صدقة “باردة”

متسولون يفترشون الأرض ويجوبون الشوارع وإشارات المرور بحثا عن مال دون مجهود يقفون أمام المساجد وقرب الأسواق والمحلات التجارية ويجوبون الشوارع والأزقة، وقد تجدهم داخل حافلات النقل العمومية وفي أوقات كثيرة على متن القطارات وأماكن أخرى. بعضهم بملابس رثة ومتسخة، وآخرون يتظاهرون أنهم من ذوي الاحتياجات الخاصة. أما بعض النساء، فلا يترددن في تجسيد دور أرامل، مضطرات إلى إعانة أطفال ورضع بعد وفاة أزواجهن، في حين أن متسولين آخرين يلجؤون إلى طرق أخرى، أكثر "ابتكارا" لكسب تعاطف المغاربة، من قبيل طلب المال لاقتناء تذكرة سفر أو مساعدتهم على شراء دواء، في حاجة ماسة إليه، وهو الأمر الذي يعفيهم من ارتداء ملابس خاصة بالتسول. بعض الذين يحترفون التسول يفترشون الأرض، ويظلون في مكانهم ساعات طويلة، فيما آخرون يفضلون الوقوف عند شارات المرور، و"الدق" على زجاج السيارات المارة. إنهم متسولون، اختاروا التسول ليكون مهنتهم لربح المال دون أدنى مجهود، ويستمرون في ذلك، مادام أنهم يمارسون مهنتهم دون حسيب أو رقيب وأمام أعين السلطات. فكيفما كانت طريقة التسول، المهم بالنسبة إليهم الحصول على المال دون عمل أو جهد. ويكفي البحث عن محسنين لاقتناء بعض المواد الغذائية لإعادة بيعها لبعض المحلات التجارية. فعوض العمل لساعات، يفضل الكثير من المتسولين مد اليد والبحث عن صدقة "باردة" دون تعب، إذ يحتاج الأمر، وفي الكثير من الأحيان، التظاهر بالمرض أو حمل طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، أو ارتداء "حق الله" بالنسبة إلى النساء الشابات، وفي أحيان أخرى إلى ترديد "الله يرحم لك الوالدين في هاد النهار، شي درهم الله يجعلها لك في ميزان الحسنات". فكيف لبعض المتسولين التخلي عن فكرة طلب الصدقة، مادام أن الأرباح اليومية قد تصل إلى 600 درهم؟ كيف لهم البحث عن فرص عمل "محترمة"، وترك التسول الذي يعتبرونه الدجاجة التي تبيض ذهبا، سيما أن نجاح مهمتهم يتطلب فقط "التقصدير" وترك مبادئ الكرامة جانبا؟ "لا يجد الكثير من المتسولين مانعا في إزعاج المارة"، تقول مريم، من قاطني الرباط، قبل أن تضيف أن كل متسول يجد مكانا له بأحد الشوارع أو الأزقة لترديد العبارات نفسها واستجداء المارة لمنحه نقودا. وتابعت المرأة حديثها بالقول إنه بين المتسولين الذين "أصادفه بشكل شبه يومي رجل في العقد السادس من عمره يردد عبارة "بنتي عطيني ثمانية دراهم لأشتري زلافة البيصارة"، لكنني فوجئت به بعد أيام من منحه ما يطلبه، يجلس في مقهى مجاور ويحتسي فنجان قهوة ويدخن سيجارة". وأضافت مريم أن متسولين صاروا يظهرون سلوكات عدوانية في وجه المارة، بسبهم وشتمهم في حالة رفض منحهم بعض الدراهم، و"هو الأمر الذي تعرضت له مرات عديدة، إذ وصفت من قبل أحدهم بعديمة الرحمة والمتكبرة وأشياء أخرى"، مطالبة الجهات المعنية بالتدخل لإيجاد حل لظاهرة التسول، التي باتت تؤرق ليس المغاربة فحسب، بل الأجانب أيضا والذين لا يسلمون من استفزازات المتسولين. إيمان رضيف

صدقة “باردة”

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"روتيني اليومي" يواصل الاكتساح

"خاصها الرجال"

مقالات ذات صلة