كيف كان رد فعلك بعد رفض مولاي عبد الله احترافك بسيدي بلعباس؟ في البداية، أثار ذلك استيائي، لأنني كنت فعلا أرغب في تغيير الأجواء، وكنت أرغب في البحث عن فريق آخر لألعب له، لكن لم يكن لدي اختيار أمام قرار الأمير، سيما أنني كنت أحترمه وأقدره، وكانت له أفضال كثيرة علي.هل كان للأمر علاقة بمشاكل مادية، سيما أن مسؤولي بلعباس منحوك 20 مليونا؟ ليس تماما، ولكن كنت في تلك الفترة موظفا بوزارة الشباب والرياضة، إذ كنت مدربا للتربية البدنية بالمدارس الرياضية، التي سبق أن اشتغلت في مشروعها مع المدرب كليزو، لكنني استقلت بشكل مفاجئ، بالنظر إلى أن تلك المهنة لم تكن تناسبني. لماذا؟ كانت لدي طموحات أخرى، وكنت غير راض عن المهمة التي كلفت بها بالقنيطرة، وبدأت أتغيب عن الحضور، بعد أن قضيت 10 سنوات في وزارة الشباب والرياضة، من سنة 1954 إلى 1964. متى اتخذت قرار استقالتك من الوزارة؟ كان ذلك على هامش تنظيم عيد الشباب في يوليوز 1963 بالقنيطرة، وكان آنذاك الجنرال دوكور دارمي حسني بنسليمان هو المندوب السامي للوزارة، وطلب من مساعده الأول ومدير ديوانه آنذاك مصطفى الغزواني أن يخبرني بتغيير بذلتي، وأن ألبس البذلة التي تم تقديمها للمشاركين في الاحتفال، لكنني رفضت وقلت له أن يخبر الجنرال بأنني سأستقيل من الوزارة، وكما قلت سابقا، إنني كنت أتردد على العمل في مرات قليلة إلى أن غادرت الوزارة نهائيا في منتصف سنة 1964. وما سبب رفضك تغيير البذلة؟ كانت بذلة لا تليق بي، وأنا كنت معروفا بأناقتي، وأذكر حينها أنني كنت أرتدي بذلة بها اللونيان الأحمر والأبيض، وهما المفضلان لدي، لأنهما لونا فريقي الفتح الرياضي، وكان كليزو من أهداني ذلك القميص، كما أذكر أن قميص وزارة الشباب والرياضة، كان رمادي اللون، وكانت به رائحة كريهة، ولم يكن من الممكن أن ألبسه. هل انقطعت علاقتك بمسؤولي سيدي بلعباس بعد رفض الفتح تسريحك؟ لم تنقطع وكنا على اتصال دائم عن طريق العربي بن مبارك، الذي سبق له أن درب سيدي بلعباس، وكانت له علاقة كبيرة مع مسؤوليه، وكانوا دائما يتصلون به ويستفسرون عني.لكن، كيف تم إقناع الفتح بانتقالك إلى سيدي بلعباس؟ تلك كانت بداية الحكاية مع نشاطي السياسي وعلاقتي بالجنرال أحمد دليمي. منذ متى بدأت علاقتك مع الدليمي؟ علاقتي معه بدأت منذ كنا ندرس بثانوية مولاي يوسف بالرباط، سنة 1952، وكنا نلتقي يوميا إلى سنة 1954 عندما التحق بالمدرسة العسكرية والتحقت بوزارة الشباب والرياضة، فانقطعت علاقتنا منذ ذلك التاريخ، سيما أنه خاض تجارب عسكرية بالهند الصينية، ولم نعد نلتقي.والتقيت به صدفة بعد سنتين في طنجة، عندما كنا سنلعب كأس الاستقلال بطنجة سنة 1956، حينها كنت أتمشى رفقة صديقة لي بالشاطئ، فرمقني" السي أحمد"، وطلب من أحد العسكريين أن يحضرني عنده، وقال لي ذلك العسكري إن الكومندو الدلمي يريد الحديث إليك، فأجبته على الفور أنني لا أعرف أحدا بهذا الاسم، لكنه أصر على ألاقيه، ولما ذهبت عنده تفاجأت لما علمت أن الأمر يتعلق بصديقي أحمد بلحسين، فاستفسرته عن سبب تغييره اسمه العائلي إلى الدليمي، فأخبرني أن الأمر يتعلق بالإجراءات الجديدة للحالة المدنية، وأن السلطات ستأتي عندي لتغيير اسمي، والذي كان في ذلك الوقت، حسين بن محفوظ، نسبة إلى والدي.والحقيقة أن "السي أحمد" اختار الدليمي، لأنه كان ينتمي إلى منطقة يقال لها أولاد ديلمي بنواحي سيدي قاسم. وقمت بزيارة له إلى منزله بمناسبة عيد الأضحى في أبريل 1964، وكنت حينها مازلت أتردد على وظيفتي بالوزارة، وطلب مني أن التحق بالأمن فرفضت. لماذا؟ لأنني لم أكن أرغب في تلك المهنة، سيما أنه كان لدي الكثير من الأصدقاء يمارسونها ويتحدثون لي عن مشاكلها، كما أن طبيعتها لم تكن تستهويني. أجرى الحوار: محسن صلاح الدين