المتهم ادعى أن الضحية حاول ممارسة الجنس عليه فكان الرد طعنات قاتلة بينما كان الجميع يتابع بشوق المباراة النهائية لكأس العرب بين منتخبي تونس والجزائر، كانت صيحات الصراخ والضوضاء الصادرة من غرفة معدة للكراء بعمارة بمنطقة حي السدري بعمالة مولاي رشيد بالبيضاء، تزاحم حماس معلقي المباراة. فجأة توقف كل شيء وعم سكون غريب، بعدها سينتشر خبر العثور على جثة تاجر معروف بسوق الجملة للخضر والفواكه وعليها عدة طعنات. كانت تحريات الشرطة القضائية لمولاي رشيد تميل إلى فرضية أن الجريمة سببها معاملة تجارية، بحكم أن الضحية تاجر بسوق الجملة للخضر والفواكه، إلا أنه كلما تعمق المحققون في البحث وتوصلوا بمعطيات جديدة عن المشتبه فيه والضحية، ازداد الأمر غرابة إلى أن تبين أن الجريمة سببها علاقة جنسية شاذة. قتل مع تتويج جزائري كان الجميع متشوقا لمتابعة المباراة النهائية في كأس العرب بين منتخبي تونس والجزائر، الكل حجز مقاعده بالمقاهي نصرة للمنتخب التونسي، بعد أن أقصي المنتخب الوطني بطريقة مستفزة. كان من بين المتحمسين لمتابعة هذه المباراة الضحية، في الأربعينات من العمر، تاجر معروف بسوق الجملة للخضر والفواكه، إذ فضل متابعتها في غرفة يكتريها مع صديقه الحميم. انطلقت المباراة وانقسم المشاهدون بين مناصر للجزائر وتونس، لكن مع تفاعلهم مع كل محاولة للتهديف، كان يثيرهم صراخ وضجيج صادر من غرفة بعمارة. تواصل الضجيج بشكل أثار حفيظة الجيران الذين حاولوا معرفة ما حدث. فجأة توقف الصراخ نهائيا، وعم صمت مطبق، كسرته خطوات شاب غادر غرفة بالعمارة مسرعا. حاول الجيران استطلاع الأمر، فكانت الصدمة عندما عاينوا جثة جارهم مضرجة في بركة من الدماء. لغز الجريمة أشعر الجيران الشرطة القضائية بالعثور على جثة الضحية في غرفته، فانتقلت عناصرها مرفوقة بالشرطة التقنية والعلمية. كانت بقع الدماء منتشرة في جميع أرجاء الغرفة، وكان أثاثها مخربا ومبعثرا، ما يفيد أن الضحية حاول مقاومة المشتبه فيه قبل مصرعه. وخلال معاينة جثة الضحية، تبين أن بها عدة طعنات، ما يرجح أن القاتل يكن حقدا دفينا للضحية، وكان يترقب الفرصة لقتله طعنا بطريقة هستيرية. استمع المحققون لتصريحات الجيران والشهود، إذ أكدوا جلهم أن المتهم شاب في مقتبل العمر، مقدمين أوصافه كاملة، مؤكدين أنه اعتاد زيارة الضحية بشكل دائم في غرفته، وأن درجة الانسجام بينهما، توحي أنه تربطهما قرابة غير عادية، لكن يوم الجريمة حدث ما لم يكن متوقعا، إذ دخلا في خلاف حاد لدرجة أن صوتيهما كانا يخترقان الجدران ويشوشان على كل من يتابع مباراة تونس والجزائر. وبتعليمات من النيابة العامة، نقلت جثة الضحية إلى مصلحة الطب الشرعي لتشريحها، وفي المقابل، تمكنت الشرطة بناء على تصريحات الشهود من جمع صورة أولية عن المتهم، لكنها غير كافية، بحكم أنه يشوبها قصور وتضارب بضع أوصافه ونوع لباسه. سلاح المخبرين نجح المحققون في جمع معطيات مهمة حول الضحية، إذ تبين أنه تاجر شهير بسوق الجملة للخضر والفواكه، فتم تبني فرضية أنه قتل بهدف السرقة، بحكم أن عددا كبيرا من التجار يفضلون الاحتفاظ بأموالهم في مساكنهم بدل وضعها في بنك، إلا أنه خلال تفتيش الغرفة تم استبعاد هذه الفرضية، ليتم الرهان على فرضية وجود خلاف حول معاملة تجارية مهمة، شعر فيها المتهم بالغبن أو تعرض فيها للنصب في مبالغ مالية، فقرر تصفية الضحية بهذه الطريقة البشعة. اعتقال المتهم بدا مهمة صعبة، إذ يتوفر المحققون فقط على معلومات محدودة حوله، ينضاف إليها اعتقادهم الأولي بأن الجريمة، خلاف حول معاملة تجارية، ما يرجح أن يكون المتهم تاجرا يتحدر من مدينة بعيدة وأنه غادر إليها بعد قتله الضحية. وأمام هذا الإشكال وغياب أي وسيلة تقنية تعجل باعتقال المتهم، راهن المحققون على ورقة رابحة وهي المخبرون، إذ تم تجنيد جميع المتعاملين معهم بالمنطقة الأمنية مولاي رشيد، وبعد تقديم أوصاف المتهم لهم، توزعوا في جميع المناطق البيضاوية ومحطات النقل، بحثا عن شخص تتطابق أوصافه مع المتهم المفترض. اعتقال وشذوذ مر اليوم الأول من عملية البحث عن المتهم دون نتيجة، إذ عجز المخبرون عن تحديد مكان وجوده، إلا أن الصدفة ستقود مخبرا إلى فك لغز الجريمة، عندما توصل بمعلومة من قريب له عن شخص يختفي بمنزل بمنطقة مولاي رشيد، وأنه يتنقل بحذر شديد، ما يرجح تورطه في جريمة ويخشى اعتقاله من قبل الأمن. أشعر المخبر المكلفين بالتحقيق في الجريمة، فانتقلوا إلى الحي الذي يوجد به منزل المشتبه فيه، وتم فرض رقابة مشددة إلى أن تمت معاينة المتهم يغادره سرا ويعود إليه مسرعا بعد قضاء حاجياته، فتبين أن الأوصاف المقدمة من الشهود تنطبق حرفيا عليه، لتتم مداهمة المنزل واعتقاله. وكانت الصدمة كبيرة عندما كشف المتهم أثناء البحث الأولي معه، أن سبب الجريمة يعود إلى خلاف حول ممارسة الشذوذ الجنسي، إذ دعاه الضحية لزيارته خلال مباراة نهاية كأس العرب بين تونس والجزائر، فعرض عليه ممارسة الجنس، ولما رفض، تلاسن معه ودخلا في عراك، انتهى بتوجيهه طعنات قاتلة للضحية. مصطفى لطفي