نهب الرمال يضيع على خزينة الدولة 4 ملايير درهم سنويا

قطاع البناء والأشغال العمومية في حاجة إلى 32 مليون متر مكعب من الرمال تأتي 80 في المائة منها من "النوار" من يتحكم في 32 مليون متر معكب من الرمال الموجهة، سنويا، إلى أوراش البناء والأشغال العمومية بالمغرب؟ وما هو الموقع الحقيقي للشركات المرخص لها التي تؤدي ضرائب سنوية للخزينة العامة ضمن خارطة الاستغلال العشوائي التي تطول رمال الوطن بحرا ونهرا وساحلا؟ ما هي الرمال "الحلال" التي توصي حكومة بنكيران باستغلالها وتضع لها ضوابط بيئية وتقنية صارمة، والرمال "الحرام" التي تنبه بالابتعاد عنها حماية للسواحل والشواطئ المغربية؟ وما هو الخيط الرفيع الذي يفصل بين الاستغلال الفاحش للثورات البيئية وتدمير الأنسجة البحرية والنهرية، وبين الاستغلال المقنن الخاضع لشروط الرقابة من الجهات الوصية؟ الورقة التالية تقربنا من بعض حقائق جرف الرمال من خلال زيارة ميدانية قامت بها "الصباح" لموقع المهدية على نهر سبو بالقنيطرة الذي تستغله شـــــركة "رمال". لم تهدأ الضجة التي أحدثتها تصريحات حكيمة الحيطي، الوزيرة المنتدبة لدى وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة مكلفة بالبيئة، التي اتهمت، في لقاء دولي حول البحر نظم بالجديدة، زميلها في الحكومة، عزيز رباح، وزير التجهيز والنقل واللوجستيك، "بالتواطؤ مع نشاط جرف الرمال البحرية رغم تداعياته الخطيرة على المجال البيئي، مشككة في أن تكون وزارته تتوفر، فعلا، على الدراسات الجادة التي تبرر اللجوء إلى هذا النشاط الخطير". دراسات غلاببالنسبة إلى رئيس جماعة القنيطرة وأحد العارفين بـ"خبايا" الرمال بالمغرب، فالدراسات أكثر من "الهم على القلب"، وقد انطلقت منذ 2007، بتعاون بين وزارة التجهيز والنقل (في عهد كريم غلاب)، بشراكة مع وزارة الداخلية ووزارة الفلاحة والصيد البحري والمندوبية السامية للمياه والغابات ومكافحة التصحر والوزارة المكلفة بالمياه والبيئة، وأظهرت حاجة قطاع البناء والأشغال العمومية إلى ما يقارب 20 مليون متر مكعب سنويا، وهي الحاجة التي قد تتجاوز اليوم سقف 32 مليون.وخلصت الدراسات نفسها إلى أن الكميات الكبيرة من هذه الرمال تأتي، في أغلبها، من مقالع الرمال الساحلية المعرضة إلى النهب والاستغلال العشوائي، قبل أن توصي بضرورة اللجوء إلى حلول بديلة من أهمها استعمال الرمال البحرية .تنفيذا لهذه التوصيات، أنجزت الوزارة أبحاثا ودراسات لتحديد المواقع المؤهلة بيئيا ولاستخراج الرمال البحرية بتنسيق مع وزارة الفلاحة والصيد البحري والمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري باعتماد تقنيات جيوفيزيائية متطورة تحدد كمية الرمال والعمق الموجودة به، آخذة بعين الاعتبار الجانب البيولوجي والبيئي للساحل، كما أعدت خارطة طريق متعلقة بوضع إستراتيجية لاستعمال الرمال البحرية ورمال التفتيت بديلا عن رمال الكثبان وقعت من طرف وزير التجهيز والنقل ووزير الداخلية.وبناء على ذلك، أعلنت وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك عن طلبات العروض لمنح رخص لاستخراج الرمال البحرية في أربعة مواقع على الساحل الأطلسي المحاذية للمناطق الأكثر استهلاكا ونهبا للرمال.ولن تكون هذه التراخيص نهائية إلا بعد الحصول على قرار الموافقة البيئية طبقا لمقتضيات القانون 12-03 المتعلق بدراسة التأثير على البيئة، علما أن مساحة المواقع المعنية باستخراج الرمال البحرية لا تتجاوز نسبة 1 على 15 ألف من المساحة الإجمالية لمجموع المياه الإقليمية. واقع الحالهذا بالنسبة إلى مشاريع التراخيص الجديدة الخاصة بشركات جرف الرمال، لكن ماذا عن الشركات المرخص لها منذ سنوات التي تشتغل فعليا في قطاع الجرف؟السؤال يحتمل إجابتين، واحدة رسمية تؤكدها وزارة النقل والتجهيز التي تتحدث عن شركتين فقط تشتغلان في هذا القطاع، ويتعلق الأمر بشركة «دريدغيغ انترنسيال» المرخص لها باستخراج الرمال من أعالي البحار بساحل القص الصغير حصريا لأجل تزويد ورش بناء ميناء طنجة المتوسط الثاني، ثم شركة "درابور" المرخص لها باستخراج الرمال والمتاجرة فيها بأربعة مواقع في إطار اتفاقية استثمار مبرمة بين الشركة والدولة بتاريخ21 يوليوز 2008 وهي، مصب وادي أم الربيع (أزمور الوارد في المقال)، ومصب وادي سبو (مهدية)، وأعالي البحار قبالة ساحل سيدي بوقصبات بجماعة خميس الساحل ومدخل ميناء العرائش، وحوض تسكين المحطة الحرارية بالمحمدية.أما الإجابة غير الرسمية، فيعبر عنها حسن عياد، رئيس جمعية مهنيي جرف الرمال والمدير العام لشركة «رمال»، الذي يقول إن أن 11 شركة فقط هي التي تعمل في شفافية تامة وفق دفتر التحملات التي ينظم القطاع، في الوقت الذي يوجد حوالي 1000 مقلع (80 في المائة)، تسير أغلبها خارج الإطار القانوني، وتشتغل بعيدا عن الأنظار وفي «النوار».ويستند عياد إلى معطيات حديثة تؤكد أن وضعية «النوار» تضيع على الدولة حوالي 4 ملايير درهم سنويا، بسبب عدم هيكلة القطاع وإلزام الشركات العاملة بأداء الضرائب بشكل عادل.معنى ذلك، أن الشركات التي يخضع لشروط تقنية وقانونية مضبوطة تتعلق بإجراء دراسة التأثير على البيئة واستصدار قرار الموافقة البيئية وتلزمها الدولة بدفع ملايين الدراهم سنويا في شكل ضرائب (رسم الرمال)، لا تتحكم في الواقع سوى في 5 في المائة من الحجم الإجمالي للاستغلال الذي يصل إلى 32 مليون متر مكعب بالنسبة إلى رمال الجرف ورمال مقالع الكثبان الرملية الأكبر عرضة للنهب والسرقة. داخل الموقعلمزيد من التوضيحات حول هذا الموضوع، شاركت «الصباح»، الأسبوع الماضي، وقائع الزيارة الميدانية التي نظمتها شركة «رمال»، المستغلة لموقع المهدية، حيث اطلعت على تجربة حية حول سير العمل اليومي لواحد من أهم أوراش جرف الرمال بجهة الغرب، وتقنيات معالجتها قبل طرحها في سوق البناء والأشغال العمومية.واستفاد الفريق الإعلامي، الذين كان مرفوقا بالمدير العام لشركة رمال وعدد من أطرها، من جدولة، انطلقت من المدخل الوحيد للموقع، الخاص بدخول الآليات، والمجهز بميزان قبان مهمته وزن الشاحنات قبل دخولها، وتسجيل حمولتها في نظام خاص للمعلوميات، يقوم أيضا بتسجيل حمولة الشاحنات حين مغادرتها للموقع، وإرفاق ذلك بورقة تقنية الخروج التي تتضمن الكمية المشحونة ونوعية الرمال المطلوبة، وخصائصها الفزيائية والكيميائية، ثم شهادة عن خضوع الرمال المحملة إلى الخبرة. بعد هذه المرحلة الخاصة بالمراقبة الأوتوماتيكية للمدخل الوحيد للموقع ومسار دخول وخروج الشاحنات، توجه الفريق الإعلامي إلى الجهة الأخرى من الورش، حيث تشتغل آلية ضخمة على جرف الرمال غير المعالجة عبر أحزمة مطاطية، وإخضاعها لدورة من الغسل لإزالة بعض الشوائب والأتربة والمواد الصدفية، وذلك من استعمال مياه واد سبو التي يتم ضخمه عبر محركات كبيرة موضوعة في غرفة غير بعيدة عن آلة الغسل الضخمة.ويقول حسن عياد، المدير العام لشركة «رمال»، إن الغرض من هذه العملية، التي انخرطت فيها الشركة منذ سنتين، هي الوصول إلى نسبة أدنى من الرمال تحدد، حسب المعايير الوطنية، في 60 في المائة من الرمال، ويتم التأكد من ذلك من خلال أخذ عينات عن كل 1000 متر مكعب وصلت حديثا إلى الموقع، وإخضاعها للتحليل المختبري لقياس نسب الرمال من النسب الأخرى المختلطة بها، من أجل غسلها ومعالجتها على هذا الأساس. "إيزو" بيئة شرح عياد للإعلاميين كيف أن بواخر الجرف تعود محملة يوميا بحوالي 3000 متر معب من الرمال غير المعالجة (من أصل 6000 متر معكب مرخص بها يوميا) التي تحملها من المنطقة الخاصة بالشركة عند مصب نهر سبو والمحيط الأطلسي. وبعد وصولها إلى الموقع تضخ الكميات، المختلطة بالمياه، عبر أنابيب ضخمة إلى الجهة العلوية للموقع، قبل تصفيتها من المياه الذي يعود مبسارة إلى النهر، بينما تتكلف آليات جر بتهييء الرمال من أجل الغسل والمعالجة في الآلة المخصصة لذلك، قبل أن تشحن عبر الشاحنات للبيع.ويعتبر الحفاظ على البيئة واحترام المعايير الدولية والوطنية المعمول بها هاجسا كبيرا للشركة التي حصلت على شهادة ايزو 140001/2014 الخاصة بالبيئة، نظير مجهوداتها في هذا المجال، كما تحرص الشركة، يقول عياد، على إشراك المختبرات ومراكز البحوث العلمية والجامعية والمجتمع المدني المهتمة بالبيئة، و»نتابع تقاريرها وخلاصاتها وتوصياتها من أجل تحسين العرض البيئي». يوسف الساكت

نهب الرمال يضيع على خزينة الدولة 4 ملايير درهم سنويا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ارتفـاع أسعـار الخدمـات البنكيـة يقلـق الزبنـاء

تدشين جامع بفاس بعد ترميمه بهبة سعودية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات