المستشفى الإقليمي بإنزكان… خصاص مهول

مشاكل تسييرية بالجملة وقلة الأطباء والممرضين وطول انتظار المواعيد يعيش المستشفى الإقليمي بعمالة إنزكان أيت ملول العديد من الاختلالات منذ سنوات، حيث يعاني قلة الأطباء والممرضين، مما يجعل المرضى ينتظرون كثيرا لأجل رؤية الطبيب، وكذا مجموعة من المشاكل التسييرية والتدبيرية، على مستوى جناح الأمراض العقلية والنفسية. إنجاز : عبد الجليل شاهي (أكادير) رغم العديد من النداءات من قيل المواطنين لوزارة الصحة والمديرية الجهوية، قصد توفير المعدات والوسائل والأسرة وقنينات الأوكسجين، يزداد الوضع سوءا يوما بعد يوم، خاصة بعد دخول الأطباء والممرضين في علاقة توتر مع إدارة المستشفى، مما تسبب في شد وجذب بين الطرفين، على حساب المواطنين الذين يبحثون عن حق الاستشفاء والعلاج، والاستفادة من الخدمات الصحية، دون التنقل إلى مستشفى الحسن الثاني بأكادير أو التوجه مضطرين إلى المؤسسات الخصوصية رغم الإكراه المادي. مشاكل عجلت بإعفاء المدير عجلت المشاكل والاختلالات التي يعيشها المستشفى الإقليمي بإنزكان، بإعفاء وتوقيف مدير المركز واثنين من المسؤولين عن صيدلية المستشفى، من قبل خالد ايت الطالب، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، بعد الصراعات الأخيرة التي وقعت بين بعض الأطباء والممرضين ومدير المستشفى، والتي تطورت إلى التهديد بالتوجه إلى القضاء. وتعود تفاصيل هذه العلاقة المتوترة بين الأطباء العاملين بالمركز الاستشفائي الإقليمي لإنزكان، وإدارة المركز الاستشفائي بعد التحاق المدير الجديد بالنيابة في غشت 2020، الذي تم تعيينه رسميا في نونبر 2022، للإشراف على إدارة المرفق الصحي بإنزكان، إذ وجد نفسه أمام مجموعة من الأطر الطبية التي سبق أن اشتغل معها في كلميم، عندما كان مديرا إقليميا للصحة هناك قبل أن يتم إعفاؤه، وكانت علاقتهم متشنجة. وتطور الأمر بعد إصدار مجموعة من الجمعيات بإنزكان، في عيد الأضحى الماضي، بلاغا تضامنيا مع المدير إثر حادثة في الشارع العام، حيث قام صيدلاني بالاعتداء على المدير بالسب والشتم، مما جعل جمعيات المجتمع المدني تصدر بيانا تضامنيا ضد الصيدلاني وتهدد بتنظيم وقفة احتجاجية داخل المستشفى. كما ذكر بلاغ الجمعيات أن مدير المستشفى الإقليمي عرضت عليه مجموعة من الملفات والفواتير التي تهم الأدوية، تفوق قيمتها المالية 70 مليون سنتيم، دون أن تكون مبررة، و دون وجود أثر لها على أرض الواقع بالمستشفى الإقليمي لإنزكان، فرفض التأشير عليها لعدم تطابقها مع الخصاص الحاد الذي يعانيه المستشفى الإقليمي، الذي لا يتوفر على «بيتادين» بقسم المستعجلات، وعلى أبسط الأدوية لإجراء العمليات الجراحية. القطيعة بين الأطباء والمدير بعد هذا البلاغ دخلت العلاقة بين الأطباء وإدارة المستشفى مرحلة القطيعة، ومراسلة الأطباء والممرضين المندوب الإقليمي لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية بإنزكان أيت ملول، في هذا السياق، عند البيان الذي أصدرته هيآت المجتمع المدني بإنزكان، بتاريخ 22 شتنبر 2023، والذي تضمن ما سمي بأنه «اتهامات خطيرة في حق الأطر الصحية العاملة بالمركز الاستشفائي الإقليمي بإنزكان بوقوفها وراء كميات مهمة من الأدوية المفقودة التي تقدر كلفتها ب 70 مليون سنتيم»، وأضافت المراسلة أن الاتهامات سالفة الذكر «تمس بسمعة موظفي الصحة وبسمعة وهيبة المرفق الصحي العمومي»، داعية إلى «فتح تحقيق عاجل في ملف اختفاء الأدوية المزعومة حماية للمال العام». كما وجه الأطباء والممرضون مراسلة إلى عامل عمالة إنزكان أيت ملول بخصوص بيان جمعيات المجتمع المدني بالإقليم، والذين اعتبروا أنه «بعيد كل البعد عن أهداف العديد من الجمعيات والهيآت الموقعة عليه، والتي تجاوزت ما هو مسطر في قوانينها الأساسية»، كما أشار الأطباء إلى غياب مجموعة كبيرة من الكشوفات والتحاليل المخبرية الأساسية بقسم المختبر، مما يعقد من مهام مقدمي العلاج و يدفع المرتفقين نحو التوجه للمؤسسات الخصوصية لإجراء هذه التحاليل، بعدما سجلوا في وقت سابق فضيحة تلف كميات مهمة من الكواشف المخبرية التي تم اقتناؤها بمبالغ مالية مهمة بسبب عدم توفير ظروف سليمة للتخزين، حيث تم تسليمها للصيدلية الاستشفائية دون أي سابق إنذار، والتمست الأطر الصحية من عامل الإقليم التدخل من أجل حماية مهنيي الصحة بإقليم إنزكان مما أسموه «الاستهداف» الذي يبتغي تشويه صورتهم والمس بسمعتهم أمام الرأي العام». وبعد تنامي الخلافات وتراجع الخدمات بالمستشفى، دخل عامل إقليم إنزكان بدوره على الخط، إذ تم عقد اجتماع موسع بمقر العمالة دام أكثر من ثلاث ساعات، بحضور رئيس المجلس الإقليمي ورؤساء عدة أقسام ومصالح بالعمالة والمندوب الإقليمي للصحة ومدير المستشفى الإقليمي بالنيابة، حيث تمت مناقشة جميع المشاكل التي يعيشها المستشفى، وطالب بالجميع بتحلي بروح المسؤولية من أجل المصلحة العامة. ووصلت الصراعات إلى التهديد باللجوء إلى المحاكم، بعد اجتماع رسمي بحضور المندوب الإقليمي ولجنة الحوار والإطارات النقابية ومدير المستشفى، بعد تعرض أحد الأطباء للسب والشتم والتهديد بالتوقيف عن العمل والشطط في استعمال السلطة واستغلال النفوذ، من قبل مدير المستشفى، حسب بلاغ صادر عن نقابة الأطباء. اختلالات مصلحة الأمراض النفسية أصدر الأطباء والممرضون بالمستشفى الإقليمي لإنزكان تقريرا وصف بالكارثي، وجه إلى خالد أيت الطالب، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، حول وضعية مصلحة الأمراض النفسية والعقلية، وكذا البنية التحتية والتجهيزات، والمرافق الخدماتية الصحية والأدوية، وظروف ووسائل عمل الأطباء والممرضين. وكشف التقرير أن مصلحة الأمراض النفسية تعيش على وقع الاكتظاظ، وتجاوز الطاقة الاستيعابية المقدرة في 70 سريرا، لتصل إلى أزيد من 100 نزيل، بالإضافة إلى تحويل جزء مهم منه لمصلحة الترويض الطبي عوض استصلاحه وضمه لمصلحة الطب النفسي خصوصا في ظل الاكتظاظ و تزايد عدد النزلاء، ونقص في عدد غرف العزل مقارنة بعدد النزلاء، حيث إن عددها لا يتجاوز 12 غرفة، وكذا انعدام المياه بغرف العزل وبمراحيضها، حيث يتم الاستشفاء في هذه الغرف في ظروف كارثية مع استنزاف مقدمي العلاج في السهر على تلبية حاجيات المرضى من المياه، فضلا عن انبعاث الروائح الكريهة من هذا القسم و من مراحيضه والنقص الملاحظ في خدمة النظافة، ما يؤثر بشكل سلبي على المرضى والمهنيين . كما ذكر التقرير النقص الكبير على مستوى الأسرة التي لا يتجاوز عددها 16 سريرا مع نقص الأفرشة، إذ يضطر العديد من النزلاء الى افتراش الأرض، هذا بالإضافة إلى غياب المياه الساخنة من أجل الاستحمام، وسط غياب أسرة تتوفر على وسائل تثبيت طبي، للمرضى في حالة هيجان أو لديهم أفكار انتحارية، مما قد يساهم في تعريض سلامتهم للخطر والوصول إلى حد الانتحار، وكذا وجود نوافذ زجاجية وقضبان حديدية ببعض الأماكن يشكل خطورة على المرضى خصوصا الموجودين في حالة غير مستقرة، وإغلاق أبواب الإغاثة و تلحيمها، إلى جانب غياب كؤوس بلاستيكية ذات الاستعمال الوحيد، إذ يضطر المرضى إلى استعمال الكأس نفسه من أجل شرب الدواء مع ما يشكله هذا الأمر من خطر تنقيل العدوى والأمراض التعفنية والطفيلية والفيروسية. قلة الأطر الصحية سجل التقرير نقصا كبيرا في الأطر التمريضية المختصة، زاد من حدته تنقيل مجموعة من الممرضين في الصحة النفسية للعمل بأقسام أخرى، و مغادرة البعض إما بسبب الإحالة على التقاعد أو بسبب إتمام مسارهم الدراسي، حيث تمت مغادرتهم لهذا القسم دون تعويضهم. وبسبب هذا الخصاص فإن أغلب فرق العمل تتكون من ممرضين اثنين إلى ثلاثة، يقومون بالإشراف على أزيد من 100 نزيل ، و يزداد الأمر تعقيدا أثناء العطل السنوية أو الإجازات المرضية، بالإضافة إلى تنقيل مجموعة من المساعدين في العلاج الذين تم تعيينهم بمصلحة الطب النفسي للعمل بأقسام أخرى، مما أثر سلبا على التكفل بالمرضى و نظافتهم، وسط إشراف طبيبة واحدة فقط مختصة في الطب النفسي على هذا القسم، إلى جانب عدم احترام المساطر القانونية في عملية استشفاء المرضى داخل المصلحة خصوصا خلال فترة الحراسة الليلية، ويلج المرضى من مصلحة المستعجلات إلى مصلحة الطب النفسي بدون بروتوكول علاجي أو وصفة طبية مسلمة من طبيب مختص في الأمراض النفسية و العقلية، وذلك في مخالفة صريحة للفصل 51 من القانون الداخلي للمستشفيات، وكذا عدم تمكين الممرضين العاملين بهذا القسم من «الأمر بمهمة» أثناء تأمينهم لنقل المرضى إلى مستشفيات أخرى رغم بساطة هذا الإجراء القانوني، وكذا عدم توفر قسم الطب النفسي على قاعة للعلاج تكون مجهزة و تراعي خصوصية المرضى و تحفظ كرامتهم، إلى جانب توفر المصلحة على عربة وحيدة لتقديم الأدوية و العلاجات مع غياب أجهزة مراقبة المؤشرات الحيوية، بل و حتى أجهزة قياس حرارة المريض. مجهودات وأوراش مفتوحة رغم المشاكل التي يعرفها المستشفى الإقليمي بإنزكان، إلا أن هناك مجهودات تبذل من أجل تحسين العرض الصحي، من قبل الجهات الوصية، والسلطة الإقليمية، فقد عرف المستشفى العديد من الأوراش كتوسعة قسم الولادة، بالإضافة إلى تعزيز المستشفى بعدد من التجهيزات الطبية والبيوطبية، مع العمل على تأهيل المستشفى الإقليمي وتشييد قسم المستعجلات به ومستودع الأموات، في إطار مشروع ينخرط فيه كل من مجلس العمالة والمجلس الجماعي ومجلس جهة سوس ماسة والجمعيات الفاعلة، من اجل تجاوز الاختلالات والمشاكل التي يتخبط فيها المرفق الصحي بإنزكان. غياب الأدوية أوضح التقرير وجود نقص حاد في مجموعة من الأدوية الضرورية والأساسية وانقطاعات مستمرة في التزود بها، وخص بالذكر مضادات الذهان و مضادات الاكتئاب، إلى جانب النقص الكبير فيها، وفي أغلب الأحيان، غياب مضادات الذهان التي تعطى عن طريق الحقن، مع انعدام توفر الجيل الجديد من هذه الأدوية ذات الآثار الجانبية القليلة والفعالية العالية، فضلا عن نقص حاد في الأدوية المزيلة للقلق.. وهذا النقص و الانقطاع في التزود بالأدوية يؤديان إلى تدهور حالة المرضى وطول مدة الاستشفاء وتعقيد مهمة مقدمي العلاج، مع تزايد الخطر الذي يشكله المرضى على بعضهم البعض و على الأطر الصحية، إضافة إلى غياب الشروط السليمة لتخزين الأدوية بهذا القسم، إلى جانب غياب أماكن كافية لها، وغياب المكيفات الهوائية و أجهزة قياس الحرارة والرطوبة بمكان التخزين، مع غياب ثلاجات خاصة ببعض الأدوية التي يستلزم حفظها درجة حرارة منخفضة مما من شأنه التأثير على فعالية هذه الأدوية أو تحولها إلى مواد سامة، وغياب مجموعة من الأدوية الخاصة بالأمراض العضوية الأخرى التي قد تصيب نزلاء هذا القسم أثناء عملية الاستشفاء.

المستشفى الإقليمي بإنزكان… خصاص مهول

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحكومة تصادق على مشروع قانون الدعم الاجتماعي المباشر

محامي فلسطيني: الفلسطينيون يفتخرون بالملك لتضامنه ودعمه الدائمين للقضية الفلسطينية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات