القيادي في الحركة أكد أن الحزب تشبث بالعنصر رئيسا بالإجماع حذر سعيد بن معنان، عضو المكتب السياسي ومدير المقر المركزي للحركة الشعبية، مما أسماه الصمت المريب للحكومة، والفراغ السياسي القاتل الممتد منذ ثامن شتنبر 2021.وأكد بن معنان أن محمد أوزين، رسم خارطة طريق للعمل الجماعي في الحزب، مضيفا أن العنصر رفض بشكل قطعي تحمل أي مسؤولية، إلا أن القيادة، هي التي تشبثت به رئيسا للاستفادة من تجربته. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: برحو بوزياني - تصوير: عبد المجيد بزيوات سجل الملاحظون تحولا في الخطاب السياسي للحركة. هل يعود ذلك إلى إبعادكم من التحالف الحكومي؟ أولا، اخترنا التموقع وعن قناعة في صفوف المعارضة، انطلاقا من إيمان الحركة الشعبية بأن خدمة مصالح الوطن والشعب، والدفاع عن مواقفها تجاه هموم وانتظارات المجتمع، غير مرتبطين أساسا بالمواقع، وإذا كان لابد من قول "إبعادنا من التحالف الحكومي"، فإننا نحترم نتائج صناديق الاقتراع، في انتخابات 8 شتنبر. وقررت أجهزة الحزب الاصطفاف في المعارضة وممارسة هذا الدور بمسؤولية كبيرة. أما بالنسبة إلى تحول خطابنا السياسي، فهو طبيعي، لأن الحزب كان دوما يملك الجرأة في بناء مواقف واضحة، حسب سياق كل مرحلة، وهذا طبعا لن يعفينا من الاعتراف بوجود قصور ذاتي في التأسيس لإستراتيجية تواصلية تبرز معالم وقوة خطابنا، وهو ما شرعنا في الاشتغال على تداركه منذ المؤتمر الوطني الرابع عشر بجرأة. وماذا عن الهوية الليبرالية؟ بخصوص الهوية الليبرالية، فحزبنا تاريخيا يؤمن بقيم الوسطية والاعتدال، ومع التطور الحاصل في المجتمع المغربي، لاءمنا مرجعيتنا وخطنا السياسي بمنظور يؤمن بالعديد من القيم الليبرالية الاجتماعية المنسجمة مع ثوابت الهوية الوطنية والخصوصية المغربية. كما اخترنا النضال من داخل الشبكات الليبرالية، للدفاع عن المصالح الكبرى لبلادنا في إطار الدبلوماسية الحزبية، ونعتز بترؤس الأممية الليبرالية في شخص الأخت حكيمة الحيطي، عضو المكتب السياسي. سجل المتتبعون استمرار حضور العنصر في الواجهة، رغم انتخاب أوزين أمينا عاما. ألا تتخوفون من قيادة برأسين؟ هذا الأمر هو آخر ما نخشاه، لأن رهاننا بعد المؤتمر الوطني، هو إعادة بناء الحزب، وفق دينامية جديدة وتصور استشرافي يعيد رسم معالمه، انطلاقا من تغيرات المشهد السياسي. وهذه الدينامية الجديدة، تتم عبر انخراط جميع مكونات الحزب وأجهزته، لتوفير الظروف الملائمة لكسب الرهان. أما حضور الأخ العنصر في الواجهة، كما جاء في سؤالكم، فهو مطلب الأمين العام نفسه، ومطلب كل الحركيات والحركيين، ولا بد هنا أن أذكر أنه إبان التحضير للمؤتمر الوطني، رفض العنصر بشكل قطعي تحمل أي مسؤولية، إلا أنه أمام إصرار القيادة التشبث به، رئيسا لحاجة الحزب إلى خدماته، وإلى تجربته باعتباره رجل دولة وزعيم سياسي، في ضمان وحدة الحزب، وتماسك صفوفه والسهر على إشعاعه وطنيا ودوليا، جعله يتراجع عن قراره، شريطة ألا يتجاوز دوره التنظيمي مهمة المساهمة في تحصين وحدة الحزب وإشعاعه، فتمت تزكيته بالإجماع من قبل المؤتمر الوطني. وفي هذا السياق، يواصل الأمين العام، بتنسيق مع الرئيس، وأعضاء المكتب السياسي، تنزيل البرنامج، الذي تعاقد مع الحركيات والحركيين حوله بسلاسة كبيرة، في أبعاده التنظيمية والسياسية والتدبيرية، علما أن الأمين العام له كل الصلاحيات القانونية والتنظيمية، كما جرت به العادة في كل الولايات السابقة. والجديد هو أن الحركة الشعبية اليوم اختار تعزيز القيادة الجماعية في تدبير شؤونه، مع مراعاة الفصل بين صلاحيات واختصاصات كل هيأة على حدة. لكن يلاحظ استمرار حضور العنصر في كل اللقاءات... العنصر ليس في واجهة الحزب، ولم يسع إلى ذلك يوما، بل هو زعيم يحظى بتقدير كبير في قلوب كافة الحركيات والحركيين. كما أن العمل بالرئاسة والأمانة العامة ليس حكرا على الحركة، بل معمول به في العديد من الأحزاب، وسبق العمل به في الحركة منذ التأسيس، وكان الزعيم المحجوبي أحرضان رئيسا للحزب، والعنصر أمينا عاما. وقبل ذلك، كان المرحوم الهبيل البكاي، رئيسا والمحجوبي أحرضان أمينا عاما له، ولم يسجل في تاريخ الحزب أي تضارب أو تناقض بين المهمتين، لأن الفكر الحركي أصيل، وينبني على التكامل بين الأجيال. تبنى أوزين خطابا "غريبا" عن حزب ظل في الحكم لعقود طويلة. ألا تتخوفون من أن يبعدكم هذا التحول عن قواعدكم من المحافظين والأعيان؟ > أعتقد أن ما يمكن أن يؤثر على هذه الفئات من قواعد الحركة، هو أن يتزحزح الحزب عن مبادئه ويزيغ عن القضايا المصيرية، التي ظل يدافع عنها باستماتة كبيرة منذ عقود من الزمن. والأمر ليس كذلك في خطاب الأمين العام، وكما يقال "الرجل هو الأسلوب" وأوزين له أسلوبه الخاص ومقاربته الخاصة في إنتاج الخطاب، الذي يستجيب لرغبة الحركيين في الإصلاح، ويساير ظهور أجيال جديدة بتطلعات جديدة، تستلزم التسلح بخطاب أكثر جرأة، وتستوجب إعادة بناء حزب المؤسسات ومراجعة الأولويات وآليات الاستقطاب، والانفتاح على مختلف فئات المجتمع. فأين إذن تتجلى الغرابة في خطاب الأمين العام؟ ربما أنت لا تراه خطابا غريبا... إن خطاب أوزين اليوم، هو ترجمة للقناعات نفسها التي يتقاسمها جميع الحركيين، فما يثير الغرابة حقا هو أن أغلب المتتبعين للحزب، هم ضحايا صورة مغلوطة، رسخها خصومه في الأذهان، عبر مختلف الوسائل، دون التنكر مرة أخرى لمسؤوليتنا في تكريس هذه الصورة النمطية المخالفة لواقع الحزب. ولا خوف للحركة على فقدان أعيانه وقلاعه التقليدية، والدليل هو الإقبال المتزايد في مختلف الجهات على الانخراط في الحزب، وتعزيز صفوفه في ظل الصمت المريب للحكومة، الذي يطبع المرحلة والفراغ السياسي القاتل الممتد منذ ثامن شتنبر 2021. كرس انتخاب أوزين هيمنة الأمازيغ على دواليب القرار في الحركة. ألا ترون أن ذلك يحد من تطور الحزب خارج امتداده التقليدي؟ > إن الحركة حزب لكل المغاربة ومن أجل المغاربة، بل هو الوحيد الذي انبثق من تربة هذا الوطن، والمستلهم لقيم "تمغرابيت" بعمقها الأمازيغي، وروافدها المتنوعة. وفي إطار تصحيح الصورة النمطية، دعني أوضح للرأي العام أن الحركة الشعبية تأسس من قبل رجال وطنيين ومقاومين، وظل وسيظل يتكلم كل اللغات، ويحتضن كل المغاربة، بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية أو المجالية، ولو صح كلامكم عن اختزال شخصية أوزين في انتمائه الأمازيغي، فهل ينطبق ذلك على العديد من القيادات الحزبية الأخرى اليوم كما الأمس؟ أنا فقط أطرح السؤال... دعني أوضح لك أن الحركة حزب آمن دوما أن الأمازيغية مكون هوياتي، ولم يقاربها أبدا بالمنظور العرقي الضيق، وتفنيدا لهذا الطرح، دعني أقول لك اليوم إن أزيد من ثلث القيادة ليسوا أمازيغ. كما أن الحزب لم يأخذ يوما بعين الاعتبار المعيار العرقي، في إسناد المسؤوليات، ولكم أن تتأكدوا من ذلك باستعراض واستحضار المشاركات الحكومية باسم الحزب أو المسؤوليات داخل المؤسسات الدستورية. إن تحمل أوزين المسؤولية على رأس الحركة، كان عن جدارة واستحقاق بفضل تدرجه في هياكل الحزب، وليس لانتمائه اللغوي أو المجالي. وبطبيعة الحال، الحركة يعتز ويفتخر بما قدمه للأمازيغية لغة وثقافة وهوية، إذ جعل منها أحد العناوين الأساسية للديمقراطية وللتنمية المجالية في بلادنا، عكس التيارات التي تنكرت لها واكتشفت وعيها الهوياتي فجأة، بعد أن صارت الحقوق الثقافية واللغوية الأمازيغية حقوقا دستورية، دون أن تتملك جرأة الاعتراف بتوبتها الإيديولوجية التي نتمنى أن تكون توبة صادقة، وليس مجرد ورقة انتخابية، كما هو واقع اليوم في ظل هذه الحكومة العاجزة، حتى عن الحد الأدنى في تنزيل وترسيم الأمازيغية رغم وعودها الانتخابية. نحترم قرارات القضاء يتابع العديد من قيادييكم ومنتخبيكم أمام القضاء. ألا تخشون من أن تؤثر هذه المتابعات على صورة الحزب؟ > نحن حزب آمن منذ ميلاده وسيظل بمغرب المؤسسات، ولا يمكننا إصدار أحكام قبل صدور القرارات النهائية للسلطة القضائية، التي نعتز باستقلاليتها، ومعلوم أن هناك قضايا رائجة أمام القضاء لعدد من المسؤولين والمنتخبين من مختلف الهيآت السياسية، غير أننا في إطار احترامنا لقرينة البراءة واستقلالية القضاء، نحتفظ في قيادة الحزب بالمسافة الضرورية واللازمة، ونعتبر أن الحالات المشار إليها تظل بريئة إلى أن يثبت العكس. لكن ما يزعجنا في هذا الموضوع، بعض الحملات غير البريئة، والتي تصر على إصدار الأحكام في تجاوز سافر لدولة الحق والقانون، لاعتبارات سياسوية ضيقة تكشف انزعاج بعض الخصوم من الحضور القوي لتلك القيادات، بل أكثر من ذلك تستغل هذه الحملات بعض الوقائع لاستهداف الحزب، الذي كان وسيبقى نموذجا في الحكامة الجيدة، وحريصا على الشفافية في تدبير الشأن العام. لا تصدع داخل الحركة أثار اختيار فريق المكتب السياسي غضب بعض الوجوه بسبب إبعادها من اللائحة. ألا تتخوفون من تصدعات داخلية؟ أؤكد مرة أخرى أن الحزب يزخر بعدة كفاءات تستحق أن تكون في المكتب السياسي وغيره من مواقع المسؤولية، ولكن كما تعلمون، فقوانين الحزب تحدد عدد المسؤوليات في مختلف الهياكل، وهو ما لا يسمح باستيعاب هذه الطاقات، التي أكرر أنها تستحق أن تكون في التشكيلة الجديدة للقيادة. ومن موقعنا، لم نسجل أي تصدع لهذا السبب، ونحن على يقين أن حكمة قادة الحزب وكافة الحركيات والحركيين، ستنتصر لوحدة الصف، وسيتم التدبير بحكمة وتبصر لكل ردود الأفعال المحتملة، لأننا حزب نؤمن بالتدافع والحوار وتدبير الاختلاف داخل المؤسسات. خريطة أوزين ما هي خريطة الطريق التي جاء بها أوزين لإعادة هيكلة الحزب؟ أولا، ينبغي التوضيح أن الخريطة الجديدة لعمل الحزب هي مشروع حركي تبناه المؤتمر الوطني الرابع عشر، وتم التأسيس له على مدى شهور من التحضير لهذه المحطة الوطنية، من خلال بلورة أرضية سياسية جديدة، وكذا تجديد المرجعية القانونية، عبر نظام أساسي يعتبر بحق جيلا جديدا من الأنظمة القانونية الحزبية، كما تم بناء إستراتيجية إعلامية وتواصلية لتدارك نواقص الحزب، وبطبيعة الحال لمحمد أوزين لمسته الخاصة ورؤيته المتميزة في تنزيل هذه الخيارات الجديدة للحزب بمعية مختلف قياداته ومناضليه ومناضلاته، وهو ما ترجمه في تعاقده مع المؤتمر الوطني، في برنامجه الانتخابي، الذي جدد الالتزام به أمام برلمان الحزب. هذا التعاقد القائم على تسريع وتيرة الهيكلة الجهوية والمحلية والإقليمية على أسس جديدة وإعلان الأبواب المفتوحة للاستقطاب وتوسع القاعدة الحركية، وفق ضوابط جديدة لما سميناه في النظام الأساسي الجديد، العضوية الكاملة. برنامج تعاقدي بني البرنامج التعاقدي على تعزيز منسوب الجرأة في الخطاب، وبناء منظور حركي لمختلف القضايا والملفات المجتمعية، التي لم يكن الحزب يوليها بالغ الأهمية في نضاله الطويل لتنزيل أفكاره الإستراتيجية، إضافة إلى حرص البرنامج الحركي المتجدد على بلورة أفكار كبرى جديدة تطبع هوية الحزب ومساره المقبل لعقود طويلة، إسوة بما فعله مؤسسو الحزب. وأكتفي هنا بالإشارة إلى السبق في مواكبة عدة قضايا مجتمعية، من قبيل تقديم البديل الحركي لمواجهة غلاء تكاليف المعيشة غير المسبوق في ظل هذه الحكومة، التي عاش معها المغاربة كل الويلات، وترافعه القوي داخل البرلمان ومن خلال المواقف الصادرة عن أجهزته وهياكله، إضافة إلى حضوره المتميز في ملف ما يعرف بضحايا ملف المحاماة وضحايا موجة البرد والصقيع، دون أن ننسى الترافع عن قضايا ومصالح الوطن الإستراتيجية، في مختلف المحافل الإقليمية والقارية والدولية. والأكيد أن أننا عازمون على تعزيز دور الوسائط السياسية والمؤسساتية، وقادرون بتاريخنا المشرف على قيادة المشهد السياسي والانتخابي المقبل، بكل عزم وطموح، لأننا حاملون لبديل سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي منبثق عن طموحات المغاربة. في سطور: < من مواليد 1983 بأيت بازة بإيموزار مرموشة < حاصل على الإجازة في اللغة العربية وآدابها 2006 بكلية الآداب بالرباط < إطار ملحق بمجلس النواب < متصرف من الدرجة الثانية بوزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات < مستشار سابق لدى كتابة الدولة المكلفة بقطاع التكوين المهني < مستشار سابق مكلف بالتواصل بديوان وزير السياحة < إطار سابق مكلف بقسم التنظيمات الوطنية والهياكل بالأمانة العامة < عضو المكتب السياسي لحزب الحركة الشعبية < منخرط بحزب الحركة الشعبية منذ 2006 < عضو المجلس الوطني لثلاث ولايات < عضو سابق بالمكتب التنفيذي للشبيبة الحركية < عضو بالمكتب الإقليمي للحزب بإقليم بولمان < عضو الأمانة الجهوية للحزب بجهة فاس- مكناس < مقرر عام للجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الرابع عشر < فاعل جمعوي