مشاكل تجاوزت قدرات المجلس والمعارضة تنتفض والصيف يعري وجه المدينة لم تعد الحسيمة التي كانت توصف بالهادئة والنظيفة، كذلك، بل أصبحت اليوم بالنسبة إلى سكانها وقاطنيها، مثل تلك العجوز التي لم تنفع معها مساحيق التجميل، لتعيدها إلى شبابها وحيويتها ونشاطها وفتنتها الساحرة التي كانت تتميز بها في ستينات وسبعينات القرن الماضي. وتجاوزت المشاكل التي واكبت فترة الصيف وكذا التي تعيشها المدينة على مدار سنة كاملة، قدرات المجلس الجماعي الذي يقف عاجزا أمام الإكراهات التي تحول دون مسايرتها قاطرة التنمية المستدامة، على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحتى الرياضية. إنجاز : جمال الفكيكي ( الحسيمة ) تعطي جماعة الحسيمة انطباعا لسكان المدينة وزوارها وأفراد الجالية المغربية المقيمين بالخارج، أن هناك توقفا لعجلة التنمية بسبب عدم مباشرة الملفات الحقيقية والمهمة التي تخدم مصلحة سكان المدينة، ناهيك عن عدم إخراج العديد من المشاريع التنموية إلى حيز الوجود بسبب غياب حكامة قابلة للتنفيذ في ظل الإمكانات الكثيرة المتوفرة، والغياب شبه الدائم للرئيس. ويواجه الرئيس العديد من الإكراهات التي ظلت تؤرق سكان مختلف الأحياء بالحسيمة رغم نداءاتهم المتكررة لمختلف الجهات، التي لم تلق الآذان الصاغية. ويجمع المهتمون بالشأن المحلي بالمنطقة، على أنه رغم أن رئيس المجلس، نجيب الوزاني، الطبيب الاختصاصي في جراحة العظام والمفاصل، عارف بخبايا المنطقة التي ظل يتردد عليها في كل محطة سياسية أو انتخابية، فإن الآمال تبخرت لإنقاذ هذه المنطقة وإعادة الاعتبار إلى سكانها، في أفق تحقيق التنمية الشاملة، وذلك بعد مرور سنتين على انتخابه رئيسا للمجلس. وتبقى حصيلة العمل الذي قام به المكتب المسير الحالي لهذا المجلس، مقارنة مع الميزانيات المرصودة، ومكانة الجماعة داخل الجهة، ضعيفة بشهادة نسبة كبيرة من سكان المدينة. رئيس الجماعة غائب طيلة السنة كشف العديد من المواطنين بالحسيمة، عن أن الإكراهات التي تعيشها المدينة، مردها، حسبهم، وحسب بعض الأعضاء المستشارين، إلى التغيب المستمر لرئيس الجماعة المقيم بالرباط، ولا يحضر سوى الدورات العادية للمجلس قبل أن يعود من جديد إلى العاصمة لممارسة عمله طبيبا، في حين أكد الوزاني أن مهنته طبيبا، تقتضي أن يقطن بالرباط، غير أنه يحضر للحسيمة حين تفرض عليه بعض المسؤوليات ذلك، خاصة دورات المجلس، مضيفا أنه رغم غيابه فإن ذلك لا يقلل من الوتيرة التي يسير بها العمل داخل الجماعة، وأن معه فريقا متمكنا كل حسب مهامه، يتكون من مستشارين وموظفين يحظون بالثقة الكاملة من قبله. وأكد العديد ممن استجوبتهم "الصباح" أن لا شيء تغير في الحسيمة في الولاية الحالية، مطالبين الوزاني بتقديم شيء ما للمنطقة، وتحمل مسؤوليته كاملة في تسيير وتدبير شؤون الجماعة، بحضوره على الأقل داخل مقر الجماعة أربع مرات في الشهر. وتجمع العديد من الأصوات على اعتبار حصيلة المجلس بعد مرور سنتين على انتخابه، لا ترقى إلى تطلعات السكان، مطالبة في الوقت ذاته رئيس المجلس ومكونات الأغلبية بتقديم نقد ذاتي، من أجل إخراج المدينة من الوضع الراهن. المعارضة تنتفض اعتبر مستشارو المعارضة حصيلة المجلس الجماعي لبلدية الحسيمة ضعيفة، مؤكدين أن عمل المجلس على جميع المستويات لا يرقى إلى تطلعات السكان، وهذا ليس من باب المزايدة حسبهم، بل إن واقع المدينة هو ما يؤكد ذلك. أكد المستشارون ضرورة تغيير المقاربة تجاه الجماعة من وحدة إدارية إلى جماعة اقتصادية تنافسية. ويطالب المستشارون بإحداث فضاءات جماعية لتحتضن المقاولات الناشئة، وإعادة النظر في نموذج الاستثمار السياحي بالمنطقة. وبرر فؤاد بنعلي، العضو المستشار بمجلس بلدية الحسيمة، المحسوب على المعارضة، عدم مصادقة فريقه بالمجلس على مشروع الميزانية، خلال دورة أكتوبر، بعدم توصل فريقه بمحضر اجتماع لجنة الميزانية والشؤون المالية والبرمجة، والتي قامت بتعديل مجموعة من الأرقام الواردة بشقي المشروع، سواء الواردة بالجزء الأول من الميزانية المتعلق بالتسيير، أو بالجزء الثاني منه والخاص بالتجهيز. وأكد بنعلي أنه حسب ما تفضل به رئيس لجنة الميزانية، فقد تم خفض العجز المالي المرتقب في 2024، من أكثر من ملياري سنتيم إلى مليار و 300 مليون سنتيم دون أن يكون لجل أعضاء المجلس العلم القبلي بهذا التغيير، إضافة إلى الاعتماد أثناء بداية مناقشة الميزانية على أرقام ومعطيات ثالثة، لا تمت بصلة للمعطيات التي توصل بها ضمن الوثائق المتعلقة بمشروع الميزانية لسنة 2024 دون علمه، حيث تم الاعتماد على معطيات مخالفة، أولا، للمشروع المتوصل به، ومخالفة أيضا وهنا مربط الفرس، لما تلاه رئيس لجنة الميزانية من تعديلات قامت به هذه الأخيرة وهو أمر غير مفهوم البتة. وتنتفض المعارضة في كل دورة في وجه الرئيس، على غرار ما حدث، أخيرا، في الدورة العادية لأكتوبر. وأحرج العضو المستشار، زكرياء مضيان، رئيس المجلس حين طالبه بتقديم توضيح حول طريقة تدبير حظيرة سيارات الجماعة، ومن يستغلها من أعضاء وموظفين، ومدى مطابقة ذلك للنصوص القانونية المؤطرة لذلك، مؤكدا له أن القانون لا يسمح له بوضع هذه السيارات رهن إشارة رؤساء اللجن الذين يشتغلون داخل المجلس وليس خارجه. وطالبت المستشارة، خديجة الحبوبي، من حزب الأصالة والمعاصرة، رئيس المجلس باحترام أدبيات وأخلاقيات العمل الجماعي، خلال أشغال الدورة العادية الأخيرة، حين ناداها باسمها الشخصي، قائلة له "نحن لسنا جالسين في مقهى حتى تناديني باسمي، أنا مستشارة جماعية من فضلك". مشاريع تنموية في الأوراق يبدو المجلس الجماعي لبلدية الحسيمة منهمكا في وضع برنامج عمل جماعي، يستجيب لتطلعات كل الحسيميين، لكن لا أحد يعلم كم يستغرق ذلك وجدولته الزمنية، وما إذا كانت شروط تحققه ممكنة في الولاية الحالية، كما هو الشأن بالنسبة إلى مشروع تثمين الحي التجاري " حي موروبييخو" الذي صعب على الجماعة إطلاق الدراسة المتعلقة به. وكشفت بعض الوثائق عن مجموعة من المشاريع والملفات المرتبطة بتدبير الشأن المحلي قصد إخراجها إجرائيا إلى حيز الوجود، منها تدعيم انجرافات التربة، حيث تم اختيار أربع مناطق تستدعي التدخل نظرا لوجود خطر انجراف التربة بها مع وجود كثافة سكانية مهمة جدا وهي حي "بوجيبار" و"أشاون ثسنداي " و"ميرادور الأسفل" والمنحدر المطل على شاطئ كيمادو وعلى طول كورنيش صباديا، وإعادة استعمال المياه العادمة وسقي المساحات الخضراء وإتمام إعادة هيكلة الأحياء ناقصة التجهيز، وتهيئة الحي التاريخي "موروبييخو". كما تعمل الجماعة على حث تجار سوق بيع السمك بسوق " الثلاثاء " للالتحاق بالأخير، وإفراغ المحلات غير المستعملة بالمركب التجاري "ميرادور". وتحتاج الحسيمة إلى أجيال جديدة من المشاريع والبرامج والأوراش ومخططات العمل، لتجاوز الخصاص البنيوي الكبير في التجهيزات والطرق والمرافق العمومية وتأهيل الأحياء الهامشية والاهتمام بقضايا الشباب والنساء والأطفال في الشغل والثقافة والرياضة والترفيه والتنمية والتنشيط المحلي. ورغم المجهودات المبذولة في السنوات الماضية، مازال السكان يرافعون عن مطالب جديدة، تحقق الانسجام بين مكونات منطقة، تعتبر واحدة من رافعات الاقتصاد الجهوي وإنتاج القيمة المضافة، ناهيك عن موقعها المتميز شمال المملكة. لائحة الموسميين تحرج الوزاني أثارت، أخيرا، لائحة قيل إنها لعمال موسميين يتوصلون بتعويضات من المجلس الجماعي للحسيمة، جدلا واسعا في مواقع التواصل الاجتماعي والتراسل الفوري. وأغضبت اللائحة المواطنين والمهتمين بالشأن العام وكذا الأعضاء المحسوبين على المعارضة. واستفسر فريقا الأصالة والمعاصرة والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، نجيب الوزاني عن حقيقة هذه الوثيقة ومدى صحة ماورد فيها، مطالبين بالكشف عن اللائحة الحقيقية للعمال الموسميين. كما تقدم المستشار، هشام أمزيان الإدريسي، بسؤال كتابي أدرج في جدول أعمال دورة أكتوبر الأخيرة، يطالب من خلاله رئيس المجلس بتمكين الأعضاء من اللوائح الكاملة للعمال الموسميين وأماكن اشتغالهم. وطالبت المعارضة بالمجلس، بالإفراج عن قائمة العمال العرضيين الفعلية، وعن أماكن عملهم والمهام المسندة إليهم، باعتبارهم موسميين تستعين بهم المؤسسة في المواسم التي تعرف ضغطا مثل فصل الصيف، الشيء الذي لم يستجب له الرئيس الذي أوضح أن ميزانية الموسميين لا تتعدى 800 ألف درهم موجهة لعاملات النظافة بمقر الجماعة والمرافق الإدارية التابعة لها، كما يستفيد منها الأعوان الموسميون الذين تستعين بهم الجماعة سنويا خلال موسم الصيف، نظرا للخصاص الكبير الذي أصبحت تعانيه إدارة الجماعة بعد إحالة عدد كبير من الأعوان على التقاعد في السنوات الأخيرة. الصيف يعري المجلس الجماعي أعلن المجلس الجماعي، خلال فترة الصيف الماضي، عجزه عن تدبير قطاع النظافة، إذ تركت الحاويات مملوءة عن آخرها لعدة ساعات، وتراكمت قربها أكوام الأزبال والنفايات الفائضة عن سعتها. كما فشل المجلس ذاته في تسيير الفضاءات الخضراء على قلتها، في وقت يسجل فيه الإجهاز على هذه المساحات، وتعويضها بالإسمنت، إضافة إلى تراجع قطاع التنشيط الصيفي والانسحاب من تدبير الشواطئ التابعة للجماعة كشاطئ "كيمادو" و"كلابونيطا" و"ماطاذيرو" و"تمشذين". وعبر العديد من الزوار والسياح عن استيائهم وتذمرهم من الفوضى العارمة وسط المدينة والشوارع والأزقة المتفرعة عنها، إضافة إلى غياب مواقف السيارات، ما فسح المجال لتناسل غرباء يبتزون المواطنين بفرض إتاوات عليهم بدون موجب قانون. وتقدمت مجموعة من جمعيات المجتمع المدني بعرائض إلى مجلس بلدية الحسيمة لدراستها، تستفسر من خلالها عن تراجع قطاع النظافة بالمدينة وغيرها من المشاكل التي تؤرق السكان، منها عريضة حول تأهيل المساحات الخضراء والساحات العمومية الموجودة بتراب الجماعة، فيما تطالب الثانية بالارتقاء والنهوض بقطاع النظافة بالمدينة. وسجلت مصادر تصدع وتآكل العديد من الشوارع وانتشار الحفر فيها، إضافة إلى غياب الإنارة في العديد من الأحياء. وتركت مرحلة الصيف الكثير من الملاحظات السلبية وأثارت العديد من التساؤلات والانتقادات حول أداء المجلس الجماعي وفعاليته ودوره في حماية أمن وسلامة المواطنين وتلميع صورة المدينة التي طالها الصدأ والرطوبة.