبركة مقابل حضور10 من القادة التاريخيين لحزب الاستقلال، في حين نظم الأخير تظاهرة في 25 يناير من السنة نفسها كشف فيها المستور، ما اعتبره علال الفاسي ومن معه حركة انشقاقية، ورد عليه باعلان تحمله مسؤولية الحزب، اذ اجتمعت اللجنة السياسية والمجلس الأعلى للحزب وكلفت علال الفاسي بالرد على قرار تـأسيس لجنة اليقظة، التي تأسست في 19 ماي 1959، وتكلف أبو بكر القادري، المفتش العام للحزب آنذاك بتسيير لجنة التتبع التي ضمت جميع المفتشين، ماعدا الحبيب الفرقاني بالحوز ومحمد منصور بالبيضاء، وتلك كانت بداية انشقاق حزب الاستقلال، وبدابة تراشق بالجرائد الحزبية، واعتبر علال الفاسي أن الحزب لا يمكن أن يستمر إلا بعد مؤتمر عام تم في 1960 الذي انتهى بتنحية احمد بلفريج من الأمانة العامة وتغييرالقانون الأساسي للحزب بإحداث منصب الرئيس عوض الأمين العام. قدر الانشقاق انتهت معركة الصراع القضائي بحيازة علال الفاسي لتسمية الحزب " الاستقلال" وأسس رفاق بن بركة "الاتحاد الوطني للقوات الشعبية"، في حين شهد حزب الاستقلال تأسيس جهاز المجلس الأعلى للإطارات الذي كان يضم 120عضوا آنذاك، وتم اعتماد شعار جديد هو تأسيس المجتمع التعادلي وتأسيس منهج التعادلية، الذي شكل منهج الحزب ومازال الى اليوم، وبقي علال الفاسي رئيسا للحزب إلى 1974 عند وفاته في 13 ماي من السنة نفسها بمدينة "بوخاريست" في ضيافة الرئيس الروماني "تشاو شيسكو"في مسار جولة للزعيم الاستقلالي آتيا من الكويت في إطار التسويق لاستكمال تحرير التراب الوطني خاصة الساقية الحمراء وواد الذهب، وهي الفترة التي صادفت موعد المؤتمرالتاسع الذي جاء بامحمد بوستة على رأس الحزب بفكرة أخرى وتصورات جديدة تحت شعار "من نحن وماذا نريد". وبعد ذلك تغيرت معطيات السياق الوطني منذ السبعينات، مع مستجدات الانفراج السياسي وظروف المسيرة الخضراء. في سطور - من مواليد 1960 بأولاد سعيد (الشاوية) - عضو المجلس الوطني لحزب الاستقلال من المؤتمر 12 1989 إلى الآن - عضو اللجنة المركزية لحزب الاستقلال من المؤتمر 13 إلى المؤتمر 16. - عضو المكتب المركزي للشبيبة الاستقلالية منذ 1989 إلى 1998 . - عضو المكتب التنفيذي للجامعة الحرة للتعليم (ا .ع. ش. م) من 1993 إلى 2015 - ممثل الاتحاد العام للشغالين في المنتدى الاجتماعي المغاربي (2004- 2007) - كاتب عام سابق للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان.. - كاتب عام لجمعية ملتقى الذاكرة والتاريخ التي تصدر مجلة امل المتخصصة . - مشارك في عدة مؤتمرات وطنية ودولية * ناشط حقوقي وجمعوي .

مؤتمر العقلنة في الاستقلال

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

قتيلان و3 جرحى في حادثة سير بصفرو

إقبال على منصات التواصل

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات