الشيء الوحيد الذي نجح فيه حكام البطولة الوطنية هو خلط المفاهيم لدى المتتبعين والجماهير. فمن كثرة الحالات المتشابهة، التي تتخذ فيها قرارات مختلفة، لم يعد ممكنا معرفة الصواب من الخطأ، والقرار السليم من القرار غير السليم. فهناك حالات كثيرة احتسبت فيها ضربات جزاء، وبطاقات حمراء، لكن الحالات نفسها اتخذت فيها قرارات مخالفة في مباريات فرق أخرى. وعوض أن يساعد «الفار» المتتبع على فهم الحالات ومدى مطابقتها للقانون، فإنه شتت مفاهيمه، بفعل تناقض القرارات المتخذة، وتدخله في حالات، وعدم تدخله في أخرى، كما عرى ضعف الحكام المغاربة، وهشاشة شخصية عدد كبير منهم، إذ لا يستطيعون اتخاذ قرارات في حالات واضحة، وأصبحوا ينتظرون إشارة الغرفة في جميع الحالات. وفي الوقت الذي جاء "الفار" لمساعدة الحكام، فإن الحكام أصبحوا يساعدون "الفار". في أوربا، يعطي حكام المباريات انطباعا وطمأنينة، توحي بأنهم يأتون لتطبيق القانون واحترام اللاعبين والجماهير، حتى لو أخطؤوا في بعض الحالات، لكن في كثير من المباريات عندنا أصبح الاعتقاد هو أن الحكم يريد فعل شيء ما. فأين الخلل؟ كثيرون كانوا يعلقون فشل التحكيم على شماعة المدير السابق يحيى حدقة، وينتقدون التعيينات، ويحملونه مسؤولية الأخطاء التي يرتكبها الحكام، واليوم بعدما أقيل الرجل، تحولت الأخطاء إلى مجازر، وتحولت قوانين التحكيم الواضحة إلى ألغاز، كل يطبقها على هواه. غريب. عبد الإله المتقي