محلات الفطائر بدرب غلف بالبيضاء تستعبد الأطفال

تهافت البيضاويين على "المسمن" و"البغرير" و"ورقة البسطيلة" يعدها قاصرون يبدؤون العمل في الثالثة صباحا إذا سلمك صاحب أكبر محل لبيع الفطائر بسوق درب غلف بالبيضاء، بطاقته الملونة، المؤثثة بأرقام هواتفه، والمزينة بصور أشهى الفطائر، من ورقة البسطيلة إلى «البريوات» و»المسمن» المحشو بالكفتة، وغيرها من الفطائر التي يتهافت عليها المغاربة في رمضان، فلا تأخذنك هذه الدعاية الرخيصة رأسا إلى زيادة طلباتك ، لأنها ستكون سيف أوامر على رقاب أطفال يشتغلون بهذا المحل من الساعة الثالثة صباحا إلى السابعة. بعينين متثاقلتين ينظر إليك أصغرهم، وعمره لم يتجاوز 13 سنة، بالكاد يرفع بيده فرشة صغيرة ليحركها يمينا وشمالا، قاصر آخر ينهره، «سربينا الكليان زربان». «باقي صغير مسكين»، تقذف زبونة العبارة كطعم لاصطياد حديث ذي شجون، «كلنا صغار، ولكن العمل هو العمل». تتدخل زبونة أخرى، «طبعا العمل، ولكن يظهر أنه صائم وهو صغير السن». تستفز العبارة القاصر وهو يسلم ورق البسطيلة إلى زبون ثالث، ويبدي حركة تشير إلى أن تبادل أطراف أي حديث تزيد جسده إنهاكا، «آشريفة حنا راه فايقين من الثلاثة ديال الصباح، بلا كاع ما نصومو غادي نعياو، من ذيك الساعة واحنا خدامين». يضع القاصر قفل النهاية بهذه العبارة، ويلتفت وراءه، وكأنه يراقب باقي القاصرين الأربعة الذين يشكلون محركا لمحل ينتهك جميع قوانين التشغيل، ليس أولها تشغيل قاصرين لأزيد من 15 ساعة دون أي راحة، ولا استخدام ست قنينات غاز بطريقة تهدد بانفجار خطير، أو اندلاع نيران، خاصة أن الأمر يتعلق بقاصرين يشرفون على كل شيء، وهم في حالة من العياء الشديد تفشل كلمة «إرهاق» في وصفها بدقة.يتدافع الزبناء أمام المحل الذي يروج الفطائر، وكل تأخير في استيلامها، يمنحهم وقتا لتأمل المحل والقاصرين الذين يحترقون فيه، لتشتعل الأرباح في جيوب مشغلهم، «أراهنك أن عمر ذاك الفتى لا يزيد عن 13 سنة؟»، تقول الزبونة لأخرى لاختبار ردة فعلها، تجاه تشغيل قاصرين في أعمال قد تبدو سهلة، إلا أنها شاقة حين يشرعون فيها منذ الثالثة صباحا، فتجيب، «بالنسبة إلي صاحب العينين الزرقاوين، هو الأصغر سنا، أما ذاك فلا يمكن أن يتجاوز عمره 14 سنة، وذاك نحيل جدا، لذلك يبدو هو الأصغر» تقول الزبونة، قبل أن تضيف معلقة «الله يحسن لعوان، والديهم كيصيفطوهم يخدمو باش يعيشوهم». على بعد خطوات من المحل الذي يستعبد هؤلاء القاصرين، في غياب أدنى مراقبة، يوجد محل آخر، يشغل هو الآخر قاصرين اثنين، يتكلفان بإعداد «ورقة البسطيلة» بأياد محترقة، في الوقت الذي تتعالى فيها أصوات الزبناء، «طلقنا راه من الصباح وأنا واقف»، والأدهى من ذلك وقوف بضعة رجال أمن، بسيارتهم ونزول أحدهم لتسلم الفطائر قبل المغادرة، ولم يكن قد ألقى بنظرة واحدة إلى ما هو أبعد من واجهة عرض «المسمن» و»البغرير» و»البريوات». قد تكون التقارير الوطنية والدولية التي ترصد أعداد الأطفال الذين يشتغلون دون السن القانوني، في ظروف أشبه بالعبودية، كثيرة، ودقيقة في وصفها للظاهرة، إلا أنها تغفل الأعمال الموسمية التي يشغل فيها هؤلاء في عطل الصيف وفي المناسبات الدينية كرمضان، حيث يفضل أرباب محلات بيع الفطائر والحلويات وغيرها، تشغيل الأطفال لأنهم لا يكلفونهم ماليا الكثير، كما أنهم يعجزون عن الدفاع عن حقوقهم، كما هو حال أطفال درب غلف، الذين يشتغلون في ظروف عمل مزرية، إضافة إلى غياب أدنى شروط الصحة والسلامة. ضحى زين الدين

محلات الفطائر بدرب غلف بالبيضاء تستعبد الأطفال

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

البنوك تجد صعوبات في استخلاص مستحقاتها من المقترضين

مهندس بالجديدة يفوز بالجائزة الدولية لمعمار البناء

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات